شاعرنا أبو الطيب المتنبي ..

       

 




لقب بماليء الدنيا وشاغل الناس حتى قيل انه لم يحز شاعر شهرة المتنبي ، شاعر العرب الذي تجسدت في شخصيته صفات العرب وفي شعره تجسدت مزايا الشعر الاصيل كان اوسع شعراء العرب شهرة على الاطلاق واعظمهم في راي كبار النقاد والادباء ، ترجمت بعض اشعاره وارائه في الحياة الى اللغة الانكليزية بعنوان رباعيات ابي الطيب المتنبي .



هو احمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي ولد في الكوفة سنة 303 هجريه [915م]في محلة تسمى كندة كان ابوه سقاءا فيها ووالدته توفيت في صباه ونعرف القليل عنهما إذ لم يتناولهما شعره. ويبدو أن المتنبي قد تربى على يد جدته بعد أن قضى فترة من طفولته في البادية. ولقد ذكر جدته في شعره مسميا إياها أما ونعرف عنها أنها من صلحاء النساء العربيات في الكوفة التحق بمدرسة الاشراف العلويين (وهذا يدل عى ان نسبه شريف) رافق اباه الى بلاد الشام وثم ثنقل في البادية واخذ عن اهلها فصاحة اللفظ وبلاغة العبارة . تزوج في العام 329هـ[940م] على الأرجح من شامية أنجب منها ولده الوحيد محسد .

حفظ المتنبي الكثير من شعر العرب وفاق معاصريه على الاطلاق منذ نشاته كبير النفس عالي الهمة طموحا وحتى بلغ من كبر نفسه ان دعى الى بيعته للخلافة وهو حديث السن ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثير من بني كلب وغيرهم لذلك سمي المتنبي وقبل ان يستفحل امره خرج اليه لؤلؤ امير حمص ونائب الاخشيد فسجنه حتى تاب عن دعوته فاطلقه وكان اذا جلس في مجلس سيف الدولة واخبروه عن هذا الكلام انكره وجحده لكن لقب المتنبي ظل لصيقا به ، ومنذ ذلك الحين سعى الى طلب الثروة والمقام الرفيع بشعره ،متقربا من ذوي النفوذ والسلطان ،ناظما فيهم المدائح مترددا عليهم في مختلف المناطق ولزم سيف الدولة بن حمدان صاحب حلب تسع سنوات ،غادرها الى مصر سنة ستة واربعين وثلاثمائة وحاكمها انذاك كان كافور الاخشيدي فمدحه ومدح انوجور بن الاخشيد وكان يقف بين يدي كافور وفي يرجليه خفان وفي وسطه سيف ومنطقة ويركب بحاجبين من مماليكه وهما بالسيوف والمناطق وكان المتنبي يطمح في ولاية فلم يوله كافور فزوى عنه وجهه فهئه هجائا لاذعا وفارقه ليلة عيد النحر سنة خمسين وثلاثمائة فوجه كافور خلفه عدة رواحل فلم تلحقه وقصد بلاد فارس ومدح عضد الدولة بن بويه الديلمي فاجزل صلته .قصد بغداد ولم يمدح الوزير المهلبي لانه كان يترفع عن مدح الملوك ،غضب عليه عضد الدولة فارسل اليه فاتك بن جهل الاسدي مع جماعته وهو في طرقه للكوفة كان مع المتنبي جماعته ايضا فتقاتل الفريقان فلما راى ابو طيب الدائرة عليه هم بالفرار , ويقال ان غلامه قال له :يا ابا الطيب اما انت القائل الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم ,فقال له المتنبي :قتلتني قتلك الله ,فرجع وقاتل هو وابنه مُحسد وغلامه مُفلح ,دارت هذه المعركة الي قتل فيها المتنبي بالنعمانية في موضع يقال له الصافية من الجانب الغربي من سواد بغداد وتناثرت كتبه وأوراقه وبينها ديوان أبي تمام شاعر المتنبي المفضل. ,وكان عند مقتله في الحادية والخمسين من عمره

 

أدب ومكانة المتنبي :

حظي شعر المتنبي باهتمام وقراءة وشرح لم يحظ به أي شاعر آخر لا في الجاهلية ولا في صدر الإسلام ولا في أي عصر بعده. ولقد أقترح بعض نقاد الشعر القدماء بأن أجمل بيتا للشعر قالته العرب هو بيت المتنبي في الغزل

لك يا منازل في القلوب منازل أقفرت أنت وهن منك أواهل

لكن مكانة المتنبي تبرز من خلال تعبيرة عن خوالج النفس العربية على مدى الأزمان بما جعله أكثر الشعراء شعبية . لقد جرى شعر المتنبي مجرى الأمثال الشعبية لما فيه من بلاغة وحكمه وفهم ومحاكاة للطبيعة الإنسانية . ومن بعض الأبيات التي جرت مجرى الأمثال:

-ما كل ما يتمنى المرء يدركه ***  تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
-ذو العقل يشقى في النعيم بعقله *** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ***  حتى يراق على جوانبه الدمُ
والهجر أقتل لي مما أراقبه أنا الغريق فما خوفي من البللِ
إذا أتتك مذمتي من ناقص *** فهي الشهادة لي بأني كاملُ
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ***  إن أنت أكرمت اللئيم تمردا
أعز مكان في الدنا سرج سابحٍ  ***  وخير جليس في الزمان كتابُ
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميتٍ إلامُ
ومن يك ذا فم مر مريض  ***  يجد مراً به الماءا الزلالا
عيد باية حال عدت يا عيد  ***  بما مضى أم لأمر فيك تجديد
على قدر أهل العزم تأتي العزائم  ***  وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
الرأي قبل شجاعة الشجعان  ***  هو أول وهي المحل الثاني


عصر أبي الطيب:

شهدت الفترة التي نشأ فيها أبو الطيب تفكك الدولة العباسية وتناثر الدويلات الإسلامية التي قامت على أنقاضها. فقد كانت فترة نضج حضاري وتصدع سياسي وتوتر وصراع عاشها العرب والمسلمون. فالخلافة في بغداد انحسرت هيبتها والسلطان الفعلي في أيدي الوزراء وقادة الجيش ومعظمهم من غير العرب. ثم ظهرت الدويلات والإمارات المتصارعة في بلاد الشام، وتعرضت الحدود لغزوات الروم والصراع المستمر على الثغور الإسلامية، ثم ظهرت الحركات الدموية في العراق كحركة القرامطة وهجماتهم على الكوفة. لقد كان لكل وزير ولكل أمير في الكيانات السياسية المتنافسة مجلس يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلة دعاية وتفاخر ووسيلة صلة بينه وبين الحكام والمجتمع، فمن انتظم في هذا المجلس أو ذاك من الشعراء أو العلماء يعني اتفق وإياهم على إكبار هذا الأمير الذي يدير هذا المجلس وذاك الوزير الذي يشرف على ذاك. والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلاً يرتحل إلى غيره فإذا كان شاعراً معروفاً استقبله المقصود الجديد، وأكبره لينافس به خصمه أو ليفخر بصوته. في هذا العالم المضطرب كانت نشأة أبي الطيب، وعى بذكائه الفطري وطاقته المتفتحة حقيقة ما يجري حوله، فأخذ بأسباب الثقافة مستغلاً شغفه في القراءة والحفظ، فكان له شأن في مستقبل الأيام أثمر عن عبقرية في الشعر العربي. كان في هذه الفترة يبحث عن شيء يلح عليه في ذهنه، أعلن عنه في شعره تلميحاً وتصريحاً حتى أشفق عليه بعض أصدقائه وحذره من مغبة أمره، حذره أبو عبد الله معاذ بن إسماعيل في اللاذقية، فلم يستمع له وإنما أجابه مصرا ً: أبا عبد الإله معاذ أني. إلى أن انتهى به الأمر إلى السجن.


نسب شريف:

في نسب أبو الطيب خلاف، إذ قيل أنه ابن سقاء كان يسقي الماء بالكوفة، وقيل أنه ابن عائلة فقيرة، وقيل أن أصوله من كندة، وهم ملوك يمنيون. ودس خصومه في نسبه، لكن الأستاذ الشاعر محمد السويدي يرجح أن نسب أبو الطيب نسب شريف، واستدل على ذلك بالتحاقه في مدرسة الأشراف العلويين وهو صغير
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به     
    في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل
والهجر أقتل لي مما اراقبه     
    أنا الغريق فما خوفي من البلل


إعـــداد وأختيــــار ... إبراهيــم الأعظمـــي

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1054 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع