بقلم : د . ادم عربي
رسالة إمراة
وصلني ميل من إحدى القارئات تتحدث فيه عن نوع من تجربتها في مجال الحرية في مجتمعات مثل منطقتنا ، لا أريد هنا كتابة ما قالت بالضبط , ولكن الفكره من رسالتها كانت :
انتم معشر الكتاب التنويريين , وخاصة انتم من تكتبون في شؤون المراه المسلمة او المراه العربية , لا تعلمون ما نعانيه من جراء التمرد على ما هو مألوف في مجتمعاتنا , فتقول المراه المتحررة هنا , وهنا تقصد بالمتحررة المختلفة في طريقة لبسها ونوعا ما في علاقاتها مع زملاءها ,
فهي تقول : نتمتع بأكبر قدر من الترحيب والقبول بين زملائنا الذكور , وننسج افضل العلاقات الودية والوردية الحالمة , ودائما نشعر بعزة النفس والثقة بالنفس , ولكننا نكتشف الحقيقة متاجره , نكتشف أننا لم نكن سوى دمى للعب والتسليه وامضاء وقت من قبل زملاءنا , وان نظرة زملاءنا كانت نظرة استغلاليه لنا , تقول هذه الفتاه ايضا اثناء تجربتها , كنت انا وزميلي فترة الدراسه الجامعيه والممتده خمسة سنوات حيث ندرس طب الاسنان , قد تعاهدنا على الزواج بعد تبادل الحب , وكانت افكارنا متقاربه في كل شيء , حتى في ادق التفاصيل , أي لم مختلفين تماما , بل متفقين .
تقول : عندما اراد صديقها فعلا الزواج بعد انتهاء الدراسة والخروج الى العمل , ابتعد عنها وفكر ببنت متدينه محجبه , ولم يلتفت اليها مطلقا وكان شيئا لم يحدث , من خلال رسالتها تتهم كل تنويري انه مخادع , ففقط يكتب من اجل الشهره , ولا يعبر عن حقيقته , وكيف لا وصديقها من اشهر المنظرين بحقوق المراه وتحررها .
هذه فحوى الرساله التى وصلت من السيده , حيث وصلتني اليوم , وقد كنت اندب حظي على خسارة اسهمي في البورصه , حتى انني قلت لنفسي لا اريد اكمال المضاربه في البورصه , فجائت هذه الرساله لتشغلني وتبعد عني مرارة هزيمة البورصه ٥, فقد وجدت نفسي ليست وحدي مهزوم .
الحقيقه هذه القصه ذكرتني بزميل لي , حين قرر الزواج , كانت طريقة غريبه نوعا ما في اختيار زوجته , ولكن لا تخرج عن سياق ما قالته المراه
صديقي قرر الزواج واخذ يبحث كمن يبحث عن بطيخة حمراء حلوة في كومة بطيخ ، راى فتاة احلامه ربما ان كانت له احلام ، لاول مرة وكانت طالبه في احدى الكليات , يريدها حلوة و متحجبه ، مثل البطيخة , وهي كانت كذلك ، ويريدها ليس لها اي علاقة او حتى زمالة مع اي شاب , لم يكتفي صديقي بذلك , بل سال عنها وعن حياتها الجامعيه من خلال اتحاد الطلاب في الجامعه , طبعا عن طريق أصدقاءه في الاتحاد , حيث كان صاحبنا من المتنفذين , اعجب صاحبنا في البنت لان لا احد استطاع ان يعرفها في الجامعه , فقد اعتبرها صاحبنا ملاك يسير على الارض , تزوجها صاحبنا وانقطعت اخباره عني , ولا اعرف هل فعلا وجد مريم البتول ام لا .
في الحقيقه الموضوع كله لا يخرج عن ثقافة المجتمع الذكوري العربي , ودونية نظرة للمراه , المستمده من الدين والثقافة المجتمعيه , وفي ظل غياب قوى التغيير لصالح قوى التخلف والعشائريه , في مجتمع مشوه اقتصاديا وفكريا وثقافيا , لا زال يعيش في مرحلة الاقطاع قبل الف سنه من الان .
ان نظرة الرجل الشرقي للمراه وخصوصا الرجل العربي , هي نظره ساديه , فهي ملك له , يفعل بها ما يريد , للمتعه والترفيه عن النفس , واداه للتفريخ , لذلك هو خارج الزواج يفعل ما يريد مع من يريد , ولكن عند الزواج لا يريد لزوجته ان تكون مشاع , لذلك يختارها حسب ظنه لا تعرف شيء او ضمن ثقافة المجتمع , فالمالك لا اريد احد التطفل على ملكيته , هذه هي النظره القاتله للرجل والمراه سيان , وكيف لا تكون قاتله والاسره هي اللبنه الاساسيه للمجتمع , لنجده يعيد نفسه بنفس الاليات .
هذه النظره الدونيه للمراه هي اهم اسباب تخلفنا , وسنبقى متخلفين ما دام نصف المجتمع يعاني التهميش والاضطهاد ,.
مع اعتقادي ان حرية المراه مرتبطه بحرية الرجل ايضا , وصولا الى مجتمع مدني يحفظ كرامة الكل , الا انني لا اريد احباط المتمردات التنويريات من النساء , ففي ظل هكذا مجتمع , تحارب المراه بكافة انواع الاسلحه , لتجد نفسها مستسلمه تقبل واقعها بمراره , فهي تحارب في زواجها وتحارب في عملها وفي نظرة المجتمع لديها .
ان اهم معالجه للمراه في مجتمعاتنا المتخلفه هو التعليم والاستقلال الاقتصادي والنجاح رغم القهر , فعندما تستقل المراه اقتصاديا تمتلك اول سهم في طريق حريتها , فما بالك اذا تفوقت سواء اقتصاديا او مهنيا ؟ لا شك امراه بهذه المواصفات في مجتمع متخلف فقير غالبا سوف تمتلك هامش من الحريه لا ينازعها فيه احد , الا اذا كانت هي من اصحاب الايدولوجيات المقيته فتصبح سيفا مسلطا على رقاب بنات جنسها , قد يقول قائل مفارقتك ليست دقيقه , فلا يوجد اغنى واثرى من مجتمعات الخليج , ولكن بنفس الوقت لا يوجد ما هو اسوا من وضع المراه في تلك المجتمعات , نقول في هذه الحاله المجتمعات الخليجيه , هي مجتمعات مستهلكه غير متطوره متخلفه , ما زالت لا تؤمن بتعليم المراه ولا في خروجها لسوق العمل , واعتقد ان فقرها افضل من ثرائها من اجل قضية تحرر المراه .
اخيرا اقول للنساء عموما والتنويريات خصوصا , لا تتساهلي في حقوقك وحريتك ايتها المراه او الابنه او الاخت رغم صعوبة المعركه , وتشبثي في حقوقك , فهي حقوق انسان من الدرجه الاولى , وانتن ايتها التنويريات تستطعن النجاح في هكذا مجتمع متخلف وساذج , لكن بالتميز والنجاح , ومن غير خسارة في كرامتكن , لتكن طلائع المستقبل لبنات جنسكم .
418 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع