رجل مـن زمـن الثائرين /الحلقة الثالثة عشر
مذكرات العقيد الركن هادي خماس مديرالأستخبارات العسكرية الأسبق
اقتراحات الجانب الكردي حول مبدأ المشاركة في الحكم:
أولاً: فيما يتعلق بالمنطقة الكردية.
أ. يكون الموظفون والمستخدمون في هذه المنطقة من الأكراد إلا في حالة عدم توفر الكفاءات وذوي الاختصاص من الأكراد حيث يستعان بغيرهم في مثل هذه الحالة.
ب. مبدأ نقل الموظفين من المنطقة الكردية يكون ضمن المنطقة نفسها إلا في حالات الضرورة القصوى أو بناء على رغبة الموظف نفسه.
ج. استبدال وزارة إعمار الشمال بوزارة الشؤون الكردية ويناط بها الإشراف على القضايا الإدارية والثقافية في المنطقة.
ثانياً: فيما يتعلق بالوظائف العامة في الدولة.
يساهم الأكراد في التوظيف في كافة وزارات الدولة بنسبة يتفق عليها بما في ذلك وكلاء الوزارات والسلك الخارجي والمراكز الحساسة.
ثالثاً: تعتبر اللغة الكردية لغة التعليم والدوائر والمحاكم في المنطقة كما تستعمل اللغة العربية عند الاقتضاء في المخابرات مع المراجع الرسمية خارج المنطقة الكردية.
رابعاً: التنظيم السياسي
للشعب الكردي حقه في التنظيم السياسي الخاص به وإقامة تعاون بينه وبين التنظيمات السياسية العربية المعترف بها قانوناً.
خامساً: يعدل الدستور العراقي الموقت على أساس.
"إن الشعب العربي في العراق جزء من الأمة العربية"
ويقر الدستور حقوق الشعب الكردي القومية على أساس مبدأ المشاركة الفعلية ضمن الوحدة العراقية.
سادساً: تخصيص مبالغ مناسبة للقيام بدفع تعويضات عادلة للمتضررين في حوادث كردستان.
سابعاً: إعادة العشائر العربية التي أسكنت في القرى الكردية إلى أماكنها السابقة.
ثامناً: حلّ الفرسان وتجريدهم من السلاح وأعادتهم إلى أماكنهم السابقة.
تاسعاً: الإسراع بإطلاق سراح الموقوفين والمسجونين والمحجوزين بسبب حوادث كردستان ويستحسن إصدار العفو العام عن جميع المحكومين والمعتقلين والمبعدين السياسيين في العراق.
عاشراً: عودة الإدارات المحلية على أساس الفقرة رقم واحد الواردة في أعلاه.
أحدى عشر: إحداث لواء باسم دهوك يضم الاقضية الكردية التابعة للواء الموصل.
أثنى عشر:
أ. يعود البيشمرگه الذين كانوا في سلك الشرطة إلى العمل كشرطة في الإدارات المحلية ضمن المنطقة الكردية.
ب. يعود البيشمرگه الذين كانوا سابقاً من منتسبي الجيش للعمل في قطاعات فق2.
ج. أما ما تبقى منهم فيكونون بمثابة شرطة سيارة أو حرس حدود ضمن القوات المسلحة العراقية وتبت الحكومة في أمرهم بعد تنفيذ الفقرات المتقدمة في أعلاه.
الثالثة عشر: تحديد المنطقة الكردية جغرافياً
إننا بصورة عامة ومن خلال هذه المقترحات نعمل جاهدين وبكل ما لدينا من إمكانات على أيجاد الحل السلمي للموضوع بشكل يضمن المصالح المشروعة للمواطنين كافة في الجمهورية العراقية ونعتقد إن هذه المقترحات أصلح أن تكون أساسًا واقعياً ومقبولاً للمشكلة وإن أي حل قائم على القتال سوف لن يؤدي في النهاية إلى أي نتيجة مفيدة للجميع
"انتهت رسالة البارزاني".
وأخيراً.. لقد انتهت كل المفاوضات إلى طريق مسدود وهي تسير في حلقة مفرغة، وبقي الأكراد بزعامة البارزاني مصرّين على الانفصال الذي جاء مبطناً في كل مشاريعهم ومقترحاتهم ولا أظنهم كانوا سيحصلون على ما يريدون في ظل حكومة وطنية تؤمن أيماناً قاطعاً بوحدة العراق أرضاً وشعباً لا يفرقهم مفرق وكلهم إخوان في الدين وشركاء في الوطن متساوون بالحقوق والواجبات.
مع عبد السلام محمد عارف : مشتركات واختلافات
لمعرفة أسباب كل خلاف أياً كان نوعه سياسياً أو غير سياسي يجب الرجوع إلى جذور العلاقات بين المختلفين، ولما كان الخلاف مع رئيس الجمهورية فلابد من العودة إلى الوراء لسبر معدن الرجل وما يدور بذهنه تفكيراً وتخطيطاً وهدفاً، والرجل من يومه يفرق ولا يجمع ، كل همه أن يكون مستأثراً بالثورة بعد أن غدر هو وزميله عبد الكريم قاسم بأخوتهم الثوار وخالفا كل اتفاق. وهكذا ليس من الغرابة أو العجب أن ينشب بينه وبين من عمل معه سواء كان كتلة أو فرداً خلاف لأن مصدر الخلاف عند عبد السلام محمد عارف هو ما يتعارض أو يعتقد أنه يتعارض مع طموحاته التي لا تخدم ما اتفق عليه الثوار لتنفيذ المبادئ والوعود التي قامت من أجلها الثورة. وحسب رأيي ورأي كافة الذين عملوا معه أن الرجل لم يعتبر من تجارب طاحنة ، وقد عانى ما عانى من فردية عبد الكريم قاسم ودكتاتورية من نفي وسجن وتشريد والمفروض عندما يعود إلى السلطة أن يفضل مساندة أخوته الثوار رغم كل سلبياته معهم وأن يعتبر ويستفيد من أخطائه ، والصفة هذه محمودة للسير في المسار الصحيح خدمة للمصلحة الوطنية والأمة ، إلا أن عبد السلام عارف ما أن وضع رجله في الركاب وامتطى جواد السلطة والرئاسة حتى عاد إلى فرديته ودكتاتوريته وعدم أيمانه بالحكم الجماعي وكما سأسرد ذلك تفصيلاً.
لقد زرع الرئيس عبد السلام محمد عارف بذور الخلاف من أول دقيقة من الثورة. لقد حضرت، وكما أسلفت، ليلة 17/18 ت2 1963 إلى القصر الجمهوري وحال وصولي والتقائي به دفع إليّ بيان الثورة الأول مكتوباً بخط يده وموقعاً من قبله وقرأت البيان فإذا به يجعل نظام الحكم في العراق رئاسياً أي أنه يجمع بين منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، فقلت له: سيادة الرئيس، إن هذا لا يرضي إخوانك الثوار وهو خطوة نحو الانفراد بالسلطة. وبعد نقاش طويل وحاد اقتنع بوجهة نظري وحذف هذا النص. ثم تابعت القراءة حتى وصلت إلى المادة 4 من البيان والتي تنص على "منح رئيس الجمهورية صلاحيات استثنائية تتضمن جميع الصلاحيات المخولة للمجلس الوطني لقيادة الثورة لمدة عام تتجدد تلقائياً ، كلما تطلب الأمر ذلك وبتقدير منه". وهذه خطوة ثانية نحو الانفراد بالسلطة وعبثاً حاولت إقناعه بحذف هذه المادة من البيان فأصر عليها.
هذه هي بذرة الخلاف التي زرعها الرئيس وبالتأكيد حتى لاقت المناخ الملائم والظروف المواتية ستكون هذه البذرة شجرة من الخلاف وهذا ما حدث فعلاً فيما سأذكره من خلاف. وعموماً يمكن حصر أسباب الخلاف كما سيأتي في الفقرة التالية.
أسباب الخلاف مع عارف:
أولاً، تشكيل المجلس الوطني لقيادة الثورة :
كنت أنا والعميد الجوي عارف عبد الرزاق والعقيد الركن محمد مجيد من المتحمسين منذ انبثاق حركة 18 ت2 لتشكيل المجلس الوطني لقيادة الثورة، وقد أصر في حينه عبد السلام محمد عارف على تأجيل النظر في تشكيله للانفراد في الحكم وفرض دكتاتوريته على الجميع، فبدأنا الضغط عليه لتشكيل المجلس وقد اتصلنا بالفريق طاهر يحي رئيس الوزراء والعقيد سعيد صليبي آمر الانضباط العسكري للتعاون معنا للضغط على عبد السلام وإقناعه بتشكيل المجلس الوطني، وقد نجحت محاولتنا ووافق على عقد اجتماع لمناقشة واتخاذ القرار النهائي في الموافقة أو عدمها، وقد حضرت هذا الاجتماع كما حضره الفريق طاهر يحيى والعقيد الركن محمد مجيد والعقيد سعيد صليبي والعميد رشيد مصلح والمقدم الركن صبحي عبد الحميد وزعيم الجو عارف عبد الرزاق ، وبعد مناقشات طويلة وحادة قرر السيد الرئيس أن يبحث الموضوع بعد عودته من زيارته للهند وباكستان وكان قراره هذا تمييتا للموضوع وكسبا الوقت حتى يشتد عوده ويقوى. لقد عاد من زيارته هذه وتحت ضغط الجميع وافق الرئيس على تشكيل مجلس قيادة الثورة وفقاً لما جاء في البيان الأول لحركة 18 ت2 1963.
وعند تشريعه للقانون وضع المادة 13 وفي هذا الرقم المشؤوم والتي تنص على:
"يمارس رئيس الجمهورية صلاحيات استثنائية تتضمن صلاحية المجلس الوطني لقيادة الثورة لمدة عام واحد تتجدد تلقائياً كلما تطلب الأمر ذلك وبتقدير منه". ورغم هذا وللمرونة التي أبديناها في معالجة الأمور ومحاولة قبر الخلافات شددنا الضغط على الرئيس مرة ثانية على إلغاء هذا النص.
صدر القانون.. وحسبما جاء في البيان الأول يكون أعضاء المجلس الوطني كما يأتي:
أولاً: رئيس الجمهورية عبد السلام محمد عارف
ثانياً: رئيس الوزراء الفريق طاهر
ثالثاً: رئيس أركان الجيش اللواء عبد الرحمن محمد عارف
رابعاً: قائد القوة الجوية عارف عبد الرزاق
خامساً: الحاكم العسكري رشيد مصطلح
سادساً: آمر الانضباط العسكري سعيد صليبي
ويلاحظ أن هذه المناصب والسادة التي شغلوها هم من ضباط الثورة عدا قادة الفرق الذين أشركهم وذلك لزيادة عدد من يؤيدوه.
سابعاً: ضباط الجيش المستوزرون الذين ساهموا مساهمة فعلية في حركة 18 ت2. ويعني هذا صبحي عبد الحميد وزيراً الخارجية، وعبد الكريم فرحان وزير الثقافة.
ثامناً: ومن الضباط الذين يرتئيهم المجلس الوطني وممن ساهموا في الثورة على الا يتجاوز أعضاء المجلس العشرين عضواً. وكان المنتخب الأخير كعضو في المجلس المقدم الركن هادي خماس مدير الاستخبارات العسكرية وقد انتخب إضافة إلى عضويته سكرتيراً للمجلس الوطني.
لقد صدر القانون في الجريدة الرسمية في 9/5/1964. وفي شهر مايس 1964 اجتمع المجلس بكامله وأدى أعضاؤه اليمين القانوني أمام السيد الرئيس. لقد أصبح لمجموعة الضباط القوميين خمسة مقاعد من مجموعة خمسة عشر مقعدا ولوجود المادة 13 في القانون رفضت والسيد صبحي عبد الحميد التوقيع عليه احتجاجاً على المادة المذكورة والتي جردت المجلس من اختصاصاته. فقد شُكل المجلس ولكن صلاحياته استُلبت بهذه المادة. وقد بذلنا جهوداً كبيرة حتى استطعنا أن نجبر الرئيس على إلغائها بالقانون رقم 173 لسنة 1964. هذا كان من أهم أسباب الخلاف بيننا وبين الرئيس عارف الذي سلب صلاحية المجلس ونحى منحى الفردية والدكتاتورية.
ثانياً- مؤتمر البيعة:
في 7 تموز من عام 1964 أُخبرت بصفتي مديراً للاستخبارات وسكرتيراً للمجلس الوطني بأن اجتماعا مهما سيعقد في مبنى الكلية العسكرية يحضره كبار ضباط الجيش ورجال الحكم وسيرأس هذا الاجتماع السيد رئيس الجمهورية ، وقد رجوني أن أحضر هذا الاجتماع فرفضت لأني لم أبلغ بالحضور وأجهل الأسباب والدوافع لهذا الاجتماع. وفي هذه الفترة كان كل من العقيد الركن محمد مجيد والعقيد الركن صبحي عبد الحميد والمقدم الركن محمد يوسف في مهمة رسمية في القاهرة ولم يحضروا هذا الاجتماع.
روى لي الفريق طاهر يحيى في 8 تموز من عام 1964 ما جرى في هذا الاجتماع ، وقد ذكر لي أنه لا يعلم بأسباب انعقاده ولا في غاياته إلا بعد أن حضر، وكانت فعاليات الاجتماع كما سردها الفريق طاهر هي أن الهدف من هذا الاجتماع كان لعبة تجمع بين الذكاء والغباء من السيد الرئيس ليثبت للرأي العام العراقي والعالم أن شعبيته في الجيش والشارع بخير وأنه يتمتع بصفات القائد الناجح والربان المحنك في قيادة سفينة البلاد إلى شاطئ الأمان والرخاء والحرية. وفي هذا الاجتماع تطرق الرئيس إلى محاولات التآمر على نظامه.. فقال أن كل تآمر مكتوب له الفشل وسيقبر في مهده.. ثم أردف قائلاً : أنتم معشر الضباط أصحاب الحل والربط وأن أمن البلاد واستقراره تحت سيطرتكم واستميحكم عذراً أن أقول لكم بأني قررت الاستقالة من كل مناصبي.. فأرجو قبولها وتقرير من سيتولى السلطة بعدي!
إلى هنا المسرحية لم تبلغ نهايتها وأن مخرجها تيقن من أن نهايتها ستكون لصالحه ، فنهض المتكلمون ابتداء من رئيس الوزراء وانتهاء بقادة الفرق خطباء أدوا واجبهم بإتقان وكما أراد المخرج وأصروا على رفض الاستقالة رفضاً قاطعاً وجددوا البيعة له طالبين سحب الاستقالة وعودة الرئيس إلى مناصبه. وهكذا انتهت المسرحية بنجاح تام وغادر الرئيس الاجتماع مرتاح الضمير آمناً على نفسه ومنصبه ولو إلى حين.
ثالثاً- تبديل رئيس أركان الجيش:
كان يشغل منصب رئيس أركان الجيش أخو الرئيس اللواء عبد الرحمن محمد عارف وهو ضابط غير ركن ومن تقاليد الجيش العراقي المعروفة لا بد أن يكون رئيس الأركان خريج كلية الأركان التي تمنح شهادة الماجستير في العلوم العسكرية، وكان الرئيس عبد السلام مصمماً على بقاء أخيه في هذا المنصب ، وكلما طالبنا بتبديل أخيه تجهم وامتعض. وفكرنا في معالجة الموضوع وكان الحل بعد عدة اجتماعات وآخرها عند اجتماع المجلس وطلبنا في هذا الاجتماع بإجراء تعديل وزاري الغاية منه تعيين وزير دفاع ذي كفاءة وشخصية يستطيع الوقوف في وجه رئيس الأركان بما فيه مصلحة للجيش والنظام ، وكان الرئيس في حد ذاته ميالاً لأجراء التعديل للتخلص من رشيد مصلح وزير الداخلية لأنه عشائري في اتجاهه ويهاجم الاشتراكية والعربية المتحدة ، وكان يتهمني بالذات بأني اخطط للقيام بانقلاب يطيح بالرئيس عبد السلام وحكمه . وفي يوم صدور القرارات الاشتراكية دعاني السيد طاهر يحيى وذهبنا سوية إلى مكتب رئيس الجمهورية لدراسة وضع خطة أمنية للسيطرة على البنوك والمنشآت الصناعية والشركات التي شملها قرار التأميم وذلك لسلامة التنفيذ. ونحن نناقش ذلك دخل رشيد مصلح وبادر الرئيس بقوله "إني علمت أنكم ستذيعون اليوم القرارات الاشتراكية فهل أنت مطمئن على أن الكرسي الذي تجلس عليه ثابت؟ إن مدير الاستخبارات هادي خماس الذي هو معكم يخطط لانقلاب ، وقد وضع تلفوني وتلفونك تحت المراقبة". فما كان من الفريق طاهر يحيى إلا أن ينهره ويزجره بكلام قاس ثم خرج الزعيم رشيد مصلح من غرفة السيد الرئيس لا يلوي على شيء.
ولمعالجة موقف تبديل رئيس الأركان اجتمعنا بالسيد الرئيس حول ذلك ، وطلب مني بصفتي سكرتيراً للمجلس عقد اجتماع موسع لمعالجة موقف أخيه واجتمعنا وطلبنا من الرئيس بالآتي:
1. ضرورة إجراء تبديل وزاري.
2. تبديل أخيه وإعفائه من رئاسة أركان الجيش وتعيين ضابط ركن رئيس أركان الجيش على أن يكون هذا الضابط مستقلاً وبعيداً عن كل التكتلات الموجودة بالجيش.
3. إعادة الثقة بين الرفاق الثوار التي بدأت تتزعزع بعد أن دب الخلاف بينهم.
ولما شددنا عليه التفكير أعلن أنه سيقدم استقالته من كل مناصبه ويقرر الإقامة الجبرية في الديار المقدسة عند قبر رسول الله. واقترح الفريق طاهر يحيى أن يستمر الاجتماع لمناقشة الموضوع وحله حلاً يرضى الأطراف جميعاً مقترحاً تعيين اللواء الركن ناجي طالب وزيراً للدفاع. ولما طرح عليه المنصب رفض ورشح محسن حسين الحبيب وزيراً للدفاع ، وأيماناً بالمصلحة العامة رشح القوميون المقدم الركن هادي خماس مدير الاستخبارات العسكرية وزيراً للداخلية. ورفض الرئيس هذا الاقتراح ، وتم الاتفاق على أن يعهد إلى اللواء الركن ناجي طالب منصب وزارة الخارجية والعقيد الركن صبحي عبد الحميد وزيراً للداخلية. وبقي اللواء عبد الرحمن عارف رئيساً للأركان. وعند الوصول إلى هذا القرار المخيب للآمال والمنافي لمصلحة الجيش تقرر إعادة تشكيل الوزارة برئاسه الفريق طاهر يحيى على أن تلتزم الوزارة الجديدة بالآتي:
1. تأليف مجلس الشورى تطبيقاً للبيان الأول الصادر في 18 ت2 1963 وخلال شهر واحد.
2. حل القضايا المتعلقة بالقضية الكردية واعمار الشمال.
3. الإسراع لقيام الوحدة الدستورية والإسراع بأجراء انتخابات خلال مدة أقصاها سنة وكما اشترط ذلك اللواء الركن ناجي طالب عند قبوله منصب وزارة الخارجية.
4. انجاز ما يترتب على ما جاء في اتفاقية 16 تشرين الوحدوية.
صدر مرسوم تشكيل الوزارة في 14 ت2 1964 وعلى الوجه التالي:
الفريق طاهر يحيى رئيساً للوزراء
اللواء محسن حسين الحبيب وزيراً للدفاع
صبحي عبد الحميد وزيراً للداخلية
ناجي طالب وزيراً للخارجية
عبد الكريم فرحان وزيراً للإرشاد
عبد المجيد سعيد وزيراً للمواصلات
محمد جواد العبوسي وزيراً للمالية
فؤاد الركابي وزيراً للبلديات
عبد العزيز الحافظ وزيراً للاقتصاد
عبد الصاحب علوان وزيراً للإصلاح الزراعي
شامل السامرائي وزيراً للصحة
شكري صالح زكي وزيراً للتربية
عبد العزيز الوتار وزيراً للنفط
عبد الكريم هاني وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية
عبد الحسن زلزلة وزيراً للتخطيط
عبد الستار علي الحسين وزيراً للعدل
مصلح النقشبندي وزيراً للدولة لشؤون الأوقاف
عبد الرزاق محيي الدين وزيراً للوحدة
عبد الفتاح الآلوسي وزيراً للإسكان
أديب الجادر وزيراً للصناعة
مسعود محمد وزيراً للدولة لشؤون أعمار الشمال
لقد كانت عناصرهذه الوزارة ذات ماض معروف بالنزاهة وأصبح من العسير على الرئيس التدخل في شؤون الوزارات ومن الصعب عليه تمشية ما يريد لذا اتجه اتجاهاً جديداً بتطبيق سياسة فرق تسد حتى بدأ يحرض الضباط لمهاجمة الضباط الخمسة من القوميين الذين هم أعضاء مؤثرون في المجلس الوطني لقيادة الثورة ، وقد أطلق عليهم الشركة الخماسية وكان الرئيس في اجتماعاته الخاصة يندد ويستهزئ بالقرارات الاشتراكية التي فرضت عليه وهو لا يؤمن بها.
رابعاً- أزمة مديرية الاستخبارات العسكرية:
كانت هذه الأزمة من اخطر الأزمات بيننا وبين الرئيس عبد السلام عارف التي تركت آثارها على النفوس ومهدت إلى أعمال خطيرة وقطعت حبل الود بيننا وبين عبد السلام محمد عارف. ففي يوم 18 نيسان 1965 طلب السيد الرئيس عقد اجتماع للمجلس الوطني لقيادة الثورة لبحث تطورات القتال في شمالي الوطن إذ أن عدم حل المشكلة الكردية كان معناه استمرار القتال ومزيدا من الدماء والخراب ، إذن والحالة هذه على المجلس دراسة الموضوع دراسة جدية ووضع الخطط اللازمة لحسم الموقف في أقصر وقت ممكن. وقبل البدء بالمناقشة فوجئنا بطلب السيد رئيس أركان الجيش اللواء عبد الرحمن محمد عارف بترشيح ضابط ركن لتولي منصب آمر مركز استخبارات الشمال الذي استحدث ومقر عمله في كركوك. وكان الطلب غريباً ومفاجئاً ، لأن ترشيح مثل هذا المنصب من صلاحيتي كمدير للاستخبارات، والأغرب من ذلك أن يطرح هذا في اجتماع مجلس قيادة الثورة ، والغريب في الأمر أن الرئيس عارف وافق على الاقتراح ورشح المقدم الركن فاروق صبري معاون مدير الاستخبارات.. وهنا اعترضت لسببين:
أولاً: التدخل المقصود والمبيت في شؤون مديريتي ومحاولة نقل معاوني دون أخذ رأيي.
الثاني: أن المديرية تعاني نقص 50% من ملاكها من الضباط وهذا يعرقل عملها وعملها كما هو معروف مهم وخطير.
لقد تكلمت في هذا الاجتماع موجها كلامي للسيد الرئيس قائلاً سيدي، المقدم فاروق كما تعلم معاونا لي ومن الصعب جداً نقله وأنت تعلم أن لي واجبات أخرى كسكرتير للمجلس الوطني لقيادة الثورة هذا الواجب الذي يتطلب أن أترك المديرية ليقوم بإدارتها في غيابي المقدم فاروق فاسمح لي أن أرشح لسيادتكم ضابطا آخر. أجابني الرئيس لقد أصدرت أمري ولا أقبل أي نقاش ، فسكت إذ يبدو وراء الأكمة ما وراءها وأن هناك تخطيطاً مسبقاً لخلق أزمة ، وأن وراء هذا التخطيط الرئيس عبد السلام وبطانته المتمثلة بأخيه وأعوانه. ويبدو إن سكوتي شجع قائد الفرقة الرابعة العميد الركن سعيد قطان على أن يطالب بنقل 4 ضباط من المديرية إلى فرقته وهنا توتر الجو وخاطبت الرئيس قائلاً: "سيدي، إن هؤلاء الضباط الأربعة الذين يريد نقلهم قائد الفرقة الرابعة هم من الضباط ذوي الاختصاص حيث رشحوا إلى دورة استخبارات في الجمهورية العربية المتحدة.
وفعلاً أرسلوا إلى هناك وقضوا مدة ثلاثة أشهر وأصبحوا ذوي اختصاص وليس من السهولة الاستغناء عنهم ، ولما عادوا من القاهرة ثبتنا اثنين منهم في مديريتنا واثنين أعرناهما إلى مديرية الأمن العامة، وإذا تم نقل المعاون وأربعة ضباط فهذا معناه تخريب المديرية والتأثير سلباً في عملها". أجابني عبد السلام: "لا نقاش في الموضوع، الضباط ينقلون لسد النقص في الفرقة الرابعة".
للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:
http://www.algardenia.com/ayamwathekreat/19021-2015-09-18-09-06-51.html
1788 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع