منيرة الهوزوز
واسمها الحقيقي (منيران فهاود العجمي) ولقبت بالهوزوز لكونها أول مطربة عراقية غنت الأغنية الشعبية ( الهوزوز ) ومفردة الهوزوز وهو طائر لا يستقر على فنن أو غصن، جاءت في واحدة من اغانيها, وقد عرفت برقة وعذوبة صوتها ويختلف المؤرخون في تاريخ ولادتها 1893 ولكنها عاصرت سليمة مراد وإن كانت سليمة باشا قد سبقتها في مجال الفن والطرب ولم يكن لهما منافس في الغناء الشعبي العراقي
وفي العشرينات من القرن الماضي ذاع صيت منيرة الهوزوز عن طريق أغانيها المسجلة على الأسطوانات (حيث شاع استعمال الفونوغراف ذلك الوقت في لببيوت والمقاهي)، وكانت إحدى شركات التسجيل الأجنبية قد جائت إلى بغداد، وقامت بتسجيل الأغاني والبستات الشعبية والمقامات العراقية وكانت منيرة واحدة من مطربات الملاهي البغدادية، إلى جانب مجموعة من المطربات أمثال جليلة أم سامي وبدرية أنور , سليمة مراد , وخزنة إبراهيم وغيرهن
كانت بدايتها في ملهى الهلال في الميدان، وتنقلت من ملهى إلى آخر إلى أن اعتزلت الفن عام 1940 وهي لم تبلغ الخمسين بعد بسبب إصابتها بالمرض، وماتت في بداية الخمسينات من غير أن يحس بها أحد بعد صيت عريض عريض وأموال وفيرة والعشرات من المعجبين من حولها ذلك الوقت.. وقد ضل يردد بعد موتها الناس كلمة يا عيني عالهوزوز إلى ان أصبحت مثل شعبي دارج
صوتها
صوتها من طبقة السوبرانو (صفة النسائي بشكل عام) لكنه سوبرانو يصح ان نطلق عليه كلمة ممتليء وريان، جواباتها عالية صداحة تتصف ببعض الحدة المسموح بها سمعياً
المنافسة مع سليمة مراد
كان التنافس الفني بين منيرة وسليمة يجري سجالاً فعندما تظهر أغنية جديدة لمنيرة سرعان ما تجد ردأً من سليمة باغنية جديدة وهكذا , حتى ظهرت أغنية منيرة الجديدة والتي كانت قد منحتها الشهرة العريضة لها وكانت بعنوان ( ياعيني الهوزوز ) بيعت منها أكثر من الف اسطوانة التي تحمل ماركة
( His Master's Voice )
وباتت هذه الاسطوانة المفضلة في المقاهي والمنتديات والكثير من البيوتات، ودأبت الاذاعة العراقية على بثها في اليوم الواحد عدة مرات، وحتى السينمات أثناء الاستراحة وفي الاعياد والاعراس, صارت هذه الأغنية أغنية الموسم وكل المواسم، واضحت على كل شفة ولسان يرددها الأطفال بشغف من دون أن يفقهوا لها معنى! ورافقت الشهرة الهوزوزية دعايات تجارية مثل ( علك الهوزوز) ، ( صابون الهوزوز ) و( أرياح الهوزوز) . وفي الحالة هذه أرادت الراحلة سليمة ان ترد على هذه الأغنية الصاعقة فغنت ( الهجر مو عادة غريبة) وتلتها بأغنية ( كلبك صخر جلمود) أكثر شهرة من الأولى واتبعتها بثالثة هي ( هاجن جنوني) ولكن هيهات.. فلم تعد أية أغنية مهما بولغ بصياغة كلماتها والحانها وادائها إلى ان تصل للمستوى الهوزوزي!!
منيرة الهوزوز والشعراء
كان قد التقاها المؤرخ الفني الراحل (عبد الكريم العلاف) حيث اعجب بها كثيراً وراح يتحفها باشعاره ومنها أغنية ( كلما مرادي يزيد انتظر بختي) و( يا عيني شكد ندم ) و( هل الربيع بوجهك ) و( يا دهر وين العهد ) و( فراك الحبيب ما يهون )
كما اعجب بها الشاعر والصحفي المعروف الراحل ( الملا عبود الكرخي) واهداها أغنيته المعروفة (المجرشة)
ومن المعجبين بها وغيرهم كثر. وفي غمرة تربعها على عرش الغناء ومن دون سابق انذار تركت عرشها ومجدها وهي في اوج تألقها لتنزوي في بيتها ياعيني الهوزوز، ياما كالو لساهي العين، تجوز آه تجوز
واقفلت على نفسها الباب ووضعت على رأسها الفوطة وارتدت الملابس المتحشمة كأنها تسدل بهذا ستاراً سميكاً على الماضي الذي لم تعد تحب ذكره. وحاول المرحوم حقي الشبلي وزميله الكوميدي الراحل عبد الله العزاوي اعادتها الى سابق مجدها والناس يسألون عنها بالحاح فقالت لهما إن منيرة ماتت من زمان ولا امل بالعودة مع شكرها الجزيل لهما ولزيارتهما لها. وهكذا انفرط عقد المعجبين والسائلين عنها
ومن اعمالها الفنية والغنائية الرائعة قصيدة للحسن بن هانئ (ابو نواس) مطلعها
نضت عنها القميض لصب ماءٍ فورّد خدها فرط الحياء
ويابو البلم بالله عليك- حيرانه اركض وراك -تاليها ضاع الوفا -ذاك الولد هو الولد -رجلي هجرني وراح -ليش إبسكم ذبيتني -تجفي و تصل لعداي - ان شكوت الهوى-صاير عدوي هواي-يا نجمة في الليل و غيرها الكثير
رحم الله منيرة فقد امتنعت عن الغناء بعمر خمس واربعين احتراماً لنفسها وفنها، وامرها يذكرنا بالسيدة الفنانة الكبيرة عفيفة اسكندر فقد سلكت نفس طريق منيرة في احترامها للنفس وللفن
المصدر - الموسوعة
729 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع