صدور المجموعة القصصية "وداعاً مدينة القمر" للباحث الآثاري حامد خيري الحيدر
عن دار ميزر للنشر والتوزيع (مالمو- السويد)، صدرت للباحث الآثاري حامد خيري الحيدر، مجموعته القصصية "وداعاً مدينة القمر" / "حكايات من خيال بلاد ما بين النهرين القديمة". المجموعة ضمّت بين صفحاتها المائتين وأربعين من القطع المتوسط عشرين حكاية، إضافة الى المقدمة ومُلحق صغير، هو عبارة عن مُعجم مُبسّط، وضّح فيه الكاتب بشكل سلس مُستساغ معاني العديد من الكلمات والأسماء التاريخية التي وردت بين ثنايا الحكايات.
وداعاً مدينة القمر ... هي ليست مجموعة حكايات في حقيقتها، بل مجموعة رحلات هائمات، سافر بها حامد خيري الحيدر على أجنحة الخيال، مُختزلاً حدود الزمان والمكان، سالكاً دروباً غير مطروقة، مُعبّدة برياح الماضي وعَبق التاريخ، ليصل حنين أيام خوالٍ مضت، بمعاناة واقع مُرٍّ ثقيل أستباح أمنيات شعب النهرين الخالدين، راسماً بجمالية متناهية ورمزية بليغة، صورة شعب توارث الألم والأمل منذ ولادته وحتى الآن، مزيلاً حواجز ثقيلة لفهم حقيقة واقعنا المرير الراهن، ليكشف بين نقائض ألوانها وتقاطع خطوطها أحجية هذه المتاهة التي نحيا دقائقها كل يوم.
يتنقل الكاتب بأسلوب شيّق جذّاب بين حواضر العراق القديم ... فمن نواح ثكالى "أور" على مدينتهن المدمّرة، وحيرة شعب "أريدو" وهو يرنو الى أفق خلاصه، الى تشبث شباب "أوروك" بأرضهم الأم، وغليان أزقة "لكًش" الثائرة بوجه الظلم، ومن عيون أهل "نينوى" الحالمة بسلام يرطّب أيامها، وحنين شيوخ "سبار" لماضٍ بهيج لم يبق منه سوى رماده، الى شعب "بابل" المنفي خارج أسوار الوطن، وصمود مثقفي "كيش" الصارخين بالحقيقة رغم السنتهم المقطوعة، يَمُدّ حامد خيري الحيدر جسوراً بين بقايا ماضٍ لم يبق منه سوى ركامه، وحاضرٍ مرّ نستنشق اليوم غبار معاناته.
يصل من يقرأ هذه المجموعة القصصية إلى حقيقة ساطعة تضاهي نور الشمس، تفاخر بها تعاقب الأجيال، هي أن شعب الرافدين قد خُلق ليبقى رغم جور الزمن، متباهياً بسواعد أبنائه السُمر وهي تقود بإباء وصبر سفينة الحضارة، مُتحدياً أمواج الحياة المتلاطمة، حاملاً معه أينما حلّ غصن الحياة الغضّ رغم ثقل أحزانه، مُترجماً آهاته ولواعج صدره وهموم قلبه، بأغاني شجنٍ تتحدى عُنجهية الطغاة، وابتسامات طفولة ذُبحت قرباناً لميلاد فجر جديد، ووروداً حمراء يانعة تزين صدور الحالمين بالعودة يوماً الى ظلال النخيل، لينال الخلود رغم استحالته، لقناعته الراسخة وإيمانه المطلق بعظمة الأنسان وحتمية انتصاره. فها هو "تُموز" كلما قَست زوابع القهر واشتدّت حُلكة الدهماء، يُبعث من جديد، ممزقاً كفنه، مُردداً أهزوجة الوجود التي يسافر صداها مع نسائم الربيع المُعمدة بمويجات الفرات.
777 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع