رحيل الشاعر ديريك والكوت الحائز جائزة نوبل للاداب
وكالات الأنباء/لندن- كيف يمكن للشعر أن يحمل موضوعاً ثقيلاً مثل تاريخ الكولونيالية؟ إجابة هذا السؤال لا تكتمل من دون قصائد الشاعر والكاتب المسرحي الكاريبي ديريك والكوت (1930-2017) الذي رحل امس الاول في منزله في الجزيرة الكاريبية سانت لوسيا عن 87 عاماً إثر متاعب صحية لم تُعلن تفاصيلها. التقط والكوت في شعره جماليات المكان الكاريبي وتناقضاته التاريخية من الاستعمار والعبودية، ناسجاً عالماً فريداً وغنياً تنوّع بين القصائد القصيرة والمطوّلات. كتب أشعاراً تضاهي الملاحم الإغريقية، فأصدر “أوميروس ” سنة 1990، وفيها يعيد تخيّل الـ أوديسا، ملحمة حقّقت له، إثر نشرها، شهرة وحضوراً شعرياً أكسبه “نوبل” بعد نشرها بعامين. قبل هذه الملحمة بعقود، كان والكوت قد نشر مجموعته “في ليل أخضر” عام 1962، أتبعها بعدة مجموعات غريبة وجديدة في شعريتها وخلال فترة قصيرة. لم يكن من الممكن تجاهل هذه الأعمال من النقّاد، فقد كان صوتها من الفرادة والقوة بمكان، بحيث دفع نقّاداً عالميين في بريطانيا وأميركا إلى كتابة قراءات حولها، وتوقّع مكانة استثنائية في الشعر العالمي لكاتبها.
تحضر الحياة الكاريبية وتفاصيلها في شعره؛ يظهر البحر والشطآن البيضاء والغابات والطيور والمناخ والطقس والمستنقعات والطحالب وتحضر الموسيقى معها، والتعدّد الثقافي واللغوي. نشر والكوت قصيدته الأولى وهو في عمر الـ 14 عاماً، حين استدان من والدته الأرملة الشابة معلمة المدرسة لينشر قصائده في كتيّبات. ولمّا أصبح في عمر الدراسة الجامعية انتقل إلى جامايكا، حيث تخصّص في الأدب الفرنسي واللاتيني والإسباني وبدأ في تلك المرحلة كتابة الأعمال المسرحية، ومنذ ذلك الوقت ارتبط والكوت بالمسرح وألّف ثمانين نصاً يدور معظمها عن إشكالية الهوية في ظل الصراع العنصري والسياسي، وتعدّ “حلم على جبل مونكي” أشهر هذه الأعمال. بعد نهاية دراسته الجامعية، عاد والكوت إلى سانت لوسيا حيث عمل مدرّساً وواصل الكتابة الشعرية والدرامية. من أبرز مجموعاته “قصائد مختارة” (1964)، “الخليج” (1970)، “عنب البحر” (1976) وصولاً إلى “قارئة الحظ” (1981) وحتى آخر مجموعاته الشعرية “البلشون الأبيض” (2010) والتي نقلها إلى العربية الشاعر العراقي غريب إسكندر. تزوّج والكوت ثلاث مرات، لديه ابن وبنتان وأحفاد كثيرون، أما شقيقه التوأم رودريك فكان كاتب مسرح أيضاً. كان يقول إن “قدر الشعر أن يحب العالم رغماً عن التاريخ”، وأن وقت العالم بالنسبة إلى الشاعر هو الصباح دائماً، وفي الصباح رحل ديريك والكوت وفي الجزيرة التي وُلد فيها.
936 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع