المعرض الفريد من نوعه يوصف بأنه تجربة حسية متعددة الأبعاد حيث كان دافنشي يقوم بجمع العطور التي كانت متاحة في عصره.
العرب:إلى جانب اهتماماته المتعددة كالرسم والنحت والهندسة والطب والموسيقى، كشف معرض في مدينة أمبواز الفرنسية بعنوان “ليوناردو دافنشي وعطور عصر النهضة” عن موهبة أخرى لرجل متعدد المواهب حتى إنه جرب الطيران فجاءت بعده الهليكوبتر.
افتتح منذ فترة قريبة في قصر كلود لوسيه في مدينة أمبواز الفرنسية معرض “ليوناردو دافنشي وعطور عصر النهضة” ليكشف عن موهبة جديدة كان يتمتع بها صاحب الموناليزا بالإضافة إلى مواهبه المتنوعة وهي صناعة العطور، حيث يسلط المعرض الضوء على اهتمام دافنشي العميق بصناعة العطور إلى جانب اهتماماته الأخرى بالرسم والنحت والهندسة والطب والموسيقى، ويقام المعرض في القصر الذي مكث فيه ليوناردو دافنشي (1452-1519) حين انتقل إلى فرنسا بناء على رغبة ملكها فرنسوا الأول الذي حكمها من عام 1515 حتى عام 1547، الملك الذي لقب دافنشي بـ”الرسام والمصمم الأول ومهندس الملك” حيث أنزله في هذا القصر الذي يبعد عن قلعته مسافة قصيرة ليبقى قريبا منه وبقي يعيش فيه حتى وفاته حيث دفن به أيضا.
ويوصف هذا المعرض الفريد من نوعه بأنه تجربة حسية متعددة الأبعاد حيث كان دافنشي يقوم بجمع العطور التي كانت متاحة في عصره والتي كانت تصنع من الزهور والزيوت والدهون الحيوانية ويسجل وصفاتها بدقة. وكتب في إحدى أوراقه عن عطر مصنوع من البرتقال حيث قال في الوصفة “أزل هذا السطح الأصفر الذي يغطي البرتقال وقم بتقطيره في الإنبيق فتقطيره يعطي نتيجة مثالية".
وكانت العطور توضع في تلك الفترة في مواقد نحاسية تشبه المباخر، نسبة إلى البخور، إذ كانت تستخدم لإزالة الروائح الكريهة من الأجواء حيث لم تكن ثقافة الاستحمام منتشرة بكثرة بين الأوربيين في تلك الفترة، فكان يستعاض عنها بالعطور. وقد صمم دافنشي لصناعة العطور جهازا معدنيا للحرق والتقطير على شكل طائر، كما تعرض في هذا المعرض العطور التي كانت شائعة في عصر النهضة والتي كانت تصنع من التوابل والفلفل والقرفة والزوفا.
ويأخذ القائمون على المعرض الزوار إلى غرف تعبق كل منها برائحة معينة مما يضفي بعدا حسيا على التجربة. كما يضم المعرض كتب ووصفات صناعة العطور في القرن الخامس عشر. ويعيد هذا الحدث اسم ليوناردو دافنشي إلى الواجهة من جديد بعد حفل افتتاح الألعاب الأولمبية ويدعونا إلى التساؤل هل ستعود إحدى شركات العطور الكبرى إلى إحدى وصفات العطور التي ابتكرها صاحب الموناليزا وتصنع منها عطرا تسميه على اسمه؟
لا ندري قد يحدث هذا، ليكرم الفنان الإيطالي والمخترع الذي سبق عصره بمئات السنين حيث دفعته رغبته في الطيران إلى وضع أول مخطط لمركبة طائرة تمت الاستعانة به عند اختراع الطائرة المروحية الهليكوبتر إلى جانب اختراعه أول إنسان آلي متحرك ألبسه خوذة ودرع، وكان النواة لاختراع الروبوت في عصرنا الحالي. كما اشتهر دافنشي باختراع المركبات الحربية واخترع مركبة تشبه الدبابة في عصرنا الحالي وكان أول اختراع له هو منجنيق بعربة أرسله هدية إلى أحد الملوك الطليان.
وولد دافنشي في مقاطعة فينشي التابعة لمدينة فلورنسا الإيطالية ومنها أخذ لقبه دافنشي وترعرع في فلورنسا وفيها رسم أشهر لوحاته الموناليزا (الجوكندا، نسبة إلى لقب زوجها جوكند) 1503 التي مازالت تحير النقاد والعلماء حتى عصرنا الحالي لكشف هويتها وسر ابتسامتها الغامضة، مع العلم أنها كانت زوجة تاجر قماش فلورنسي كبير طلب من الرسام أن يرسم صورة لها.
وفي شبابه انتقل دافنشي للعيش في البندقية ثم إلى ميلان واستقر بها وفيها أيضا رسم أشهر لوحاته (العشاء الأخير) 1498 التي أيضا مازالت تثير الجدل والخلاف حتى يومنا هذا بدءا من رواية الكاتب دان براون “شيفرة دافنشي” حتى عرض الافتتاح للألعاب الأولمبية في باريس.
ولدافنشي لوحات أخرى شهيرة أيضا كلوحة سلفاتور مندي – 1500 أو “المسيح مخلص العالم” التي بيعت برقم خيالي في مزاد كريستيز الشهير بنيويورك بلغ 450 مليون دولار وحطمت كل الأرقام القياسية لأسعار اللوحات الفنية، و”عذراء الصخور” التي تعتبر أول لوحة ثلاثية الأبعاد في التاريخ وقد رسم منها نسختين واحدة معروضة في اللوفر وواحدة في المتحف الوطني في لندن، ولوحة سيدة مع قاقم 1489 ولوحته الشهيرة “الرجل الفيتروفي 1459”، وتمثل رجلا عاريا في وضع متراكب أحدهم داخل دائرة والآخر داخل مربع وسميت كذلك نسبة إلى الرجل الذي تمثله وهو المعماري الروماني الشهير ماركوس فيتروفيوس الذي عاش في زمن يوليوس قيصر، وأنجز خلال حياته العشرات من اللوحات المهمة الأخرى قبل أن ينتقل للتفرغ للعلم والهندسة ويكتفي بالرسوم التوضيحية لاختراعاته الكثيرة كالفلك والموسيقى والرياضيات.
778 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع