العراق: توتر وتراشق إعلامي بين أنصار الصدر وقوى في "الإطار التنسيقي"

العربي الجديد:لليوم الثالث على التوالي تشهد الساحة السياسية في العراق توتراً وتراشقاً إعلامياً بين التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر من جهة، وقوى سياسية شيعية ضمن "الإطار التنسيقي"، وفصائل مسلحة من جهة أخرى، بخصوص الانتخابات والمشاركة فيها.

الصدر الذي حافظ طوال الانتخابات البرلمانية السابقة بنسخها الخمسة على نحو 25% من مقاعد البرلمان للقوى السياسية الشيعية، عاد مجدداً، السبت، للتأكيد على رفض مشاركته، بل وطرد ناشطين في التيار الصدري، لتورطهم في الترويج أو الترشح بالانتخابات المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

وعبر فضائيات مملوكة لقوى "الإطار التنسيقي"، وفصائل مسلحة بعضها يشارك لأول مرة بالانتخابات المقبلة، بدأ التصعيد بانتقاد مواقف الصدريين في مقاطعة الانتخابات وخطورة ذلك على النظام السياسي، مع اعتماد حملات على مواقع التواصل "فيسبوك، و"إكس"، و"تليغرام"، تحمل الفكرة ذاتها، وتؤكد أن البديل عن الانتخابات هي "عودة حزب البعث" أو "صعود الفاسدين"، معتبرة دعوات المقاطعة تهديداً بـ"بضياع الحكم" من القوى السياسية الشيعية الحاكمة بالبلاد.

إثر ذلك اعتبر "وزير الصدر" وهو صالح محمد العراقي، الذي يتولى نشر مواقف الصدر وآراءه السياسية، أن بديل مقاطعة الانتخابات هو "الإصلاح الشامل" و"تغيير الوجوه، لإنقاذ العراق". وهاجم العراقي، الأحد الماضي، كلاً من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وزعيم مليشيا "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي قائلاً: "كيف نعطي أصواتنا لمن تقول تسريباته إنه يريد قتلنا والهجوم علينا في النجف الأشرف؟! أو نعطيه لمن (فصّخ مصفى بيجي)!!!"، في إشارة إلى نهب مصفاة بيجي النفطية من قبل مسلحي المليشيا، وذلك في رد مباشر على الحملات التي يواجهها التيار.


وانسحب الصدر في 15 يونيو/حزيران 2022، من العملية السياسية في البلاد، مؤكداً عدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة "الفاسدين". وجاء ذلك خلال اجتماعه في النجف وقتها بنواب الكتلة الصدرية الذين قدموا استقالاتهم من البرلمان بعد ثمانية أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية. وعقب ذلك، تمكن تحالف الإطار التنسيقي، من تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، بالاتفاق مع الأحزاب الكردية والسنية.

وقال الناشط السياسي، المقرب من التيار الصدري، مجاشع التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "التصعيد الإعلامي الحالي في التيار الصدري تجاه بعض قادة الإطار التنسيقي يحمل أبعاداً تتجاوز مجرد رفض المشاركة في الانتخابات"، معتبراً أن الصدر الذي "يستند إلى قاعدة جماهيرية كبيرة قادر على قلب موازين المشهد السياسي الحالي". وأضاف أن التصعيد ضد أغلب قادة الإطار ليس عاطفياً، بل رسالة سياسية واقعية، بأن التيار الصدري، لن يمنح الشرعية لوجوه يعتبرها مسؤولة عن الفشل والفساد والانقسام".

وتابع: "الهدف المركزي هو دفع المنظومة السياسية إلى الاعتراف بضرورة التغيير الشامل في العراق، وإجبارها على مغادرة منطق المحاصصة والتبعية والفساد، وتداعيات هذا الموقف متعددة: فمن جهة، قد يفاقم الانسداد السياسي ويؤجل الاستحقاقات الدستورية، ومن جهة أخرى قد يعزز حضور التيار قوة رقابية وضاغطة من خارج البرلمان".

موقف الصدر أثار تفاعلاً واسعاً في الساحة العراقية، ونظم المئات من أنصاره في عدد من مناطق البلاد، وقفات احتجاجية رفعوا فيها لافتات ورددوا شعارات، تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، حاملين صور زعيمهم الصدر. وفي تأكيد على تمسّكه بقرار عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، أعلن الصدر في بيانات نشرها خلال الأسابيع الماضية، البراءة من المرشحين للانتخابات؛ الذين ينتمون إلى الخط الصدري أو من أنصاره، في إشارة صريحة لامتناعه حتى عن المشاركة بشكلٍ غير مباشر.

وقال رئيس مركز الرفد للإعلام والدراسات الاستراتيجية، عباس الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "الصدر يرى أن المشاركة في الانتخابات لن تغير من الوضع الراهن، بل قد تؤدي إلى تعزيز الفساد وترسيخ الأمر الواقع بالبلاد، وهذا الموقف قد يعني اعتماده على سياسة طويلة الأمد، تهدف إلى إحداث تغيير جوهري في المشهد السياسي العراقي"، مبيناً أن "هناك تداعيات لموقف الصدر على الوضع السياسي والانتخابي، أبرزها التأثير في نتائج الانتخابات، فقد تؤدي مقاطعة الصدر للانتخابات إلى تغيير في نتائج الانتخابات، وربما تؤدي إلى صعود قوى سياسية جديدة". وتوقع أن يزيد موقف الصدر من حدة الاستقطاب السياسي في العراق، مما قد يؤدي إلى توترات سياسية واجتماعية.

وأشار الباحث في الشأن السياسي من أربيل، ياسين عزيز، إلى وجود تصعيد سياسي جديد بين الصدر وقوى الإطار التنسيقي، مبيناً أن "القناعة المعلنة من الصدر أن لا أمل بأي إصلاح من خلال الانتخابات في ظل وجود الوجوه والأحزاب نفسها"، معتبراً أن تصريحات المخول باسمه "وزير الصدر"، تؤكد أن المواجهة ذاهبة مع جهات معينة داخل الإطار التنسيقي.

وعلق الناشط في التيار الصدري، سيف رعد طالب، على بيان الصدر، قائلاً في منشور له على "إكس"، "هو ليس دفاعاً عن المقاطعة، بل صرخة لإصلاح وطن يراه أمام الأعين يغرق.. التوقيت ليس صدفة، المرجعية تنادي بلا مجيب والانتخابات بلا أمل!"، مبيناً أن "استراتيجية الصدر هي محاولة تحويل المقاطعة لأداة ضغط لإصلاح شامل، فإن جرى تجاهلها فأعتقد بأن القواعد الشعبية جاهزة".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

451 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع