يروي أن المرحوم نوري السعيد الذي تولى رئاسة الوزراء في العراق 14 مرة بين الأعوام (1930 – 1958 ) أمر باخراج البطل جعفر أبو العيس المحكوم لمدة ثلاث سنوات من سجن نقرة سلمان لكي يشارك في دورة الالعاب العربية الثانية التي اقيمت في بيروت عاصمة لبنان سنة 1957 ..
تفضلوا اسمعوا القصة كما وردتني من صديق عزيز لنقوم سوية بعد ان ننتهي من قرائتها في استخلاص الدروس و العبر عسى أن يقتدي بها البعض نظراً لما فيها من فائدة .. اليكم القصة باختصار ارجو أن تلقى اهتمامكم و تنال رضاكم..
عام 1957 كان العراق مقبلاً على المشاركة بدورة الالعاب العربية الثانية المزمع اقامتها في العاصمة اللبنانية بيروت ، كانت ستشارك في تلك الدورة فرقآ تمثل اغلب الالعاب الرياضية كالقدم والطائرة والسلة والميدان ورفع الاثقال والمصارعة والملاكمة.
وكان الوفد العراقي يتألف من أبطال تلك الالعاب عمو بابا وعمو سمسم ويورا وعباس حمادي وفخري ابو ليلي وجليل شهاب وجمولي وموفق وعبدو وهؤلاء هم اللاعبين الأساسين لكرة القدم...
وأما فريق السلة كان يمثله طارق حسن(حرامي بغداد ) ومهدي احمد وعزيز الحجية وغيرهم ومن أبطال الساحة والميدان غانم محمود بطل 100 م وحسين ناهي 200 م وقاسم مختار ونايف كعب ونايف صكيب ومحمد عبد الله وعبد الحسين عمران وهم أبطال معروفين لسنوات قدموا عطاءات و حققوا انجازات كبيرة وقد شارك في البطولة ضمن وفد رفع الاثقال مع جعفر سلمازي وعبد الله حسين وجبار كاظم وغيرهم .
والحكاية تبدا حينما كان الصراع السياسي في تلك الفترة بين حكومة مصر وحكومة بغداد لتصل مراحله للسب والشتم بين جمال عبد الناصر والباشا نوري سعيد و على الملأ و بما أن أحد المشاركين في تلك الدورة عن مصر كان الرباع خضر الثوني الذي كان في حينها بطل العالم في الوزن المتوسط وهنا تدخل الباشا مطالبآ المسؤولين عن الرياضة في حينها بأيجاد الند القوي لبطل مصر خضر الثوني...
فرد عليه رئيس الوفدالعراقي :
(باشا هناك شخص شيوعي محكوم 3 سنوات في نقرة السلمان أسمه جعفر ابو العيس اعتقد سيكون نداً لبطل مصر)...
عدد من المعتقلين السياسيين في نقرة السلمان
وحالآ أمر الباشا بأحضاره فورآ وفي اليوم الثاني قابل ابو العيس الباشا وقابله في مكتبه برحابة صدر وقال له :
( شوف جعفر انت شيوعي وأريد منك أن تذهب لمدينتك المسيب وأمامك شهران تتدرب خلال هذين الشهرين سنأمر بتوفير كافة المستلزمات الضرورية لك وأذا غلبت المصري خضر فلك مطلق الحرية بمزاولة كفاحك الشيوعي ).
وبالفعل سافر جعفر مع الوفد وفي يوم السباق حضر الوفد العراقي برمته الصراع المرتقب والكل يشجع أبو العيس وكان سباق رفع الاثقال في حينه من ثلاث فعاليات (الخطف والضغط والنتر ) و رقم ابو العيس هو رفع 165 كيلو في النتر وحينما رفع الثقل كان ينتخي بجده ابو العيس وبعد ان تساويا في رفعتي الخطف والضغط لم تبقى سوى فعالية النتر.
وقد طلب اللاعب المصري الثوني 160 كيلو ورفعها وكذلك العيس تمكن من رفعها.. وبعدها أضاف خضر 5 كيلوغرامات وتمكن من رفعها وهنا جاء دور أبو العيس ليطلب نفس الثقل وهو 165 كيلو وتم له ذلك وأذا بالثوني يرفع الحديد بثقل 170 كيلو هذه المرة وجاء دور أبو العيس ليطلب 175 كيلو وهو ثقل أكثر من قابليته وكان الحاضرون يخشون على أبو العيس من صعوبة الرفع ولكن اصر أبو العيس رفعها أمام انظار وعيون الحاضرين.
وأمسك بالحديد ينتخي بكلمة جده فأوصله عند كتفه ولم يبقى سوى أن يرفعه للاعلى فوق راسه فاستحضر قمة الغيرة الراقية و صاح بصوت دوى في القاعة ليهتف يا صبر الكرار ...
وأذا بالحديد ثابت فوق رأسه مدة أطول من دقة الجرس بنجاح الرفعة لتدوي القاعة بالهتاف والتصفيق ودموع الرياضيين تنساب على خدودهم ورفعوا جعفر على اكتافهم يطاف به في قاعة الملعب وهو يبكي من شدة الفرح ...
فأوفى وعده لنوري السعيد ليستلم وسامه الذهبي الوحيد في الدورة وبعد انسحاب الوفد من الدورة بسبب أعتداء الجمهور اللبناني عليه ليقول الباشا كلمته الفصل الاخير في بلد عربي يهان فيه شباب العراق.
لدى وصول الوفد الى بغداد الحبيبة بعد عودته من لبنان و مشاركته في الدورة وفي مطار المثنى أستقبل نوري باشا الوفد وقام باحتضان جعفر أبو العيس وهو يبكي على كتفه متناسياً انه رئيس وزراء مملكة العراق ...
بالامس و اليوم و الى مالا نهاية يبقى العراقي غيوراً على سمعة بلده .. يبقى عاشقاً ولهاناً لأرضه و سماءه و نهريه و نخله .. الى شعبه بجميع اطيافه .. لكن لماذا لا نجد صوراً من الصور الرائعة التي مرّ ذكرها في القصة اعلاه ؟ يطلق سراح أبو العيس من السجن و هو محكوم ليشارك في الدورة و لا نجد من يمسك بيد لاعبينا المغتربين الطلقاء فيستدعيهم للمشاركة في الدفاع عن الوان منتخبهم ؟
تتبادر الى ذهني اسئلة كثيرة و أنا استذكر هذه القصة و الآف القصص الاخرى و ابحث عن اجابات لها .. تعالوا لنتناقش و نبحث سوية من خلال حوار حضاري عقلاني موضوعي خالٍ من المساس باي جهة أو شخص و ليكن نقدنا بناءً لا يخلو من الحكمة و التروي .
الگاردينيا: المادة أرسلها الصديق العزيز / أنس المدرس..شكرا له فهو بين حين وأخر يزودنا بهذه التحف الرائعة..
للأسف لم نتوصل الى أسم كاتب المادة.. لذلك نعتذر منه ونتمنى أن يقدر وضعنا ويسامحنا أن كنا على خطأ..
ملاحظة: الصور أعلاه للتوضيح فقط وليست للبطل أبوالعبس..
897 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع