شخصيات بغداديه في الذاكره/ 7الفنان فخري الزبيدي
لم تبخل بغداد ابدا على اهلها والعالم من المواهب والكفاءات المتميزه التي رفدت بها الامه من العلوم والادب والفقه والشعر والفن ومن هؤلاء الرجال الذي قدم للوطن كل طاقته وفي ظروف وامكانيات محدوده جدا وصعبه جدا وخاصة في مجال الفن الذي كان ينظر اليه المجتمع بنظره دونيه واحتقار في كثير الاحيان ...
الفنان الكوميدي البارع المرحوم فخري رسول الزبيدي والذي ولد في محلة الحيدرخانه عام 1925م من عائله نزحت من الكوت الى الحله ثم نزوحا اخر الى بغداد ,درس في مدارس بغداد ودخل معهد الفنون الجميله عام 1947م وتخرج منه عام 1948م قسم المسرح ,,
تعين في امانة العاصمه كما كانت تسمى حينذاك وعندما تشكلت اطفائية بغداد لاول مره وارتبطت بامانة العاصمه وكان او مدير لها المرحوم ابراهيم شندل الملقب بابراهيم اطفائيه وتم تنسيب فخري الزبيدي الى هذه الاطفائيه..
في عام 1947م تأسست فرقة الزبانيه للتمثيل من كل من:
(ناجي الراوي ، حميد محل ، محمود قطان ، ناظم الغزالي ، فخري الزبيدي ،حامد الاطرقجي ) وقدمت تمثيلية (شلتاغ) التي اكتسبت شهره وجمهور وفي عام 1948 م عندما اشترك الجيش العراقي في حرب فلسطين كانت الفرقه تقدم مسرحيات اذاعيه صباح كل يوم جمعه لتقوية معنويات الجيش ..
يعتبر برنامج (صندوق السعاده) الذي كان يعرض من على شاشة تلفزيون بغداد في مطلع الستينات هو السبب الرئيسي في شهرة فخري الزبيدي لما قدمه من فعاليات متميزه ثم سبقه بدوره في تمثيلية (شلتاغ) واشتراكه في الفلم المصري العراقي المشترك (القاهره – بغداد ) عام 1946م وقد اخرج مسرحية (وحيده) وهي اول مسرحيه وعمل فني يقوم به فخري الزبيدي بهذا الحجم ثم اعقب ذلك اشتراكه بفلم (شايف خير) ,,
لقد ظل الزبيدي عاشقا ومولعا بالتمثيل طوال سنين عمره وخلال وجوده في امانة بغداد كموظف وقدم الكثير من المنجزات المهمه والكبيره وقد تدرج في الوظيفه وانتدب كما ذكرنا الى برنامجه التلفزيزني المشهور (صندوق السعاده ) والذي توقف بعد عام 1963م والذي كان يتقاضى عن كل حلقه 5 دنانير ثم بجهود الاعلامي المعروف ابراهيم الزبيدي وحثه على اعادته حيث تم تغيير اسم واسلوب البرنامج وظهر تحت اسم (شايف خير ) واكتسب ايضا شهره كبيره وازدادت جماهير الزبيدي وفي هذه المقابله التلفزيونيه مع الاستاذ ابراهيم الزبيدي لم يفوت فخري ان يذكر بعض النكات البغداديه الجميله وكانت ذات مغزى سياسي في تلك الفتره اذكر منها عندما طلب الاستاذ ابراهيم اعادة برنامج صندوق السعاده رد عليه فخري بان ذلك يحتاج ( نياحه وضرب چف ) وسئل ابراهيم ماذا يعني ذلك فروى فخري قصة هذا المثل :
( كان هناك شخص من اهالي الكرخ في بغداد يقوم يوميا بخلع ملابسه ويجعلها في صره ويضعها على رأسه ثم يقوم بعبور الشط سباحة ليستقر على الضفه الثانيه ويبدأ بارتداء ملابسه والمباشره بالصلاة تحت القشله على النهر ويقوم بهذا العمل يوميا ولمدة خمسة سنوات حتى لاحظه الوالي وكانت هناك معلومات عن فساد مدير الطابو وتسجيله بضع اراضي باسمه فقال الوالي أأتوني بهذا الرجل فجىء به وسأله الوالي لماذا تفعل ذلك فأجاب الرجل ,, مولانا انا اهرب من صوب الكرخ واتخلص من الكلام الناقص والمشاكل وبطريقي الى هنا اطهر جسمي بماء دجله واؤدي الصلاة على ارض الوالي التي هي انظف من باقي الاراضي هنا ,,
فقال الوالي مارأيك اعينك في الحكومه ؟ فرفض الرجل وقال لايامولانا استغفر الله هذا يعني اني اخسر ديني وصلاتي ... الخ ,, تركه الوالي وعندما اشتد الطلب لتغيير مدير الطابو ااضطر الوالي الى استدعاء الرجل وطلب منه تولي وظيفة مدير الطابو وبصيغة الامر ولامجال للممانعه وتولى الرجل الوظيفه !! وباشر الرجل وظيفته وبعد ستة اشهر بدأت رائحة الفساد تظهر بقوه حتى اصبح الحديث عن فساد المدير الجديد على كل لسان واحس الرجل ان ساعته قد ازفت وبينما هو على هذا الحال دخل عليه احد اصدقائه وقال له ماذا انت فاعل قال سوف اهرب فقال صديقه علمني كيف اصبح مديرا للطابو بدلا منك فقال الرجل (ليش هي سهله خمس سنين نياحه وضرب چف ) وكان الزبيدي يقصد مدة بقاء البعث خارج السلطه من 1963 – 1968 .,,
اشتهر الزبيدي بالفكهاهه والمرح وايضا في تطوير العمل فهو صاحب فكرة اقامة تماثيل للرموز العراقيه المشهوره مثل (الرصافي ، الكاظمي ) وكانت هناك العديد من هذه الافكار الا انها توقفت ومن اعماله الكبيره هو (المتحف البغدادي ) و( البانوراما في المدائن ) وتطوير منتزه الزوراء وكان له مشروع انجاز الموسوعه البغداديه تحت عنوان (بغداد من 1900 – 1934 الجامع من المفيد والظريف ) وهي بسبع اجزاء ولكنه لم يتمكن من اصدراها ولااحد يعلم اين امست . كما كتب العديد من المسرحيات منها ( صايره ودايره ) وهي مستوحاة من احداث بغداد عام 1885م . كما كان لديه مشروع لتأليف كتاب عن المرحوم ( ناظم الغزالي ) صديقه وزميله .
في سنين حياته الاخيره داهمته العديد من الامراض وكان اثقلها عليه التهاب المفاصل واصبح يقضي معظم اوقاته في مكتبة صديقه (نعيم الشطري) الذي عرضت للبيع هذه المكتبه التراثيه والتاريخيه على بالمزاد قبل ايام قليله وقد فارقنا ابو علي في ربيع عام 1999 م وترك ذكرى عزيزه ومرحه على كل كان يتابعه ويعرفه من العراقيين ,
والى لقاء اخر مع شخصيه اخرى ... تحياتي لكم /عبد الكريم الحسيني
1364 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع