وقف بوجه الملك.. فحصل على وسام
تسلم الامير فيصل عرش العراق بطلب من العراقيين ورغبة بريطانيا ويعتبر الملك فيصل الاول من ابرز الشخصيات التي هندست واسهمت في الدولة العراقية الحديثة، كان يتمتع بقدرات سياسية وادارية عالية اهلته لبناء اول دولة عربية حديثة، دخلت عصبة الامم المتحدة كان الملك نزيهاً ابي النفس عالي الهمة يعيش مع اسرته على الراتب والمخصصات الرسمية ويؤثر مصالح الوطن والمواطن على مصالحه الخاصة.
وعندما يسافر الى الخارج بقرار من مجلس الوزراء مع من يرافقه تكون نفقتهم على خزينة الدولة، على ان يأتوا بوصولات رسمية من الجهة التي قدمت لهم خدمات موقعة من قبل الملك او أحد اعضاء الوفد المرافق له وفي احدى سفراته الى لندن علم بوجود شباب متحمسين للقضية العربية فدعاهم للتحدث معهم وارشادهم فاستمر الاجتماع الى الليل فدعا لهم بوجبة عشاء فوقع احدهم على قائمة الحساب البالغة (24) جنيهاً ...
وعند عودة الملك للبلاد قدم مسؤول خزينة الملك قوائم السفر الى مدير المالية العام (رؤوف البحراني) لغرض التدقيق والصرف حسب الاصول المتبعة وعند مراجعة المسؤول في اليوم التالي لاستلام مبلغ القوائم فلم يجدها منجزة..
فذهب الى وزير المالية (ياسين الهاشمي) شاكياً من تأخر صرف مستحقات الملك فاتصل الوزير بمدير المالية العام رؤوف البحراني مستفسراً عن سبب تأخر صرف استحقاق الملك، فاجابه قائلاً: توجد قائمة بمبلغ (24) جنيهاً موقعة من قبل شخص ليس من ضمن اعضاء الوفد الرسمي المرافق فلا يمكن صرفها من المال العام فطلب منه الوزير ان يجد لها باباً مناسباً للصرف. وفي اليوم التالي اتصل الوزير بمدير المالية مستفسراً عن باب صرف تلك القائمة، فأجابه: على مجلس الوزراء ان يعقد جلسة ويصدر قراراً بانضمام الشخص الموقع على القائمة المذكورة الى الوفد المرافق للملك لكي يتم صرفها بشكل قانوني، فأجابه الوزير ان مجلس الوزراء لا يعقد جلسة بسبب (24) جنيهاً. علم الملك بتأخر صرف مستحقات السفر فاستدعى مدير المالية العام لكي يطلع على سبب تأخر صرف قوائم السفر لحد الان، وجرى الحوار بينهما، الملك: ما سبب تأخر صرف قوائم السفر وانت تعرف باننا نستلف مبالغ تكاليف السفر من الغير، وعندما نعود تقدم تلك القوائم للصرف ونعيد ما استلفناه لاصحابه..رؤوف البحراني: صاحب الجلالة: توجد ضمن القوائم واحدة بمبلغ (24) جنيهاً موقعة من قبل شخص ليس من اعضاء الوفد الرسمي، وعندما تسحب هذه القائمة يتم صرف القوائم الاخرى بدون تأخير.
قال الملك:ان الشخص الموقع على تلك القائمة من الشباب المتحمسين للقضايا العربية وعندما علمنا بوجودهم استدعيتهم لاتحدث معهم وتقديم النصح والارشاد لهم ليكون عملهم اكثر نفعاً للقضية العربية، فاستمرت جلستنا الى المساء فأمرت بتقديم وجبة عشاء لهم فهل يرضى احدكم بان يخرج الضيوف بدون عشاء وانا على رأس الدولة العراقية..
فأجابه رؤوف: انت سيد البلاد ومشرع القوانين والتعليمات فارشد على أي باب يتم صرف هذه القائمة؟
وبعد انتهاء الحوار بينهما صافح الملك (رؤوف البحراني) قائلاً له :
بوجودك وامثالك من الموظفين، الدولة العراقية بخير وستسير بخطوات سريعة نحو التقدم والتطور السريع..
وعند عودة البحراني الى بيته اخذ يحاور نفسه: لماذا وضعت نفسي بهذا الموقف تجاه الملك؟ وهل يصعب على خزينة الدولة صرف (24) جنيهاً على ضيوف الملك وهو في سفرة رسمية؟ وماذا سيكون موقفه مني وانا موظف بارادة ملكية؟ وبعد هذه التساؤلات المتعددة اجاب نفسه بان موقفه اصولي وقانوني وضمن السياقات المعمول بها، وعليه ان يتحمل أي ردة فعل من الملك وان كانت الطرد من الوظيفة.
وكان هاجسه خلال ذلك اليوم رد فعل الملك في غير صالحه وفي صباح اليوم التالي وعند دخوله الى مكتبه الرسمي وجد على منضدته ظرف فيه شعار الديواني الملكي فلم يتفاجأ بذلك كونه متوقعاً رد فعل الملك في غير صالحه نتيجة موقفه منه وتأخير صرف مستحقاته...
وعندما فتح المظروف وجد فيه ارادة ملكية بمنحه وسام الرافدين لشجاعته وحرصه على المال العام..
وهكذا يتعامل الحكام الحريصون على رقي بلدانهم مع الموظف الكفوء الشجاع.والان نتساءل كم موظف في الدولة العراقية يتمتع بكفاءة وشجاعة وحرص رؤوف البحراني على المال العام، ونزاهة ونبل الملك فيصل الاول وتشجيعه للموظف الشجاع الذي يتفانى للحرص على المال العام؟
1111 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع