أتجّنب تمثال والدي كلما مررت به في البصرة
العرب/مسقط - عبر نجل الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب، عن ألمه بسبب الإهمال الذي لقيه والده والاهتمام المتأخر بإرثه الشعري بعد وفاته.
وقال المهندس غيلان بدر شاكر السياب أن الأوساط الثقافية والرسمية لم تنتبه إلى عبقرية والدي الشعرية عندما كان حياً، بل واجهته بكثير من القسوة ونالت منه وعرّضت به كثيراً.
وأضاف غيلان من مقر إقامته في السعودية في حوار دشّن به برنامج كتاب مفتوح، الذي يعده ويقدمه الشاعران عبد الرزاق الربيعي ووسام العاني عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي برعاية مركز حدائق الفكر للثقافة والخدمات في سلطنة عمان، "تعرّض إلى ظلم كبير أثناء حياته، سواء من الوسط الأدبي أو السياسي وحتى المعارف والأقارب، وقد استولى واحد منهم على نصوص لم تنشر، كتبها بدفتر، انقطع خبره، ورافقه الظلم بعد وفاته، وكان بعض هذا الاهتمام هدفه الارتزاق، كما فعلت بعض دور النشر بطباعة كتب ودراسات كثيرة مع إعادة طباعة دواوينه، وكل هذا تم بدون موافقة عائلة السياب.
وأكد أن ناشر كتاب "كنت شيوعياً" لم يستأذنهم بطباعة الكتاب. كما أن دار العودة اللبنانية التي اتفقت معهم على نشر دواوين السياب لمدة خمسة أعوام وذلك عام 1970 دفعت لهم مقدم العقد ولم تدفع المبالغ الأخرى، رغم استمرارها بطباعة الدواوين تحت مسمى الطبعة الأولى، إلا بعد تدخل الشاعر الراحل شفيق الكمالي وتهديده لهم بمنع دخول منشوراتهم للعراق. وهكذا تعرّض السياب للظلم حياً وميتاً.
وعن ذكريات طفولته مع والده وأيامه الأخيرة ذكر غيلان أنه رغم قصرها، إلا أن ذاكرته تختزن الكثير من الذكريات اليومية التي عاشها طفلاً معه وكيف كان يحافظ السياب على روحه المرحة وابتسامته التي لم تغادره أبداً مما يؤكد أنه لم يستسلم لآلامه كما قد توحي بعض قصائده، خصوصاً ما كتبه أثناء مرضه. وتبقى للبيت الذي طلبت منهم مصلحة الموانئ إخلائه يوم وفاة الوالد ذكرى مؤلمة. كما تطرق لزيارته الأخيرة له في المستشفى الأميري في الكويت والتي توفي فيها السياب، وزياراته المتكررة هو وأختيه لوالده الراقد في مستشفى الموانئ مشياً على الأقدام، إضافة لذكرياته عن رحلته معه بصحبة الوالدة إلى بيروت.
وعن أهم الدراسات التي كتبت عن السياب، ذكر غيلان أن ما كتبه عنه صديقه عبد الجبار داود البصري هي الأهم، رغم أنها لم تنشر كاملة، بعد أن ارتأت وزارة الثقافة والإرشاد العراقية حينها اختزال الدراسة. كما أشار إلى ما كتبه أصدقاؤه الآخرون، مثل محمود العبطة المحامي وعيسى بلاطة. وعن كتاب إحسان عباس، ذكر غيلان أنه لديه مآخذ عليه، كونه قلّل من دوره في ريادة الشعر الحديث، لاقى صدى كبيراً وجدلاً كبيرا وقت صدوره، ولم ينكر وجود كتب أخرى تجاوز عددها ثلاث آلاف دراسة أنجزت، ونبّه الربيعي إلى كتب أخرى ككتاب عبدالجبار عباس، و"الأسطورة في شعر السياب" للدكتور عبدالرضا علي، وكتاب" هذا هو السياب" لمدني صالح، وبحوث للدكتور حاتم الصكر.
وعن التمثال الذي أقيم لوالده في البصرة 1971 للنحات نداء كاظم، ذكر غيلان أنه لا يجسّد الشخصية على حقيقتها، وهناك مبالغة في الأبعاد لأغراض تعبيرية وهذا مما يؤاخذه على التمثال الذي يتجّنب المرور به كلما زار البصرة، ولليوم لم يلتقط صورة معه، ونفى أن تكون والدته قد نظّفت التمثال بعد تجمّع الاوساخ عليه، كما أشيع، لكن التمثال لم يسلم من الأذى فقد اصابته شظيّة قادمة من إيران خلال الحرب العراقية الإيرانية، ولليوم يتعرّض لحملات تشويه!
وحول القصائد غير المنشورة أو المفقودة، تكلم غيلان بألم عن مجموعة من قصائد البدايات التي احتفظ بها أحد الأقارب وامتنع عن تسليمها للعائلة ليموت لاحقاً وتختفي معه. كما ذكر قصيدة "بين الروح والجسد" التي تربو على الألف بيت والتي أرسل السياب مخطوطتها إلى الشاعر المصري علي محمود طه لكتابة مقدمة عنها، لكنها أيضاً فُقدت وتوفي الشاعر المصري ولم يعثر منها إلا على ما يقارب مائة بيت فقط. بعدها قرأ بعض المقاطع الشعرية النادرة وغير المشهورة من شعر والده.
كما تحدث عن نساء ذُكرن في قصائد السياب وعن مدى صحة وجودهن أو علاقة السياب بهن مثل ليلى وهويل ووفيقة ولميعة وابنة الجلبي، وذكر أنهن شخصيات حقيقية، خصوصاً وفيقة لأنها واحدة من أقارب السياب وليس كما ادعت إحدى السيدات أنها هي وفيقة.
وعن علاقة السياب بالشاعرة لميعة عباس عمارة، ذكر غيلان أنها لم تستمر بسبب الاختلاف الديني والسياسي بينهما.
976 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع