عبدالكريم العامري
ذاكرة البصرة -عبد الرضا جايد اول مطبعي في البصرة
* المطبعي عبد الرضا العيداني : كانت تطبع في مطبعة حداد جريدة النهار وهي ادبية صاحبها عبود شبر وايضاً كانت تطبع في ذات المطبعة جريدة الجنوب وهي رياضية وصاحبها كاظم جبارة.
* * / في العهد الجمهوري كانت جريدة الأهالي والطليعة للحزب الشيوعي العراقي ونداء الأهالي خلال حكم الزعيم المرحوم عبد الكريم قاسم .
بدأ الحديث متقطعاً، وربما استغرق عدة ايام وربما اشهر، كلما التقي به اطرح عليه سؤالاً مستفسراً عن شيء ما يتعلق بالمطابع، وكنت أسجل ذلك في ذاكرتي، حتى تراكمت المعلومات ولم تعد الذاكرة تسعفني خاصة بعد أن بدأت تختلط عندي الأسماء والتواريخ وأسماء المكائن وماركاتها.. عندها بدأت اكتب في دفتري الكشكول بعض تلك الملاحظات.. حاولت ان أصوره مع المكينة التي أحبها (هايدنبرغ) لكنها لم تكن موجودة في المكان الذي كنا نلتقي فيه.. في استراحته التي يستأنس لها حيث الشاي الحار ونومي البصرة والنارجيلة في احدى مقاهي البصرة وفي زقاق ضيق من أزقة العشار جمعني به حديث.
تاريخ المطابع البصرية
قلت له: حدثني عن أول المطابع التي عملت فيها او عاصرتها؟
قال بعد إن حاول استرجاع ذاكرته لسنوات مضت، : "بعد فترة ليست بالطويلة: بعد الحرب العالمية الثانية في أربعينيات القرن الماضي كانت هنا مطبعة التايمس وهي انجليزية مديرها شخص هندي إسمه (شانكر لال) وقد جاء هذا الهندي الى العراق في الفترات التي تم فيها احتلال العراق وبقي فيه و كان من مرتبي الحروف عدد من الهنود أيضاً باستثناء شخصين الأول من البصرة واسمه (عبد القادر جاسم الضاحي) وهو حي يرزق بإذن الله وشخص عربي آخر اسمه (يحيى حسن) وقد توفي رحمه الله.
وعمل في التايمس منذ عام 1953 وكانت الطباعة آنذاك بالإنجليزية وكانت اشغالها تجارية اضافة الى طباعتها جريدة (بصرة تايمس) بالإنجليزية. كان العمل يجري على قدم وساق، وكان يرتب الحروف الأنجليزية مرتب الحروف (موني) و قد استلم العمل من الهندي عبد الغفور محمد علي و (بابو) وهؤلاء يرتبون الجريدة . ولم تكن الألوان قد دخلت بعد فقد كانت تطبع باللون الأسود وبطريقة (لتر بريس)letter press . اما المطابع الأخرى، فقد كان هناك مطبعة الشرقية وهي اهلية وصاحبها (بولص كوكي) وهو عراقي مسيحي.. وايضاً مطبعة الأديب ومطبعة شط العرب لصاحبها عبد الرزاق أبو احمد ومطبعة البصرة وهي نفسها مطبعة العبايجي ومكانها في سوق المغايز. ومطبعة حداد لصاحبها الأديب المرحوم يوسف يعقوب حداد (أبو مؤيد) وكل هذه المطابع كانت في زمن الحكم الملكي أي قبل عام 1958. اما في العهد الجمهوري الأول فقد تم تأميم مطبعة التايمس واصبحت تعرف باسم مطبعة الأوقات العراقية.. وهناك ايضاً دار الطباعة الحديثة وهي (أهلية) وصاحبها عبد المجيد الشيخ..
صحف البصرة
وتطرق عبد الرضا الى الصحف التي كانت تطبع آنذاك عدا صحيفة بصرة تايمس التي ذكرتها، ففي العهد الملكي كانت هناك جريدة الدستور وصاحبها احمد العامر وجريدة البصرة لكامل العبايجي. اما في العهد الجمهوري فقد كانت جريدة الأهالي والطليعة للحزب الشيوعي العراقي ونداء الأهالي خلال حكم الزعيم المرحوم عبد الكريم قاسم.. وكانت تطبع في مطبعة حداد جريدة النهار وهي ادبية صاحبها عبود شبر وايضاً كانت تطبع في ذات المطبعة جريدة الجنوب وهي رياضية وصاحبها كاظم جبارة وجريدة اخرى اسمها جريدة القوة الجوية، ويستطرد عبد الرضا قائلا : "عملت في عدد منها وقد كانت البصرة تضج بحركة ادبية ورياضية وكان قراء الصحف رغم الوضع الاجتماعي الصعب أبان العهدين الملكي والجمهوري ولكن كان هناك شباب يقرؤون الصحف وهم من الطبقات المثقفة.. وقد بقيت في العراق حتى عام 1968 حيث خرجت من العراق هروباً الى دولة الكويت حيث عملت في الكويت ايضاً بعدد من المطابع واهمها مطبعة الأقتصاد ومطبعة الخليج حيث كنت حينها اعمل في تربية الكويت.
الرقابة
في سؤال وجه له: كيف كانت الرقابة على الصحف آنذاك؟ اجاب : " ايام الحكم الملكي لم تكن هناك رقابة صارمة ولكن بدأت الرقابة بعد ان بدأت الأحزاب تعمل وتصدر الصحف. " واضاف ان الفرق بين النظامين الجمهوري والملكي كبير، ففي فترة الحكم الملكي كانت مكائن الطباعة تعمل على (لتر بريسletter press) اما في العهد الجمهوري فقد استوردت مكائن الطباعة (اوفسيت).وايضاً في العهد الملكي كانت الطباعة يدوية والطبع يدوي بحيث يتم ورقة بعد اخرى ، أما في العهد الجمهوري فقد كانت الطباعة اوتوماتيكية! واستطرد يذكر اسماء المكائن والمطابع وهي اولها مكينة اوتوماتيك لتر بريس في التايمس البريطانية تستخدم (الزنجيل) وهناك مكينتان منها.. ومكينة (هايدنبرغ) جلبها المرحوم يوسف يعقوب حداد وتمتاز بسرعتها وفيها ذراعان للطبع يستخدمان للتسليم والإستلام وانتاجها (5000) نسخة في الساعة.. وهناك مكينة أخرى من نوع (مارسيدس) وهي أكبر حجماً من الهايدنبرغ ويتم فيها طبع الصحف.. واضاف واصفا نوع الأحبار آنذاك وهي نوع من الأحبار وهو (حبر لتر)letter ink) ( وهذا النوع ينشف سريعاً) وقد تطورت الأحبار ولم تبق على ما هي عليه.
غادرنا ابا حيدر بعد ان سجلنا معه شوطاً لسنوات مرت كأنها البرق
رحمه الله .
______________
(*) العنوان الاصلي للمقالة : مطابع البصرة ما بين شانكرلآل والريزوغراف
1089 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع