بسام شكري
بعض خفايا مونديال ٢٠٢٢
لقد اخترت عنوان "بعض " خفايا ولك استعمل كلمة خفايا لان هناك الكثير من الخفايا سوف تظهر لاحقا وقد تستغرق سنوات لكي يطلع عليها القارئ العربي , النقطة المهمة المثيرة هي موضوع حرية المثليين التي بدأت قبل أربعة اشهر تقريبا من بداية المونديال وتناقلتها وسائل الاعلام العربية والكل يتذكر تلك الحملة المفاجأة , ثم بدأت حملة ثانية لحقوق الانسان وحقوق العمال في قطر قبل شهر من المونديال , وقد اتفقت الفرق الأوروبية وامريكا وأستراليا وكندا على وضع علامة المثليين خلال المونديال وبعد رفض تلك العلامة من قبل السلطات القطرية والراي العام العربي تم استعمال علامة ثانية وهي الحب للجميع للتعبير عن الاخوة الإنسانية وتم رفض تلك العلامة كذلك رسميا من قبل الفيفا, من خلال متابعتي لمجريات الاحداث اعتقد بان تلك الحملة الغريبة اكبر بكثير من موضوع الحريات وذلك لان هناك تنسيقا أمريكيا أوروبيا سريا قد تم على تلك الحملة والذي قامت به هو أجهزة متخصصة وليس للاتحادات الكروية أي علم بالموضوع ولو كانت الفرق الأوروبية مثلا قد خططت لتلك الحملة لكانت قد عقدت اجتماعات علنية في مقراتها وناقشت تلك الحملة وتناقلتها وسائل الاعلام الأوروبية والأمريكية وانتشر الخبر بين الجمهور الرياضي على الأقل بمعرفة ما سيحصل خلال المونديال فقد تصرفت الفرق الأوروبية بطريقة الانقلابات العسكرية او قد تم اجبارها من قبل جهات سياسية عندما أعلنت فجأة وقبل أسبوعين من بدأ الاولمبياد انها تطالب بحقوق الانسان والمثليين والعمال الذين قاموا ببناء الملاعب الرياضية والفنادق والطرق وسكك الحديد , فبعد ان وافق الجميع على برنامج المونديال الذي أعدته الفيفا وعلى جداول المباريات وأسلوب إدارة المونديال وقبل اقل من شهر بدأت حملة الحريات وحقوق الانسان وغيرها.
لقد جرت الاحداث بطريقة دراماتيكية فقد وضُعت المانيا كرأس حربة للموضوع وذلك لأنها الدولة الأكثر تأثيرا على العالم العربي من خلال الصناعات الألمانية التي لا يمكن الاستغناء عنها في الأسواق العربية وكذلك باعتبارها الدولة الأوروبية الأكبر من حيث المساحة والسكان والثقل السياسي وقد بدأت الحملة قبل أسبوعين من المونديال بإطلاق وزيرة الداخلية الألمانية تصريحاتها النارية والتي تمت ادانتها من قبل السلطات القطرية فقامت وزيرة الداخلية الألمانية بالسفر فورا الى قطر وبقيت هناك تاركة عملها في وزارة الداخلية طول فترة المونديال وعادت مع المنتخب الالماني يوم السبت الماضي بعد ان خسر المباريات، وبعد ان منعت الفيفا وضع علامة الحب للجميع وأصدرت تعليمات بمعاقبة أي فريق يستعمل تلك العلامة قامت وزيرة الداخلية بوضع علامة الحب للجميع على ذراعها وارتدت فوق العلامة قميص يخفي تلك العلامة وعند دخولها الملعب وجلوسها على المنصة خلعت القميص فبانت العلامة و تفاخرت بأخذ صور لها وهي ترتدي العلامة وارسالها للصحافة الألمانية في تحد علني لتعليمات الفيفا.
المخطط لاستغلال المونديال من قبل أمريكا والغرب لأثارة الفوضى تحت حجج حقوق الانسان قد نجحت قطر في مواجهة معظمه , في البداية وقبل كل شيء فان تدخل وزيرة الداخلية الألمانية في موضوع ليس من اختصاص وزارة الداخلية هو خطأ دبلوماسيا وقانونيا لأنه ليس من حق وزيرة داخلية أي دولة التدخل في شؤون الدول الأخرى واذا كان هناك أي ملاحظات فانه واجب وزارة الخارجية وليس الداخلية , وقد طلبت ثلاثة أحزاب المانية معارضة وحزب الخضر المشارك في الحكومة الحالية بضرورة إحالة وزيرة الداخلية الألمانية الى لجنة تحقيق برلمانية لتجاوزها على وزيرة الخارجية الألماني ( رئيسة حزب الخضر اليساري ) بزيارة قطر وما قامت به من تصرفات تسيء الى الحكومة الألمانية.
بعض وسائل الاعلام الشعبية الألمانية الصادرة اليوم كتبت: ان قطر أوقعت المانيا في المصيدة عندما رحبت بزيارة وزيرة الداخلية الألمانية ولم تقوم بطردها فتلك الوزير لا هي وزيرة الرياضة والشباب لكي تشارك في الاولمبياد ولا هي وزيرة العدل لكي تدافع عن حقوق الانسان ولا هي وزيرة خارجية لكي تمثل المانيا رسميا في المونديال وقد أصبحت الدبلوماسية الألمانية مسخرة امام العالم من جانب وسوف يتم محاسبة وزيرة الداخلية في البرلمان الألماني في بداية السنة القادمة بعد انتهاء عطلة الأعياد.
سنة 2011 قامت احدى منظمات حقوق الانسان الألمانية بإرسال صحفي الماني الى الهند وعمل تقرير مصور عن العمال الهنود الذين يعملون في تكسير الأحجار الى قطع صغيرة والتي قامت شركة القطارات الألمانية باستيراد تلك الأحجار الصغيرة ووضعها بين سكتي القطارات في المانيا وقد تبين ان العمال الهنود كانوا دون السن القانوني ويعتبر ذلك عمالة أطفال وهو عمل اجرامي حسب القانون الألماني فقامت تلك المنظمة برفع دعوى قضائية على شركة القطارات الألمانية وكسبت الدعوة ودفعت شركة القطارات الألمانية غرامات الى كل عامل هندي عمل في تقطيع الحجر وهو اقل من 17 سنة وخسرت شركة القطارات الألمانية الملايين , هذا نموذج بسيط عن الكيل بمكيالين .
اين كانت الحكومات الألمانية المتعاقبة وأوروبا وامريكا في السنوات الماضية منذ حصول قطر على موافقة تنظيم المونديال سنة 2010 وطوال عمليات بناء البنية التحتية الرياضية في قطر؟ لماذا لم تتكلم عن حقوق العمال وقد قامت المانيا وأوروبا وامريكا ببيع وتجهيز كافة المواد والمعدات والقطارات للمرافق الرياضية وقامت شركاتها وخبرائها بعمليات البناء إذا كان هناك سلب لحقوق العمال والمثليين كما يدعون في حملتهم الغريبة التي أعطت للمونديال طابعا سياسيا بعيدا عن الرياضة؟
الباحث
بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1805 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع