اسماعيل مصطفى
تأثير المال والثروة في حياة الانسان
تباينت الآراء بشأن تأثير الأموال والثروة في حياة الانسان؛ فبين قائل بأهميتها القصوى في اسعاده في هذه الحياة وبين آخر يقول بأن الأموال لا تشكل سوى جزء بسيط من أسباب سعادة الانسان ورفاهيته في هذه الحياة، فيما يعتقد آخرون بأن الأموال والثروات تشكل نسبة مئوية تتغير درجتها في اسعاد الانسان بحسب الاشخاص والظروف ونوعية الحياة التي يعيشونها، ولكل من هذه الآراء أدلة وبراهين تعتمد من ناحية على التجارب العملية للاشخاص ومن ناحية أخرى على مستوى فهم الانسان ومدى قدرته على التعاطي مع الأموال والثروات وفق امكاناته العقلية في توظيفها لتحقيق السعادة التي ينشدها لنفسه تارة أو للجماعة التي يعيش في أوساطها لاسيّما الأسرة التي يترعرع فيها أو يتولى مسؤولية بنائها وتكوينها تارة أخرى وأثر ذلك في ترجمة ما يصبوا إليه من رفاهية ونجاح على أرض الواقع في مختلف ميادين الحياة وتنوّع أبعادها.
ولتوضيح ما ذهبنا إليه لابدّ لنا من الاعتراف أولاً بأنه لا يمكن أن يكون الانسان سعيداً وموفقاً ما لم يكن لديه القدرة على تحصيل الأموال والسبب بسيط لمعرفة ذلك ويكمن في أن الانسان لابدّ له من بيت يؤيه ووسائل متنوعة ومتعددة تمكّنه من العيش وهذه كلّها بحاجة لمال يسدد فواتير شراء هذه الاحتياجات التي تتضمن أيضاً الحاجة للخدمات كالماء والكهرباء وأمثالهما الكثير ومن بينها الحاجة للتداوي والعلاج في حال المرض وغيرها مما يصعب احصاؤه.
ويجدر القول أن الانسان خُلق من قبل الباري تعالى بشكل يمكّنه من العيش بأبسط مقومات الحياة دون الحاجة للسكن في قصر مجلّل أو امتلاك سيارة فارهة أو أن يكون لديه رصيد ضخم من الأموال في البنك وما شابه ذلك، لكن هذا لايعني بالمرّة أنّه يمكنه الاستغناء بصورة مطلقة عن الأموال للأسباب التي أشرنا إليها سابقاً وفي مقدمتها حاجته لتسديد فواتير الحاجيات الضرورية للحياة وما أكثرها خصوصا في الوقت المعاصر الذي تنوّعت فيه مصادر الحاجة وتعددت أشكالها بصورة لايمكن معها القفز على الحقيقة المتمثلة بضرورة امتلاك المال ولو في حدّه الأدنى للتغلب على صعوبات الحياة في شتى المجالات.
من خلال ذلك نستنتج أن الأموال تلعب دوراً مهماً وكبيراً في تحقيق سعادة الانسان مهما كان زاهداً وغير مبالٍ بالدنيا، وهذا الأمر يمكن تلمسه بشكل واضح إذا ما عرفنا أن عِزّة الانسان وكرامته لا يمكن تحققها في حال كان الانسان فقيراً أو معدماً لاسيّما في أوساط مجتمع يمكن القول بأن كل شيء فيه بات مرتبطاً بالمادة وأهمية امتلاك الأموال لإدارة شؤون الحياة.
ختاماً ينبغي التأكيد على ضرورة الجمع بين حيازة الأموال والزهد في الدنيا كي تتحقق للانسان السعادتين المعنوية والمادية، ولا ينبغي الوقوع في وهم الاكتناز للأموال إلى الحدّ الذي يحوّل الانسان إلى موجود مادي صرف، ولا الوقوع في وهم الزهد الزائد عن الحدّ الذي يوقع الانسان في مطبّات عديدة قد تضطّره يوماً إلى التسول أو الاقتراض لتسيير أمور الحياة وهو ما قد يفضي إلى ضياع كرامته أو جزءٍ منها على الأقل وهو ما يتنافى تماماً مع الهدف الذي خُلق الانسان من أجله باعتباره خليفة الله في الأرض كما ورد في القرآن الكريم (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) الاية 70 من سورة الاسراء
الكاتب اسماعيل مصطفى
1/3/2021
4659 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع