محمد سهيل احمد
ذاكرة البصرة - عبد الأمير السماوي .. ممثلا عملاقا
في عام 1974 كنت والراحل حسين عبد اللطيف جالسين في مقهى الميثاق نحتسي الشاي ونتحدث عن هذا الهم الادبي او ذاك ، حين طلع من احد الأزقة الخلفية فتى فارع الطول ينسدل شعره الأسود على جبينه ، فدعاه الراحل حسين لتناول الشاي فقبل الدعوة شاكرا . كان يحمل حقيبة سرعان ما سحب زنجيلها وأخرج جهاز تسجيل ياباني الصنع ثم قام بوضعه على طاولة الشاي . وبعد حديث قصير هم بالمغادرة رغم الحاح حسين على بقائه . لكنه اعلن بأنه سيذهب لسوق البصرة لغرض بيع الجهاز . ومن حسن حظي ان جيبي كان عامرا بالمال اذ كنا لما نزل في بداية الشهر فاتفقت وإياه على شراء الجهاز بأحد عشر دينارا أضاف اليها مجموعة من الاشرطة . وكان ذلك اول لقاء جمعني بالراحل عبد الامير . وكان في الوقت نفسه أول لقاء نوعي مع الموسيقى الكلاسيكية العالمية المخزونة في تلك الاشرطة : كورساكوف ، موزارت بيتهوفن ، تشايكوفسكي وآخرين .
لقد باعني الراحل عبد الأمير السماوي عددا من اعذب الساعات التي لن انساها في حياتي في لقائي مع الموسيقى التي طالما ارتبطت في اذهاننا بالموسيقى المصاحبة للافلام . وتعددت لقاءاتنا في المقهى اضافة لحضوري العرض الاول للمسرحية التي اخرجها والمعنونة ( السرداب )
والتي كتبت عنها قراءة نقدية نشرت في جريدة الراصد قمت بنشرها باسم شقيقي الراحل غسان احمد .
وتقلبت بنا الايام ليجد كل منا وجهته هو الى بغداد وانا الى الكويت .
غير انني افتقدته مرارا دونما أحظى بجواب شاف حول اختفاء واحد من
اكثر الوجوه المسرحية كاريزمية فقد كان يليق بتمثيل هاملت وهنري الثامن وراسبوتين وكازانوفا . ناهيك عن موهبته في التمثيل . كان ينبغي للراحل السماوي ان يحظى بفرصة أرحب في عالمي المسرح والسينما ، هو والفقيد الراحل عبد الخالق المختار .
قبل ثلاث او اربع من السنوات التقيته في ندوة تلفزيونية كرست للراحل عادل كاظم . لكن على الرغم من ان ملامحه الأساسية لم تتغير كثيرا ، الا ان همّ السنين تجلى في ملامحه التي لا يمكن ان يخطئها الناظر .
رحم الله الفقيد الراحل عبد الأمير السماوي انسانا حقيقيا ومبدعا .
1196 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع