د علوان العبوسي
17 / 12 / 2023
غزة تنتصر- ٢ مضاعفات القوة
سالني احد السادة تعقيبا على مقالي السابق ( غزة تنتصر) في موضوع مهم يتعلق بموازين القوى بين المقاومة (حماس) والكيان الصهيوني كاحد المبادئ التي نعتمدها عند التخطيط قبل القيام بالعمليات العسكرية ، وما قد يترتب عليه في اسلوب اعمال القتال لدى الطرفين ، ولهذا الشخص كل الحق بعد ما شاهده من على شاشات التلفاز مايقوم به الكيان الصهيوني من قتل وتشريد للفلسطينيين وتهديم دورهم باستخدم سلاح الجو بالقاء قنابر ذات زنات عالية جداً على رؤوس ساكنيها وقتل الاطفال والنساء والمدنيين لاعلاقة لهم بحماس ، ثم منع ايصال الماء والغذاء والكهرباء والدواء على غزة ،ثم وصف الفلسطينيين بالحيوانات ( يعني قتلهم واجب وطني للكيان ) ويتسائل هذا الشخص كيف لم تحسب حماس قوة هذا الكيان مقارنةً بقواتهم التي لاتتجاوز اسلحة بسيطة حتى بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين اكثر من تسعة عشر الف والجرحى اكثر من 49 الف .
واضيف لاخي السائل ان الكيان لايكتفي بقواته القتالية بل اعتمد على القوات الامريكية والبريطانية وغيرهما التي تحشدت في البحر المتوسط بعد 7 تشرين الاول / اكتوبر2023 ، ناهيك عن الدعم الامريكي والاوربي اليومي طوال فترة الحرب ضد الشعب الفلسطيني ، وكان الاعتقاد السائد بان كل هذه القوات بامكانها انهاء قوات حماس في بضع ايام ولكن الذي حصل ويحصل وبهذا الكم الهائل من الاسلحة جوا وبحرا وبراً ونحن في اليوم الثاني والسبعين من الحرب لاتزال حماس بقوتها وجبروتها ترهب جنرالات الكيان وامريكا واوربا.
لو تطرقنا عن العقيدة العسكرية للكيان الصهيوني نجد انها بنيت على مضامين واساطير دينية جعلت من القوة هدفاً ووسيلة لبلوغ غايتها جاء بها دستورها المعتمد على (بروتكولات حكماء صهيون) ( )، اهمها (القوة فوق الحق ، القتال افضل وسائل تحقيق الاهداف)، دون الاعتبار للعوامل الانسانية واخلاقيات الحرب ،عليه كانت سلسلة الحروب العدوانية التي شنتها على العرب منذ عام 48 ،56،67، ثم 73،واحتلال الاراضي العربية واخرها اعلان فلسطين دولة يهودية ثم حربها على غزة 2023 ، دون النظر الى القوانين والقرارات والمواثيق الدولية ،واعتمادها على حلفائها امريكا ومعظم دول اوربا منذ 48 ، حتى الان .
في قواتنا المسلحة العراقية السابقة مبدئ مهم نطلق عليه مضاعفات القوة (force multipliers)، عرف مضاعفات القوة بأنها (الامكانات الداعمة التي تعزز من فاعلية القوات المقاتلة ذات المستوى القتالي الاقل من العدو ، ومن الأمثلة إمكانات الحرب الإلكترونية ، الألغام ، المخادعة ، الموانع .مستوى القيادة ، المعنويات ، التدريب،امكانية الاستمرار، قابلية الحركة ،المناورة السريعة ، قوة وتركيزالنيران، الحماية، القيادة والسيطرة، والاستخبارات، والاسناد) . وكل ماشانه يرفع من مستوى القوة بغض النظر عن الاسلحة المتوفرة كماً ونوعاً.
وللايضاح اكثر كنا قد استخدمنا هذا المبدئ بعدد من الاجراءات في سلاحنا الجوي في بداية الحرب مع ايران 1980-1988، في محاولة لمعادلة ميزان القوى بعد ان تبين تفوق القوات الجوية الايرانية بنسبة 0.5: 1 على قواتنا الجوية من هذه الاجراءات في عجالة ( زيادة عدد طلعات الطيارين ليوم القتال الواحد ، رفع كفاءة طياري القتال في قوتنا الجوية ،استخدام وسائل حرب الكترونية إضافية متطورة، التخطيط لشل الدفاعات الجوية الايرانية، الزيادة العددية لطائرات القتال اثناء الحرب...الخ).
الغاية التي اعتمدتها حماس في القتال الناجح مع الكيان الصهيوني ،بعد حصار طويل على غزة استمر 17 عام تريد إنهاء هذا الحصار ، فضلا عن وقف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي والتصرفات القاسية من قوات الأمن الإسرائيلية في المسجد الأقصى ، والضفة والقطاع .
كيف اعتمدت حركة حماس الفلسطينية على مبدئ مضاعفات القوة
رغم التفاوت الهائل في موازين القوى العسكرية بين إسرائيل وحركة حماس ، المسيطرة على قطاع غزة، إلا أن الهجوم المفاجئ (طوفان الأقصى) الذي نفذته الحركة يوم السبت 7 تشرين الأول/ اكتوبر، كشف عن مستوى جيد من التسليح والتدريب، . انواع جديدة من الاسلحة ذات القدرات العالية ، منها الطائرات المسيرة محلية الصنع، والطائرات الشراعية البسيطة التي حملت مقاتلي حماس إلى مسافة 25 كيلومترا داخل المدن الاسرائيلية ، وقنابل حارقة دمرت آليات ودبابات إسرائيلية، بالإضافة إلى صواريخ جديدة بعيدة المدى وصلت تل أبيب، ومنظومة دفاع جوي محلية الصنع ،وقد تبين لحماس مصانع محلية للصواريخ ذات مديات 10 – 250 كلم ، ومصانع لمدافع الهاون وقذائفها ( ) ، بالاضافة الى صنع مدافع كلاشنكوف واعتدتها في غزة ، استفادة حماس من الاسلحة القديمة طورتها بامكانياتها منها رشاش سوفيتي قديم من طراز دوشكا، عيار 0.50، تم تعديله وتجهيزه ليناسب التاثير على شاحنة صغيرة ويشغله شخص واحد وهو مصمم لاختراق العجلات والطائرات خاصة السمتيات ، كما استخدمت حماس صواريخ كورنيت الروسية الصنع المضادة للدبابات، وقد أثبتت الصواريخ الموجهة بالليزر فعاليتها ضد دبابات ميركافا الإسرائيلية، وكذلك نظام صاروخي مضاد للدبابات يسمى (بولسي )، وهو فعال في التصدي للآليات والمدرعات الإسرائيلية، حسبما أفاد موقع (إنسايدر) الأمريكي ، اضافة بنادق القناصة بعيدة المدى ، التي ظهرت مع مقاتلي حماس ، واوضحت تقارير غربية عن استخدام مقاتلي حماس أسلحة من صناعة كوريا الشمالية، حيث ظهر أحد أعضاء حماس يحمل ما يبدو أنه صاروخ من صناعة كوريا الشمالية، ونشرها موقع التدوين العسكري War Noir على موقع إكس، تويتر سابقًا. وتم التعرف على قاذفة الصواريخ التي يحملها أحد المقاتلين على أنها من كوريا الشمالية من طراز F-7 HE-Frag..
من المفاجآت التي أظهرتها حماس في هذه المواجهة، الطائرات المسيرة الانتحارية ،ونشرت الحركة فيديو لعملية استهداف جنود إسرائيليين بقنبلة أسقطتها مسيرة محلية الصنع، وفيديو آخر لاستهداف أبراج مدافع رشاشة في موقع إسرائيلي على طول الحدود.
كما كشفت حماس عن سلاح نوعي هام وهو الطائرات الشراعية، التي نقلت مقاتلي حماس إلى داخل المدن الإسرائيلية ومعهم الأسلحة والمتفجرات. وبحسب تقرير لشبكة سي إن إن الأمريكية، فمن الصعب أن يرصدها الرادار الإسرائيلي لضعف انعكاسها الراداري فضلا عن طيرانها على ارتفاعات منخفضة.
كما تمثل الصواريخ القوة الضاربة لحركة حماس في هذه الحرب، واستطاعت استخدام أنواع مطورة منها (عياش 250) الذي استهدفت أهدافاً بعيدة المدى ووصلت إلى تل أبيب، بجانب منظومات أخرى مطورة محليا تسببت في إرباك منظومات الدفاع الإسرائيلية.
كما نشرت حماس فيديو لمنظومة صواريخ دفاع جوي (متبر 1) لاستهداف الطيران الإسرائيلي، وكذلك لمجموعة من عناصرها تحمل صواريخ على الكتف للدفاع الجوي، وعمليات التصدي لطيران إسرائيل عن طريق صواريخ محمولة على الكتف، وأخرى أُطلقت من قاذفات أرضية.
اما الانفاق فهي من اهم الاجراءات الدفاعية التي قامت بها حماس في ترسانتها العسكرية حيث قامت ببناءِ شبكةٍ متطورة من الأنفاق العسكرية منذُ سيطرتها على القطاع في عام 2007، تتفرع الأنفاق أسفل العديد من المدن الفلسطينيّة بما في ذلك خان يونس وجباليا ومخيم الشاطئ،وهي نوعين داخلية وخارجية؛ أما الداخلية فتمتد على مدى عشرات الكيلومترات داخل قطاع غزة، وتستخدم لأغراض عدة بما في ذلك إخفاء مخزونات حماس من الصواريخ تحت الأرض، والذخيرة ، يصل عمق البعض منها إلى 30 أو 40 متراً تحت الأرض،مما يَصعِب على الاحتلال كشفها عبر طائراته المسيرة. وفي آخر المواجهات الفلسطينية الإسرائيلة بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 باتت الأنفاق التي حفرتها حركة حماس أسفل قطاع غزة، والتي توصف بـمدينة كاملة تحت الأرض، كابوسا أمام الاجتياح البري الذي ينفذه الجيش الإسرائيلي بالقطاع.
و قد استفادة حماس من المواجهات السابقة مع إسرائيل لتطوير أنظمة التسليح، خاصة الصواريخ والطائرات المسيرة، وتكتيكات القتال قللت من خسائرها كثيرا .
في الختام بودي الاشارة الى اساليب القتال الوحشية والهمجية ،التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد المدنيين الفلسطينيين بعد مرور 72 يوم من القتال بعيدا عن اخلاقية الى الحروب ذات العلاقة بقوانينها الانسانية والدولية منتهكة كل الاعراف والقيم الاخلاقية ، فالقوة الجوية تلقي حممها على الدورالسكنية محدثة مئات الشهداء من الاطفال والنساء والرجال ممن ليس لهم علاقة بحماس دون رادع يردعها شمل القصف اليومي بالطائرات مايقارب 250 هدف بمعدل اربع طن من القنابر ليصبح المجموع الكلي للاهداف (250x72=18000) هدف ، عدد القنابر 18000x4 طن=72000 الف طن القيت في هذه الفترة على غزة ذات المساحة 350 كلم2 ، ان غاية الحرب اتضحت ليس حماس حسب ولكن ابادة للشعب الفلسطيني في غزة بالاضافة الظروف التي يعيشها بدون طعام ولا ماء ولا سكن ، قبل يومين جرفت جرافات الكيان محيط مستشفى كمال عدوان ومعها مئات المرضى دفنتهم احياء ، اي سلوك ارعن هذا مما اضطر الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيرش اللجوء للمادة 99 التي تنص (لأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والآمن الدولي.)، ومع ذلك لم يجري مناقشة هذا الموضوع لاعتراض كل من الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا . اما لو تكلمنا عن المواقف العربية الرسمية فانها وبالمختصر فاشلة ومؤلمة وهذا ماسعى لها الكيان الصهيوني بموضوع التطبيع الذي شمل معظم دولنا العربية ، مع شديد الاسف .
---------------
المصادر
• بروتكولات حكام صهيون يعتمد هذا الكتاب على عدّة تقارير تكشف خطة سرية للسيطرة على العالم، تعتمد هذه الخطة على العنف والحِيَل والحروب والثورات .
• BBC القاهرة عبد المنعم حلاوة: 16 تشرين الاول / اكتوبر2023: من علي بركة رئيس العلاقات الوطنية لحماس في الخارج .
4110 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع