بغداديات -- من ذكريات الخدمه / أبو جريان الحلاق
في حقبة الاربعينات والى السبعينات كان الشباب شديد الرغبه للعسكريه بمرتباتها جميعا واكثر الشباب الذين كانو ينهون دراستهم وكانت على ايامنا 11 سنه لاكمال الاعداديه ثم تمت اضافة سنه لتصبح 12 في حقبة السبعينات وكان الشباب مقبلا على التطوع في صنوف القوات المسلحه ومنها القوه الجويه والكليه العسكريه وكلية الشرطه والصنوف العسكريه المتنوعه ..كانت قيادة القوه الجويه العراقيه تفتح باب القبول للطلبه الذين هم في الصف الخامس الاعدادي ولم يجتازوا المرحله الاعداديه في حين كانت الكليه العسكريه تشترط التخرج من الاعداديه والحصول على شهادة الاعداديه وكليهما كانتا لاتعير للمعدل اي اهتمام بالرغم من الشروط تنص على ان يكون 60 % كادنى حد ..
بالرغم من الرغبه الشديده التي تشد الشباب الى التطوع الا ان هناك معوقات اهمها محدودية العدد المقرر قبوله قياسا بعدد المتقدمين ويضطر القسم الطبي المختص ان يفشل اكبر عدد من المتقدمين بحجج واهيه وخاصة القوه الجويه والذي اشتهر فيها الدكتور المرحوم نزار النائب وكذلك الحال في الكليه العسكريه في حين كانت اللجان الطبيه للمتطوعين كجنود او ضباط صف كانت تتساهل للحاجه الماسه الى هؤلاء ..
سقت هذه المقدمه لتهيئه القاريء الى اول يوم للالتحاق في الكليه العسكريه وهو بالرغم من فرحة القبول والالتحاق الا انه لايخلو من منغصات ومفاجئات ..
ظهرت اسماء المقبولين في الكليه العسكريه وكانت باعداد فاقت اي سنه قبلها بسبب نكسة حزيران 1967 والاندفاع الوطني والقومي للعسكريه وتم تبيلغ الجميع وكنا 512 طالب مقبول وبدأ الالتحاق بمسيره على ايقاع الفرقه الموسيقيه العسكريه من الباب الشرقي الى الجندي المجهول القديم والمواطنين على جانبي شارع السعدون والنسوه يطلقون الاهازيج والملبس ( الجكليت ) والهلاهل وكانت في الجندي المجهول تنتظرنا سيارات لوري عسكريه نقلتنا الى الكليه العسكريه واستقبلنا آمر الكليه العسكريه المرحوم الفريق الركن نصيف السامرائي في بهو الطلاب وتناولنا كوب من الشاي حليب ومن ثم بدأت المرحله الاولى وكل مجموعه توزعت بموجب قوائم على السريا وكانت حصتنا سرية ابو عبيده بن الجراح وامرها المرحوم النقيب ابراهيم القدو من الموصل ورأس عرفاء السريه الطالب هو المرحوم وليد شيت وكان طويل القامه واشقر ويزهو في ملابسه وتظهرعليه الشده وصوت جهوري عالي مخيف ..وزعت علينا بطانيه على شكل صره كبيره لكل شخص وطلب راس عرفاء وليد فتحا للتاكد مما فيها وكان يحمل قطعه وينادي هل هناك نقص من هذه وهكذا الى ان انتهينا ودخلنا القاعه وطلب منا ترتيب الحاجيات في دواليب كل شخص وقفل الدولاب ثم تم وقوفنا خارج القاعات ,,
صاح راس عرفاء وليد استعد وبعدها صوت عالي خربطه طربكه استرح ,, استعد ,, طربكه ,و بعدين الحساب ؟؟ الى الامام سر ,, الى الحلاق !! وصلنا الى صالون الحلاقه ووقفنا خارج الصالون بانتظار الدخول فتم تقسيمنا الى اقسام كل عشره على حده تجاه حلاق واحد وهم كانوا اربعة حلاقين وبلغوا مجموعتنا ,, حلاقكم ابو جريان ؟؟ .
جاء دوري ودخلت واذا بابو جريان رجل ضخم الجثه وهو شكلا يشبه المرحوم الممثل رياض القصبجي الذي اشترك بالعديد من الافلام مع اسماعيل ياسين باسم شاويش عطيه وعلى وجهه اثار جروح من عراكات سابقه ويده اقرب الى يد جزار ابقار من يد حلاق التي دائما تكون ناعمه والحلاقيين عموما ناعمين بحجوم صغيره وكان شعري طويلا نوعما ايام الخنافس حاولت تخفيفه لدى انترانيك الحلاق ولكن يبدو ان طريقة ابو جريان تختلف عن مفهوم الحلاقه عموما واجلسني على كرسي الحلاقه وجاء بماكنة الحلاقه اليدويه في تلك الفتره وفتح شارعا فى وسط الراس ثم تركني وطلب مني الجلوس على المصطبه وتناول تلميذا آخر وكان يبدو انها المرحله الاولى من الحلاقه ثم اعقبنا بتكملة الحلاقه التي تختلف عن اي نوع من انواع الحلاقه وقال بصوت اجش: هاي لخاطر نقيب ابراهيم زينتكم نمره ٤ ,, والا اني ماعندي غير الصفر ؟؟ احفظوا اسمي اني ابو جريان فاجاب احد الحضور ,, نعم سيدي ,, فقال ابو جريان انجب لك تريد تحبسنا ....
وكان الضباط عندما يعاقبون طالب او مجموعه من الطلاب يأمرون بحلاقه نمره صفر واول سؤال يسأله ضابط الخفر منو حلاق الخفر والطلاب المعاقبين ايديهم على قلوبهم ليكون ابو جريان اليوم خفر لان الشوارع ستفتح في رؤوسهم يمينا ويسارا ..
وابو جريان رحمه الله كان نارا على علم في جميع دورات الكليه العسكريه في الستينات وجزء من الخمسينات وحتى السبعينات واذكر في احدى المرات اقامت الكليه العسكريه احتفالا بمناسبة اعياد تموز وحضر مأدبة العشاء الرئيس المرحوم عبد الرحمن عارف ودخل عليه ابو جريان وسلم على الرئيس واعطاه الرئيس ظرفا لانه كان فقير الحال ومعروف من قبل اكثر ضباط الجيش العراقي واسمه يتردد عندما تذكر الحلاقه الرديئه ..
هاي منو مزينك ابو جريان ؟؟؟
والى لقاء اخر....
الگاردينيا:الف رحمة على روحكم صديقنا الغالي عبدالكريم الحسيني لقد كنتم كاتباً بغدادياً بأمتياز.. الى جنات الخلد..
363 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع