ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
أبحاث في اللغة والأدب/٣٥
الوشم في العقائد والأدب
المقدمة
في الآونة الأخيرة انتشرت موضة الوشم بشكل كبير سواء في الغرب او بقية الدول، وتم فتح صالونات خاصة لعمل الوشم، وانتشرت مجلات بمختلف لغات العالم تحتوي آلاف الأشكال من الوشم، وفي الوقت الذي كان الوشم يقتصر على الوجه، تعددت مناطق الجسد من اليد والساق والصدر والبطن والقدم بل والأعضاء التناسلية أيضا، ولم تقتصر عمليات الوشم على النساء، بل شملت الرجال، وغالبا ما يتخذ الوشم اشكال حيوانات وطيور ونبايات او حكم او أسماء او أزهار واسماء لأناس يستهويهم المرء كأحبة او أئمة وقادة وغيرها.
تشير الإحصائيات بأن امريكي واحد ما بين خمس امريكان بالغين لدية وشم في جسده، وارتفعت النسبة في الولايات المتحدة الامريكية من 14% الى 16% للأعوام 2003 الى 2008. بالطبع هذه النسب تضاعف بعد هذه الفترة، سيما بين البالغين والمراهقين.
تعتبر هذه الظاهرة قديمة في التأريخ فقد عثر في مصر الفرعونية على مومياء تعود للأسرة/11 تسمى (آمنوت) عام 2002 ق.م. وعلى جسدها اكثر من وشم. وهذا ما يقال عن حضارة وادي الرافدين، وبقية الحضارات، ولا سيما الهندية. قال جواد علي" من وسائل الزينة: الوشم. غرز إبرة ونحوها في عضو حتى يسيل الدم ثم يحشى بنؤور أو بالكحل أو بالنيلج أو نحوها فيزرق أثره أو يخضر. وكانوا يقصدون بذلك التزين فينقشون به غالب أبدانهم، أنواعًا من النقوش من صور حيوانات أو نبات أو صور إنسان وكذلك الشفاه، فترى غالب شفاه نسائهم زرقًا. والأطفال منهم يوشمون في بعض المحال من وجوههم لقصد الزينة. وكذلك الرجال". (المفصل في تأريخ العرب قبل الإسلام8/214).
في العراق يُسمى الوشم (الدگه)، وتعتبر ظاهرة إجتماعية شعبية متوارثة، تمارسها النساء أكثر بكثير من الرجال، وكانت منتشرة في القرى والأرياف أكثر من المدن الكبيرة. وكان يُطلق على المرأة التي ترسم وتحترف الوشم (الداگوگه). وكانت النساء يستعملن الدگة في جميع أجزاء الجسم وخاصة في الرسغ والكف والحنك والجبهة وما بين الحاجبين … الخ، كذلك كن يستعملن الشامة الثابتة عن طريق الوشم.
المفهوم اللغوي للوشم
قالَ ابن منظور" وَشَمَ اليدَ وَشْماً: غَرَزها بإبْرة ثُمَّ ذَرَّ عليها النَّؤُور، وَهُوَ النِّيلجُ. والأَشْمُ أَيضاً: الوَشْمُ. واسْتَوْشَمَه: سأَله أَن يَشِمَه. واسْتَوْشَمَت المرأَةُ: أَرادت الوَشْمَ أَوْ طَلَبَتْه. وَفِي الْحَدِيثِ: لُعِنت الوَاشِمَةُ والمُسْتَوْشِمَةُ، وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ:المُوتَشِمَةُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الوَشْمُ فِي الْيَدِ وَذَلِكَ أَن المرأَة كَانَتْ تَغْرِزُ ظهرَ كفِّها ومِعْصَمَها بإبْرةٍ أَوْ بمِسلَّة حَتَّى تُؤثر فِيهِ، ثُمَّ تَحشوه بالكُحل أَوِ النِّيل أَو بالنَّؤُور، والنَّؤُورُ دخانُ الشَّحْمِ، فيَزْرَقُّ أَثره أَوْ يَخْضَرُّ. وَفِي حَدِيثِ ابي بَكْرٍ لَمَّا استَخْلف عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَشرَف مَنْ كَنيفٍ، وأَسماءُ بنتُ عُمَيس مَوْشُومَة اليدِ مُمْسِكَتُه: أَيْ مَنْقُوشَةُ الْيَدِ بالحِنَّاء. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ فلانٌ أَعظمُ فِي نفسِه مِنَ المُتَّشِمَة، وَهَذَا مَثَل، والمُتَّشِمةُ: امرأَةٌ وَشَمَت اسْتَها لِيَكُونَ أَحسَن لَهَا. وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ: فِي أَمْثَالِهِمْ لَهُو أَخْيَل فِي نَفْسِهِ مِنَ الوَاشِمَة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والمُتَّشِمَةُ فِي الأَصل مُوتَشِمة، وَهُوَ مثلُ المُتَّصل، أَصله مُوتَصِل. ووُشُوم الظبْية والمَهاة: خطوطٌ فِي الذِّراعين؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:أَوْ ذُو وُشُومٍ بِحَوْضَى". ( لسان العرب12/638).
قال ابن سيده" عن أَبُو عبيد، الوَشْم - مَا تَجْعله الْمَرْأَة على ذِراعها بالإِبْرة ثمَّ تَحْشُوه بالنَّؤُور - وَهُوَ دُخَان الشَّحْم، الْأَصْمَعِي، الْجمع وُشُوم وَقد تَوشَّمتْ واسْتوْشَمَت ووَشَمْتها ووَشَّمْتها، ابْن السّكيت، وَشّم مُقَرَّح - مُغَرَّز، صَاحب الْعين، الواشِمَة تُضَبِّر إضْبارةً من إبَر ثمَّ تَنْسَغ بهَا حَيْثُ تَشِمُ فَإِذا خَرج الدَّمُ أسَفَّتْه النَّؤُورَ فَإِذا بَرَأَ قُلِع قِرْفُه عَن سَوَاد قد رَصُنّ فَهُوَ الوَشْم، أَبُو عبيد، الكِفَف - الدَّارَات فِي الوَشْم، ابْن دُرَيْد، نَسَّغت الواشِمَة - قَرَّحت بالإبرة فِي اليَدِ أَو غيْرِها، صَاحب الْعين، النَّسْغ - تَغْرِيز الإِبْرة والمِنْسغَة بِكَسْر الْمِيم - إضْبارَة من ذَنَب طائِر ونحوِه يَنْسَغُ بهَا الخَبَّاز الخُبْزةَ، ابْن دُرَيْد، والعُلْطة والعَلْط - سَوَاد تَخُطُّه المرأةُ فِي وَجْهِها تَتزَيَّن بِهِ والُّلعْطة - خَطٌّ بسَوَاد أَو صُفْرة فِي خَدِّها تَزَيَّن بِهِ أَيْضا، أَبُو زيد، أسْفَقْت الوشْمَ - وَهُوَ أَن تَغْرِزَ الحدِيدَة فِي يَدِ الإنسانِ ووَجْهِة أَو حيثُ أسْفَفْت ثمَّ تَحْشُوَه كُحْلاً حَتَّى تَسَفَّه الريحُ سَفًّا، أَبُو حَاتِم، واسُم ذَلِك السَّفُوف، ابْن دُرَيْد، وَشْمٌ مُقَرِّح إِذا نَقَشِت الواشِمَةُ فِي اليَدِ بالإبرة، وَقَالَ، نَقَّطَتِ المرأةُ خَدَّها بالسَّوادِ لِتَحَسَّن بذلك وَمِنْه نَقْطُ المَصاحِف، صَاحب الْعين، التَّرْجِيع - وَشْيُ الوَشْم وَقد رَجَّعْته وَهِي المَرَاجِع" . (المخصص1/377). قال ابن قتيبة الدينوري" قال: والوشم: ما تجعله المرأة على ذراعها بالإبرة، ثم تحشوه بالنؤور وهو دخان الشحم. والكفف: الدارات في الوشم". (الجراثيم1/385).
قال ابن دريد" الوَشْم: شَيْء كَانَت تعمله النِّسَاء فِي الْجَاهِلِيَّة، يغرزن أيديهنّ بالإبر ثمَّ يحشونها بالنِّيل أَو النَّؤور والنَّؤور: أَن يُكفأ إِنَاء على سراج ثمَّ يُؤْخَذ ذَلِك الدُّخان فيُحشى بِهِ التقريحُ وشَمَتْ تَشِمُ وَشْماً وَهِي واشمة. وَفِي الحَدِيث: لُعنت الواشمةُ والمستوشمةُ". (جمهرة اللغة2/881). وقال أبو هلال العسكري" الققَّازُ ضربٌ منَ الحليِ تجعلُهُ المرأةُ فِي يديْها ورجليْها. ومنهُ قيلَ: تقفَّزتِ المرأةُ بالحنَّاءِ، إِذَا نقشتْ يديْها ورجليْها ذلكَ النَّقشَ".(التلخيص في معرفة الاشياء/228)
المفهوم الفقهي
ذكر السيد سعدي أبو حبيب" وشم الجلد وشما: غرزه بإبرة . ثم ذر عليه النيلج، اتشم فلان: جعل في جلده الوشم . استوشم فلانا: سأله أن يشمه . المستوشمة : التي تطلب الوشم . وفي الحديث الشريف " لعن الله المستوشمات"، لواشمة : فاعلة الوشم . الوشم: العلامة ". (القاموس الفقهي/380).
الوشم في الأديان
جاء في اللاوين19/28" وَلا تَجْرَحُوا اجْسَادَكُمْ لِمَيْتٍ. وَكِتَابَةَ وَسْمٍ لا تَجْعَلُوا فِيكُمْ. انَا الرَّبُّ". كمت ورد ايضا"لاَ تَكُنْ زِينَتُكُنَّ الزِّينَةَ الْخَارِجِيَّةَ مِنْ ضَفْرِ الشَّعْرِ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَلِبْسِ الثِّيَابِ، بَلْ إِنْسَانَ الْقَلْبِ الْخَفِيَّ فِي الْعَدِيمَةِ الْفَسَادِ، زِينَةَ الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ". (رسالة بطرس الأولى3/4).
واعتبر البعض ان ما ورد في رسالة كورنثوس، يحمل ضمينا تحريم الوشم، وتغير صورة الجسد " أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ ". (رسالة كورنثوس الأولى6/19).
الموقف الشرعي في الاسلام
أما في الإسلام فقد تم تحريم الوشم كما جاء في الحديث النبوي المتفق عليه الوارد عن عبد الله بن عمر "أنَّ رسُولَ اللَّه لَعَنَ الْواصِلَةَ وَالمُسْتوصِلَةَ، والْوَاشِمَة والمُستَوشِمة". (صحيح البخاري10/5931/كتاب اللباس). (مسند أحمد1/4118). وعن ابنِ مَسعُودٍ قَال" لعنَ اللَّه الْواشِماتِ والمُستَوشمات والمُتَنَمِّصات، والمُتَفلِّجات لِلحُسْن، المُغَيِّراتِ خَلْق اللَّه"، فَقَالَتْ لَهُ امْرأَةٌ في ذلكَ، فَقَالَ: "وَمَا لِي لا ألْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّه، وَهُو فِي كِتَابِ اللَّه؟! قَالَ اللَّه تَعالى في سورة الحشر/7(( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)). وعن مالك بن عامر أن رسول الله (ص) لعن الواصلة والمستوصلة، والنامصة والمستنمصة، والواشرة والمستوشرة، والواشمة والمستوشمة. قال عبد الملك بن حبيب: الواصلة هي التي تصل الشعر بالشعر، والنامصة هي التي تنتف شعر الحواجب، والواشرة هي تفلج الأسنان، والواشمة التي تحل الخيال في الوجه والجسد، والمستفعلة من هذا كله هي التي تمكن نفسها بفعل هذا بها".(أدب النساء/224). وقال التوحيدي" أمّا الوشم فالغرز في الكف، وفي الخبر: لعن الله الواشمة والمستوشمة". (البصائر والذخائر8/69). قال ابن القطاع" وشَمت" المرأة ذراعيها وشْماً علَّمت فيهما علامات ونهى عنه إذ كان من فعل الجاهلية". (كتاب الأفعال3/300).
موقف مراجع الشيعة من الوشم
في المذهب الشيعي تباينت المواقف بين محلل ومحرم.
جاء في فتاوي الشيخ مكرم الشيرازي:
السّؤال 78: هل يجوز الوشم بالابرة للقائم بالوشم و صاحب الوشم؟
الجواب: لا بأس في الوشم العادي، أمّا إذا تجاوز الحدّ المعتاد وتسبّب في أذى البدن أو كان وشماً بأسماء المعصومين المقدّسة ففيه إشكال.
السّؤال 79: هل يمنع الوشم بالابرة الماء في الغسل و الوضوء؟
الجواب: ليس مانعاً". (الفتاوي الجديدة2/34).
وقال الشيخ محمد آصف المحسني" يجوز الوشم وفسّره علي بن غراب ـ كما عن معاني الاَخبار للصدوق بالوشم في يد المرأة أو في شيء من بدنها ، بأن تغرز بدنها أو ظهر كفها بابرة حتّى تؤثر فيه ثم تحشوها بالكحل أو شيء عن النورة فتخضر". (الفقه والمسائل الطبية/259).
وفي سؤال برقم (169 للشيخ محمد إسحق فياض: ما حكم الوشم على جسد الانسان؟ وهل هناك فرق بالوشم بالنسبة للرجل أو المرأة؟ وما حكم الأجهزة المستخدمة في الوشم.
الجواب: الوشم ليس بحرام، والظاهر أنه يصبح جزءاً لبدن الانسان فلا يمنع من الوضوء، أو الغسل". (الإستفتاءات الشرعية1/62).
في حين ان هناك ما يعارض هذا القول، مثلا، قال الشيخ مرتضى الأنصاري" في معاني الأخبار بسنده عن علي بن غراب عن جعفر بن محمد عن آبائه (ع) قال: لعن رسول الله ص النامصة والمنتمصة و الواشرة والموتشرة والواصلة والمستوصلة و الواشمة والمستوشمة. قال الصدوق قال علي بن غراب النامصة التي تنتف الشعر والمنتمصة التي يفعل ذلك به". (المكاسب1/84). وقال ابن المرتضى" حرم عليها الوشم وهو الكي قال في الكافي الوشم على العضد والذراع والساق والفخذ. قيل ونقش اللثة والذقن منهي عنه ايضا لانه تغيير". (شرح الأزهار4/116).
أمثال عن الوشم
اولا: أخيل من واشمة أستها
من الطريف ان هناك مثلا عن وشم الأست" أخيل من واشمة أستها". قال زيد بن رفاعة" إمرأة وشمت أستها ثم باهت به على غيرها". (كتاب الأمثال/11). وقال الكرماني" هي امرأة وشمت فرجها، فإختالت على صواحباتها". (أمثال الكرماني/233). (نثر الدر في المحاضرات6/68). (الدرة الفاخرة1/193). (سوائر الأمثال/163). (جمهرة الأمثال1/440). (مجمع الأمثال1/253). (المستقصى1/1132).
ثانيا: أثبت من الوشم
قال ابو هلال العسكري: الوشم وَهُوَ السوَاد الَّذِي تحشى بِهِ الْيَد وَغَيرهَا من أَعْضَاء الْبدن. وَلعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الواشمة والموتشمة وروى (المستوشمة) فالواشمة الَّتِي تفعل والموتشمة الَّتِي يفعل بهَا". (جمهرة الامثال1/295).
اشعار عن الوشم
ـ قال ابن المسيب:
وقينةٌ أبردُ من ثلجـــهْ تظلُّ منها النفسُ في ضجهْ
كأنها من نتنها ثومــةٌ لكنها في اللونِ أترجهْ
كأنها والوشمُ في كفها زرنيخةٌ خطتْ بلينجه
(التشبيهات لإبن أبي عون/28).
ـ قال طرفة بن العبد:
لِخَوْلَةَ أَطْلالٌ ببُرقَةِ ثَهْمَدِ ... تَلوحُ كباقي الوَشْمِ في ظاهر اليَدِ
ذكر عبد الله الزوزني" خولة: اسم امرأة كلبية، ذكر ذلك هشام بن الكلبي. الطلل: ما شخص من رسوم الدار، والجمع أطلال وطلول، البرقة والأبرق والبرقاء: مكان اختلط ترابه بحجارة أو حصى، والجمع الأبارق والبراق والبرق والبرقاوات، إذا حمل على معنى البقعة أو الأرض قيل البرقاء، وإذا حمل على المكان أو الموضع قيل الأبرق. ثهمد: موضع. تلوح: تلمع، واللوح اللمعان. الوشم: غرز ظاهر اليد وغيره بإبرة وحشو المغارز بالكحل أو النقش بالنيلج، والفعل منه وشم يشم وشْمًا، ثم جعل اسْمًا لتلك النقوش، وتجمع بالوشام والوشوم. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: " لعن الله الواشمة والمستوشمة فالواشمة هي التي تشم اليد، والمستوشمة هي التي يفعل بها ذلك، ثم تبالغ فتقول: وشَّم يوشِّم توشيمًا إذا تكرر ذلك منه وكثر. يقول: لهذه المرأة أطلال ديار بالموضع الذي يخالط أرضه حجارة وحصى من ثهمد، فتلمع تلك الأطلال لمعان بقايا الوشم في ظاهر الكف، شبه لمعان آثار ديارها ووضوحها بلمعان آثار الوشم في ظاهر الكف". (شرح المعلقات السبع/89).
ـ قال الشاعر:
أوْ رَجْعُ وَاشِمَةٍ أُسِفّ نَئُورُها ... كِفَفًا تَعَرّضَ فَوْقَهُنّ وِشامُها
ذكر عبد الله الزوزني" الرجع: الترديد والتجديد، وهو من قولهم: رجعته أرجعه رجعًا فرجع يرجع رجوعًا. وقد فسرنا الواشمة. الإسفاف: الذَّرّ وهو من قولهم؛ سفَّ زيد السُّويق وغيره يسفه سفًّا وأسففته السويق وغيره، ثم يقال: أسففت الدواء الجرح والكحل العين. النئور: النقش الْمتّخذ من دخان السراج والنار، وقيل النيلج. الكِفَف: جمع كفة وهي الدارات، وكل شيء مستدير كفة، بكسر الكاف، وجمعها كفف، وكل مستطيل كُفة، بضمها، والجمع كُفَف، كذا حكى الأئمة. تعرَّض وأعرض: ظهر ولاح. الوشام، جمع وشم؛ شبه ظهور الأطلال بعد دروسها بتجديد الكتابة وتجديد الوشم. يقول: كأنها زبر أو ترديد واشمة وشْمًا قد ذرت نئورها في دارات ظهر الوشام فوقها، فأعادتها كما تعيد السيول الأطلال إلى ما كانت عليه، فجعل إظهار السيل الأطلال كإظهار الواشمة الوشم، وجعل دروسها كدروس الوشم. نئورها: اسم ما لم يسم فاعله. وكففًا هو المفعول الثاني بقي على انتصابه بعد إسناد الفعل إلى المفعول. وشامها: فاعل تعرض وقد أضيف إلى ضمير الواشمة". (شرح المعلقات السبع/175).
علاج الوشم
قال ابن سينا" قد يقلع الوشم دواءان ذكرناهما في باب النمش، وربما كفى أن يغسل الموضع بالنطورن، ويوضع عليه علك البطم أسبوعاً ويشدّ، ثم يحل ويدلك بالملح دلكاً جيداً، ويعاد عليه علك البطم إلى أن ينقلع ومعه سواد الوشم، فإن لم تنجع أمثال ذلك لم يكن بد من تتبع مغارز إبر الوشم نقط البلاذر لقرحها، ويأكلها". (القانون في الطب4/381).
995 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع