حوار مع مبدع من بلادي في مدينة المفكر والشاعر الألماني غوته جرت مراسيم تكريمه.
المخرجة التلفزيونية ستيفاني دوتزر: لم نكن نعلم بأن العراقيين كانوا يعانون الى هذا الحد جراء الحرب الامريكية عليهم.
ليث مشتاق: عملت مصورا حربيا في العراق وافغانستان ومصورا في اليابان وتشاد والنيجر واوغندا وموريتانيا والصحراء الكبرى.
حاوره : احمد الحاج
"بغداد تتنفس"، برنامج من اعداد الصحفية الالمانية ستيفاني دوتزر حاز على جائزة افضل برنامج في التلفزيون الالماني، سلط الاضواء على مراحل مختلفة من حياة مصور عراقي اختزل من خلال حياته الشخصية والمهنية حقبا زمنية مريرة عاشها العراقيون ومازالوا ، فما هي البطاقة الشخصية لهذا المصور الشاب وبإيجاز ؟
- اسمي ليث عاصم مشتاق .. العمر 42 سنة .. عراقي .. مهنتي مصور حربي ومنتج برامج وثائقية عملت في العراق وافغانستان وطاجكستان واليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتشاد والنيجر والصحراء الكبرى ومالي واوغندا ونيجيريا وموريتانيا والمغرب ولبنان والبحرين وسوريا والمملكة السعودية حاصل على دورات في التصوير الحربي والتغطية في الاماكن القتالية إضافة الى دورات في الصحافة المكتوبة في مراكز دولية للتدريب والتطوير الاعلامي ،هذا باختصار ولا ادري ان كانت الاجابة كافية أم لا؟.
*لماذا اختارتك ستيفاني دوتزر بطلا لبرنامجها؟
- اعتقد ان السؤال يجب أن يوجه لستيفاني، رغم اني سألتها ذات السؤال مرة، فقالت ، السبب هو طريقة التعبير عن المصاعب والآلام التي مررت بها وربطها بالجانب الانساني ، وجمعك بين المتناقضات، والقدرة على العمل والوجود وسط الجثث والدماء والرصاص والقتال ، والاحساس المرهف تجاه معاناة الضحايا التي قد تكون مانعا من مواصلة العمل في تلك الظروف ، ولغتك في التعبير عنها رغم ان اللغة الانكليزية هي ليست لغتك الام.
*ماهي ابرز الاعمال التي تنافستْ للفوز في المسابقة ، وما هي المميزات التي رشحتْ برنامج دوتزر للفوز كافضل برنامج في التلفزيون الالماني؟
-كان نص رسالة الدعوة التي وصلتني من اتحاد الصحفيين الالمان: ان برنامج "بغداد تتنفس" حاز على جائزة افضل برنامج والذي اعدته الصحفية ستيفاني دوتزر حيث تناول حياة مصور عراقي وهو ليث مشتاق، وعادة ما نمنح جائزة ثانية وثالثة، الا ان تلك القصة جعلتنا نحجب الجائزتين لعدم وجود قصة تستحق التكريم والمناسة بجانب بغداد تتنفس".
وتحدثت الرسالة عن الابداع والحس العاليين اللذين امتازت بهما ستيفاني ونوع الاسئلة والروح التي جمعت بين الاثنين اي ستيفاني وليث، والتي ادت الى تناغم كبير في ايقاع البرنامج، حساسية استيفاني وتفاعلها مع القصة تماما، تمخضت عن الابداع في طريقة الاعداد ، ستيفاني كانت تسجل كل شيء وكل كلمة اقولها وفي كل مكان في الشارع في المطعم في السيارة، وكثيرا ما بكت وأبكتني معها!!.
*كيف تلقيت نبأ فوز البرنامج؟
- كنت حينها في شمال شرق تشاد، لتغطية المناوشات العسكرية بين المتمردين التشاديين والحكومة آنذاك، وكنت تحديدا في مدينة ابشي، بعد يوم طويل من العمل في الصحراء مع انعدام وسائل الراحة، اتصلت بستيفاني وقلت انا بحاجة لاجازة، وافكر بالذهاب الى المانيا، قالت لاتفكر، يجب ان نذهب سويا قبل يوم 6-6 ، قلت، لماذا؟، قالت لم اشأ ان اخبرك لكن قصتنا فازت بالجائزة الاولى، أطرقت رأسي .. دمعت عيناي .. قلت ستيفاني لم نفز نحن .. بل فاز ضحايا العراق ، وطيبة اختي (الشهيدة) وزميلي رشيد والي.. انا اشكرك ستيفاني .. اشكرك قالت بل أنا الذي اشكرك .. انها قصتك.
* نود أن تعطينا نبذة مختصرة عن ما دار في حفل التكريم، وما شبه من حوارات ولقاءات صحفية؟.
- كان الحفل في مدينة وايمر الالمانية ، المدينة التي عاش فيها الشاعر والمفكر غوته ، واقيم الحفل في احد القصور القديمة التي تعود الى القرن السادس عشر ، الطريف في الأمر ان احداً لم يعلم احد بحضوري، فقد اخفى المنظمون بان ليث موجود على ان تكون مفاجئة للحضور وطلب مني عدم افشاء الخبر فكنت اجلس بين نقيبة الصحفيين وستيفاني لكن لا احد يعلم من هذا الشخص، والحق اقول لك، لقد عوملت باحترام وتقدير فريدين، وبعد توزيع الجوائز تم اذاعة البرنامج، وشاهدت الدموع في عيون الكثير من الحضور الذين تابعوه بإهتمام بالغ، ونهضت نقيبة الصحفيين وهي تبكي وطلبت من ستيفاني ان تترجم لي ما تقوله بالالماني ( لقد لمست قلبي ياليث بتلك الحكاية، لم نكن نعلم بان العراقيين يعانون الى هذا الحد، فالاعلام الامريكي الذي هيأ للحرب كان يصور لنا الامور بشكل مختلف تماما)، ثم اعطت المكرفون لستيفاني لتقول كلمة، ثم ناولتني المكرفون لتقول هذا هو ليث مشتاق، وتحدثت للحضور عن بغداد، ومعاناة العراقيين هناك، وعن الانسانية التي تجمع البشر على اختلاف الوانهم، وأديانهم، فلله المشرق والمغرب، وان المنصفين والكتاب والصحفيين في الغرب مطالبون بالبحث عن الحقيقة، فرسالتنا نحن الصحفيين ليست فقط نقل الخبر، بل نحن نوثق التاريخ، فعلينا مراعاة الانسانية في ما نقول ونكتب، فان الطفل في العراق كما الطفل في غزة كما الطفل في صحراء النيجر كما الطفل في برلين، هو طفل، وعليكم يا رجال الاعلام تقع مسؤولية توعية الرأي العام في اوربا، ليعلموا بما جرى ويجري في كل يوم، كنا بلدا بلا امية في عام 1994 والعراق اليوم يضم ما لا يقل عن 7 ملايين أمي، لدينا من الخيرات الكثير، لم نميز يوما بين مسلم ومسيحي، فالدين لله والوطن للجميع، حتى دمر بلدنا تحت ذرائع انتم اثبتم عدم جدواها فضلا عن وجودها، اما آن لنا ان نعيش كباقي شعوب الارض؟.
*هل كان لهذا الفوز تأثير على حياتك الشخصية والمهنية ؟
- على المستوى الشخصي نعم، فالاحساس بالمسؤولية تجاه اي عمل اقوم به في اي بلد يزيدني خبرة، فهو عمل صحفي وشهادة على واقع وحال اناس في مكان ما من هذا العالم، على المستوى المهني قابلني كل الزملاء في الجزيرة بدءاً بالمدير العام مرورا باخوتي وزملائي بالتهنئة والتشجيع وكتبوا لي الكثير، فانا اتشرف بالعمل ضمن تلك الاسرة الكبيرة قلبا وقالبا التي اصبحت بيتي الثاني الذي اعيش فيه منذ سنوات والتي لم تبخل علي بالخبرة والتشجيع من قمة الهرم الاداري وصولا الى ادناه .
*هل كان الشرق حاضرا في حفل التكريم وهل طرحت أسئلة ودارت نقاشات بشأن صراع الاديان والحضارات وبأي شكل كان ؟
- في الحقيقة كان الشرق حاضرا على مدى عام من علاقتي بستيفاني دوتز اولا، فهي مهتمة به كثيراً وحصلت على دورات في المركز الثقافي العربي في ميونخ قبل لقائي بها، وكتبت الكثير من المقالات عن ذلك في الصحف الالمانية، وقد تحدثنا في البرنامج عن بعض النقاط المتعلقة بالدين منها عملي كمصور ببغداد، كما تحدثنا كيف ان البعض يصدرون احكاما مسبقة على اي شخص من خلال دينه، فمن اتباع كل دين، اي دين، هنالك الصالحون والاشرار، وكنت قد اشرت ماالذي تعرفونه عن الاسلام مثلا، أؤكد لكم ان الكثيرين يجهلون حقيقة الدين الاسلامي، الذي أمر نبيه صلى الله عليه وسلم جيشا بالتوقف ليعيد عصفوراً صغيرا لامه، قائلا (الله ارحم باحدكم من هذه على فراخها)، او حين يقف لجنازة يهودي قائلا (أليست نفسا)!!، وضربت مثلا بالسكين التي كانت على الطاولة، امسكت بها وقلت هذه الاداة، قد تستخدم للطبخ، وقد تستخدم للقتل، ترى هل العيب في السكين ام بمن يمسك السكين ؟؟ الدين وسيلة للوصول مرضاة الله، احترم دينك وتحترم ديني، نحن في الانسانية سواء لافرق بيني وبينكم
*ماذا تحب ان توجه في كلمة اخيرة ؟
- اشتاق لبغداد التي عرفتها، والى الطيبين هناك الذين صاحبتهم وتعلمت منهم الكثير الكثير. واتوجه بالتحية لقراء دار السلام الذين اعتقد ان منهم من لايزال يذكرني يوم كنت مصورا شابا وانا لم أنسَ احدا منهم، واقول ايضا لمن يتابع التقارير التلفزيونية على الشاشة، لاتتخيلو ذلك الكم من الجهد الذي يبذل والمجازفة التي نعيشها كي ننقل لكم تقريرا في دقيقتين، ان زملاء عرب واجانب دفعوا حياتهم ثمنا لتلك الصور التي تطالعكم في نشرات الاخبار، وان الاعلامي حيثما كان، ومن اي جهة كان، انما يقدم لكم خدمة لتصل اليكم المعلومة الخبرية او التثقيفي..
3333 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع