بقلم: د. منير موسى
اَلْحَسُّونَةُ الْمُخْلِصَةُ
(قِصَّةٌ لِلْأَطْفَالِ)
اَلْمُعَلِّمَةُ كَرَوَانُ تُعَلِّمُ الْمُوسِيقَى
فِي الْمَدْرَسَةِ؛
وَتَعْزِفُ عَلَى الْكَمَنْجَةِ.
اِبْنَتُهَا كَمَانُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي.
طَالِبَةٌ شَاطِرَةٌ وَنَغِشَةٌ؛
فَأَحَبَّتْهَا مُعَلِّمَتُهَا.
وَذَاتَ يَوْمٍ،
صَعِدَتْ كَمَانُ شَجَرَةَ تُفَّاحٍ؛
وَاصْطَادَتْ حَسُّونَةً.
رَبَّتْهَا فِي ِقَفَصٍ حُلْوِ الْأَلْوَانِ،
وَكَانَتْ تَسْقِيهَا مِنْ فَمِهَا!
قَالَتِ الْحَسُّونَةُ، ذَاتَ يَوْمٍ، لِكَمَانَ:
" أَنَا ضَائِعَةٌ؛
هَرَبْتُ مِنَ الْحَرائِقِ فِي الْأَحْرَاجِ.
طَيِّرِينِي؛ لِأُفَتِّشَ عَنْ أَهْلِي!"
فَتَحَتْ كَمَانُ بَابَ الْقَفَصِ
ذَارِفَةً الدُّمُوعَ؛
فَطَارَتِ الْحَسُّونَةُ.
وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ،
زَارَتْ كَمَانُ صَدِيقَتَهَا مَهَا،
فَوَجَدَتْ أُمَّهَا نُهَى تَبْكِي.
فَالطِّفْلَةُ لَمْ تَرْجِعْ إلَى الْبَيْتِ.
فَتَّشَتْ َعنْهَا كَمَانُ فِي الْبَسَاتِينِ؛
فَوَجَدَتْهَا.
وَسَارَتَا،
وَالْحَسُّونَةُ عَلَى كَتِفِ كَمَانَ تُسَقْسِقُ.
وَرَكَضَ ثَعْلَبٌ نَحْوَ مَهَا؛
فَخَافَتْ مِنْهُ!
وَصَرَخَتْ كَمَانُ فِي وَجْهِهِ:
" اُغْرُبْ عَنْ وَجْهِي،
أَلَا تَعْرِفُ أَنَّ النَّمِرَ صَاحِبِي؟"
فَهَرَبَ خَائِفًا!
وَقَالَتِ الْحَسُّونَةُ لَهُمَا:
" أَخَافُ عَلَيْكُمَا؛
فَقَدِ اقْتَرَبَ اللَّيْلُ!"
فَأَسْرَعَتَا بِالْمَشْيِ.
وَكَانَتِ الْعُصْفُورَةُ تَدُلُّهُمَا
عَلَى الطَّرِيقِ؛
حَتَّى وَصَلَتَا الْبَيْتَ.
وَوَشْوَشَتْ غَالِيَتَهَا كَمَانَ:
"لَا تَنْسَيْ،
فَعِيدُ مِيلَادِ صَدِيقَتِكِ مَهَا الْيَوْمَ!"
فَقَالَتْ كَمَانُ:
" اَلْهَدِيَّةُ مَعِي، وَأَنْتِ مَعْزُومَةٌ!"
فَرَدَّتِ الْعُصْفُورَةُ:
"لَا أَتْرُكُ فِرَاخِيَ بِاللَّيْلِ وَحْدَهُمْ!"
وَدَخَلَتَا الْبَيْتَ،
فَعَانَقَتْهُمَا أُمُّهَا نُهَى دَامِعَةً.
وَقَدَّمَتْ كَمَانُ هَدِيَّتَهَا لِصَدِيقَتِهَا،
وَفِيهَا كِتَابٌ، زَهْرَةٌ وَكَعْكَةٌ.
فَرِحَتْ مَهَا وَعَائِلَتُهَا.
وَلَكِنَّ كَمَانَ لَمْ تَنْسَ
إِخْلَاصَ الْحَسُّونَةِ.
وَغَنَّوْا جَمِيعًا:
يَا أَطْفَالُ، أَنْشِدُوا
اَلْبَيْتُ دَافِئٌ؛
فَعَنْهُ لَا تَبْتَعِدُوا،
وَلِلْمَدْرَسَةِ اسْتَعِدُّوا
اَلْمَغْزَى هُوَ:
هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ؟
* حقوق الطّبع محفوظة للمؤلّف
2863 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع