أحيا العازف العربي والعالمي نصير شمّه أول من أمس، أمسية نوعية حول "العود العربي قديمه وحديثه عزفاً وحوراً "، على مسرح ندوة الثقافة والعلوم في دبي ، تغنى خلالها بمفاهيم البحث عن علاقة التعاطي بينه وبين العود، مشكلاً هارمونيا تجاوز حكم المتلقي عليها باعتبار شمّه متمرساً بل متجانساً وشغوفا في انتماءاته لأوطان الموسيقى، والتي يراها شمّه تمثيلاً لكل طرقنا إلى السلام، مشعلاً بها فتيل عوده المثمن الذي أضاف نغماً لملامح إنسانية تطلق عبير الحريات دونما دماء أو إقصاء للآخر، بل تحقيقا لتوازن نفسي وذائقة راقية واستمرارا لملحمة التعايش ، فيما قدمت الأمسية الأديبة بروين حبيب وسط حضور عائلي زخرفه مشاركة الأطفال.
مخملية العود
العود كان ولا يزال عند الكثيرين يتسم بالتقديس، فهو كما أوضح شمّه في سرده التاريخي ظل فترة طويلة حبيساً في دور العبادة والكنائس تغلفه أشياء من الصوفية. إلى جانب اعتبار عازفه أيضاً أحد الرجال المهمين في بلاط الملوك قديماً، ولكن بتوالي الحروب والخلفاء قضي على بعض تلك العادات النبيلة. وجاء الظهور الفعلي للعود ونزوله للمجتمع البسيط كما بين شمّه بعد ألف سنة من بقائه مخملياً، لافتاً إلى أن رحلة العود لم تأت اعتباطاً بل هي نتاج إثراء لحالة غناء وتلحين، أسس بموجبها مشروعه لـ "بيت العود العربي"، المنتشر حالياً في أكثر من دولة عربية ويتضمن مدرسين احترافيين تقل أعمارهم عن 20 عاماً، درسوا في بيت العود وصمموا بأنفسهم عبرمنهجية للبيت العربي في جعل الطالب يتصور نظريات الموسيقى متداخلة في العزف على العود، بناء على الاستنباط والاستكشاف إلى ما يمكن تسميته بعلم العود من خلال امتلاك تقنيات العزف.
بانوراما جماعية
وفي محور التأسيس الأكاديمي لبيت العود العربي، قال شمه:
"كان عمري 5 سنوات وقتها، حيث ابتدأت علاقتي بصوت أم كلثوم عبر الراديو، الذي كنت اعتبره عالما ساحرا، جعلني أتخيل شكل المذيع وهو يتحدث أو أرسم ملامح الحفلات الموسيقية المذاعة، و شدني ما شاهدته من سلطة حنجرة أم كلثوم في احتواء الناس بكل فئاتهم، وسألت نفسي بعد أن وعيت بفترة من عمري أين سأكون بين هذا الزخم ، وقررت حينها أن أعزز موهبتي الموسيقية باعتبارها هبة ربانية، وتكمن سبل الحفاظ عليها بتعليم الأطفال وإنشاء بانوراما إبداعية جماعية تجعل لكل بيت عربي شخص يتذوق الموسيقى أو يعزف بها، مدركاً أشكال الهارموني وتعدد الأصوات ".
موسيقى الثورات
عدة مقطوعات تغنى بها شمّه خلال الأمسية في دبي، منها " حب العصافير " و" دار السلام " وجاءت الثانية في حديث له حول البعد الإنساني للموسيقى والنهوض بمخرجات الحروب والثورات في العالم العربي. ولذلك عزف لعلاج أطفال العراق، والانتفاضة الفلسطينية وإلى تونس، وأخيراً مخيم الزعتري للاجئين في سوريا. ولفت نصير شمّه في دراسة قدمها لمؤسسة الفكر العربي عن الموسيقى في عام 2011، تحليله لنوع الإنتاج الموسيقي وحجمه واختلافاته، متوصلاً خلالها إلى ظهور جيل واكب موسيقياً أحداث الثورات. وتعتبر معزوفة " دار السلام " نخب زيارته الأخيرة للعراق بعد 19 سنة من الغياب، وأشار حولها شمّه أنها حفلة وطن التمس فيها تطور الذائقة الموسيقية لدى الشباب العراقي رغم الحروب، وأعاد فيها توازن لغة جسده المنتمي لتلك الأرض.
العازف المثقف
"هناك فرق بين العازف المثقف والعازف الأدائي " يوضح العازف العربي نصير شمّه معايير الاختلاف بين العازف المدرك للقصيدة وقراءة لوحات الفن التشكيلي وكشف الصورة السينمائية وميلان الخط وعمق الآثار وجماليات المعمار، ما يجعله يعكسها جميعها على أدائه الموسيقي، وبين من يتعامل معها فقط في حدود آلاتي بحت، بعيداً عن التأمل باعتباره المصدر الحيّ للإنتاج الموسيقي.
http://www.youtube.com/watch?v=zkYQzCO3IJM&feature=player_embedded
833 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع