في ذكرى جريمة تفجير سفارة العراق ببيروت 1981

 

حطام السفارة العراقية في بيروت بعد التفجير الذي نفذه حزب الدعوة الاسلامية

حكاية شهيد وشاهد إثبات
نواف شاذل طاقة

في الخامس عشر من كانون الأول/ديسمبر 1981، وعند حوالى الساعة الثانية عشر ظهرا، اقتحمت سيارة محملة بالمتفجرات والكراهية مبنى السفارة العراقية وسط العاصمة بيروت لتنفجر بكامل حمولتها وسط المبنى. وقد تسبب هذا الحادث الغادر بتدمير مبنى السفارة ومقتل أكثر من ستين دبلوماسيا وموظفا عراقيا فضلا عن عدد من المراجعين اللبنانيين الذين كانوا في المبنى ساعة وقوع الانفجار.
كان الصحافي حارث طاقة، الذي لم يكن قد بلغ الخامسة والثلاثين من عمره، قد باشر عمله قبل بضعة أشهر من الحادثة كمستشار صحافي في السفارة العراقية في بيروت. وشاءت الصدف أن يقع الانفجار تحت مكاتب الدائرة الصحفية حيث كان حارث موجودا فتناثر جسده ولم يتم العثور عليه إلاّ بعد أيام طويلة، فيما كانت زوجته وأطفاله يتابعون عملية البحث من شقة في عمارة مطلة على مبنى السفارة.
وكان حارث قبل تلك الحادثة بوقت قصير في العراق، قد تحدث إلى أكثر من قريب وصديق متنبئا بقرب موته، حتى أنه رجا واحدا من أقاربه في إحدى الليالي أن يعتني بأسرته بعد وفاته. وكان حارث قد شعر بالخطر الذي يداهم العراقيين في بيروت، وتوقع اغتياله هناك بأياد أجنبية. وعندما سأله أكثر من قريب وصديق لماذا لا تطلب العودة إلى العراق، كان يرد بالقول أنه يكره أن يوصف بالجبان.
لقد رأى حارث أن العمل الصحافي ليس ترفا بل مهمة وطنية تعرض صاحبها للخطر وللموت في كثير من الأحيان لا سيما عندما يكون هدفها نبيلا، ولهذ السبب لم يتراجع ولكنه كان مدركا بأنه مقبل على الموت فاستقبل مصيره بكل شجاعة. لقد زُهقت في تلك الجريمة أرواحُ العديد من الأبرياء العراقيين، ومن بينهم، السيدة بلقيس الراوي، زوجة الشاعر العربي الكبير نزار قباني، التي كانت تعمل في الدائرة الصحفية ذاتها في بيروت كمساعدة لحارث. كانت السيدة بلقيس، هي الأخرى، شجاعة ومتفانية، فقد كانت من المفترض أن تغادر السفارة في وقت مبكر من ذلك اليوم لتعود قرب أطفالها الذين تركتهم لوحدهم لكنها لم تفعل ذلك لأنها وجدت أن عملها يتطلب البقاء لفترة أطول في مبنى السفارة، رغم ادراكها لحجم الأخطار المحيطة بواقع عملها.
لقد وقع تفجير السفارة العراقية في بيروت بعد مرور أكثر من سنة على اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، وكان نظام الرئيس السوري السابق حافظ أسد قد تحالف مع النظام الإيراني بزعامة آية الله الخميني، وكانت إيران وحلفاؤها في المنطقة يحاولون فتح جبهات متعددة ضد العراق لاضعافه وتحجيم دوره العربي، مما جعل من المدنيين العراقيين في لبنان هدفا سهلا لكل من ناصب العداء لبغداد. ورغم أن السلطات اللبنانية في حينه، وبسبب خضوعها للضغوط الخارجية، لم تتقدم بأية معلومات مؤكدة ولم تلقِ القبض على أي مشتبه به في الجريمة، إلاّ أن أصابع الاتهام كانت قد توجهت إلى نظامي الخميني وحافظ الأسد. كما رجحت الأوساط الرسمية العراقية في حينه أن تكون أحزاب عراقية متطرفة وميليشيات لبنانية محسوبة على إيران قد ساهمت في تنفيذ العملية. ويذكر أن العاصمة السورية دمشق كانت قد ساندت وآوت أحزابا مدعومة من إيران، وسهلت نشاطاتها التخريبية، وفي مقدمتها حزب الدعوة الذي يحكم العراق حاليا. وتعد عمليات اقتحام وتفجير السفارات والبعثات الدبلوماسية من الأعمال التي تدخل في إطار النشاطات الارهابية، وفي هذا الصدد يذكر أن العاصمة اللبنانية كانت قد شهدت تفجيرات لمبان بعثات دبلوماسية أجنبية مثل السفارة الأمريكية، إذ سرعان ما أجريت التحقيقات وتم تحديد هوية الفاعل، ووضع منفذوها في قائمة الجماعات الإرهابية. غير أن السفارة العراقية وأرواح عشرات العراقيين واللبنانيين الذين استهدفوا في تفجير بيروت ظلت نسيا  منسياً ولم تسارع أية جهة إلى إثارة موضوعه. ورغم تورط أحزاب وشخصيات سياسية عراقية متطرفة، تتقلد اليوم مواقع هامة في العراق، بهذه الجرائم الإرهابية، فقد تحالفت عواصم غربية عديدة مع هذه الأحزاب والشخصيات، فيما غضت أطراف اقليمية ودولية فاعلة الطرف عن تلك الجريمة مراعاة لمصالحها مع نظامي حافظ الأسد والخميني. واليوم، بعد مضي واحد وثلاثين سنة على وقوع تلك الجريمة البشعة، ما برح العديد من أسر الضحايا ينتظر الكشف عن ملابسات الجريمة، وعمن وقف وراءها، ومن خطط لها ومولها ونفذها، لغرض محاسبتهم، وتأمل هذه الأسر أيضا بأن تسهم التطورات التي تجري حاليا في المنطقة في الكشف عن تفاصيل ذلك الاعتداء الجبان.



من قصيدة الشاعر نزار قباني في رثاء زوجته الشهيدة بلقيس  الراوي
التي استشهدت في الحادث الاجرامي الغادر الجبان
شكراً لكم،
شكراً لكم،
فحبيبتي قتلت،وصار بوسعكم
أن تشربوا كأساً على قبر الشهيدة
وقصيدتي اغتيلت..
وهل من أمـةٍ في الأرض..
إلا نحن تغتال القصيدة؟
بلقيس؟.
كانت أجمل الملكات في تاريخ بابل
بلقيس،
كانت أطول النخلات في أرض العراق
كانت إذا تمشي،
ترافقها طواويسٌ،
وتتبعها أيائل،
بلقيس،يا وجعي،
ويا وجع القصيدة حين تلمسها الأنامل
هل يا ترى،
من بعد شعرك سوف ترتفع السنابل،
يا نينوى الخضراء،
يا غجريتي الشقراء،
يا أمواج دجلة..
تلبس في الربيع بساقها
أحلى الخلاخل،
قتلوك يا بلقيس،
أية أمةٍ عربيةٍ،
تلك التي
تغتال أصوات البلابل؟

ماذا يقول الشعر، يا بلقيس،
في هذا الزمان،
ماذا يقول الشعر،
في العصر الشعوبي،
المجوسي،
الجبان
والعالم العربي
مسحوقٌ،ومقموعٌ،
ومقطوع اللسان،
فقط لعلم الاخوة القراء ان المدعو علي الاديب وفي لقاء تلفزيوني صرح بانهم اي حزب الدعوة
قد نفذوا العملية ولكنه تاسف على روح  المدعو ابو مريم الانتحاري سائق الشاحنة التي فجرت السفارة
فانظروا انهم في ثمانينات القرن الماضي ينفذون عمليات انتحارية فما بالكم اليوم والسلطة بايديهم؟

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

777 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع