فرسان طيران الجيش في معركة الفاو10/9 شباط 1986
بقلم / الصقر
تقديم الدكتور علوان العبوسي
يكلفني اخواني وابنائي واصدقائي ابطال سلاحنا الجوي احياناً بالمساهمة معهم في سرد او تاطير ذكرياتهم البطولية بلمسات مهنية عملية تبلورت لدي من خلال خدمتي الطويلة في القوة الجوية والدفاع الجوي العراقي ، ولا اخفيكم اكون سعيد بهذا التكليف واتفاعل معه لتعايشي معها عملياً ومهنياً طوال خدمتي هذه .
معركة الفاو 9/10 شباط 1986 من المعارك التي بوغتت بها قواتنا المسلحة ثم دافعت عن هذه الارض العزيزة دفاعاً مستميتاً خاصة دور سلاحنا الجوي في هذه المعركة واخص بالذكر منه فرسان طيران الجيش بطائراتهم السمتية والمقاتلة والساندة ،التي قامت بادوارها على اكمل وجه بملاحم بطولية قل مثيلها في تاريخ الاستخدام القتالي لهذا النوع من الطائرات ، وانت عزيزي القارئ ستقرأ وتقرر بنفسك اي بطولة قام بها هؤلاء الابطال في الدفاع عن جزء عزيز من عراقنا الحبيب ضد قوى الشر الصفراء التي ارادت للعراق منذ وقت طويل الرضوخ لارادتها ، لقد احتل الفرس ارض الحناء ولكن كان لاستعادتها شان آخر قد نستوضحه في مناسبة اخرى اعطى الفرس درساً لاينسوه ابد الدهر واليكم سرد تفاصيل دور فرسان طيران الجيش في هذه المعركة كتبها فارسنا (..... )احد فرسان طيران الجيش.
التحسب والاستحضارات
قبل نهاية عام 1985 بدأت ملامح عدوان ايراني واسع يعده العدو على اراضينا في المنطقة الجنوبية ، وقد بدأت الاستحضارات لهذا العدوان وسخرت كافة امكانيات الدولة لصد الهجوم المعادي وتدمير امكانياته ومن جملة الاستحضارات حملة قص القصب في الهور وتهيئة ساحة الحركات لمدى رؤيا مناسب وهو ما تميزت به امانة بغداد وبعض دوائر الدولة الاخرى .
وقد شملت هذه الاستحضارات السرب 106 المجهز بطائرات BO-105 الذي انتمي اليه ، منذ بداية شهر كانون اول (ديسمبر) 1985 خصصت مجموعة صغيرة من الطيارين على استخدام النواظير الليلية التي تمكننا من الطيران الواطيء ليلا لتفادي الرادارات المعادية وتنفيذ واجبات بعمق العدو (وسياتي الحديث عنها لاحقا انشاء الله تعالى ) ووصلنا بهذه المجموعة الى مرحلة متقدمة من التدريب .ساهم معنا مهندسي وفنيي الاسلحة الجوية.
المدفع 23 ملم (كشة )
تم تحوير وتركيب مدفع 23 ملم (كشة )المحمول على طائرات الميج/ 17 الخارجة من الخدمة على طائرتنا وتمت تجربته من قبلي في ميدان رمي العزيزية ( بسماية ) بتاريخ 5 كانون اول 1985 وبحضور ضابط اسلحة مديرية طيران الجيش وكان تاثير الرمي يشكل خطورة على الطائرة فسرعة الرمي عالية مما ادى الى توقف منظومة الهيدوليك وتطلب اعادة تشغيلها وتشقق في بدن الطائرة ....اعيدت التجربة لمرتين بعد محاولة تلافي التاثير الجانبي دون جدوى وزاد التاثير على هيكل الطائرة مما ادى الى الغاء هذا التسليح .
صواريخ جو - ارض C5KO
بجهود المهندسين والفنيين ايضاً تم تحوير منصات تحميل الصواريخ لتسليح جديد من صواريخ جو - ارض ( C5KO) التي تحملها الطائرات المقاتلة ثابتة الجناح وتمت تجربة الرمي بنجاح وتدرب عدد من منتسبي السرب على الرمي بهذه الصواريخ .
وقد سبق ان تسلمنا مدفع 20 ملم يُحمل على مقدمة الطائرة وفشل في التجارب وتم استلامه لظروف خاصة (سناتي على ذكرها لاحقا ان شاء الله تعالى ) ورغم ذلك تم التدريب على استخدامه وسبق ان تمت تجربته بشكل عملي في 23 تشرين اول 1985 في هور الحويزة ضد مواقع العدو حيث يتم الرمي فوق الهدف لتنفجر الاطلاقة قبل ملامستها الارض وتصيب الشظايا الساقطة الهدف من الاعلى .
الصواريخ 81 ملم
كنا بانتظار وصول صفقة صواريخ بعيارات اكبر من صواريخنا المستخدمة وذات مدى ابعد لتجربتها والتدريب على استخدامها في حال نجاحها وهي صواريخ 81 ملم تم تحوير حمالات اطلاقها من الطائرة بجهود ابطال هندسة الاسلحة الجوية وفنييها...ولكن لم تصل الا قبل بداية المعركة بقليل واخذت على عاتقي تجربتها في المعركة بدلا من ميدان الرمي وكان تاثيرها فعال جدا واعتمدت الصواريخ كسلاح رئيسي للسرب .
رفد السرب بطيارين جدد
تم اكمال تدريب عدد من الطيارين الاحداث في دورة تعبوية داخل السرب واعتبارهم طيارين اوائل ((فعالين ) لرفد السرب بمقاتلين جدد .
(هذه كانت استحضارات شهر كانون اول 1985)،اما في شهركانون ثاني 1986 فقد تم التدريب على رمي الصواريخ باستخدام النواظير الليلية في ميدان الرمي وبحضور مدير حركات طيران الجيش العميد الطيار الركن سعدي عبد الرزاق (رحمه الله) للاشراف على جاهزيتها .
استطلاع قواطع العمليات
جرى استطلاع قواطع العمليات للفيالق 3و4و6 في العمارة والبصرة التي كانت ضمن احتمالات تعرضها للعدوان المرتقب للايام 19 و 20 و21 من هذا الشهر.
حادث اغتيال الامير السعودي
ليلة 10/ 11 من هذا الشهر تم اغتيال احد الامراء من السعودية في مخيمه اثناء رحلة صيد في الصحراء بين تكريت والرمادي وسرقة امواله من قبل بعض اللصوص..وكلفت بتشكيل بصحبة طائرة مي/ 8 تحمل مجموعة من عناصر الامن الخاص بتتبع الجناة (ولهذه الحادثة رواية اخرى سياتي دورها انشاء الله تعالى ) استمرينا بالتدريب والاستطلاع مع التركيز على الرمي الليلي بمختلف الاسلحة المتوفرة بواسطة النواظير الليلية المشار اليها آنفاً وبدونها.
واجبات استطلاع مهمة وراي وزير الدفاع
يوم 1 شباط قمت بصحبة مدير الحركات باستطلاع هور الحمار وانتخاب منطقة غير مأهولة للتدريب العملي على رمي الصواريخ باستخدام النواظير الليلية ثم عدنا الى بغداد على ان نكمل تجارب الرمي الليلي في اليوم التالي ومن بعدها القيام باستطلاع قواطع العمليات الجنوبية في 2 شباط ( فبراير) 1986 وبصحبة مدير الحركات مع طائرة ثانية من نوع غزال بقيادة امر سرب (متدرب على النواظير الليلية ) توجهنا الى مقر جناح طيران الجيش الرابع في مطار الميمونة في العمارة وبعد الايجاز تم استطلاع قاطع الفيلق الرابع ثم العودة الى مطار الميمونة،في المساء تم تنفيذ طلعتين للرمي بواسطة النواظير الليلية بتشكيل من الطائرتين في منطقة الهور وتمت اصابة الاهداف .
في ذات الوقت أثناء تنفيذنا الرمي كان هناك اجتماع للقيادة العامة للقوات المسلحة براسة وزير الدفاع نائبا عن رئيس الجمهورية وبحضور مدير طيران الجيش ( ح ح ع ) يصحبه احد ضباط ركن الحركات( أ ع ا) الذي نقل لنا ما ياتي اثناء الاجتماع ( قبل انهاء اجتماع القيادة العامة للقوات المسلحة اوضح مدير طيران الجيش بان في هذا الوقت ونحن مجتمعين توجد لدينا طائرات في العمارة تقوم بالترتيبات التدريبية النهائية وتنفيذ الرمي الفعلي باستخدام النواظير الليلية وهذه المعلومة لا تعلم بها القيادة وتتمكن هذه الطائرات وباستخدام هذه النواظير من اختراق خطوط العدو والعمل خلف قطعاته ومباغتت قياداته ووووو.. ويقول ضابط ركن الحركات باني بقيت مشدوها لما يقوله والمبالغة في الكلام...وهنا تدخل وزير الدفاع وقال لمدير طيران الجيش (تمهل مع جماعتك ولا تحملهم اكثر من طاقتهم!!!! )
يوم 3 شباط توجهت وبصحبة مدير الحركات الى محافظة البصرة وسلكنا الحافات الامامية لقطعاتنا لغرض اكمال الاستطلاع وكانت أستحضارات ألمعركة عالية المستوى والمواقع الدفاعية رصينة وخطوطها مترابطة مع بعضها . اكملنا الاستطلاع لغاية مطار البصرة مقر الجناح الثالث ، بعد اخذ قسط من الراحة تم استطلاع قاطع الفيلق الثالث بصحبة احد امري اسراب الغزال المتواجد في الجناح الثالث في تشكيل من طائرتين مع توضيح كافة المعالم ، في اليوم التالي استطلعنا قاطع الفيلق السابع وعلى طول شط العرب وعند وصولنا الى مدينة الفاو وبالتحديد منطقة المعامر شاهدنا دبابة غارزة في الوحل وتقوم اخرى بسحبها ولاحظنا بساطة وضعف المواقع الدفاعية وبشكل لا يوحي بصلابة الموضع فاشرت الى مدير الحركات وقلت له لو كنت مكان العدو لما اخترت غير هذه االمنطقة للهجوم فالدفاعات ضعيفة ونحن لدينا التفوق بالدروع ولديهم التفوق بالمشاة وها انت ترى المنطقة غير جيدة لاستخدام الدروع مما يجعلها قليلة التاثير ولذلك فانا ارشح هذه المنطقة لتعرض العدو المرتقب وليس القواطع الاخرى الرصينة ، استمرينا الى راس البيشة والتي هي اخر منطقة يابسة من العراق ثم توجهنا على الطريق الساحلي الى ام قصر وكانت جزيرة وربة الى يسارنا وبشكل غريب ان لا تكون ضمن سيادة العراق من حيث قربها من سواحلنا ثم عدنا الى مطار البصرة وعصر ذلك اليوم رجعنا الى مطار الميمونة لنصله مساء يوم 4 شباط.
قضينا تلك الليلة مع امر الجناح الرابع وعدد من امري الاسراب وناقشنا نتائج الاستطلاعات ووافقني امر الجناح الرابع (م ح ) بان التعرض المعادي لا يمكن ان يكون على قاطع الفيلق الرابع او السادس متفقا معي بان التعرض سيكون في قاطع الفاو...وفي صباح 5 شباط عدنا الى مقراتنا الاصلية كلاً لمزاولة عمله .
بدء التعرض الايراني على الفاو
ليلة 9/10 شباط كانت ليلة ممطرة والجو رديئ للغاية كنت في سهرة عائلية في نادي السياحة في بغداد وعلق ابن صديق يحضر الحفلة وسأل والده كما اخبرني (اني ارى العم فلان وهو يقصدني في اغلب الحفلات فكيف تقول بانه طيار؟) ضحكنا على الكلام واكملنا السهرة لساعة متأخرة وعندما عدت الى البيت وجدت رسالة تطلب التحاقي بالسرب والتوجه قبل الضياء الاول الى محافظة البصرة لحصول تعرض كبير عليها مع ملاحظة ان ضابط خفر السرب بلغ بقية الطيارين بالتواجد في السرب والتوجه الى البصرة حسب التشكيلات المقررة ، وفعلا نمت لساعتين فقط والتحقت قبل الفجر الى السرب ورغم رداءة الجو والمطر الشديد انطلقنا ب4 تشكيلات كل تشكيل من طائرتين الى البصرة ثم ام قصر...
ووصلتها قبل الساعة العاشرة صباحا حيث تواجد وزير الدفاع الشهيد الفريق الاول الركن عدنان خير الله طلفاح ومدير طيران الجيش وتلقيت خبر اسقاط طائرة امر السرب/ 66 المقدم الطيار قصي بدر الدين وتم انقاذه والطيار الثاني من قبل الطائرة الثانية قرب مشروع صواريخ سطح - بحر .
ثم وصلنا خبر اسقاط طائرة غزال وانقاذ الطيارين ايضا من قبل الطائرة الثانية... وصل قائد الطائرة المصابة المقدم (ع ع ) الى ام قصر وبحضور وزير الدفاع ومدير طيران الجيش وكان يحمل بيدة (الهيد فون ) او (الهلمت ) وقد اصيب باطلاقة مباشرة مما ادى الى تحطمه ..ويعرف الجميع موقع الهيدفون من الرأس...فتلقاه وزير الدفاع وهنئة بالسلامة وقال له مازحا (كم هي حسناتك في الدنيا كي تنجو من هكذا اصابة ؟...اعطني هذا الهيدفون ليوضع في المتحف العسكري ) وترجاه الطيار الاحتفاظ به ليبقى وساما يعتز به ولده الوحيد ثم احفاده ...وهذا ما حصل حيث يحتفظ به الى الان ، وبحدود الساعة العاشرة صباحا نفذت اول واجب في جبهة الفاو و كان العدو قد تجاوز الفاو بامل التقدم نحو ام قصر على المحور الساحلي الخالي من قطعات الجيش والدفاعات سوى من مشروعين لصواريخ سطح - بحر وحماياتها وقاطع للجيش الشعبي ( وهنا تذكرت تعليق ابن صديقي يوم امس في السهرة..فها قد مرت اقل من 10 ساعات وقد تغير مكاني من السهرة الجميلة الى خضم المعركة ومن بغداد الى البصرة والى اقصى جنوب العراق ) علما بان الفاو ترتبط بالطريق الاستراتيجي الموازي لشط العرب مع البصرة قرب جسر الزبير وطريق قديم اقرب الى شط العرب يبدا من ابو الخصيب وطريق ساحلي موازي لخور عبدالله الى ام قصر والمعظلة هي للوصول الى هذا الطريق يجب عبور خور الزبير العريض وبواسطة العبارة ولا يوجد جسر يربطه بام قصر وهذا ما عرقل واخر اندفاع قطعاتنا للدفاع او الهجوم المقابل لعدة ايام كنا نقاتل العدو بواسطة السمتيات وبدون اية معلومات استخبارية او معرفة مواقعه التي تتغير ليلا مستغلا الظلام الدامس وعدم امكانية رصده ومقاومته ليلا ولم يكن عملنا اسناد القطعات الارضية كما هو واجبنا الطبيعي لانها اصلا لم تكون موجودة وانما ادينا دور جندي المشاة من حيث القتال والالتحام المباشر مع العدو ..وضعنا سياق لعملنا لادامة الضغط على العدو وعدم منحة وقت لالتقاط انفاسه واستمرار الطرق على راسهم ومنعه من تحصين مواضعه بان تكون هناك طائرة غزال يقودها طيار ذو خبرة جيدة منذ الضياء الاول ولغاية الغروب يكون دليل لطائرات القصف واستطلاع دائم لرصد اية تغييرات على الموقف و يتم تبديله كل 90 دقيقة وبرصد مستمر للقاطع، بالاضافة الى تشكيلين بصورة دائمة من اربع طائرات محملة بصواريخ مضادة للاشخاص تديم قصف مواضع العدو على مدار الساعة وتشكيلين بالطريق الى الهدف وتشكيلين بطريق العودة وتشكيلين تتهيأ للاقلاع من مطار ام قصر مع وجود طائرات اخرى على الاستعداد لاي طاريء ... وهذا جهد كبير وشكل اعباء كبيرة على ادامة تواجد العتاد الذي تم تامينه وبدون خلل طيلة ايام المعركة بتظافر جهود جميع منتسبي طيران الجيش والقوة البحرية ومخازن العتاد والتموين والنقل واما الامور الادارية والخدمات فقد تم تامينها من القوة البحرية وبتعاون جميع صنوف الجيش الخدمية... استمرينا بالتعرض على العدو وبشكل متواصل لمنعه من التقدم لعدم وجود قطعات ارضية تواجهه وكان تنفيذ الواجبات من قبل الطيارين الاقدمين فقط في اليوم الاول لخطورة الموقف وعدم معرفة خطوط العدو الامامية ولتثبيته واستطلاع تفاصيل المنطقة فقد كان الموقف خطيرا وغامضا مما ادى الى اصابة طائرتين صباح ذلك اليوم وباسلحة العدو الخفيفة.
فجر اليوم التالي 11 شباط قمت بتنفيذ اول الواجبات ومعي كطيار ثاني المقدم الطيار ( ا م ) مع طائرة غزال مسلحة تحمل مسددة يمكن من خلالها كشف الاهداف المعادية بصورة جيدة ومكبرة وحسب السياقات تم تحديد الحافات الامامية للعدو وكانت كما تركناها خلال الطلعة الاخيرة ليوم امس وعدت الى ام قصر لاوجز الموقف للطيارين وارسال نتيجة الاستطلاع فورا الى مقر الجناح الذي يمرره بدوره الى القيادة العامة لاتخاذ الاجراءات المناسبة وبقيت طائرة الغزال كدليل للتشكيلات التي باشرت طلعاتها القتالية.
قدمت التقرير المفصل لتواجد العدو الى مقر الجناح ليمرر الى القيادة العامة واستمرينا بالضغط على اهداف العدو بمواصلة رمي قطعاته بالصواريخ المضادة للاشخاص لعدم وجود اهداف الية او مدرعة.....حضر مدير الحركات العميد الطيار الركن سعدي عبد الرزاق قبل الغروب و طلب مني ابقاء احدى الطائرات مع طيار في ام قصر لوجود واجب بامر القيادة العامة لادامة اللواء المحاصر والمتجمع في ملعب الفاو لكرة القدم بالامور الادارية بعد حلول الظلام تعزيزا لصمودة لحين القرار حول مصيره ويكون التموين بواسطة طائرة مي/ 8 ولاجل تنفيذ واجب التموين فانه سيقوم بالوصول الى الملعب والنزول به بواسطة طائرة من السرب/ 106 مخترقا دفاعات العدو لتامين نزول طائرة التموين وعدم تركه لتنفيذ المهمة لوحده ، اجبته باني ساكون معك في الطائرة لتنفيذ الواجب علما بان اغلب الطيارين يتهربون من الطيران معه في الواجبات لجرأته وشجاعته التي تفوق الحدود دون الحساب لمنصبه او رتبته !! ، بعد حلول الظلام وبحدود الساعة التاسعة مساءا اقلعنا من مطار ام قصر الى ملعب الفاو تتبعنا طائرة المي/ 8 مستغلين الظلام الدامس وبدون مصابيح الملاحة وبالاتصال مع ذبذبة قاطع الدفاع الجوي الثالث ، وعلى مشارف مدينة الفاو طلب منا قاطع الدفاع الجوي الغاء الواجب والعودة مباشرة الى مطار البصرة لنبلغ بان ما بقي من اللواء قد تم اسره من قبل العدو. في اليوم الثالث لمعركة الفاو وخلال تنفيذ الواجب حاولت التقرب على مواضع العدو من جهة خور عبدالله لتامين استطلاع افضل على طول الطريق الواصل بين الفاو والمملحة التي لم يصلها العدو لحد اليوم.. شاهدت اعداد كبيرة من المشاة تتقدم من الساحل باتجاه الطريق الساحلي اخبرت طائرة المراقبة لمعرفة ملامحهم بواسطة السدادة المكبرة مع تواصلي معهم بالتقرب منهم ثم الابتعاد لارى رد فعلهم هل هو انزال بحري معادي ام قطعاتنا منسحبة من راس البيشة وابلغنا قاطع الدفاع الجوي لايصال المعلومة بشكل فوري وبعد عدة تقربات منهم ومراقبة طائرة المراقبة والدلالة ظهر بانهم من قطعات الفوج البحري منسحب من راس البيشة فقمنا بتامين الحماية لهم لحين وصول (الحوامات البحرية ) لتلتقطهم وتؤمن وصولهم الى القاعدة البحرية ، اثناء ذلك وصلت طائرتين من السرب الخاص على متن احداها وزير الدفاع اندفع باتجاه خور عبدالله ولم يستجيب لتحذيراتنا بانه قريب جدا من قطعات العدو ومع ذلك اندفع الى الخليج العربي وخلال العودة فتحت عليهم نيران الاسلحة المعادية لتصاب الطائرة الثانية واصيب الملازم االطيار (خلف محمد سليمان ) في حنكه اصابة مباشرة مما استدعى ارساله الى خارج الوطن للعلاج وترميم حنكه المحطم ليعود للطيران نهاية السنة نفسها ويستشهد بحادث طيران في منطقة عكاشات بسبب سوء الاحوال الجوية .
في اليوم الرابع للمعركة وصلت احدى طائرات السرب/ 106مسلحة بالصواريخ الجديدة 81 ملم ذات المدى البعيد والتاثير الاشد واقترحت تجربتها في ميدان المعركة بدلا من ميدان الرمي وفعلا اصطحبت معي احد الطيارين القدامى وطيارين حدثين في الطائرة الثانية لاقوم بالرمي باتجاه مدينة الفاو مع الطلب من طائرة المراقبة تقييم الاداء وبعد تجاوز الحافة الشرقية للمملحة بحوالي 9 كم اطلقت الصواريخ باتجاه الفاو لتصيبها في تقاطع الطرق بوسطها حسب مراقبة النتيجة من طائرة المراقبة والدلالة وبذلك نجحت التجربة و تم التعاقد على شراء هذا النوع من الصواريخ واستلامها في ايطاليا من قبل مهندس الاسلحة وضابط ركن طيار(وهناك موقف محرج جابههم سياتي الحديث عنه لاحقا )..استمرينا بالتعرض على العدو لعرقلة تقدمه حيث كان يستغل الليل للتقدم ونقوم بمعرفة مكان وصوله خلال الطلعة الصباحية الاولى لنقدم التقرير الى مقر الجناح فور الانتهاء من الطلعة الاولى ومن الجناح الى المراجع العليا لاتخاذ الاجراءات وتثبيت الموقف.
رئيس الجمهورية في ارض المعركة
في اليوم السادس من المعركة وصل رئيس الجمهورية بواسطة الطائرات السمتية الى مقر الفيلق السابع في ابو الخصيب وفور وصوله دخل الى الملجأ ومقر الفيلق وبقي الطيارين لتامين الطائرات ثم الدخول الى الملجأ لتسقط رشقة من مدفعية العدو وتصيب منطقة هبوط الطائرات والمنطقة المحيطة بها بعد ثواني من دخول رئيس الجمهورية الى الملجأ مما ادى الى اصابة بعض الطيارين ويستشهد النقيب الطيار لؤي حقي ويجرح عدد من الطيارين احدهم اصابته خطيرة جعلته معوقا لحد الان ..ومع ذلك فقد زارنا رئيس الجمهورية في ام قصر واشاد بعملنا وقال بانه يعلم ويتابع عملنا على الطريق الساحلي الخالي من القطعات الارضية... وكذلك زارنا في اليوم التالي وزير الدفاع ....ولحد الان لم يصاب او يستشهد اي من طياري الاسراب السمتية المقاتلة مما جعلنا وعلى سبيل المزاح ان نقول لطياري الاسراب الخاصة بان (هذا دوركم الان في الاصابات لكونهم لم يشاركو في الطلعات القتالية سابقا )..وخلال الايام السابقة كان تركيز القيادة على معارك الطريق الاستراتيجي البصرة الفاو لخطورته على الموقف العام وكان الاسناد من قبل السمتيات المفرزة للفرق المقاتلة يتم من مقرات الفرق بدون تداخل معنا .اثناء سير المعركة تم ارسال عدد من فعاليات الدولة والمنظمات المدنية وفتحت مخيمات على طرق مسار القطعات العسكرية ومسارات المجازين والمصابين من قطعاتنا المقاتلة ومن ضمنها مخيم هيئة السياحة والشركات السياحية واشترك في المخيم عدد ممن كانوا حاضرين الحفل المشار اليه سابقا ومن ضمنهم شقيقي الاكبر ونسيبي ووالد الصبي الذي علق بكيف اكون طيار واحضر اغلب الحفلات !! ودعوتهم في احد الليالي الى جزيرة السندباد حيث مقر سكننا وكان قصف المدافع النمساوية المنطلق من جزيرة السندباد يهز الشقة السكنية التي كنا بها والصوت العالي للرمي جعلهم يرتعبون وتعجبوا كيف يمكنكم الراحة مع هذه الاصوات والاهتزازات !!
سير العمليات على الطريق الساحلي
يمتد الطريق الساحلي من نقطة في شرق خور الزبير وللوصول اليها يتوجب عبور الخور من ميناء ام قصر بواسطة العبارة عبر جزيرة( حجام ) ثم يمتد الطريق بموازرة الساحل لمسافة 30 كم الى منطقة المملحة وهي عباره عن احواض متعددة تصب الواحدة بالاخرى يحدها من الشمال الشرقي الطريق الستراتيجي بصرة – فاو ومن الجنوب الشرقي الطريق الساحلي ام قصر – الفاو ويتم تغذيتها بماء الخليج من خلال قناة تغذية قبل الحافة الغربية للمملحة بمسافة 2كم وتوجد قنطرة او جسر صغير على القناة لعبور العجلات وبعد الجسر بحوالى 5كم يوجد معمل للاسفلت متروك استخدم كاحدى نقاط الدلالة ثم بعده بحوالي5كم تاتي النهاية الشرقية للمملحة التي تبعد عن الفاو 15 كم ثم يستمر الطريق باتجاه الفاو مع وجود مشروعين لصواريخ سطح - بحر ثم الى مدينة الفاو وفي منتصف قناة التغذية توجد سفينة حفر متوقفه هناك لا نعلم سبب وجودها واحواض المملحة مقطعة بواسطة قواطع مع بوابات يتم اغلاقها لغرض عملية التبخر وترسب الملح. وتقاطعات الاحواض اسميناها عقد ..تم ترقيمها من قبلنا للدلالة وعممت على الخرائط وكانت اشهر عقدة هي العقدة 15 ودارت عليها معارك شرسة للسيطرة عليها وكذلك على الجسر الصغير الذي احتفظت به قواتنا بقتال مستميت لكون فقدانه يعني فقدان المملحة بكاملها ويبلغ طول المملحة 8 كم بموازاة الساحل وعرضها 5كم بين الطريق الساحلي ام قصر الفاو والطريق الستراتيجي البصرة - الفاو والخريطة المرفقة توضح طبيعة المنطقة وتفاصيلها علما بان الخريطة هي لعام 1987 اي بعد ا لانتهاء من المواضع الدفاعية لنا وللعدو .وقد نصب الجانب الكويتي خيمة في النهاية الشرقية لجزيرة وربة لغرض مراقبة الموقف ولم تكن هذه الخيمة موجودة في اليوم الاول للمعركة .
سرية دبابات من الحرس الجمهوري
صباح اليوم التالي كانت قطعات العدو قد وصلت الى الحافة الشرقية للمملحة وعبرنا الموقف للقيادة العامة واستمرت التشكيلات بمقاتلة العدو ومراقبته دون انقطاع ، مع ضحى ذلك اليوم وصلت سرية دبابات من الحرس الجمهوري وبدات عملية عبور الدبابات بواسطة العبارة الوحيدة البطيئة لتصل الدبابات واحدة واحدة الى الضفة الشرقية وتجمعت بعد وقت طويل 10 او 12 دبابة وتبدأ بالتقدم نحو المملحة عصر ذلك اليوم ونحن فرحين بوصول اولى قطعاتنا الارضية لتتولى الدفاع عن المنطقة ومع الغروب اخذت مواقعها داخل المملحة وانفتحت دون تحصين الموضع لعدم مرافقة (شفلات )لحفر المواضع بمعنى انها كانت مكشوفة لا يسترها سوى قواطع الاحواض ...اشرنا لهم لتوديعهم على امل ان نلقاهم صباح اليوم التالي ولتعزيزهم بقطعات اخرى تتولى مسك الموقع الدفاعي او القيام بالهجوم المقابل على العدو لازاحته عن المناطق التي وصل اليها.
صباح اليوم التالي ومع الضياء الاول وحسب السياق اليومي وصل الى المنطقة التشكيل الاول من طائراتنا السمتية المقاتلة ليرى ماساة هذه السرية فكانت جميع الدبابات تحترق ومدمرة ولم ينجو احد من طواقمها فقد هاجمتها قطعات العدو ليلا مما جعلها هدفا سهلا للقاذفات المضادة للدروع لعدم تخندقها ، كان موقفا محزنا ومحبطا للمعنويات التي ارتفعت عصر امس مع وصول هذه الدبابات ، بدات طلائع قطعاتنا تعبر خور الزبير بواسطة العبارة اليتيمة وتتجمع في الضفة الاخرى وكانت من صنوف المشاة والمشاة الالي والهندسة العسكرية وباعداد كبيرة نرافقها الى المملحة لتتوغل فيها وتحصن مواضعها الدفاعية وتقوم طائراتنا بتنفيذ الطلعات لتثبيت العدو ومنعه من التدخل ومشاغلته ، في الليلة الماضية وصل العدو ليلا الى معمل الاسفلت وتحصن به بعد ان نفذ الغارة على سرية الدبابات المشار اليها آنفاً .
اول شهداء طيران الجيش في معركة الفاو
في ظهر يوم 18 شباط قام امر السرب/ 66 طائرة مي25 المقدم الطيار قصي بدر الدين علي (وهو متعدد المواهب رسام وخطاط وميكانيكي ونجار و و )باسناد قطعاتنا في المملحة وكان حينها يقوم برسم احد طيارينا ونلقبه تحببا (كشوان ) برسم كاركتيري جالس يحمل عصاة الكشوانية الطويلة ليستلم الاحذية وقبل اكمال الرسم سلمه الى الطيار المعني بالرسم على امل اكمال الرسم بعد العودة من الواجب ، وخلال تنفيذه للواجب وقرب الدبابات المحروقة اصيبت طائرته اصابة مباشرة ليتمكن من الهبوط بها وترجل مع الطيار الثاني راكضا الى الخلف لمنطقة امنة تستطيع الطائرة الثانية في التشكيل من التقاطه لتنصب عليه وعلى زميله اسلحة العدو وتصيبهما بمقتل ويستشهدا دون ان يتمكن احد من الوصول اليهما وكل ذلك بمراقبة طائرة المراقبة والدلالة ليستشهد البطل قصي ويلحق بوالده متصرف (محافظ )اربيل الذي اغتيل امام ولده قصي عندما كان طفلا من قبل العصاة وكانا اول شهيدين من طياري الاسراب السمتية المقاتلة في هذه المعركة وفي نفس اليوم اصيبت طائرة غزال من السرب/ 21 وتحطمت واستشهد قائدها النقيب الطيار عماد فاضل ...... وفي ضحى نفس اليوم وخلال توجهي الى المملحة لتقديم الاسناد لقطعاتنا وادامة التعرض على قطعات العدو ولكثافة الطائرات كنا نسلك يمين الطريق الساحلي في الذهاب والاياب شاهت طائرة مقاتلة اتية من اتجاه الشعيبة وتجاوزتنا وبقية الطائرات الذاهبة والعائدة من الواجب واعتقدت بانها احدى طائراتنا بسبب اتجاهها والسرعة البطيئة والارتفاع الواطيء وخط طيرانها الذي كان باتجاه المملحة وفوق الطريق الساحلي وتكلمت مع الطيار الثاني وكان الشهيد الملازم احمد محمود بانها طائرتنا وستضرب تجمعات العدو في المملحة وبقينا نراقبها لتلقي حمولتها من القنابل محاولة اصابة الجسر الصغير المشار اليه آنفاً داخل المملحة ثم فتحت الحارق الخلفي للهروب بعد انكشافها لتشتعل السماء باسلحة مقاومة الطائرات وتهبط جميع طائراتنا على الارض تفاديا للاسلحة المضادة لحين توقفها واستمرينا في الواجب لنرى بان الجسر لم تتم اصابته ، ومع الغروب عثر احد طيارينا على جثة لاحد الضفادع البشرية في مدخل قناة التغذية تبين بعد انتشالها بانها عائدة الى العدو تم اخلاءه الى مستشفى البصرة وسلمت للمختصين .ويتبين من الحدثين اهمية الجسر على قناة التغذية فقد كانت الطائرة المعادية تستطيع ان تصيب عدد من طائراتنا ولكن واجبها كان الجسر وكذلك احتمال ان يكون واجب الضفدع البشري المعادي هو تفجير الجسر ولكنه لم يتمكن من الوصول اليه .
معركة الجسر وقناة التغذية
مع صباح اليوم التالي وقبل تنفيذ الطلعة الصباحية الاولى اوجزنا بان قطعات العدو استطاعت احتلال الجسر على قناة التغذية بعد ازاحة الفوج المدافع امامه ، وعند وصول طائرات الطلعة الاولى شوهدت قطعاتنا صامدة وتقاتل امام الجسر وبمعركة شرسة دائرة مع العدو الذي يحاول الوصول الى الجسر وصمود بطولي وفورا تم تبليغ الموقف بواسطة قاطع الدفاع الجوي ومباشرة الى مقر الجناح وبدات الطائرات بشكل مكثف تقديم الاسناد الى الفوج المدافع وكنا نتخذ من سفينة الحفر في قناة التغذية كساتر ضد مقاومات العدو باتجاهنا حيث كنا نرى قذائفه الموجهة على طائراتنا تتفجر على السفينه بكثافة ، استمرت المعركة بكل شراسة لنبلغ بوصول طائرت مي/ 8 تنقل لواء 66 قوات خاصة تم نقلهم من جزيرة ام الرصاص بعد تطهيرها من العدو وتم نزول طائرات الصولة قرب قناة التغذية وقذائف الهاونات واسلحة الاسناد المعادية تصيب منطقة الانزال والطائرات مفتوحة الابواب الخلفية لتامين سرعة انزال المقاتلين ومغادرتها للمنطقة التي تم استهدافها بالهاونات المعادية وفور انزال كل دفعة تتجمع و تتقدم نحو الجسر لتعزيز الفوج المدافع ولحين حسم الموقف لصالح قطعاتنا وابعاد العدو عن الجسر وتمركزه في معمل الاسفلت وخلال انزال مقاتلي اللواء اصيب امر اللواء الشهيد البطل بارق الحاج حنطة فور ترجله من الطائرة بقذيفة هاون مع استمرار تقديمنا الاسناد لقطعاتنا وكانت هذه واحدة من اعنف واحرج المعارك التي خضناها في معركة الفاو..وخلال خوضنا لهذه المعارك كانت وحدات الهندسة العسكرية واالخدمات المتجحفلة معها تواصل الليل بالنهار وبجهود جبارة لفتح طرق التعاون لتامين مرونة حركة القطعات وقدماتها الادارية للوصول الى الطريق الساحلي دون اللجوء الى عبور خور الزبير ويوما بعد يوم تم ترصين دفاعاتنا ليقل الزخم علينا سوى طائرة المراقبة وتامين الاسناد عند الطلب .
اصابة طائرة التصوير الجوي واستشهاد طاقمها
يوم 20 شباط فقدنا الرائد الطيار محمود راضي والنائب الضابط تصوير جوي حميد قدوري حيث اصيبت طائرة التصوير الجوي في قاطع الفرقة الخامسة واستشهد طاقمها .... مع وصول القمر الى الثلث الاول باشرنا ادامة التدريب على النواظير الليلية (لكون الرؤيا بالنواظير تتطلب وجود قدر معين من ضوء القمر) من شقة نزول طلحة قرب القرنة وكان التدريب يجري بعد عودتنا من تقديم الاسناد النهاري لقطعاتنا ونتوجه الى الهور للتدريب مع خطورة الطيران فوق الهور لوجود المتمردين يطلقون النار على الطائرات واستمرينا بالقتال والتدريب وكنا نعود بعد الظهر لاخذ قسط من الراحة ثم التدريب الليلي.
يوم 18 اذار(مارس)1986 استدعيت الى المديرية لواجب اداري واستغليتها للدوام في السرب ، وبعد حين في يوم 22 آذار استدعيت للتوجه الى البصرة ، ووصلتها ظهر يوم 23 منه يصادف 12 رجب وسيكون حجم القمر مناسب لاستخدام الناظور الليلي وكلفت بتنفيذ واجب باستخدام الناظور الليلى بطائرتين وهو اول واجب قتالي ينفذ باستخدام النواظير ، تم إجراء الاستحضارات اللازمه للتنفيذ بطائرتين احداها من سربنا 106 والثانية غزال يقودها امر السرب المقدم الطيار (و ي )المدرّب على استخدامها ويقوم بتدريب الطيارين عليها ومعه ايضا طيار قديم كطيار ثاني ، الواجب بُلغت به من قبل مدير الحركات العميد سعدي عبد الرزاق بان اقوم بالطيران الى مدخل شط العرب من جهة راس البيشة ومراقبة الجسر العسكري المعادي الذي اقيم اقصى جنوب شط العرب واشعار العدو بوجودنا ثم العودة. والواجب بامر ومتابعة وزير الدفاع شخصياً،(وهو مخالف لتعليمات استخدام النواظير ) حيث يمنع الطيران فوق المسطحات المائية والاراضي المسطحة المستوية اي يجب ان تكون هناك تضاريس مختلفة لاجل تامين الرؤيا..لم اعترض على هذا المنع ولكن بما اننا سنصل قرب الجسر فيمكننا ضرب الاهداف المعادية على الجسر او مقترباته باستخدام مبدء المباغتة وننسحب قبل ان يفيق العدو من المفاجاة....لم تحصل الموافقة ولا يحق لنا النقاش ، بعد ان وصل القمر الى الثلث الاخير من شروقه لتامين عدم استمكاننا من العدو نفذنا الطيران من مطار البصرة ودعنا مدير الحركات الى الطائرتين وهو ياسف لعدم السماح له بمرافقتنا متمنيا لنا سلامة العودة واصر امر السرب 84 المقدم الطيار (ح م ع ) بان يرافقنا بطائرة الاسعاف على ان يبقى فوق جزيرة بوبيان تحسبا لاي طاريء وفعلا نفذنا الواجب كما هو مخطط وبارتفاع 25 متر لتفادي الكشف الراداري المعادي وبقينا على ذبذبة قاطع الدفاع الجوي للاتصال اللاسلكي وبصمت لاسلكي تام وخلال الطيران طلبت من الطيار الثاني المقدم ( ا م )ان يترك الناظور ويستخدم الرؤيا الاعتيادية لمراقبة الارتفاع بواسطة مؤشري الارتفاع الضغطي والراديوي لخطورة وصعوبة تقدير الارتفاع فوق المسطحات المائية ودخلنا الى شط العرب عبر خور عبدلله من خلال قناة (الروكا )التي عرفنا اسمها حديثا بواسطة كتابات الدليل البحري والكاتب الرائع الاستاذ كاظم فنجان الحمامي...وتقربنا من الجسر الذي كانت تعبره اليات العدو وتجمعاته على طرفي الجسر ووصلنا الى مسافة معينة من الجسر وبعد مراقبة الجسر وتقرباته استدرنا للخروج من شط العرب والعودة بدون اي تدخل من مقاومات العدو..استغرقت العملية اكثر من 70 دقيقة وبصمت لاسلكي وخلال رحلة العودة نفذ صبر قائد طائرة الاسعاف وناداني بانفعال (اين انت ؟) فاجبته خرجت من شط العرب وبطريق العودة وبعد تقربي من الطريق الساحلي اضئت مصابيح الملاحة ليراني ونعود الى مطار البصرة لاجد مدير الحركات وامر الجناح وعدد من الطيارين باستقبالنا بعد انتظار مقلق لكون الواجب ينفذ لاول مرة وبطيران ليلي واطيء لم نعتاد عليه اتصل بي مدير طيران الجيش هاتفيا من مقر القيادة العامة للقوات المسلحة المتقدم مستفسرا عن نتيجة المهمة فاوجزتها له ، كتبت تقرير المهمة والتهيؤ ليوم اخر من القتال....بعدها بدات احدى ماسي هذه المعركة الطويلة فقد اتخذ قرارالقيادة بالسيطرة على العقدة 15 في المملحة وكانت بيد العدو واستعادتها تجبره الخروج من مواضعه داخل المملحة...قامت قطعاتنا بعدة محاولات لاستعادتها دون جدوى مع تقديم التضحيات الجسيمة دون تحقيق النتيجة.
تعبئة جديدة وغريبة في الاستخدام القتالي
تقرر ان يقوم امر لواء يتم استدعائه من بقية قواطع العمليات خاصة في شمال الوطن ليقوم بقيادة فصيل مشاة يقوم بالاغارة على العقدة لاستعادتها قبلها يقوم قائد الفيلق السابع بمواجهته وحثه على التنفيذ مشبهاً واجبه هذا بالدفاع عن شرفه الشخصي وبكلام محرج وجارح للغايه حاثه (وبطريقة التهديد )باعادة العقدة او الاستشهاد دونها حيث لا مجال للعودة بدون تحريرها ويذهب الضابط المعني ويستشهد مع فصيله دون الوصول الى نتيجة ، كنا ننقلهم بطائراتنا وياخذون قسط من الراحة معنا قبل ان يتوجهون الى مصيرهم المحتوم وتكرر الامر مع عدد آخرين من الضباط امري الالوية نودعهم بكل اسى لاننا نعلم مصيرهم الى ان توقفت محاولات استعادة العقدة 15 وتم تحصين المواضع الدفاعية وتوقفت احدى الماسي.
تصرف غير مسؤول ولامقبول
يوم 29 اذارعدت بعد الظهر من ام قصر لادامة التدريب على النواظير الليلية ، بعد عودتي تم طلب تعزيز طائرة BO- 105 من ام قصر الى مقر الفرقة الخامسة على الطريق الاستراتيجي بصرة – فاو وتم تكليف طيارين حدثين ممن اكملو الدورة التعبوية قبل شهرين بنقل الطائرة وبصحبتهم عريف فني من السرب وخلال الر حلة اتصل بهم قائد احدى الطائرات من نفس السرب واجبه من الفرقة الخامسة وليس من ام قصر بتنفيذ ضربة على العدو في المملحة دون ان يعلم بان واجبهم نقل طائرة وفعلا توجهوا وبدون تردد الى الهدف وتمت اصابته بدقة حسب تقييم طائرة المراقبة وعند الدوران للعودة اصيبت الطائرة اصابة مباشرة لتتحطم ويستشهد الطيارين الشابين الملازمين احمد محمود ومحمد فرحان ونجاة العريف الفني باعجوبة..وهذا الحادث هو نتيجة خطا حيث لا يجوز تنفيذ اي واجب دون ايجاز عن الواجب ومعرفة منطقته تم تشييعهم في اليوم التالي الى بغداد.
يوم 1نيسان (ابريل) 1986 استدعيت الى المديرية في بغداد استغليتها لحضور مجلس فاتحة الشهيد احمد محمود قرب جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني..لاعود مرة اخرى يوم 2 نيسان الى البصرة وبعدها بيومين اصيبت طائرة مي 25 قرب الساحل لخور عبدالله ولم يستطيع قائد الطائرة الثانية من التشكيل من الوصول الى مكان نزولها وكان الاعتقاد باستشهاد طاقمها ليظهر بان العدو تمكن من اسرهما كون منطقة سقوط الطائرة تحت سيطرته وهما الرائد الطيار (م ج )والنقيب الطيار (ج ا ) وعادا الى الوطن خلال تبادل الاسرى ....استمر وصول قطعاتنا وفتح الطرق الجديدة وتم تجسير خور الزبير لبناء موضع دفاعي رصين لحين القرار على التحرير..وتم سحب التعزيزات من الاسراب وعدت الى مقر السرب يوم 5 نيسان وانتهت اطول معركة شاركنا بها.
امور عامة وذكريات
هناك بعض الامور احاول ايجازها مرت علي خلال مشاركتي في هذه المعركة وهي بعد ان هدات الامور وقل زخم الطلعات الجوية تذكرت حادثة شاركت بها عندما كنت في صنف الدروع قبل الانتقال الى القوة الجوية وهي عملية (مخفر الصامتة )..فقد كنت منتسب الى كتيبة الدبابات الخامسة ومقرها معسكر الدريهمية في الزبير بالبصرة وكانت واجباتنا قوة هجوم مقابل على منطقة شط العرب وتوجد لدينا سرية لحماية ميناء ام قصر.. ظهر يوم 19 اذار 1973 وعلى مائدة الغذاء طلب امر الكتيبة المرحوم المقدم الركن عبد الغني الامام ارسال ضابط الى السرية في ام قصر سدا للنقص لتكليفها بواجب يوم غد..تطوعت فورا ووصلت عصر ذلك اليوم الى ام قصر والتحقت بالرعيل الذي نسبت له...اوجزنا بالواجب وهو وجود طريق امداد للقاعدة البحرية العراقية يجري فتحه لتجنب المرور بميناء ام قصر ويجب ان يمر خلف مخفر الصامتة الذي اقامته الكويت على اراضينا وعلى مرتفع مشرف على ميناء ام قصر والقاعدة البحرية و الكويت ترفض اكمال شق الطريق و المقاول المكلف بفتح الطريق متوقف عن العمل لحين حل الاشكال الذي طال امده..لذا سيقوم الفوج الالي بازالة هذا المخفر وواجبنا ان نكون قوة اسناد في حالة تطور الموقف ، في الساعة الثالثة صباحا تم ازالة المخفر من قبل الفوج الالي وانسحاب افراد المخفر الكويتيين ....وكانت الخسائر 4 شهداء اثنان من الفوج الالي استشهدو نتيجة تصادم ناقلتين فور تحركهما وشهيدين من افراد المخفر الكويتي..تحركنا صباحا الى المخفر وباشر المقاول اكمال فتح الطريق واكمل العمل مساء نفس اليوم وانسحب الفوج الالي من منطقة المخفر الذي ازيل اي اثر له ورفعت انقاضه...اذيع بيان من الحكومة العراقية بان قواتنا تعرضت الى اطلاق نار من قوة كويتية خلال قيام قطعاتنا بالقيام بتمرين او مناورة ليلية مما اضطرنا الى الرد بالمثل...بعد يومين بلغنا بالعودة الى مساكن ضباط القاعدة البحرية وكانت اغلبها قيد الانشاء .وصلت لجنة من الجامعة العربية للاستطلاع والتحقيق في الحادث بواسطة طائرة سمتية وكانت الكويت قد حشدت قطعات مدرعة كبيرة امامنا ..وكان الفوج الالي يتخذ من غابة صغيرة قرب ام قصر مقرا له فكانت اللجنة تشاهد الحشود الكويتية دون ان تلاحظ اية حركة منا.. بعدها انتهى الواجب وعدت الى الزبير...وكما اسلفت بعد ان قل زخم الواجبات بدات اسال عن مخفر الصامته واستعيد ذكرياتي وموقع المخفر ومنطقة انفتاحنا الليلي والغابة وسكن الضباط فلقيت الجواب بان لم يعد هناك وجود لمخفر الصامتة وان سكن الضباط بعيد جدا عن المطار وكذلك الغابة ولم استطيع تصور المنطقة لاتساعها وتطورها.
والامر الاخر ففي احد الايام بلغنا بالبحث عن احد زوارقنا التابع للقوة البحرية فُقد في الخليج العربي مقابل جزيرة بوبيان والتي كنا نحلق فوقها عند تكليفنا بواجبات في الخليج العربي حيث كنا نتخذ من منطقة (راس الكايد )على الطرف الجنوبي للجزيرة كنقطة انطلاق الى مينائي البكر والعميق او اية واجبات نكلف بها في مياه الخليج العربي..كلفت احد الطيارين القدماء في السرب لتنفيذ الواجب وانطلقنا سوية انا الى المملحة وهو الى جزرة بوبيان وقبل وصوله الى راس الكايد لمح زورق على ساحل الجزيرة وهبط قربه وارسل الطيار الثاني لمعاينته في مكان يبعد عن الطائرة حوالي 200م خلالها وصلت دورية مسلحة كويتية الى مكان الطائرة وطلبو من قائد الطائرة مرافقتهم الى داخل الكويت اتصل بي بواسطة اللاسلكي فقلت له ليصعد احد الضباط معك ونفذ ما يطلبونه منك... واتصل بعد ذلك وقال بانه يتجه الى داخل الكويت والطيار الثاني برفقة الدورية والجو ودي جدا مع الضابط المرافق...عدت الى ام قصر وبلغت بالحادث...ومن الطريف ان هذا الطيار من هواة التسوق وكنا نتندر بانه سيعود محملا بالبضائع من الكويت وبقينا ننتظره لساعات الى ان عاد خالي من البضائع وقال انه ياسف لعدم تمكنه من التسوق كونه ذهب الى منطقة عسكرية تمت اصول الضيافة له وللطيار الثاني معه ثم عاد الينا..
الامر الاخر كان معنا طيار برتبة مقدم اعفي من الطيران منذ فترة طويلة بسبب حادث طيران ثم عاد الى ممارسة الطيران وتدرب معي في سربنا قبل حوالي سنة .. شارك في بعض الطلعات في هذه المعركة كمشاركة اولى له ..قدم مراسل ومصور صحفيين وطلبا الطيران معنا وتصوير الرمي وكتابة تقرير صحفي حول واجباتنا فرافقوه في الطائرة واشترك في التشكيل الذي قدته الى المملحة وتم تصوير المنطقة والرمي من الطائرة وخلالها سقطت رشقة مدفعية معادية قرب طائرته مما ادى الى فقدان السيطرة عليها لثوان واصيبت ببعض الشظايا التي لم تؤثر على طيرانها ولاحظنا الاصابة وكذلك قائد طائرة المراقبة التي انتهى واجبه مع انتهاء واجبنا وعدنا الى المطار وخلال الترجل اقتربنا من الطائرة المصابة لتفقدها وكان الصحفيين بحالة ذهول وكذلك الطيار فهزج لهم طيار طائرة المراقبة (يردس حيل الماشايفهه والشايفهه يلعب بيهه ) وهذه المرة الاولى التي اسمع بهذه الاهزوجة تندرا بالطيار لكونه يمر بهذه الحالة للمرة الاولى مما جعل الصحفيين يغضبون ويمتعضون (كدنا نقتل وانتم تمزحون)..
قبل المعركة كلفت براسة لجنة تخص جميع مراتب جناح الطيران الثاني الذي انتمي اليه وفي كتاب التكليف امر مدير طيران الجيش بعدم السماح باي سهو او خطا في نتيجة عمل اللجنة ويتحمل رئيس اللجنة المسؤولية ....اكملت اللجنة عملها في بداية شهر اذار وفي قلب المعارك وصل عضوي اللجنة مع نتيجة عملهما الى البصرة حيث وثقت باللجنة بانها اكملت عملها بشكل دقيق لمئات من المنتسبين ولم يتح لي الوقت لتدقيق مئات الاضابير والاسماء فوقعت على قرار اللجنة وبعدها باسبوعين تبين عدم ادراج اسم احد المراتب في قرار اللجنة...ولم يُقدر مدير طيران الجيش الحالة التي انا فيها واهتمامي بالمعركة وعدم تواجدي في الجناح لتتم معاقبتي من قبله (وتقبلت الامر دون اعتراض لكون الامر واضح بتحمل المسؤلية )وهذه احدى المشاكل التي تواجهنا عدا خطورة ومسؤولية عملنا
في 20 شباط اصيبت طائرة التصوير الجوي واستشهد طاقمها واخلي الطاقم من قبل احد افواج الفرقة الخامسة...وكان قائدها الشهيد محمود راضي يحمل معه خارطة المنطقة العائدة الى النقيب الطيار (ر .ي ) وكان شقيقه من منتسبي ذلك الفوج فاعتقد امر الفوج بان (ر . ي ) هو قائد الطائرة الذي استشهد فاستدعى شقيقه ومنحه اجازة دون ان يعلمه بالحادث ..وبعد انتهاء الاجازة علم سبب منحه الاجازة واخبر امر الفوج بان شقيقه على قيد الحياة وكان الشهيد محمود يحمل خارطة شقيقه لكونهم من نفس السرب .
ظهرت في معركة الفاو العديد من الدروس المستنبطة والمفاررقات ولكل من شارك فيها قصص لو رويت لملات مجلدات والمهم انتهت المعركة لنعود الى مقراتنا ونتهيا الى معارك قادمة لكل واحدة رواياتها منها المفرحة والحزينة ولا ننسى هنا الجهود والتضحيات الجبارة التي قامت بها كافة صنوف الاسناد الاداري والتموين والنقل لادامة نقل العتاد والهندسة والقوة البحرية ومهندسي فنيي ومراتب طيران الجيش ومخازن عتاد القوة الجوية وتامين الغطاء الجوي لنا من قبل مقاتلات الدفاع الجوي وقواطع الدفاع الجوي الابطال وغيرها لتامين ادامة طائراتنا واستمرارها بالطرق على رؤوس العدو.
الخاتمة
في شباط عام 1986 تمكن الإيرانيون من احتلال قاطع الفاو ، وكانت الفرقة 26 العراقية تدافع فيه بقيادة العميد الركن ماجد السامرائي ضمن قاطع عمليات الفيلق السابع العراقي بقيادة الفريق الركن شوكت أحمد عطا الصميدعي ،وهذا الهدف كان ضمن خطة هجوم إيرانية طموحة لاحتلال البصرة من الاتجاه الجنوبي ،وبجهد ثانوي من الاتجاه الشرقي ( ضمن قاطع الفيلق العراقي الثالث الذي كان يدافع في شرق البصرة بقيادة اللواء الركن ماهر عبد رشيد )، لكن هذا الهجوم الكبير صد من قبل كافة صنوف القوات العراقية في قاطعي الفيلقين آنفاً وحالا دون احتلال البصرة ،لقد شكل سقوط قاطع الفاو بيد الإيرانيين وضعا إستراتيجيا ونفسيا صعب جدا على القيادة العراقية وعلى الجيش العراقي بل على الشعب العراقي بأكمله ،وذلك لأسباب عديدة منها عزل العراق عن موانئه وعن دول الخليج العربية ابتداء من الكويت ،وشكل هذا الاحتلال أهانه كبيرة لشرف العراق ،فكانت عمليات الهجوم المقابل العراقية فاشلة في معظمها وعليه تكبدت عشرات من تشكيلات المشاة العراقية خسائر كبيرة جدا ضمن هذه المعارك بلغت حتى موعد تحريرها ما يزيد عن 51 ألف شهيد وما يقرب من 250 ألف جريح .
لقد شارك طيران الجيش بكل ثقله في معركة الفاو (9/10 شباط 1986)ومن الاسراب المشاركة ( 4 اسراب من طائرات الغزال المقاتلة وسربي مي /25 المقاتلة والسرب 106 – BO-105 ، والسرب 84 للاستطلاع والانقاذ ، بالاضافةالى اسراب مي /8 ، وسرب 107 - PC7، بالاضافة طائرة مي /2 للحرب النفسية لاذاعة الاغاني ولاناشيد الوطنية لرفع الروح المعنوية للمقاتلين في القطعات الامامية ، بالاضافة الى بث رسائل صوتية باللغة الفارسية للتاثير على معنويات العدو بادارة العقيد سعد العبيدي.
مع تحياتنا
1016 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع