سيرة وذكريات من تاريخ شرطة العراق:صفحات مطوية من ذكريات سعيد قزاز يرويها العقيد طلعت علي ،سعيد قزاز.. وذكريات فيضان 1954
في هذه الحلقة من سلسلة منارات ومحطات في تاريخ شرطة العراق سوف أتناول سيرة ضابط شرطة متميز بكفاءته ومهنيته ومواقفه الوطنية المشهودة.
شكر واجب:
ولابد لي من أن أتقدم بالشكر الجزيل للأخ الأستاذ/ جلال چرمگا رئيس تحرير مجلة الگاردينيا لتعاونه الأكيد منذ أيام (مجالس حمدان) ومن ثم (مجلة الگاردينيا) واهتمامه بنشر هذه السلسلة التاريخية التوثيقية لصفحات من تاريخ العراق وشرطة العراق.
كما لابد لي أن أذكر بالعرفان والود والتقدير والاحترام جهود ومبادرة الأخ المهندس سهيل طلعت علي الذي تكرم عليَّ بتزويدي بالصور التوثيقية لسيرة والده المرحوم طلعت علي.
الأخ المهندس سهيل طلعت علي
نبذة قصيرة عن سيرة مدير الشرطة المرحوم/ طلعت علي
كما قلت إبتداءً فإن المرحوم مدير الشرطة (أو عقيد شرطة) كان ضابطاً متميزاً بكفاءته ومهنيته ومواقفه الوطنية المشهودة، وكذلك بأخلاقه الراقية وكسب محبة الناس ومن اشتغلوا بأمرته. بعد تخرجه من مدارس الشرطة العالية اشتغل في عدة مواقع أولها هو التحاقه بآمريه قوة الشرطة السيارة، اسوة بجميع ضباط الشرطة الذين يجب عليهم قضاء بداية الخدمة في القوة السيارة وكان نصيبه اللواء الأول الذي مقره في مانكيش بشمال العراق.
المرحوم طلعت علي اثناء خدمته في القوة السيارة بمنطقة مانكيش (مفرق دهوك)
المرحوم طلعت علي اثناء خدمته في القوة السيارة بمنطقة مانكيش ومعه عدد من المواطنين الاكراد ورجال الشرطة
كما اشتغل في محافظات كركوك وديالى وكربلاء، وشغل منصب مدير شرطة محافظة كربلاء.
استعراض عيد الشرطة في محافظة كربلاء
ضباط مديرية شرطة محافظة كربﻻء عام 1978 ويتوسطهم المرحوم طلعت علي
ذكريات كارثة فيضان دجلة في بغداد 1954
عانت بغداد على مدى تاريخها من فيضان نهر دجلة، وكان موسم الفيضان يبدأ عادة من منتصف آذار/مارس وحتى نيسان/أبريل، حيث يرتفع مستوى نهر دجلة ليهدد بشكل خاص جانب الرصافة، لأن هذا الجانب أقل ارتفاعا من جانب الكرخ، وكانت الوسيلة الرئيسية لحماية بغداد هي سدة ناظم باشا شرق بغداد، التي بناها ناظم باشا والي بغداد عام 1910 ولمدة عشرة أشهر فقط، حيث غادرها عام 1911 وقتل على يد حزب الاتحاد والترقي عام 1913. والسدة عبارة عن مرتفع ترابي يمتد من الصليخ شمال بغداد وحتى الزعفرانية جنوبها، وكانت هذه السدة تعاني من سوء الصيانة حتى ذلك الوقت، وقد فقدت قيمتها عند انتهاء تنفيذ مشروع الثرثار عام 1956. كانت الحكومة العراقية في تلك الفترة قد شكلت برئاسة محمد فاضل الجمالي (1903- 1997) وكان وزير الداخلية فيها سعيد قزاز (1904- 1959)، الذي كان أكثر الوزراء شهرة وكفاءة ولا يعرف الخوف إلى قلبه سبيلا، وكان وزير الزراعة فيها عبدالغني الدلي الذي كان أصغر الوزراء سنا، أما صانع الوزارات نوري السعيد، السياسي الشهير، فلم يكن يحتل آنذاك أي منصب سياسي، على الرغم من كونه أقوى شخصية سياسية في البلاد.
دلت الأحوال الجوية وشدة البرد وكثرة الأمطار التي هطلت في أخريات العام 1953 وأوليات العام 1954 أن فيضاناً سيداهم العراق، مما حدا بنواب مجلس الأعيان توجيه تساؤل للحكومة فقد وجه العين نصرة الفارسي الى وزير الزراعة عبدالغني الدللي تساؤلاً عن الإجراءات التي سيتم اتخاذها لدرء الخطر. الأمر الذي دعا الوزير للإجابة عن تساءل الوزير بعيداً عن روح التعالي بأن الخطة ستتم عن طريق تقوية السداد الضعيفة وتنسيق العمل والمراقبة لمختلف دوائر الدولة.
فكانت التوقعات في محلها لأن فيضان عام 1954 كان الأعنف في تأريخ العراق بسبب طغيانه وحدته ففي الثالث من كانون الثاني 1954 هطلت امطار غزيرة استمرت أربعة وعشرين ساعة في عقرة واثنتي عشر ساعة في السليمانية كما بلغت الثلوج المتساقطة في خورمال قرب الحدود الإيرانية 33 سنتمتر وفي شباط بلغ سمك الثلوج في السليمانية 60 سنتمتر وفي اربيل متر، لتبلغ موجة الاستياء العام سيما في مجلس الأعيان حيث تصاعدت المطالبات تطالب بوضع حلول سريعة ومؤثرة لدرء الفيضان لاسيما أن منسوب المياه وصل الى أكثر من 36 متراً وهو أمر لم يحدث منذ 48 عاماً، وهذا ما دفع الحكومة الى احداث بعض الكسرات في ضفاف نهر دجلة لتقليل حدة المياه ولم يكن المسئولين بمنأى عن المخاوف فقد كان رئيس الوزراء آنذاك محمد فاضل الجمالي الذي بقى عاكفاً ومتفرغاً للأشراف على حماية العاصمة من الفيضان ويقضي ساعات طويلة في مديرية الري العامة، ولم يبخل بوقته بل دعا الوزراء والمسئولين وأصحاب الاختصاص بل حتى رؤساء الوزراء السابقين للمناقشة وطرح آرائهم بالموضوع، ووصل به الأمر بأنه طلب على الفور نقل سكنه الرصافة الى جانب الكرخ خوفاً من الغرق، ولكن رفض الاقتراح من قبل وزير الداخلية سعيد قزاز لأن هناك جسرين فقط يربطان الكرخ بالرصافة وهذا بدوره سيحدث حالة من الذعر في صفوف السكان التي يترتب عليها حدوث نكسة أخرى تتمثل بحدث وحالات أصطدم بسبب حالة الارتباك ليزيد من المشكلة أزمة أخرى، وهذا ما دفع الحكومة للاستعانة بصمام الأمان والمتمثل بالجيش ليأخذ دوره الوطني لحماية الشعب فأستدعي وزير الدفاع اللواء خليل جميل من العمارة الذي كان في مهمة تفتيشية، ووضعت تحت تصرفه كل ما احتاجت اليه عملية الإنقاذ فرتب قطاراً يحمل التراب من صوب الكرخ إلى صوب الرصافة وأقام سدة ترابية ساعدت كثيراً على درء الأخطار المحيطة بالعاصمة.
شهدت بغداد عام 1954 أخطر فيضان لنهر دجلة والذي هدد بغداد بالغرق، بسبب ارتفاع مناسيب نهر دجلة وقلة السدود على دجلة، وكانت الرصافة الأكثر تهديداً بالغرق، ولكن مرَّت الأزمة بسلام بسبب إشتراك الجهد الحكومي والعسكري والشعبي (المتطوعين) في الحد من خطورة الفيضان. فقد اكدتِ الاحوال الجوية وشدة البرودة وكثرة الامطار التي هطلت في اواخر عام 1953 واوائل سنة 1954 ان فيضاناً خطراً سيداهم العراق (ومدينة بغداد بالذات). وقد صرح وزير الزراعة (عبد الغني الدللي) ان تدابير قد اتخذت منها تقوية السدود الضعيفة التي أنشأت من الفيضانات السابقة في وادي دجلة، وتنسيق العمل والمراقبة وتحديد الواجبات لموظفي الري والادارة وغيرهم..
كان فيضان دجلة في ربيع عام 1954 أخطر التحديات التي واجهت الشعب والحكومة يومئذ. وقد سخرت الحكومة كل قدراتها لدرء الفيضان وإنقاذ العاصمة من الغرق. وفي مثل هذه الأيام من عام 1954 سهرت بغداد الى الصباح خوفا من الارتفاع الكبير في مناسيب النهر، على الرغم من الإجراءات الكبيرة للسيطرة على الأمر وعقد النية على إخلاء بعض مناطق الرصافة ونقل الأهالي الى جانب الكرخ لولا تدخل وزير الداخلية سعيد قزاز وبعد ان أغرقت المياه المناطق المحيطة ببغداد الشرقية وتضاعفت همم المواطنين لحماية العاصمة، أخذت المياه بالانحسار تدريجيا لتسلم بغداد من كارثة كبيرة.
في 17/ 3 /1954 بدأت مناسيب المياه في نهر دجلة ترتفع، ووصلت هذه المناسب إلى درجة خطرة في 25 من اذار، واعلنت البلاغات الرسمية ان الزيادة لم يسبق لها مثيل منذ 48عاماً، وواصلت المناسيب ارتفاعها، فتولى الجيش والشرطة والاهالي حراسة السدود، ووزعت الدوائر المختصة المواد اللازمة لمجابهة الفيضان، وسخرت الحكومة المكائن والآلات التي كانت الشركات الاجنبية تستخدمها في تبليط الشوارع واقامة المنشآت، وقاربت الزيادة 36 متراً في26اذار، وهو المنسوب الذي يفوق درجة الخطر بمتر واحد، فنامت بغداد ليلة 27 اذار وهي فزعة قلقة يتهددها الفيضان والغرق في كل لحظة، واضطرت سلطات الري إلى فتح اربع كسرات في مناطق الخفاجي والرفيع واليهودية والداودية، وسهر الناس ليلة 28 اذار حتى الصباح وهم خائفون وايديهم على قلوبهم، فقد بدأت المياه تتسرب إلى كثير من الدور والمؤسسات القريبة من النهر، وتحولت ساحة السراي الكبرى إلى بحيرة تعذر على الموظفين اجتيازها بيسر.. وكانت ليلة 29 اذار اسوأ الليالي التي شهدتها بغداد، وصارت مياه الفيضان التي تجمعت خلف السدود المحيطة بها من الشرق ومن الجنوب تهدد العاصمة بغداد ... ولا يحول بينها وبين الكارثة سوى (سدة ناظم باشا) التي تحيط ببغداد من الناحية الشرقية وقد اصابها الهزال واخذت الرياح الشرقية تضغط عليها، وفي تلك الليلة اجتمع رؤساء الوزراء السابقون والوزراء والمسؤولون وبعض النواب والاعيان واتخذ مجلس الوزراء بعد مناقشة دقيقة للموقف قراراً بإخلاء بغداد اخلاءً جزئياً. وقال البيان" انه من المستحسن ان ينقل الشيوخ والاطفال الصغار والمرضى من المناطق المجاورة للسداد الشرقية بالرصافة إلى جانب الكرخ.." وكان في بغداد زهاء ثلاثة ارباع المليون نسمة يسكن ثلثهم في جانب الرصافة المعرض للغرق.
من صور فيضان بغداد 1954
وزير الداخلية سعيد قزاز يرفض فكرة اخلاء الرصافة:
وسأل وزير الداخلية (سعيد قزاز) مهندس الري البريطاني عن درجة الخطر المحدق بالعاصمة، فلما اجابه المهندس ان درجة الخطر قد تبلغ إلى 95%، أعلن الوزير القزاز انه يخالف هذا القرار لما يولد تنفيذه من ارتباك قد يؤدي إلى التهلكة، وكان صالح جبر، أحد رؤساء الوزراء السابقين، ممن حضر هذا الاجتماع، قد قال: "ان نخوة اهل الكرخ تسمح بإيواء سبع عائلات في كل دار من دورهم!!" ولما حضر الامير عبد الاله وجد نفسه بين قرار لمجلس الوزراء ومعارضة شديدة من جانب وزير الداخلية، وكانت وجهة نظر القزاز ان في بغداد جسرين فقط فاذا اصطدمت سيارتان من سيارات المتسابقين في الهرب، وقعت مذابح لا تعرف مغبتها ولا يمكن تلافي اضرارها.
وشاءت ارادة الباري ان توقف الرياح العاتية التي كانت تعبث بالسدود، وتهدد العاصمة بالكارثة في كل لحظة، فاستقر الرأي على ان تضاعف جهود العناية بالسدود، وان تتخذ كافة التدابير الضرورية لمجابهة الاحداث المتوقعة في كل لحظة. وأعلن وزير الداخلية بياناً إلى الشعب العراقي بنبرات حزينة ونفس كسيرة قابلها الناس بالبكاء والعويل، وكذب البيان الاخبار التي تحدثت عن بعض الكسرات في سدود مدينة بغداد. ولابد هنا من ذكر الوقفة الجريئة لوزير الداخلية سعيد قزاز وقد ذكر ذلك بعض الاخوة الباحثين في دراسة العراق الحديث في رسائلهم واطروحاتهم الجامعية ـ حيث رفض قزاز اخلاء مدينة بغداد الحبيبة. اما المساحة التي غمرتها مياه الفيضان فقد تجاوزت مليوني فدان، وان عدد الذين نكبوا بسببها كان نحو ربع مليون نسمة، اما الاضرار المادية التي لحقت بالطرق والاراضي الزراعية وغيرها فقد تجاوزت خمسة وثلاثين مليون دينار، وقد غرقت (بغداد الجديدة) برمتها ولم تبق منها الا مداخن كور الطابوق، وغرقت حدائق الوزيرية بمياه المجاري، وغرق (معسكر الرشيد) بما فيه من عتاد وارزاق، وغرق كل ما كان خلف سدة ناظم باشا، وكانت طائرات الهيلوكوبتر تنقذ المحصورين من المياه، والقت هذه الطائرات 25 طناً من المواد الغذائية.
مساهمات وتبرعات العرب والمسلمين والعالم:
1- تبرع ملك السعودية (سعود بن عبدالعزيز) بمليون ونصف مليون ريال سعودي (حوالي 150 ألف دينار)
2- وتبرع امير الكويت (الشيخ عبدالله السالم الصباح) بمائة الف دينار.
3- وتبرعت دولة البحرين بـ (7500 دينار) بحريني.
4- وتبرع قداسة البابا بثلاثة الاف دولار.
5- وتبرعت الهند بأربعين ألف روبية.
6- وتبرعت إيران بمليون ريال إيراني.
7- وتبرعت جمعية الهلال الاحمر بخمسة الاف دينار.
8- وسمحت حكومة بغداد بإجراء اكتتاب عام بمئة ألف دينار للإغاثة.
9- وارسلت حكومات مصر وتركيا والاردن وسوريا بعثات طبية للإغاثة.
10- اما بريطانيا فقد تبرعت بألف خيمة وبخمسة ملايين كيس رمل نقلتها طائرات خاصة (سقطت احداهن وقتل طاقمها).
11- وتبرعت امريكا بعدد من الخيم ومواد الاسعاف.
ولم تقتصر الاضرار على بغداد حسب فقد حلَّ بلواء الكوت ما حل بلواء بغداد، ولحقت لواء العمارة اضرار عظيمة، وتعرض لواء البصرة إلى اخطار جسيمة وانقطعت المواصلات بين بغداد ومعظم المدن الرئيسة وتعطلت الملاحة في نهر دجلة.
سعيد قزاز وزير الداخلية يرفض إخلاء بغداد للحيلولة دون كارثة أخرى وصالح جبر يقول إن دور أهالي الكرخ قادرة على استيعاب مشردي الرصافة...
وسخَّرت الحكومة المكائن والآلات التي كانت الشركات الأجنبية تستخدمها في تبليط الشوارع وإقامة المنشآت، وقاربت الزيادة 36 متراً في 26 آذار وهو المنسوب الذي يفوق درجة الخطر بمتر واحد، فنامت بغداد ليلة 27 آذار وهي فزعة قلقة يتهددها الفيضان والغرق في كل لحظة واضطرت سلطات الري فتح أربع كسرات في مناطق الخفاجي والرفيع واليهودية والداودية. وسهر الناس ليلة 28 آذار حتى الصباح وهم خائفون ويرتجفون وأيديهم على قلوبهم، فقد بدأت المياه تتسرب إلى كثير من الدور والمؤسسات القريبة من النهر.
وفي تلك الليلة اجتمع رؤساء الوزراء السابقون والوزراء والمسؤولون وبعض النواب والأعيان واتخذ مجلس الوزراء بعد مناقشة دقيقة للموقف قراراً بإخلاء بغداد إخلاء جزئياً وقال البيان" انه من المستحسن ان ينقل الشيوخ والأطفال الصغار والمرضى من المناطق المجاورة للسداد الشرقية إلى جانب الكرخ.." وكان في بغداد زهاء ثلاثة أرباع المليون نسمة يسكن ثلثهم في جانب الرصافة المعرض للغرق. وسأل وزير الداخلية (سعيد قزاز) مهندس الري البريطاني عن درجة الخطر المحدق بالعاصمة، فلما أجابه المهندس ان درجة الخطر قد تبلغ إلى 95%، أعلن الوزير القزاز انه يخالف هذا القرار لما يولد تنفيذه من ارتباك قد يؤدي إلى التهلكة. وتضاعفت الجهود التي نجحت الى حين انحسار المياه وانخفاض مناسيب دجلة.
امتازت الأحوال في العراق ببعض الانفلات النسبي في فترة وزارة الجمالي هذه، لسماحه للحزب الشيوعي بالتحرك بحرية نسبية، على الرغم من معارضة الوزير سعيد قزاز لذلك، ولهذا السبب كان الارتباك واضحا داخل عمل الحكومة حول معالجة الأمور التي تأزمت في منتصف آذار/مارس 1954 بسبب ارتفاع مستوى نهر دجلة المعتاد، إلا أنه كان هنالك اختلاف هذه المرة، فقد كان الارتفاع أسرع من المعتاد، ما أثار المخاوف والقلق في أوساط الدولة والمواطنين على حد سواء، وتطور الأمر إلى أزمة كادت أن تؤدي إلى كارثة رهيبة، ولم يسبق أن انتشر الرعب بين سكان المدينة كما حدث آنذاك، وقامت الصحف العراقية بتغطية مسهبة للأحداث، بالإضافة إلى زيادة انتشار الإشاعات التي بالغت في تصوير الخطر وإعطاء استنتاجات خاطئة حول الحلول التي يجب اتباعها، ووصل الأمر إلى حدوث مناقشات حادة في مؤسسات الدولة، فمثلا قام نصرة الفارسي العضو في مجلس النواب بسؤال وزير الزراعة عبدالغني الدلي حول الحل الذي ستعتمد عليه الحكومة للخروج من هذا المأزق، فأجاب الدلي بأنه على اتصال بخبراء مجلس الإعمار للتوصل إلى حل، وطلب منهم القيام بالإجراءات اللازمة.
وفي هذه الأثناء كانت مياه دجلة ترتفع والمخاوف تزداد حتى حل يوم 22 آذار/ مارس، حيث وصل مستوى دجلة درجة الخطورة والارتفاع مستمر، فتم عقد اجتماع وزاري برئاسة الجمالي يوم 24 مارس لمناقشة الأزمة، وبعد الاستماع إلى اقتراحات وزارة الزراعة التي مثلها عبدالمجيد عباس تم الاتفاق على تخويل مديرية الري العامة باتخاذ أي إجراء تجده مناسبا والقيام بعمل فتحات (كسرات) في المواقع شمال بغداد لتخفيف الضغط على المدينة حسب تقديرها، إلا أن الموقف استمر في التدهور، فمستوى النهر مستمر في الارتفاع، وغمرت المياه بعض القرى والمناطق، ما أدى إلى تشرد سكانها شمال بغداد، كما أخذت المياه تدخل بعض المناطق القريبة من النهر داخل المدينة، فعلى سبيل المثال تحولت ساحة السراي الكبرى ومديرية الدعاية العامة إلى بحيرات، ما أدى إلى تقييد حركة المواصلات في بغداد ذاتها، وتحديد إمكانية الموظفين الحكوميين في التنقل بين منازلهم ومقرات عملهم.
واقتصرت المحاولات الحكومية على إجراءات غير كافية لتقوية سدة ناظم باشا، واشتركت في هذه المحاولات كل أجهزة الدولة المدنية، بالإضافة إلى اشتراك المواطنين العاديين ليلا ونهارا، وحتى تحت ضوء الفوانيس، وقامت السلطات بتطهير المناطق المحتوية على النفايات والمياه الراكدة لئلا تسبب مخاطر صحية للسكان، وفي هذه الأثناء كانت الإشاعات المستندة إلى الخيال تزداد عددا وانتشارا، فمثلا ذكرت إحداها أن الحكومة العراقية ستوقف خدمة المياه الصالحة للشرب لثلاثة أيام، ومن هذه الناحية كان لإذاعة بغداد دور فعال في دحض هذه الإشاعات، وقامت بإذاعة نشرة كل نصف ساعة حول تطورات الموقف، تميزت بالدقة، وأحيانا بالنقل الحي للجهود المبذولة، وكانت تملأ الفترات بين النشرات بأغاني أم كلثوم والأناشيد الوطنية، ما سبب نقد بعض المواطنين لها متهمين إياها بالاستخفاف بالموقف، إلا أن آخرين أبدوا ثناءهم لها لمحاولة التخفيف من التوتر الشديد.
موقف الحزب الشيوعي:
ولم يكن الحزب الشيوعي ليدع هذه الكارثة أن تفلت من بين يديه ليستغلها لمصلحته، فقام بالطلب من أنصاره بالمساعدة في تقوية السدة عن طريق وضع أكياس الرمل عليها، وكان هذا الجهد استعراضيا وغير مجد.
أما الشخصية الرئيسية في خضم هذه الأزمة فقد كان وزير الداخلية سعيد قزاز الذي تحول إلى ماكنة عمل لا تتوقف لتنظيم الجهود وقام بنشاط جبار لضمان سلامة المشاركين في عمليات الإنقاذ وقام بزيارة مقر إذاعة بغداد لطمأنه العاملين فيها، وأذاع بنفسه خطابا طمأن السكان فيه ونفى حدوث أي انهيار للسدة. أما الجمالي فلم يظهر على الملأ إطلاقا.
وأثناء هذه الأيام العصيبة قام روفائيل بطي الذي كان وزير دولة بتسليم موظفي الإذاعة بيانا رسميا لإذاعته ضمن نشرة أخبار الساعة الثامنة مساء، ولكن قبل الموعد المقرر للنشرة قرأ العاملون بالإذاعة البيان في ما بينهم وأصيبوا بالفزع، لأنه كان في الحقيقة أمرا بإخلاء جانب الرصافة من بغداد وذهاب السكان إلى جانب الكرخ، وكان العاملون في الإذاعة يعرفون جيدا الفوضى التي كانت ستعم بغداد في حالة حدوث هذا ومدى خطورة هذا على عوائلهم، فإذا بالوزير سعيد قزاز يدخل الإذاعة ويطلب من المذيع محمد علي إعطاءه البيان، وما أن استلمه حتى مزقه أمام الجميع، مصرحا بأنه لا حاجة لإذاعة البيان، وإن سأل أحدهم عن سبب عدم إذاعته فعليهم القول بأن سعيد قزاز هو الذي ألغاه، وهو المسؤول عن إنقاذ بغداد وإن الإذاعة هي ضمن وزارة الداخلية. وفي هذه الأثناء كان مستوى دجلة في ارتفاع مستمر مثيرا حالة من الهلع في بغداد.
وفي الساعة العاشرة من ليلة 29 مارس/ذار قامت الوزارة بعقد اجتماع في مديرية الري العامة ضم جميع الوزراء وكبار أعضاء مجلسي النواب والأعيان وكبار الاختصاصيين ومدير الري العام والأمير عبدالإله، ولي العهد، ومتصرف (محافظ) بغداد عبدالجبار فهمي ورؤساء وزراء ووزراء سابقين، ومن المؤكد أن نوري السعيد، الرجل القوي، كان حاضرا أيضا.
وكان جو الاجتماع عاصفا، فأغلبية الوزراء، وعلى رأسهم الجمالي فضلوا إخلاء الرصافة، وأيده في ذلك بعض الشخصيات السياسية آنذاك، ومنهم رئيس الوزراء السابق صالح جبر، الذي ادعى أن نخوة سكان الكرخ تجعل كل عائلة هناك تستقبل سبع عوائل من الرصافة، وعضو مجلس الأعيان صادق البصام وآخرون وبشكل خاص مدير الري العام الذي قال بأن نسبة احتمال تعرض بغداد للدمار هي 95%، ولم تذكر المصادر كيفية توصله لهذه النسبة. وفي الجانب الآخر كان هناك الوزير سعيد قزاز الذي أصر على العكس، فعملية الإخلاء ستؤدي على الأغلب إلى عمليات واسعة من النهب والسرقة والقتل، كما أن إخلاء هذا العدد الكبير من الناس في هذه السرعة الكبيرة ومن خلال ثلاثة جسور فقط قد يؤدي إلى أعمال شغب خطيرة وكوارث والتاريخ مليء بالأمثلة التي تدعم هذا الرأي، فأصر على موقفه مؤكدا على ثقته بنجاح إنقاذ بغداد وتحمله المسؤولية الكاملة على هذا القرار ونجح في الأخير في مسعاه، فكانت نتيجة الاجتماع عدم إخلاء بغداد.
وإذا أخذنا بنظر الاعتبار كون سعيد قزاز هو وزير الداخلية فقط، بينما كان معارضوه رئيس الوزراء وأغلبية الطبقة السياسية، فإن نجاحه في التغلب على وجهة نظرهم وفرض رأيه يعطي الانطباع بأنه كان هناك شخصية قوية سياسيا بما يكفي لدعمه في هذا النقاش، والشخص الوحيد الذي تمتع بهذه المزايا آنذاك كان بالطبع الباشا نوري السعيد.
وقال سعيد قزاز في الاجتماع، إن هناك شخصا واحدا يستطيع إنقاذ بغداد وهو العميد (اللواء لاحقا) الركن خليل جميل آمر صنف الهندسة في وزارة الدفاع، فاتصل به أثناء الاجتماع طالبا منه الحضور فورا، وعند حضوره أكد للحضور إمكانية إنقاذ بغداد من قبل الجيش وتحمل المسؤولية الكاملة، فصنف الهندسة كان يضم أفضل ضباط الجيش العراقي، ولذلك تم إلغاء تخويل مديرية الري العامة وتخويل الجيش العراقي بإنقاذ بغداد من الكارثة التي قد تنهي وجودها كمدينة وقامت الحكومة بتعيين العميد الركن خليل جميل «آمرا للفيضان» واعطائه صلاحيات الحاكم العسكري.
وكان رد فعل خليل جميل فوريا، وهو استنفار الجيش العراقي لحماية بغداد والدفاع عن أمنها، وأمر بجلب أحد الأفواج من الموصل لحراسة السدة بشكل خاص، كما أمر باستعمال جميع المعدات في الجيش العراقي والشركات المحلية والأجنبية العاملة في العراق، التي كانت منها شركة بلفور بيتي البريطانية، التي كانت تقوم بتنفيذ مشروع الثرثار آنذاك، ونتيجة لذلك حدث تغير مفاجئ في جهود إنقاذ بغداد، فقد تغير كل شيء لتصبح عملية الإنقاذ في غاية الدقة والفعالية فتم تحصين السدة بكفاءة وسرعة فائقتين، وبعد عمل مضن دام ثلاثة أيام بلياليها لم يذق خليل جميل وضباطه وجنوده والوزير سعيد قزاز طعم النوم خلالها حتى تم التأكد بأن السدة لن تنهار ولن تحدث فوضى بأي شكل في بغداد، بل تم الإعلان بحدوث انخفاض في مستوى دجلة وانتهت مهمة الجيش بنجاح تام.
وكان نجاح سعيد قزاز لافتا للنظر ومثيرا للإعجاب وقال النائب توفيق السمعاني آنذاك بأن أصحاب فكرة الإخلاء لم يكونوا بمستوى المسؤولية، لأن هذه الفكرة كانت أسوأ من الفيضان نفسه، وأشاد بشدة بالوزير سعيد قزاز لشجاعته وكفاءته. وقام محمد فاضل الجمالي بإلقاء خطاب انفعالي في الإذاعة إلا أن ثقة الناس به كانت قد اهتزت ولم تدم وزارته طويلا فاستقال يوم 29 إبريل 1954. وألقى الملك فيصل الثاني كلمة جميلة لرفع المعنويات. وقد كوفئ الوزير سعيد قزاز على انقاذه بغداد بإعدامه شنقا عام 1959 من قبل انقلابيي 14 تموز 1958 بقيادة الزعيم الركن عبد الكريم قاسم هكذا التاريخ.
الملك يقطع زيارته الرسمية للباكستان ويعود لبغداد:
وفي السياق نفسه قطع الملك فيصل الثاني زيارته الى باكستان وعاد للبلاد وتم تحشيد مائة وثمانين ألف شخص لحماية العاصمة وشاركت ثلاثة عشر شرطة هندسية.
ولم يقتصر الأمر على الجيش بل دعت القوى والأحزاب العراقية على اختلاف مشاربها العمل بجهد متفاني لدرء الفيضان فدى الحزب الوطني الديمقراطي من جانبه دعا أنصاره ومؤازريه للعمل بكل إمكانياتهم لدرء الخطر وحذت الأحزاب العلنية الأخرى (الاستقلال، والجبهة الشعبية التقدمية، وحزب الأمة الاشتراكي) حذو الحزب الوطني الديمقراطي كما أن الأحزاب السرية ومنها الحزب الشيوعي العراقي الذي بدوره سخر جميع إمكانياته المحدودة من خلال إصدار بيان دعا جميع أعضائه للعمل بكل طاقاتهم من أجل حماية العاصمة من الفيضان ولم يقتصر الأمر على اعضائه بل شمل القرار حتى قادته الذين نزلوا بدورهم لحمل التراب وإقامة السدود ففي السياق ذاته يذكر سعيد قزاز المعروف بمناوئته للشيوعيين بقوله "بأن العناصر الشيوعية لم تستغل هذه الفاجعة لتزيد الطين بلة، أو الوضع ارتباكاً كما هي عادتها ولو أنها فعلت ذلك، لجعلت العاصمة عاليها سافلها، ولأصبحت بغداد اثراً بعد عين "وهي شهادة تحزب للشيوعيين عن تفانيهم في الدفاع عن العاصمة متناسين دورهم المنادي لإسقاط النظام الملكي بأسره.
استقالة حكومة الجمالي:
وحاولت حكومة الجمالي من جانبها بمساندة المنكوبين وتقديم ما يلزم من عون وتعويض فشكلت لجنة في الثلاثين من آذار 1954 للاطلاع على الأضرار التي أصابت المواطنين وبالرغم من الجهود التي بذلها رئيس الوزراء تقدم في 12 نيسان 1954 أحد عشر نائباً طلباً بإجراء تحقيق نيابي حول كارثة الفيضان واتهموا الحكومة بالتهاون وقال معتذراً (ان الجهود التي قامت بها وزارة الزراعة والداخلية وباقي الوزارات في إنقاذ بغداد أنقذت حياة الكثيرين من ابناء الشعب ولا يمكن أن ندعي بأن ما جرى وقمنا به هو الكمال ولكن حسن النية وروح الخدمة ومواصلة العمل أن يعترف به ولو قليلاً) .نتيجة ازدياد المعارضة الرسمية والشعبية تجاه حكومة محمد فاضل الجمالي مما دفعه الى تقديم استقالته بتاريخ 19/4/1954.)
حفل تكريمي لأبطال مكافحة فيضان بغداد 1954:
يروي المرحوم العقيد طلعت علي في مذكراته انه عام 1954 كان يشغل منصب مأمور مركز شرطة العلوية عند حدوث فيضان بغداد عام ١٩٥٤ وكانت وزارة الداخلية قد حشدت جهدها وبادارة سعيد قزاز لتلافي خطر الفيضان، ونجحت الوزارة بقيادة وزيرها سعيد قزاز في تلك المهمة الصعبة، وبعد زوال الخطر اقيم حفلا كبيراً حضره الملك فيصل الثاني وولي العهد عبدالإله ونوري السعيد وكبار رجال العهد الملكي، وكان المرحوم طلعت علي ضمن المجموعة التي تم اختيارها من قبل مدير شرطة لواء بغداد لحماية الحفل الذي اقيم في قاعة الملكة عالية.
يذكر المرحوم بانه كان في موقع قريب من البوابة بحيث ادى التحية للملك والوصي حين شاهدهم عن قرب وحضر الى الحفل كذلك البعثات الدبلوماسية وكبار رجال الدولة مع عوائلهم. ويشيد المرحوم العقيد طلعت بما شاهده من تصرف المرحوم سعيد قزاز الذي بقي خارج القاعة لحين دخول جميع المشاركين في الحفل، وأنه اثناء الحفل كان يخرج من القاعة للاطلاع على تواجدنا في النقاط المحددة لنا لحماية الحفل، الى ان جاء وقت تقديم وجبة العشاء وتم جلب الطعام، وإذا بالوزير سعيد قزاز ومرافقه يحملان سندويشات لتوزيعها الينا. يقول المرحوم ما ان شاهدت الوزير يحمل بيده السندويشات حتى اسرعت واخذتها منه وأصبحنا نحن الثلاثة انا ومرافقه والوزير نوزع اللفات على منتسبينا، والوزير يشيد بهم الى ان أكملنا وعدنا الى نقطة قريبة من البوابة، يقول المرحوم طلعت: (انا لما وصلت بقربه، أدّيت التحية العسكرية له بالاستعداد وعرفته بنفسي.. وسألني (وين تداوم؟) فأخبرته (أنا مأمور مركز شرطة العلوية)، فقال لي (هذا مكان مهم لأنه اغلب ضيوف العراق الأجانب يتواجدون في منطقة عمل هذا المركز). وفي نهاية المطاف قال لمرافقه وهو ينظر الى ساعته: (أنى لازم ارجع. أبقى أنت مع طلعت وكملوا تناول عشاءكم).
هنا يذكر المرحوم طلعت علي انه قال لمرافق الوزير: انا رأيت الباشا حازما جدا اثناء الفيضان، ولم أكن اتوقع منه هذه الشدة، حتى انه لا يجامل اقرباءه، فأجابني مرافق الوزير (نعم لكنه انسان طيب جداً) وروى لي قصة طريفة ونادرة للباشا سعيد قزاز.
قصة طريفة ونادرة للباشا سعيد قزاز يرويها مرافقه:
قال لي مرافق الوزير (دعني أسولفلك ما جرى معي قبل العيد مع الباشا) فالباشا اعتاد قبل العيد بيوم ينزل لأهله بالسليمانية ليعايدهم هناك، وكان يستخدم سيارته الشخصية وليس الحكومية، وانا كنت اقودها من بغداد وهو يجلس في الخلف) وأضاف ( قبل وصولنا الى كركوك بالطريق صادفنا شرطي يؤشر للصعود معنا)!!! فما أن شاهده الباشا أخبرني بالوقوف وحمله معنا، وقال هذا من جماعتنا... بس اريدك تتأكد هل انه يحمل رقمه صعّده ومن تصعده تعكس المرآة بحيث أقرأ رقمه.. المهم يقول رجعت بالسيارة شفت الشرطي يحمل رقم نظامي. ففتحت له الباب وصعد بجانبي. وكان الباشا مشغولا بقراءة كتاب. وفي الطريق قبل دخولنا مدينة كركوك قال لي الشرطي: (هاي سيارتك؟) يقول نظرت بالمرآة الى الباشا فأشار لي بالإيجاب، فقلت له (نعم).
فقال الشرطي (يبين انتو اموركم راهية وعندك هيج سيارة)!!!
فيقول سكتت.. وما ان دخلنا الى كركوك.. قال الشرطي لي مهددا (اسمع ولك أنى نازل لأهلي وفلس ماعندي لو تنطيني دينار لو هسة اسلمك للشرطة اكللهم هذا مخالف واني لزمتهم واخليكم إتعيّدون بالسجن) ....
فقال له الباشا (دتساهل ويانه شوية)؟؟؟ قال (ابدا.. أنتم صاعدين هيج سيارة... ومستحيفين بية دينار واحد...انتظروا) ...
يقول كانت مديرية شرطة كركوك في راس الجسر مقابل المصرف حاليا. وكانت عبارة عن بناية عثمانية تم هدمها لاحقاً... فيقول وصلنا قريبها برأس الجسر وهنا الطريق الى السليمانية باليمين ومديرية الشرطة في اليسار
قال الباشا للشرطي ((انت تعرفني ؟؟؟)) فالشرطي ارتبك...
فقال له (انا وزير الداخلية سعيد قزاز...وهذه مديرية الشرطة بكركوك
اتفضل) ...
فانهار الشرطي بالتوسل والبكاء ،وإذا بالباشا يمدّ يده في جيبه ويخرج محفظته وقال للشرطي (اسمع آني ما راح اسجنك ولا انطيك دينار ... راح انطيك دينارين لخاطر جهالك والعيد واني حفظت رقمك وعرفتك. هالمرة وياية امشيلك إياها، بس لو اسمع هيج حالة تتكرر فلن ارحمك اطلاقا)).
الشرطي بدأ بالتوسل بالباشا ويرجوه معاقبته وسجنه فاذا بالباشا يصرخ بوجهه: ((عيب عليك تبجي وخذ الفلوس)).
وما ان مشينا بعد مسافة قلت للباشا ((توقعتك ياباشا راح تعاقبه))... ..فأجاب الباشا (وهل هناك عقوبة اكبر من بكاء رجل بهذا السن؟)...
حيث ان الباشا كان يعاني من قلة رواتب الشرطة وكانت تخصيصات خيل الشرطة أكثر من راتب الشرطي. حتى قيل وقتها ان أحد افراد الشرطة قدم طلباً لتسجيله كحصان بالشرطة، ليستفيد من فرق الراتب والمخصصات التي تصرف للحصان ولا تعطى للشرطي!!!..
صور تذكارية أخرى من البوم مدير الشرطة طلعت علي (يرحمه الله)
العقيد طلعت علي مدير شرطة محافظة كربلاء يتسلم هدية تذكارية من المرحوم خليل إبراهيم وكيل وزارة الداخلية ويبدو محافظ كربلاء السيد عزيز صالح النومان
توزيع الجوائز على الرياضيين الفائزين في المهرجان الرياضي لشرطة كربلاء
4764 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع