عبد الله عباس
مستقبل العراق بين الصراع الامريكي - الايراني
عصفور في الجيب والخوف
ِمن عصفور على الشجرة
تقول حكاية شعبية متداولة بين الناس (أنه في أحد الأيام اتفق إثنان من أهل أحدى القرى النائية ترك القرية والهجرة إلى المدينة ، حملوا معهم كيس من الزبيب الأسود زاداً معهم للطريق ، وبعد ان قطعوا مسافة من الطريق شعروا بالتعب، وجلسوا تحت أحدى الاشجار واخذهم النوم، بعد فترة صحا احدهم من النوم فراى مجموعة من النمل الاسود فوق كيس الزبيب، فما كان منه إلا الهجوم باليد على النمل واخذ عددا منها بيده ودفعه الى فمه وبدأ بالاكل وهو يصيح على صديقه : قم وكل ما تقدر عليه من الزبيب ذو الأرجل وليبقى الزبيب الذي بلا ارِجل داخل الكيس ناكله في المدينة !!وهكذا فعلوا )
قراءة ما فعلته وما تفعله القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة بداً بالعراق ولا ينتهي بليبيا ومعركة الضغط المستمرة منهم على ايران ‘ وإشاراتهم الاحتجاجية خجولة ضد تصرفات الغرور التركي ‘ في صيغتها الدرامية الشبيهة بإستعجال ما فعله القرويين في أكل الزبيب ذي الأرجل وترك الزبيب الحبيس في الكيس لحين الوصول الى المدينة ...واتذكر هذه الحكاية كلما يظهر تصعيد التوتر بين الادارة الامريكية و النظام الايراني تحت عنوان : منافسة وجودهم في العراق ...!! عندما بدأ العراق العمل في بداية السبعينات في بناء المفاعلات النووية، لم يتخطى حملة الغرب سوى بعض التقارير في الإعلام الغربي الذي تبدي شكوكا من نية السلطات العراقية من بناء تلك المفاعلات، بل أن الحكومة الفرنسية التى وافقَت على بيع المستلزمات وتعاونت مع العراق لتنفيذ المشروع مررت كل الموافقات من الجهات المتنفذة في باريس بطريقة سلسه ودون اي إعتراض يذكر بحيث تخوفت الحكومة العراقية من تراجعها في اي من المراحل القادمة ، ولكن وفي غمرة الحرب العراقية الإيرانية فاجأت العالم بقيام إسرائيل بقصف موقع المفاعل بطريقة غير متوقعة إلى حد ان بياناً عسكرياً عراقياً اشار في البداية إلى قيام إيران بتلك العملية !
وبعد إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية وقيام النظام العراقي بإرتكاب غلطته القاتلة بدخوله إلى الكويت، ولكن ورغم خروجه من الكويت وبعد حادثة 11 سبتمبر – أيلول أصرت الإدارة الأمريكية أن النظامين العراقي والايراني يد في تشجيع العمليات الارهابية وتم تبني مخطط الإحتواء المزدوج ضد النظاميين بعد تسميتهم بالنظاميين المارقين، ولكن عملياً وبشكل معلن تم تركيز غريب على الوضع العراقي الذي أظهر بوضوح التصميم الأمريكي على منع أي نهضة للعراق بعد إخراجه من الكويت إلى حد وخلال فترة قياسية نفذت الإدارة الأمريكية خطة سريعة وواسعة لتقوية المعارضة العراقية في الخارج ووضع كل التسهيلات أمامهم مع العلم المسبق من هذه الإدارة أن بعض الشخصيات والجهات المعارضة عاشت خارج العراق لفترات طويلة بحيث فقد بعضهم الشعور بالإنتماء للعراق وشعبة فأصرت امريكا إلى شحنهم ليتذكروا هذا الأنتماء ! و الأغرب ماكان في هذا الموضوع أن أمريكا أعتمدت إعتمادا مباشرا على بعض الأنظمة في المنطقة لتحقيق ما كان يخطط لها ضد العراق، أما فيما يخص ايران كان ولحد إسقاط النظام وتدمير الدولة العراقية وإحتلال أراضيها وقبل ذلك محاصرتها حصاراً قاسياً اشتمل كما كان معلوم منع حبة اسبرين عن العراقيين .
في حين لم تتجاوز التصرفات الامريكية لايران غيرالتعبئة الاعلامية ضدها والضغط على الانظمة المتحالفة معها أن لاتقترب من اي تصرف يؤدي الى تقوية العلاقات مع الإيرانيين هذا بالأضافة الى عدم الإهتمام (المعلن على أقل تقدير على سبيل الدعاية) أن أمريكا حاولت أو تحاول مد يد أي مساعدة لآي طرف معارض للنظام خارج ايران (هذا ونقوله للتأريخ ليس لأن أمريكا لاتريد ذلك، بل لأن المعارضيين الإيرانين ليسوا مستعدين للتخلي عن الإنتماء لايران ‘ وتحدثنا في تحليل سابق عن هذه الظاهرة الايجابية لمعنى المعارضة الوطنية من اجل الولا ء للوطن وليس لارضاء الارادات خارجية)
و من المعروف عندما اكملت الادارة الامريكية مخطط تحطيم العراق والبدء بتنفيذه ‘كانت ايران الداعم الحقيقي و الموثوق لتنفيذ المخطط واذا حطم ادارة الاحتلال الكثير من ركائز تماسك صمود العراق كدولة ‘ فأن مشاركة ايران النظام في هذه العملية ركز على توجه فرق تسود السيء الصيت و التشجيع المنظم لروح الانتقام متحججا بافرازات تصرفات النظام في العراق قبل الاحتلال.
من هنا نستغرب جدية بعض التحليلات عن وجود الحرب المعلنه في بعض جوانبه والمخفي في جوانب اخرى بين الادارة الامريكية و النظام الايراني على فرض السيطرة على العراق ‘ هؤلاء المحلليين المصرين على خداع الرأي العام العراقي عندما يريدون اظهار موقف الادارة الامريكية لانقاذ العراق من النفوذ الايراني معتبرين ان تلك الادارة تعمل باتجاه دعم استقلالية الارادة العراقية الوطنية وان النظام الايراني هو الذي يريد فرض الهيمنة على العراق ‘ اساسا احتلال العراق بذلك الشكل الوحشي والارهابي المنظم نابع من ثوابت الولايات المتحدة الامريكية والتي بقيت كما هي ومنذ الحرب العالمية الثانية وهو ناتج عقائدي للدولة العميقة وليس انتاج الادارة الامريكية ولانها معنونة الى العالم ومحيطها العالم وليس فقط امريكا و من خلال تطورات الاحداث يتم تطوير تلك الثوابت ولان التجارب مرت على العراق كموقع و ارادة شعبية لها جذور حضاريه كان التعامل الامريكي مراقب لتطورات الاحداث وتاثيره على واقع العراق وبالتالي المنطقة ‘ ورغم موقف وتصرفات النظام الغير مرحب به شعبيا عند تعامل مع طموحاتهم ‘ ولكن في توجهات بناء الارادة الوطنية كان ذي موقف مرحب به حتى عند شعوب المنطقة ‘ وهذا الموقف دخل ضمن تحسبات اطار الثوابت الامريكية ‘ منه انطلقت امريكا اولا بخلق المشاكل للنظام لعله يتغير استراتجيته في بناء الارادة الوطنية فكان تعاونه مع النظام الايراني زمن الشاه لدفع مسيرة حل القضية الكردية باتجاه الاصطدام و احداث أخرى ....وحتى هناك اكثر من مصادر معلوماتية تتحدث عن الدور الخبيث للادارة الامريكية في اشعال الحرب بيننا و النظام الايراني بعد الشاه .
على اية حال حصل ماحصل ونفذ المصدر القرار ضمن ثوابت الادارة الامريكية خطة اسقاط ركائز الدولة في العراق بشكل عرف من تسلسل الاحداث عند المواطن العراقي البسيط ان هذه العملية نفذت لكي لا ينهض العراق مرة اخرى بارادة وطنية مؤيده ومدعومة من اهل العراق وهذه الاستراتيجية بحاجة الى الوقت واضافة مؤامرات ومزيد من خلق المشاكل ولدى الادارة الامريكية معلوم ان هذه الاستراتيجية صعبة تنفيذها الا بمزيد من خلق المسببات ومستلزمات نمو روح الحقد والانتقام داخل الوضع العراقي و في محيطة الخارجي ( جوارين العراق ) ‘ فمنذ احتلال العراق وامريكا توظف الارهاب في العراق وتم توسيعة الى سوريا المتلاصقة بغرب العراق ‘ ورغم مرور كل تلك السنوات بعد الاحتلال يبدو ان العراق ( غير مستقر ) لايزال ضمن ثوابت السياسة الخارجية الامريكية ‘ وهذا واضح من دوره الشرير دائما ان الكيان العبري المسخ لايزال يريد ويسعى الى عراق ضعيف ومهمش ولايمكن لامريكا الأن ان تتبنى سياسة تجاه العراق ولا تتمشى مع مصلحة ذلك الكيان ‘ من هنا ولايزال ان كل المشاكل التي تحاصر العراق ‘ ان مصدر القرار ضمن ثوابت الادارة الامريكية تسير باتجاه عدم وصول العراق الى مرحلة الاستقرار ‘ فاضافة الى ان الدور الامريكي ( سكوتا او عن طريق دعم بالنيابة ) واضح في اطلاق يد تركيا ان تتحارش بالعراق تحت اكثر من عنوان ‘ و لامريكا وللان دور في تخريب اي اقتراب عراقي من محيطه العربي .
اما الاهم وضمن هذا الخط الثابت للان من مصدر القرار الادارة الامريكية لادامة الوضع المتوتر وغير المستقر في العراق ‘ لعبتها مع ايران في مقدمة تنفيذ فقرات تلك الثوابت وتعمل الادارة الامريكية وذيولها داخل العراق و في المنطقة مستغلا اثارة كل ظواهر التوتر المتراكمة تاريخيا ومضاف عليه اثار الحرب للسنوات الثمانية ‘ وتعمل الادارة الامريكية من اجل ذلك بكافة الطرق الخبيثة فهي التى تنشر كل ما يؤدي الى التناحر بين العراقيين عندما يعلن ان السنة والكرد لايؤيدون خروج الامريكان من العراق ‘ علما ان الادارة الامريكية وعندما كانت تستعد لاحتلال العراق رفع شعار : انقاذ الكرد والشيعة من ظلم النظام ... ان امريكا لاتزال العدو الاكبر لاستقرار العراق وما ادعائاتها عن خطر ايران الا ضمن ثوابت سياستها الاستراتيجية بانه الوقت لايزال ليس مؤاتيه لاعادة الاستقرار الحقيقي للعراق لان اولا ان العراقيين رغم كل ما مروا به من المشاكل والصعاب لايؤمنون بصدق سياسة مصدر القرار الامريكي ‘ وانطلاقا من هذا التوجة الثابت لذلك المصدر ان العراقيين لهم حق في الخوف المشروع من حقيقة موقف العدويين اللدوديين ( امريكا وايران ) بانهم لايزال على الاتفاق الذي ادى الى اسقاط دولتهم ‘ وان الوقت لم يحن بعد للتخلي عن هذا الاتفاق والسماح باعادة بناء العراق كما يرغب شعبه ولا مبالغة في تصور العراقيين أن مايجري الان في العراق على نهج ( الابداعات المخادعة منذ نيسان 2003 ضمن لعبة التهريج المسمى بالعملية السياسية ) وأخرها مايسمى الان بـ( الانسداد السياسي ) هي لعبة مصدر القرار الامريكي و تعاون ( غير مرئي ) بين طهران و واشنطن ‘ لادامة انسداد وليس اطاله المباحثات ( غير واضحة المعالم ) حول عودة ايران الى اتفاقيه مع الغرب الا ظاهرة من الظواهر المؤشره بان طبخ المزيد من خلق المشاكل للعراق والعراقيين من خلال ذلك الاتفاق الغير مرئي سارية المفعول وبجدية تامة ولينام اهل المنطقة الى ان يحققون محاصرة كل الاراداة الوطنية حتى لو على مستوى الاشخاص ... والله اعلم
527 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع