"قهوة الفيشاوي" من أشهر معالم مصر
من زار القاهرة، ولم يزر الفيشاوي، فكأنما لم يزر مصر..
إرتبط اسمها بنجيب محفوظ واشهر الشخصيات الاجتماعية
أكثر من ٢٠٠ عام وتبقى قهوة الفيشاوي أشهر مقاهي مصر
من زار القاهرة، ولم يزر قهوة الفيشاوي، فكأنما لم يزر مصر..
رغم مرور مائتي عام عليها إلا أنها ما زالت تمتلك الريادة بعد أن انسحبت مقاه شهيرة أخرى من حلبة المنافسة.
خان الخليلي الشهير الذي زادت في شهرته الرواية الرائعة التي خطتها يراعة الروائي الكبير نجيب محفوظ الذي وشحها بالاسم ذاته (خان الخليلي) ونحن وآباؤنا والجيل الذي سبقنا من الذين نهلوا من كتاب مصر: طه حسين وعباس محمود العقاد وزكي مبارك واحمد حسن الزيات وشوقي ضيف ومحمد عبد المنعم خفاجي وعائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) ولويس عوض ومصطفى لطفي المنفلوطي ويحيى حقي واحسان عبد القدوس وتوفيق الحكيم وإبراهيم عبد القادر المازني وعلي ادهم ومحمود امين العالم وعبد الرحمن بدوي ونجيب محفوظ وسهيل ادريس ومصطفى محمود ومصطفى صادق الرافعي وخالد محمد خالد ورجاء النقاش والشيخ علي عبد الرازق ومصطفى سويف و. و. و.القائمة تطول.
لذا كنا دوماً نهفو لزيارة خان الخليلي ومقهى الفيشاوي في الخان التي كان يرتادها الأديب نجيب محفوظ وجمهرة من كتاب مصر، فضلا عن مقهى (ريش) و (جروبي) او زيارة حديقة الازبكية حيث الكتب والمجلات، مما يقترب من ظاهرة الجمعة في متنبي بغداد.
يُعدّ مقهي الفيشاوي الأكثر شهرة في العالم العربي، ويمثل أسلوبًا اجتماعيًا تقليديًا من الاسترخاء مع الأصدقاء والزملاء، داخل محور مزدحم كثيرًا بالزائرين في منطقة القاهرة الإسلامية والمؤسسات التاريخية، مثل سوق خان الخليلي والمسجد الأكثر شعبية مسجد سيدنا الحسين عليه السلام والأزهر الشريف.
المقهى جلب شهرته من الأديب الراحل نجيب محفوظ، حيث كتب أجزاء من ثلاثيته الحائزة على جائزة نوبل في الغرفة الخلفية للمقهى، وأيضًا من جلوس الشاعر الغنائي أحمد رامي الذي كتب أغاني مازال العالم يذكرها للراحلة أم كلثوم، وغيرهم من الشخصيات التي أثرت في التاريخ الثقافي والفني المصري والعربي.
مقهى الفيشاوي هو أحد مقاهي القاهرة الشهيرة يقع بحي الأزهر ويعد من أقدم مقاهي القاهرة، حيث يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1797م. اتخذ المقهى شهرته وبريقه، بفضل الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ الذي كان «الفيشاوي» مقهاه المفضل، حيث شهد المقهى الكثير من المسودات الأولى لرواياته، وكان بمثابة فضاء حي يلتقي فيه مع أصدقاءه ومحبيه من الكتاب والفنانين وبسطاء الناس.
أول ما يشد انتباه الشخص داخل المقهى، غرفة صغيرة أشبه بمتحف وأثر معماري، اعتاد الجلوس بها الأديب نجيب محفوظ والعندليب عبد الحليم حافظ، تحوي بداخلها مرآة ثلاثية فريدة وساعة حائط كبيرة، يرجع تاريخها إلى العصر التركي، إلى جانب راديو أثري قديم جدا، بالإضافة إلى (نجفة) ضخمة يرجع تاريخها إلى عام 1800م، تزين هذه الغرفة، ولا يستطيع أحد دخول الغرفة أو الجلوس بها، إلا لمن اعتاد التردد عليها، وتميز عن غيره.. أمثال العندليب ومحفوظ.
بدايات مقهى الفيشاوي:
بدأ مقهى “الفيشاوي”، ببوفيه صغير أنشأه الحاج فهمي علي الفيشاوي عام 1797 في قلب خان الخليلي ليجلس فيه رواد خان «الخليلي» من المصريين والسياح، واستطاع أن يشتري المتاجر المجاورة له، ويحولها إلى مقهى كبير ذي ثلاث حجرات. بدأ الفيشاوي، الذي بدأ عمله بتقديم القهوة فقط إلى أصدقائه والزائرين لمنطقة الحسين في زقاق حي خان الخليلي في القاهرة مساء كل يوم بعد صلاة العشاء، حتى أصبحت تعرف باسم "قهوة الفيشاوي"، يعتبر هذا المقهى تاريخ غني لكونه يحظى بشعبية كبيرة بين النخبة المصرية، وهناك شارع خان الخليلي الذي يمكن أن يكون مكانا مربكا للغاية بسبب الزحام.
يقع المقهى على شارع ضيق من سوق خان الخليلي في القاهرة، يبدو المقهى مبدعا وملفتا للنظر مع حلول الظلام، إذ تشاهد تلبيسة المشربية الخشبية والجدران المزكرشة الصفراء، ويتم تقديم مشروبات لذيذة ساخنة في أقداح زرقاء داكنة تأتي في صواني ذهبية كبيرة وتصب في أكواب مزخرفة، في حين تظهر الثريات الضخمة والمرايا مؤطرة في الخشب، ما يمثل روعة بصرية للمصورين والسياح العرب والأجانب.
اشهر صالات مقهى الفيشاوي:
أولى غرف المقهى وأرقاها هي غرفة «الباسفور» وهي مبطنة بالخشب المطعم بالأبنوس، وهي مليئة بالتحف والكنب العربي المكسو بالجلد الطوبي، وأدواتها من الفضة والكريستال والصيني، وكانت مخصصة للملك فاروق، آخر ملوك أسرة محمد علي، خلال شهر رمضان، وكبار ضيوف مصر من العرب والأجانب.
وثاني الغرف أطلق عليها «التحفة» وهي اسم على مسمى، وهي مزينة بالصدف والخشب المزركش والعاج والأرابيسك والكنب المكسو بالجلد الأخضر وهي خاصة بالفنانين.
حجرة القافية:
أما أغرب الحجرات فهي حجرة «القافية»، وكانت الأحياء الشعبية بالقاهرة في النصف الأول من القرن العشرين تتبارى كل خميس من شهر رمضان في القافية، عن طريق شخص يمثلها من سماته خفة الظل وسرعة البديهة وطلاقة اللسان وقابلية السخرية، فكان يبدأ ثم يرد عليه زعيم آخر يمثل حيا آخر، ويستمران في المنازلة الكلامية حتى يُسكِتَ أحدهما الآخر.
نجيب محفوظ ومقهى الفيشاوي:
كما تطرقنا آنفاً فقد اكتسب مقهى الفيشاوي جزءاً من شهرته من الأديب العربي – نجيب محفوظ- الذي بدأ فيها مسيرته الأدبية كما سجل في مذكراته، فقد أعتاد أن يجلس وحيداً في أحد أركان هذا المقهى وهو يتأمل، أمامه كوب الشاي الأخضر الذي يحتسيه، وبيده القلم، فقد أدرك أن مهد الفكرة ومنشأها هناك، ونصوص محفوظ الروائية مليئة بالأقاصيص عن عالم المقاهي التى استلهمها من إحدى أركان مقهى الفيشاوى، الذي أصبح مسرح العديد من روائعه الأدبية كالثلاثية وزقاق المدق وخان الخليلي، إضافة إلى الأعمال التى استحقت فيما بعد نيل جائزة نوبل للآداب.
يقول الحاج "أحمد متولي" حفيد الحاج فهمي الفيشاوي، أن نجيب محفوظ كان محبوبا ويفتقد الجميع أفكاره من المترددين على المقهى سواء عامل، أو بائع عرقسوس، أو مواطن وكان يضيف خبرته كأديب، وكانت كتاباته دائما صادقة خاصة مُعبّرة عن الحارة الشعبية، لأنه واحد من أهالي حارة الجمالية حتى حصل علي جائزة نوبل.
وأضاف الحاج متولي إن نجيب كان دائما يحب يجلس بجوار العمال والفقراء، ليستمع إليهم، حتى يجمع رصيده من المعلومات في كتابة القصص ومنهم السكرية، وسي السيد، وأمينة، وكان المقهي ملتقي للفنانين والأصدقاء واستمر به سنوات عديدة.
أصدقاء نجيب محفوظ في قهوة الفيشاوي:
وأما عن أهم أصدقاء نجيب محفوظ علي قهوة الفيشاوي فيقول الحاج "أحمد" منهم الشيخ إبراهيم بائع الكتب، والذي كان رجلا كفيفا يبيع للمشايخ كتب دينية لان أغلبهم من طلاب في جامعة الأزهر، وكان عندما يسأله أحد الزبائن عن كتاب معين يشير بأصبعه علي اسم الكتاب، وكان من أقرب الأصدقاء لنجيب محفوظ علي قهوة الفيشاوي والذي اشتهرت صورته مع نجيب محفوظ.
أشهر رواد المقهى
صور كثيرة معلقة ما زالت تزيّن جدران قهوة الفيشاوي تحتفظ بمشاهير الفنانين والشخصيات البارزة فى المجتمع وهم يجلسون على “قهوة الفيشاوي”، من أشهرهم جمال الدين الأفغاني أحد أعلام الفكر الإسلامي، والشيخ محمد عبده، والرئيس الجزائري بوتفليقة، والرئيس اليمني علي عبد الله صالح، والرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري، وعمرو موسى الذي اصطحب معه عددًا من وزراء الخارجية العرب.
كما قامت إحدى المحطات التلفزيونية الفرنسية بتسجيل لقاء مع الدكتور بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بالمقهى كما يحرص العالم المصري الحائز على جائزة نوبل الدكتور أحمد زويل على زيارة المقهى كلما كان في القاهرة لتناول الشاي الأخضر. ومن زبائن المقهى من الفنانين، أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وسميحة أيوب وكمال الشناوي وعزت العلايلي وفاروق الفيشاوي وليلى علوي ومحمود عبد العزيز ونور الشريف وعادل ادهم واحمد زكي ومحمد هنيدي ومنى زكي وحنان ترك واحمد السقا واحمد حلمي وغيرهم.
يقول الحاج أكرم الفيشاوي الذي يدير المقهى حالياً وهو من الجيل السابع من أحفاد الفيشاوي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية: “إن مقهى الفيشاوى محبب للكثير من المصريين خاصة في شهر رمضان فمنهم من يعزف على العود والكمان مستمتعاً بالجو والمكان التراثي الأصيل.”
ويضيف الفيشاوي أن المقهى يبدأ في الازدحام بعد الإفطار مباشرة وحتى السحور، حيث يستمتع رواده بروح المكان، الذي تخطت شهرته مصر والوطن العربي، رغم من انتشار الكثير من المقاهي المتاخمة لمسجد الحسين، حيث يقف الكثيرون انتظاراً لدورهم.”
ويشير الفيشاوي إلى أن “الكثير من الشخصيات المشهورة قامت بزيارة المقهى ومن بينهم الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس غالى والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسي والشاعر الراحل أحمد رامي والكاتب والروائي العالمي الراحل نجيب محفوظ والذي كتب ثلاثيته الشهيرة بالمقهى، بالإضافة إلى العديد من الأدباء والفنانين والرؤساء والوزراء.” ورغم تقليص مساحة مقهى الفيشاوي وتغير بعض ملامحه، فلا زال يشكل مقصدا لكل فئات المجتمع المصري من الذكور والإناث من مختلف الأعمار. كما يقصده السياح العرب والأجانب لمعايشة جانب من أجواء الحياة الشرقية الأصيلة. كما لازال مقهى الفيشاوي يشكل مزارا لبعض الأسماء الوازنة في مجال الإبداع الأدبي المصري والعربي، في مقدمتهم الروائي الكبير جمال الغيطاني الذي يعد واحدا من المرتادين الأوفياء لهذا المقهى.
الموقع:
أخذ مقهى الفيشاوي شهرته من موقعه في حي الحسين، قريبا من جامع الحسين، والأزهر، وعلى امتداد خان الخليلي السوق الأشهر في مصر والعالم العربي ، ومن نوعية رواده.. فالمقهى يقبع في أحد الأزقة الضيقة المتاخمة لمسجد الإمام الحسين بمنطقة الأزهر، في قلب القاهرة ، بمنطقة خان الخليلي. ويرتاده مزيج من المصريين والسياح العرب والأجانب من كل الجنسيات الذين يبهرهم جو المقهى الشرقي الخالص، بموائده الخشبية المشغولة، ومقاعده الأشبه بالأرائك العربية الوثيرة، والمرايا المعلقة على جوانبه ذات الأطر الخشبية المشغولة بالصدف.
جامع سيدنا الحسين في القاهرة
مقام سيدنا الحسين في القاهرة قرب مقهى الفيشاوي
ورغم أن «خان الخليلي» أصبح مليئا بعدد لا حصر له من المقاهي، ذات المستويات المختلفة، وبعضها يطل على مسجد الإمام الحسين، والبعض الآخر يطل على شوارع رئيسية، إلا أن أحدا منها لم يستطع أن ينافس «الفيشاوي» في شهرته، حتى أنك تجد بعض المقاهي الأخرى خاوية على عروشها، وعمالها يدعون الزبائن للجلوس بشتى الطرق، فيما قد لا تجد كرسيا خاليا في «الفيشاوي» وقد تضطر للانتظار لبعض الوقت حتى تخلو أي مائدة.
يشتهر المقهى بالشاي الذي يقدمه، سواء الأسود منه أو الأخضر، حيث يقدم في إبريق معدني صغير، تفوح منه رائحة النعناع، على مائدة معدنية صغيرة، كما تقدم فيه النارجيلة (الشيشة) بنكهات مختلفة، وهو أكثر شيء يقبل عليه مرتادو «الفيشاوي» خاصة من الأجانب.
الفيشاوي قهوة نجيب محفوظ و المشاهير .. وروادها: الحسين يعنى الفيشاوى - Bing video
803 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع