لماذا تتكتم تركيا على نشاط الموساد: خوفا من استهداف قادة حماس أم خشية الكشف عن علاقة سرية

 لا تتسرعوا.. هذا ليس إعلان وظائف مخابرات إسرائيلية شاغرة في تركيا

العرب/أنقرة- تتكتم السلطات التركية على المعطيات الخاصة بعناصر جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) الذين اعتقلتهم، ما يثير التساؤل عن دواعي تخوّف أنقرة من نشر تفاصيل توقيف الشبكة، خاصة أن هدفها لم يكن يتعلق بالتجسس على الدولة التركية بل متابعة أنشطة “رعايا أجانب يقيمون في تركيا”، في إشارة إلى قادة من حركة حماس.

ولا يُعرف ما إذا كانت أنقرة تخشى أن يستهدف الإسرائيليون قادة حماس على أراضيها كما فعلوا في لبنان وإيران، أم تتخوف من أن يصلوا إلى بعض عقد العلاقة السرية بين الحركة الفلسطينية وأجهزة الاستخبارات التركية وقضايا التمويل ونقل السلاح.

ورفع مكتب المدعي العام في إسطنبول الاثنين دعوى قضائية ضد 20 شخصا متهمين بالتجسس لصالح الموساد، ومن بين ذلك تهمة تنفيذ أنشطة “تجسس دولي” لصالح الموساد ضد رعايا أجانب يقيمون في تركيا.

وقالت الدعوى إن وحدة الموساد تواصلت مع المتهمين، الذين قبض عليهم في تركيا في فترات متفاوتة، عن طريق نشر إعلانات الوظائف عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي من أجل الحصول على معلومات الأشخاص المستهدفين.

وأوضحت أن المتهمين حصلوا على معلومات سرية، بما في ذلك عناوين وصور مواطنين فلسطينيين وأفراد ينتمون إلى حركة حماس استهدفتهم المخابرات الإسرائيلية، ثم شاركوها مع ضباط في المخابرات الإسرائيلية.

وذكرت أن المتهمين حصلوا على أموال من المخابرات الإسرائيلية مقابل عملهم، لاسيما عبر نظام “التحويل البنكي” و”العملة المشفرة” ونظام إرسال الأموال “ويسترن يونيون”.

ولا يُعرف ما إذا كان جهاز الموساد يعمل فعلا بهذه الطريقة، أي أنه يدفع لعملاء يقومون بمهمة معقدة بهذا الأسلوب، أم أن الهدف هو حث أتراك لهم معلومات تخص قادة حماس وأماكن تواجدهم أو ترتيبات تربطهم بالأجهزة التركية على التقدم وتوفيرها للموساد مقابل مبالغ مالية هي مكافآت أكثر منها رواتب لعملاء مجندين.

وتهدف محاكمة عناصر الموساد إلى إظهار أن الأجهزة التركية قوية ولا تسمح لأي استخبارات بالعمل على أراضيها، لكن التكتم الشديد على تفاصيل التهم يعكس حذرا من توتير علاقة مهمة لأنقرة اقتصاديا وتجاريا، في حين لا يستبعد مراقبون تخوّف أنقرة من إمكانية أن تصل إلى إسرائيل تفاصيل دعم على الأراضي التركية لصالح حماس.

ولا يُعرف أيضا لماذا تجنبت تركيا إلى حد الآن توظيف التوقيفات في حق شبكة الموساد ضد إسرائيل، كما فعلت في قضايا أخرى.

ولا تريد تركيا استعداء تل أبيب، ويعود ذلك إلى اعتبارات بعضها دبلوماسي وبعضها الآخر اقتصادي. لكن يبقى أمر مهم آخر، وهو أن إسرائيل لا تزال تتعامل مع تركيا على أنها طرف محايد عمليا في الصراع، لكنها قد تغير موقفها كليا إذا وقفت شبكة مخبريها على تفاصيل تظهر دورا تركيّا ما في دعم حماس أو تقديم تسهيلات لها من أي نوع أو التغاضي عن أي نشاط لصالحها من دوائر غير رسمية تركية أو خارجية.

ومن الواضح أن الأتراك لا يريدون إثارة موضوع أنشطة الموساد أكثر من اللازم، كي لا يلفتوا الأنظار إلى وجود قيادات حماس لديهم وهو ما سيدفع الغرب إلى مساءلة أنقرة عن استضافة أشخاص هم في نظره إرهابيون، خاصة بعد هجوم السابع من أكتوبر.

ويتعامل الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، مع موضوع الجماعات التي يصنفها إرهابية بحساسية بالغة. وهو ما يجعل أي دعم لها بمثابة دعم للإرهاب حتى لو كان من جهة حليفة أو ذات أهمية أمنية واقتصادية بالنسبة إليه. كما أن إسرائيل لن تقف مكتوفة اليدين في حال اتضحت معطيات بشأن دعم تركي لحماس، وهو أساس التكتم التركي.

وظهر التوتر على الموقف التركي بعد تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس واتهم فيها أردوغان بـ”توفير أسلحة وأموال لحماس بهدف قتل إسرائيليين”، وذلك بعد أن عمد الرئيس التركي إلى توجيه انتقادات حادة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأعلن كاتس أن أجهزة أمنية إسرائيلية فكّكت “خلايا إرهابية” كانت تتلقى الأوامر من “مقر حماس في تركيا”.

وردا على ذلك قال بيان صادر عن الخارجية التركية إن “وزير الخارجية الإسرائيلي يحاول التستر على جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين بسلسلة من الأكاذيب والافتراءات وقلّة الاحترام”.

وأضاف البيان أن “الدعاية الإسرائيلية القذرة والضغوط النفسية على بلادنا ورئيسنا لن يكون لهما أي تأثير”، وهو ما يؤكد مدى الحرج التركي من إثارة العلاقة مع حماس، لما لها من تأثير على مصالح البلاد مع إسرائيل ومع الولايات المتحدة وعلى صورتها الخارجية.

وحتى قبل اتهامات كاتس، كانت أنقرة تتعامل بحذر مع حركة حماس وقادتها الذين يزورون تركيا، وتراجعت الحفاوة التي كانت تظهرها أنقرة في سنوات ماضية بضيوفها من الصف الأول في الحركة، ولا يظهر من أخبار اللقاءات المشتركة سوى كلام روتيني عن دعم تركيا للحق الفلسطيني والهجوم الكلامي على إسرائيل، وهو ما ظهر جليا في زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية قبل أشهر قليلة من اغتياله في طهران.

وفي لقائه بهنية لم يلمّح الرئيس التركي، لا من قريب ولا من بعيد، إلى موضوع استقبال قادة حماس. وتحدث عن الشأن الفلسطيني بشكل عام ومعهود؛ حيث دعا إلى الوحدة الفلسطينية وأقرّ بضرورة إيصال المساعدات إلى غزة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الطرب الأصيل

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

353 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع