عندما كنت أتجول على الانترنت قرأت خبرا يقول إن المخرجة السينمائية المصرية إيناس الدغيدي تطالب بعمل تراخيص لبيوت البغاء في مصر، وأضاف الخبر أن الدغيدي قالت في تغريدة لها على التويتر إن وجود بيوت دعارة مرخصة سيقضي على ظاهرة التحرش والاغتصاب.
وطالبت الدغيدي اللجنة التأسيسية التي تعكف حاليا على صياغة مسودة الدستور المصري الجديد بعمل تقنين لبيوت الدعارة كي تحمي المجتمع من الأمراض، وقالت «كانت قمة التحضر عندما كانت هناك بيوت دعارة مرخصة ويتم الكشف على العاملات بها».
وبررت الدغيدي كلامها بأن بيوت الدعارة أمر واقع ولابد من تقنينها لأن المجتمع كله يعاني من الحرمان الجنسي للشباب وانتشار الاغتصاب والتحرش.
إلى هنا والأمر طبيعي بالنسبة لي، فإيناس الدغيدي معروفة بآرائها الجريئة، إلى جانب أن مساحة الحرية في مصر حاليا جعلت كل شخص يقول ما يريد ويفعل ما يريد، وقلت لنفسي إن هذا رأي شخصي للمتحدثة وإنه لن يؤخذ به، خاصة في ظل صعود التيار الديني في مصر، ولم أهتم إلا بعد أن قرأت التعليقات التي وردت أسفل الخبر، فقد هالني هذا العدد الهائل من التعليقات التي وردت والتي لم أر لها مثيلا في الكم والكيف.
وجدت ما يقرب من 99 بالمئة يعلقون بغضب شديد أو تهكم شديد أو سب ولعن بأشد المفردات على ما اقترحته إيناس الدغيدي، ولم يوافق على اقتراحها سوى النزر اليسير.
هذا الكم من التعليقات يبين إلى أي مدى يهتم غالبية الناس بالجنس وأخبار الجنس أكثر من أي شيء آخر،والدليل على ذلك أن هناك أخبارا كثيرة أكثر أهمية وخطورة حول مستقبل شعوب عربية بأكملها ولا تجد من يقرأها أو يعلق عليها.
ففي نفس التوقيت تمتلئ الصحف بأخبار مريرة عن تطور الأحداث في سوريا وما قد يقدم عليه الرئيس السوري بمساعدة الإيرانيين من استخدام للأسلحة الكيمياوية ضد الشعب السوري الثائر من أجل حريته.
فلماذا انصرف هذا الجيش من الناس إلى خبر لن يقدم ولن يؤخر في حياة الأمة؟ خاصة أننا أصبحنا الآن في عهد الاخوان المسلمين ولا مجال لما تقترحه هذه المخرجة السينمائية، ولم يشدهم مطلقا خبر استعداد الطاغية لإبادة أبناء شعبه، وكأننا معنيون بالنفاق الديني أكثر من أي شيء آخر!
وقد يكون بين هذا الحشد الذي قام بجلد المخرجة صاحبة الاقتراح عشرات من المنحرفين جنسيا.
الخلاصة المؤلمة في هذا المجال أننا كعرب نقضي أكثر من تسعين بالمئة من عمرنا في البحث عن الجنس وأخباره وعن فضائح الآخرين أو في النقاشات الدينية حول المسائل الخلافية، او في صنع الدعاية المجانية لأصحاب الآراء المشابهة لرأي إيناس الدغيدي.
388 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع