ضابط الصف فالح حنظل شاهد عيان علي مجزرة القصر...
أبو ظبي- الأهرام العربي:في صبيحة الرابع عشر من يوليو عام58 فتحت الأسرة المالكة عينيها علي أصوات لعلعة الرصاص وهي ترتطم بجدران وزجاج وشبابيك القصر الملكي, وبعد معركة غير متكافئة بين قوة القصر التي لم تتجاوز مائة رجل وقوات الهجوم التي ساندتها أعداد غفيرة من أبناء الشعب, استسلمت العائلة المالكة واستسلم الحرس وأبيدت العائلة المالكة عن بكرة أبيها وأصيب ضابط الحرس الملكي الملازم فالح حنظل بطلق ناري في ساقه اليمني وسحبوه وألقوا به في السجن.
هذه الحادثة كانت أحد المحاور الأساسية في تكوين شخصية الدكتور فالح حنظل الذي سرح ببصره وهو يتذكرها أو يستحضرها وقال:
كانت المشكلة أن القصر يقع مقابل معسكر للجيش, يضم وحدات كثيرة يسمي معسكر الوشاس وكانت القوة المدافعة عن القصر تتكون من مئة جندي داخل أسوار القصر وكتيبة مشاة تبعد عن القصر حوالي4 كيلو مترات وهناك كتيبة فرسان داخل معسكر الوشاس نفسه. وهذه قوة لا بأس بها إذا أرادت الدفاع عن القصر, لكن الذي حدث هو أن الأمير عبد الإله تسلم قيادة الدفاع الملكية وأصدر أمرين, الأول هو عدم إطلاق النار وعدم الدخول في معركة فاصلة مع المهاجمين والتفاوض معهم علي أن تترك عائلته العراق كما ترك الملك فاروق مصر.
والأمر الثاني الاستسلام بلا قيد ولا شرط, فلما باشر الجنود المهاجمون بإطلاق النار علي القصر هرع أمر كتيبة الحرس إلي العقيد طه بامرني وهو ضابط كردي الأصل عرف عنه أنه قاد إحدي سرايا المشاة ببسالة في حرب فلسطين عام1948 وتسلم العقيد منه الأمر بعدم القتال والدخول في في مفاوضات مع المهاجمين وعمم هذا الأمر علي الكتيبة, وبالنسبة للقوة التي كانت داخل القصر وكنت أنا فيها, فقد كانت قد تهيأت للمعركة وتسلمت عتاد الخط الأول في انتظار الأوامر, لكن الذي حدث في تلك الأثناء هو أن معسكر الوشاس الواقع مقابل القصر الملكي, قام فيه الضباط بفتح مشاجب السلاح وتوزيعها علي جنود الوحدات المختلفة في المعسكر وسيطروا أيضا علي كتيبة فرسان الحرس الملكي, وقام أحد ضباط الكتيبة نفسها باعتقال قائد الكتيبة وأعلن أن الكتيبة موالية للثورة. وفي هذه الأثناء وصلت أعداد هائلة من جنود معسكر الوشاس, كان العدد يزداد كل دقيقة ويتضاعف من مائة الي ألف إلي أكثر, طوقوا القصر وكانوا يحملون مدافع البازوكا وأطلقوها علي الطابق العلوي, فاشتعلت فيه النيران.
كانت العائلة المالكة مكونة من الملك وخاله الأمير عبد الإله وزوجة خاله الأميرة هيام وجدته لأمه الملكة نفيسة وخالته الأميرة عابدية, هؤلاء ومعهم الخدم هرعوا إلي الطابق الأرضي ثم إلي سرداب القصر, فعادة أهل بغداد أن يبنوا سردابا تحت الطابق الأرضي ينامون فيه وقت القيلولة, ليحميهم من هجير الحر ولكنهم في هذه الحالة احتموا من هجير النار التي اشتعلت في الطابق العلوي.
كان العقيد عبد السلام عارف قد سيطر علي إذاعة بغداد وأبلغ الناس بالثورة, فجاءت جموع غفيرة من أهل بغداد لينضموا إلي جموع المهاجمين للقصر المحروق المستسلم, فأصبح القصر مطوقا من جميع الجهات بألوف مؤلفة بين جندي مسلح وبين مدني هائج, فاختلط الحابل بالنابل, فمن يحمل بيده مسدسا ومن يحمل سكينا ومن يحمل عصا, أما القوات التي كانت في داخل القصر, فقد أمرت بإلقاء السلاح وجلسوا أرضا ويديهم فوق رؤسهم, بينما اندفعت الجموع الهائجة نحو حديقة القصر وأحاطت بباب يقع في جهته الغربية وهو باب المطبخ الذي تكدست فيه العائلة المالكة وأمام الباب وقفت مجموعة من ضباط الثورة وبيدهم رشاشات ويصرخون اخرجوا أيها الخونة.
كانت الزمرة التي تقف أمام باب المطبخ بقيادة النقيب عبد الستار العبوسي, وهناك عدد من الضباط أذكر منهم واحد اسمه مصطفي علي والآخر اسمه السراج, فتح باب المطبخ وخرج أولا الملك وخلفه جدته الملكة نفيسة التي غطت جسدها بشرشف مطبخ بينما رفعت القرآن علي رأس الملك ووراءها ولدها الأمير عبد الإله ثم الأميرة هيام ثم الأميرة عابدية ثم ضابط الحرس النقيب ثابت يونس ثم والملازم أول ثامر الحمدان والجندي محمد فقيه والخادمة رازقية عبد الناصر وطباخ تركي ووقفوا صفا أمام المهاجمين, وفي تلك اللحظة جاء النقيب عبد الستار العبوسي من الخلف وفتح نيران رشاشه علي الجميع فأرداهم قتلي, ثم باشر كل الموجودين باطلاق النار علي الجثث, ثم جاءت مدرعة فيها ضابط شيوعي اسمه عبد الرزاق عطية وفتح النار علي الجثث الملقاه أيضا, لم ينج من القتل سوي الأميرة هيام وضابط الحرس الملازم ثامر الحمداني, حيث سحبت الأميرة هيام نفسها بعد أن أصيبت وأنقذها أحد الضباط.
سحبت الجثث من بين الجماهيلر الغفيرة وألقيت في إحدي السيارات الملكية من نوع فإن كانت تستخدم لمشتريات القصر, إلا أن الجماهير سحبت جثث الملك والأمير ووضعتها في سيارة جيب مكشوفة صعد إليها ثلاث ضباط وانطلقت السيارتان باتجاه المدينة ولكن ما إن خرجت السيارتان إلي الشارع العام حتي انقض المهاجمون علي جثه الأمير عبد الإله وسحبوه من رجليه وأسقطوه أرضا وانشغل بها الغوغاء فيما هربت السيارتان, خلعوا ملابس الجثة وانهالوا عليها طعنا وركلا وضربا, ثم ربطوا الحبال في الرقبة وسحبوها في شوارع بغداد.
أين كنت وقت هذه الأحداث؟
كنت مع القوة المستسلمة وكنا قريبين من مركز إطلاق النار, لكن عندما ساد الهرج والمرج وكثر إطلاق النار, خشيت علي نفسي فهربت, إلا أنني أصبت بشظية رصاصة في قدمي وهربت إلي كراجات السيارات مختبئا في الأحراش والزرع حتي وصلت إلي سيارتي وذهبت إلي بيتي. ولما كان والدي أصلا ضابطا في الجيش العراقي, فقد استبدلت شارات الحرس الملكي التي تخصني بشارات ضابط عادي التي تخص والدي وذهبت إلي وزارة الدفاع حيث سلمت نفسي إلي قيادة الشرطة العسكرية. عندما كنت في الوزارة وصلت جثة الأمير عبد الإله المسحوبة(شُطبت تفاصيل الجثة) ثم جاءت الغوغاء وعلقت الجثة في شرفة أحد البيوت مقابل وزارة الدفاع, ثم انهال الغوغاء يطلقون النار عليها ويطعنونها بالسكاكين, ثم ألقي بالجثة في اليم فابتلعتها أسماك دجلة. أما الملك وكان مصابا بعدة طلقات فنقل إلي المستشفي, ثم قيل إنه دفن في المقبرة الملكية, أما الأميرات فقد دفن في مقبرة قريبة من مستشفي بغداد. وأسدل الستار علي يوم عجيب في تاريخ العراق.
الگاردينيا: في الحقيقة نعتقد بأن هنالك خطأ والتباس في رتبة/ فالح حنظل...
العنوان ( ضابط صف) وبعدها يذكر أنه ملازم في الحرس الملكي ..
أستطعنا الحصول على صورته اعلاه وهو يحمل بندقية و برتبة رأس عرفاء..
نطلب المساعدة من الأخوة القراء ... شكرا مقدما
1304 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع