الخوريات ....الجزء الثالث

            

         الخوريات .. قبساتٌ .. وإضاءات ..( الجزء الثالث )

          

                       بقلم جمهور كركوكلي

            

واهمٌ من يعتبر الشعر الشعبي التركماني المتمثّل بالخوريات ، نمطاً أدبياً دارجاً  وبسيطاً ،يخلو من المحسّنات اللفظية والمعنوية ، ومن فنون البلاغة والبيان والبديع ، كما يمتاز بها الشعر الديواني القديم .حيث يطنب شاعر الديوان ويبالغ في أستعمالها ، في أغلب الأحيان .
فشاعر الخوريات كما يرى الدارس والباحث ، حين يزّين شعره بها ، لا يبالغ ولا يتّعد المعقول ، بل يستخدمها كأستخدام الملح في الطعام والذي ( قليله يُصلح ،وكثيره يُفسد ) ..
وسنتناول اليوم بشكل سريع نماذج من الخوريات القديم استعمل الشاعر فيها ( المبالغة ) كمحسّنة معنوية ، وكفن من فنون البديع ، في مسعى منه  لتلطيف وتحسين  الصورة الشعرية في ذهن المتلقي والقاريء ، والتحليق به الى درجات السمّو والرفعة ..
بدءاً المبالغة كمصطلح ، كالمشاركة والمعاونة، نقول: بالغَ الشاعر في المدح أو الذم، يبالغ فيه، مُبالغةً، فهو شاعر مُبالِغ، والمدح والذم والوصف..الخ مُبالَغ فيه.
والمبالغة في الكلام: تجاوز الحد فيه، وفي الأكل والشرب: الإفراط فيه.
وبَالَغَ في شيء مبالغة، وبلاغاً: اجتهد فيه واستقصى
هذا بعض مما ورد في معاجم اللغة توضيحاً لطرف من معنى المبالغة. بعد هذا التعريف العابر للمبالغة ، سنتناول بعضا من النماذج الشعرية للخوريات حيث يحاول فيها الشاعر اضافة لمسات فنية تشويقية ، ليفتح صفحة خيالية ويعرض مشهداً مختلفاً لا يتوقعه القاريء ، وينبهر أمام المشهد الذي ينقله على اجنحة الخيال الى عوالم اخرى، أبهى صورةً ، وأجمل منظراً ..
 
(( ئوزيوده كّوز يه ري وار ... كيم سنه باختي يارم .؟!! ))
 
من كثرة النظر الى وجه حبيبته ، الى حد الأدمان ، يكاد الشاعر هنا يعرف أن أحدهم أختلس نظرة من وجه حبيبته في غيابه ، لذا فهو يتسائل بدافع الخوف والغيرة : من ذا الذي نظر الى وجهك وترك عليه أثرا ؟؟
ونكاد نستشف من هذا الحوار السريع والسؤال بين الشاعر وحبيبته ، أن شاعرنا قد حفظ كل تفاصيل وجه الحبيبة ، حتى بات يعرف بالحدس والظن ، اثار حتى مجرد النظرة البريئة لوجهها ، رغم أستحالة معرفة ذلك بالمقاييس المعروفة ، لكن ، هي المبالغة التي بدونها يكون المطروح واقعاً ، والمتخّيل فيها جامداً لا يوقظ شعوراً ، ولا يثير أحساسا ً
وشاعر اّخر يتعّد المعقول بشيء من اللطافة ، وهو يسكب تجربته الحياتية في ما يشبه الحكمة والقول المأثور ، أذ يقول :
اي وار بير كّونه .. ده كّمز .. كّون وار يوز اّيا ..ده كّر ..
 
ويحس القاريء هنا  أنه ازاء نظرية ( انشتاين ) النسبية التي تنص على ( أن حركة الأجسام تكون نسبية مع تغير الوقت، وأن مفهوم الوقت لم يعد ثابتاً ومحدداً، وربطت  بين الزمان والمكان، بحيث تتعامل معها كشيء واحد، بعد أن كان يتم التعامل معهما كشيئين مختلفين. وجعلت الوقت يرتبط بسرعة الجسم وحركته، وأصبح هناك مفاهيم لتقلص وتمدد الزمن في الكون ) . وقطعا أن شاعرنا لم يطلّع على هذه النظرية ولم يسمع بها ، لانه لم يدرك أنشتاين بل وسبقه بعشرات السنين ، إلّا أنه أكتشف بالفطرة أن الوقت يتمّدد ويتقلّص حسب الزمان والمكان ..!!
فهو حين يكون مع حبيبته يحس أن الدقائق و الساعات ، تمضي سراعِاً كلمح البصر ، و تُبطأ وتكاد أن تتوقف حين يكون بعيداً عنها .!!
ذلك ما يدعوه ليقول : أن ثمة شهرٌ لا يساوي يوماً ، وثّم يومٌ يعادل مئة شهر ...
والى قبسات وإضاءات أخرى ....

للراغبين الأطلاع على الحلقة الثانية:

http://www.algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/thaqafawaadab/18220-2015-08-06-11-57-12.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

4752 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع