احياء مكتبة اشوربانيبال

                                         

                        فؤاد يوسف قزانجي

 

مدخل

مكتبة اشوربانيبال او مكتبة نينوى او المكتبة الملكية، تعد من اهم المكتبات في الحضارات القديمة، لكونها اصبحت المكتبة القومية للعراق القديم في القرن السابع قبل الميلاد. اقامها الملك اشوربانيبال(669-626 ق.م.) في مدينة نينوى عاصمة الامبراطورية الاشورية الاخيرة التي امتدت من شمال مصر وفلسطين وسوريا وحتى بلاد الميديين في غرب العراق القديم. ويقدر عدد محتوياتها بحوالي مائة الف رقيم طيني،بالاضافة الى عدد  من المخطوطات الاشورية و الارامية وغيرها على لفائف البردي والرق. ترجع اهميتها الى ان الاشوريين بدأوا بكتابة التاريخ على شكل حوليات تعود لعهود بعض من ملوكهم البارزين،وقد اتضح من خلال الدراسات الاثارية ان معظم ما سجل في هذه الحوليات كان صحيحا. اول دراسة عن هذه المكتبة باللغة العربية كتبها الباحث الجليل كوركيس عواد في كتابه المتميز (خزائن الكتب القديمة في العراق) الذي صدر في عام 1948 .
كان رئيس البعثة البريطانية الاولى للتنقيب في (تل قوينجق) الذي تقع فيه بقايا مركز مدينة نينوى الاشورية،  هنري اوستن لايارد ،الذي اكتشف مجموعة من الاثار من بينها قصر ومكتبة سنحاريب، وفي عام 1852 استقال ليارد من البعثة، ليلتحق بوزارة الخارجية. وكان القنصل البريطاني هنري راولسون قد اصبح مسؤولا عن البعثة البريطانية،فعهد الى المنقب العراقي الاول هرمزد رسام بالاستمرار بالحفر في عام 1853 في تل قوينجق. وبعد جهود استمرت حتى نهاية ذلك العام ،اكتشف هرمزد رسام قصر آشور بانيبال بضمنه مكتبته العظيمة التي القت الضوء على تاريخ الشرق الادنى حينما كان معظمه تابعا الى الامبراطورية الاشورية بين القرن التاسع والقرن السابع قبل الميلاد  ،لكن مع ذلك عزا المتحف البريطاني اكتشافها الى رئيسه السابق ليارد،مما دعاه الى الاحتجاج بعد عودته،ولكن بدون جدوى ،و اضطر ان يقطع صلته بالمتحف البريطاني وينعزل في بيته. وقد كتب الاستاذان بينكوفسكي وميلارد حول هذا الاكتشاف قائلين :” لقد نقب رسام بجهد جهيد في الجهة الشمالية من (تل قوينجق)  وفي 20 من شهر كانون اول 1853 عثر رسام على لوح من الرخام الابيض منقوش  يظهر فيها  اشور بانيبال وهو يلاحق اسد ليصيده، ثم عثر على اكوام من الرقم الطينية تبين انها تعود الى مكتبة آشوربانيبال”. (1)
 واكثر من كتب عن هذه  المكتبة باللغة العربية، هو كاتب هذا الموضوع : وكان البحث الاول ضمن كتاب (المكتبات والصناعة المكتبية في العراق)1972  ، واقترح عليه  المؤرخ العراقي الدكتور سامي سعيد الاحمد ان يكتب عن المكتبة والمكتبات القديمة في بلاد الرافدين باللغة الانكليزية،وقد نشر المقال في مجلة الجمعية التاريخية في عام 1973 . وتم نشر مقال اخر  للتعريف بالمكتبة للاخوة العرب في (المجلة العربية للمعلومات) التابعة للمنظمة العربية للتربية والثقافة في عام 1978. ثم مرة ثالثة في دراسة نشرت في مجلة اداب المستنصرية (ع4، 1978 ) ومرة رابعة في كتاب (المكتبات في العراق منذ اقدم العصور حتى الوقت الحاضر)، والذي نشر في عام 2000 .
في عام 2001  قدم رئيس قسم الاثار والدراسات المسمارية الاستاذ علي الجبوري مع بعض اساتذة القسم التابع الى  كلية الاداب بجامعة الموصل، اقتراحا لاحياء مكتبة اشوربانيبال وبنائها من جديد،وقد تالفت لجنة رسمية لهذا الغرض بالاضافة الى  مدير المتحف العراقي وذلك في عام 2001، وقد اضيف  الكاتب الى اللجنة  بعد ذلك. ومساهمة من الكاتب  في هذا المجال،فقد كتب بحثا مطولا صار كتابا صغيرا عن اهمية مكتبة آشوربانيبال ودورها ومكانتها بين مكتبات العالم القديم في عام 2003، نشرته الموسوعة الثقافية في بغداد  (2) ،وتم فيه ايضا مقارنتها بمكتبة الاسكندرية ، كما ضمنه رأيه  الذي اقترح فيه ان تبنى المكتبة الجديدة بقرب موقع مدينة نينوى القديمة ، وان يكون شكلها الخارجي مشابها الى قصر آشوربانيبال ،كما  تصوره الباحثون البريطانيون  امثال ولتر اندريا الالماني والبريطانيون لوفتس وراولسون ومكتشف مكتبة اشوربانيبال الاثاري العراقي هرمزد رسام وذلك في عام 1873 ،بعد ان سافر لايارد ليلتحق في وزارة الخارجية ،كما قام لايارد بعد اكتشاف المكتبة من قبل البعثة البريطانية برآسة هرمزد رسام  في تاليف كتاب  عن حفريات البعثة البريطانية في العراق ،اضاف اليه قصر الملك اشوربانيبال الذي اكتشفه في الحقيقة هرمزد رسام.

وقد عملت هذه  اللجنة التي تضم في معظمها  اساتذة قسم الاثار والقسم المعماري ، بدعم متواصل من رئاسة جامعة الموصل، بهمة عالية وحققت حلم العراقيين  في بناء المكتبة على الطراز الاشوري  بالاضافة الى معهد للدراسات الاشورية ، وكان قد توقف المشروع خلال العامين 2003-2005 ، لكن المشروع  استمر بعد ذلك لبناء  المكتبة والمعهد. اما بالنسبة الى معهد الدراسات الاشورية الملحق بالمكتبة فقد وافقت منظمة اليونسكو على قيامها بتوفير تجهيزاته التقنية والالكترونية ليكون مركزا وطنيا وعالميا لدراسة اللغتين  السومرية والاكدية وبضمنها اللغتين الاكدية -البابلية والاكدية-الاشورية وآدابها.
وقد صرح رئيس  قسم الاثار الدكتور علي ياسين الجبوري قائلا:” انه يتوقع ان يكتمل بناء المكتبة والمعهد في العامين2014-2015 ،وسيكون بينهما طريق يشبه شارع الموكب ، وتتالف بناية المكتبة من اربعة طوابق ،ويرى ان يخصص الطابق الارضي لخزن الكتب ،وان يخصص الطابق الاخر لعرض الكتب الجديدة .(*) واردف قائلا: وان مكتبة الاسكندرية تبرعت ب1000 كتاب باللغات المختلفة والمتعلقة ببلاد الرافدين القديمة (**)، كما تبرعت مكتبة الامارات العربية المتحدة باكثر من 1000 كتاب عن حضارات وادي الرافدين، لتكون نواة لمكتبة اشوربانيبال الجديدة. كما اشار الاستاذ الجبوري الى ان معمارية المكتبة بنيت على طراز البناء الاشوري.”(2) ويذكر ان تفاصيل معمارية مبنى المكتبة قد اتخذت شكلا يشبه القصور والقلاع الاشورية التي وجدت في صور جدارية منقوشة على رخام ابيض. كما استخدمت العلامات المسمارية لتزيين نوافذ المكتبة، كونها الكتابة الاولى التي ابتدعها الانسان في العراق القديم.
وهناك مشروع رقمي في المتحف البريطاني هو في مراحله الاخيرة  بتصوير وفهرسة مجموعات الرقم الطينية الاشورية التي عثر عليها في نينوى وتضم محتويات مكتبة اشوربانيبال، بالاضافة الى مجموعة مكتبة قصر سنحاريب التي تقدر بثلاثة الاف رقيم والتي عثر عليها هنري اوستن ليارد وقد اكمل حفرياته بعد ذلك مالاوان، وربما مجموعة اخرى اصغر حجما من معبد الاله نابو، قد تزيد في مجموعها على الثلاثين الف رقيم. بالاضافة الى ذلك هناك مشروع رقمي اخر مماثل ،في جامعة بيركلي الامريكية لتصوير وفهرسة جميع الرقم والممسلات والمناشير التاريخية الاشورية ، بما فيها عدد من  اللقى التي عثرت عليها بعثة الجامعة ، في الاعوام 2005-2007 . وهناك مشروع ثالث رقمي لتصوير وفهرسة الاثار الاشورية بما فيها من الرقم الطينية في جامعة بنسلفينيا الامريكية. ان هذه المشاريع الثلاث ستساهم في معرفة تاريخ بلاد اشور وحضارتها بالتفصيل،كما سيسهل عمليات البحث والتنقيب عن اثار اخرى اشورية جديدة، وخصوصا ان قسم الاثار في جامعة الموصل قد شرع بالتنقيب بحثا عن بقايا الرقم الطينية في مكتبة نينوى.

آشوربانيبال ومكتبته الملكية
كان آشوربانيبال (668-627 ق.م.)  آخر الملوك العظام في الامبراطورية الاشورية. امتدت هذه الامبراطورية منذ بداية القرن الثامن قبل الميلاد حتى بداية القرن السابع قبل الميلاد، لتشمل فلسطين والممالك الفينيقية وسوريا بما فيها من ممالك آرامية وخاصة ممالك بيث-بخياني وارام- دامشقي و حماث ، ثم بلاد الرافدين وكذلك  اورارتو (المرجح انها موطن قدماء الاقوام الارمنية) وعيلام، واضاف اليها آشوربانيبال مملكة مصر.
 كان اشوربانيبال ملكا مثقفا، فقد اتقن اللغتين السومرية والاكدية، كما كان يقرأ باهتمام نصوص الرقم الطينية المتعلقة بحضارتي سومر وبابل،على الارجح منذ ان صار وليا للعهد، وبدأ بتكوين مكتبة شخصية له منذ ان كان يعيش مع ابيه اسرحدون في قصر جده سنحاريب. ولما صار ملكا بنى له قصرا في شمال  نينوى، وخصص جناحا من قصره كمكتبة له وعمل بدأب على الاهتمام بها ومتابعة تكوينها وتنظيمها طيلة مدة حكمه الطويلة التي بلغت حوالي 42 عاما. ويرجح ان مكتبته احتوت مالايقل عن  مائة الف رقيم طيني بالاضافة الى عدد من المخطوطات الاشورية والارامية ، والمكتوبة على ورق البردي او الرق او القطع الشمعية. وكانت اللغة الارامية الى جانب اللغة الاكدية، قد بدات  بالانتشار في الهلال الخصيب منذ القرن الثامن قبل الميلاد. وبحسب ماذكر المتحف البريطاني على مدونته ان رقم  نينوى بلغ مجموعها 25047 رقيما وجزءا من الرقيم. وتوجد مجموعة اخرى من رقم نينوى كما نستنتج من كتابات كلا من الباحثين صامويل كريمر واندرو جورج، اذ هنالك رقم من المكتبة الملكية مالايقل عن 10000 رقيم محفوظة في متحف الاثار القديمة في اسطنبول،من مجموع 75000 رقيم والتي حصل عليها العثمانيين الاتراك حينما كانوا يحتلون العراق حتى عام 1917. كما توجد مجموعة ثانية تضم جانبا من مراسلات اشوربانيبال في مكتبة بودليان في اكسفورد تقدر ب(70) رقيما. وتوجد مجموعة ثالثة صغيرة في مكتبة جامعة بنسلفينيا الامريكية، قد تكون عثرت عليها بعثة من الجامعة المذكورة في العامين 2005-2007 ، او في اعوام اخرى.
اكتشف محتويات مكتبته المنقب العراقي الاول هرمزد رسام الموصلي الذي كان مساعدا لرئيس البعثة الاثارية البريطانية،كما قلنا، وخصوصا ان هرمزد كتب عن اكتشافاته في نينوى وبابل وكلخو(نمرود) وغيرهما في كتابه الفريد (آشور وبلاد نمرود!)،الذي لم يقبل اي ناشر بريطاني ان يطبعه مما اضطره ان يبعث به الى ناشر امريكي، وتم طبعه في عام 1898 .(3)
تعود شهرة مكتبة نينوى في الحقيقة: الى اهمية محتوياتها، اذ ضمت  بالاضافة الى حولياتها ،قصصا وروايات تحاكي بعض الاحداث الدينية المقدسة في العهد القديم مثل رواية الطوفان التي وجدت  ضمن اول ملحمة في العالم وهي ملحمة كلكامش(الرقيم11 منها)،  وفكرة عن الخلق وشجرة المعرفة وكذلك قصة شخص معذب تحاكي عذاب النبي ايوب، وبعض الحكم البابلية التي قد تشبه جانبا من حكم سفر الجامعة.
تسمى المكتبة في العراق القديم ( كركيناكو) وهو اسمها السومري. وان تقليد استخدام الطين النقي في الكتابة ،وعمل الرقيم جاءنا من السومريين الذين هم اول من ابتدع الكتابة المسمارية في حدود 3200 قبل الميلاد . وكان حجم الرقيم في مكتبة نينوى يتراوح بين 9 بوصات طولا و 6  عرضا، و حتى بوصة مربعة واحدة. ومن الجدير بالذكر انه وجد في المكتبة عددا من القواميس اللغوية من بينها معجم لغوي يعود الى العصر البابلي القديم ، ولعله من اوائل المعاجم في العالم يسمى( آنا-اتيشو) ومعناه  (حين الطلب) ويتضمن مفردات لغوية وقانونيو واسماء سومرية وما يقابلها باللغة الاكدية-البابلية.
يرى الباحث جورج رو انه يمكن ان تصنف هذه المكتبة الى قسمين: اولهما  الوثائق الوطنية، مثل الرسائل والعقود والمخطوطات الاقتصادية والتاريخية  كالحوليات وسجلات الاحداث. ويتالف القسم الاخر من الاهتمامات الملكية المتضمنة للموضوعات الدينية ومنها الفأل والتنجيم وكذلك الادبية ومنها القصص والملاحم والاساطير، مثل ملحمة كلكامش وملحمة نزول عشتار الى العالم السفلي ونسخة من ملحمة ايرا واشنوم.  ومعظمها في الحقيقة، نسخا مترجمة عن اللغتين السومرية و الاكدية-البابلية بامر الملك اشوربانيبال نفسه. كما تقدم لنا الرسائل الكثيرة المحفوظة برهانا على ان الملوك الاشوريين كانوا متعطشين للثقافة،وان بعظهم اشرفوا بانفسهم على تنظيم محتويات مكتباتهم،وسعوا لجلب النصوص القديمة من البلدان ذات الحضارة الراقية كبلاد سومر واكد. ونجد اشوربانيبال يرسل نساخين وباحثين من مكتبته  الى مدن اخرى ،ويوجه احدهم يدعى شادونا، من الراجح انه الحاكم الاشوري لمدينة بارسيبا،قائلا له” عندما تتسلم رسالتي هذه، خذ رجالي الثلاثة مع رجال ضليعين من مدينة بارسيبا وابحثوا عن في الرقم الموجودة في معبد ايزيدا...وتصيد الرقم النفيسة من تلك التي تكون ذات فائدة ما لمكتبتي، فالتقطها ثم ارسلها لي”.
 كان يجري حفظ الوثائق التجارية في الجرار او السلال،الا ان النصوص المكتبية تبدو وكأنها رتبت على رفوف خاصة. وكانت الرقم يجري ترقيمها او ختمها بسطر يضاف في اعلى الرقيم يتضمن كتابة الكلمات الاولى من الرقيم التا لي المكمل له. وفي نهاية النصوص التي تشكل ملحمة او موضوعا واحدا يكتب: الرقيم رقم كذا لمجموعة كلكامش او اينوما اليش وهكذا، وفي الغالب يضاف اسم المكان: (كتبت طبق الاصل ودققت!.قصر آشوربانيبال،ملك العالم، ملك الاشوريين) . ونلاحظ لاول مرة اسلوبا واضحا في الفهرسة والتصنيف لم نجده في بقية مكتبات  العصور القديمة.(4) بما فيها مكتبة مدينة سيبار ومكتبة مدينة نيبور  ومكتبة الاسكندرية ومكتبة ايبلا ومكتبة ماري والتي كانت تحتوي  من النصوص ما لايقل عددا عن مكتبة اشوربانيبال، ولكن اقل منها اهمية وتنوعا.
تضم مكتبة اشور بانيبال الموجودة في المتحف البريطاني ثلاث مجموعات هي اولا ماوجد في قصر اشوربانيبال، ومجموعة صغيرة وجدت في معبد الاله نابو، وكذلك مجموعة اخرى عثر عليها هنري لايارد في قصر سنحاريب لاتقل عن ثلاثة الاف رقيم، ولذلك فان ادارة  المتحف البريطاني تطللق على هذه المجموعات الثلاث اسم مجموعة نينوى او قوينجق.
اما الباحث جورج بوشنل فيرى ان مجموعات مكتبة نينوى يمكن ان تقسم الى التصانيف التالية:
اولا- النصوص الطبية: وتضم 1- نصوص الطقوس  الدينية والممارسات السحرية التي تجرى من اجل شفاء المريض .2- نصوص لوصفات طبية لانواع مختلفة من الامراض التي تصيب الانسان. 3- قوائم باسماء الاعشاب والنباتات التي تدخل في علاج الامراض وبعض الوصفات الطبية، ويعتقد ان الطب البشري بدأ في العصر الاشوري الحديث واكملته الحضارة اليونانية ثم الطب السرياني والعربي. ولدينا في هذه المكتبة 120 رقيما طبيا تتعلق بالوصفات الطبية العشبية والنباتية الى حوالي 30 حالة مرضية. مما يرينا التجربة الاولية للانسان في حقل الطب واستعمال الدواء، لكنها كانت ممتزجة بالطقوس الدينية والسحرية، وان ابرز تلك الامراض التي عالجوها السعال والاسهال والصفراء وقتل القمل والسخونة.
ثانيا- النصوص الفلكية : بدأ علم الفلك في العصور البابلية الاولى1850-1400 ق.م. ووصل الى مرحلة متقدمة ، وكان يجري لاغراض دينية ودنيوية، وقد امكنهم معرفة السنة القمرية وعددها عندهم 345 واضافوا اليها شهرا كاملا كل ثلاث سنوات للتوفيق بين السنة القمرية والسنة الشمسية. وقسموا السنة الى احدى عشرة او اثني عشرة شهرا، وجعلوا الشهر اربعة اسابيع والاسبوع سبعة ايام، واكمل العلماء الاشوريون والبابليون في مدينة بابل تحديد ظاهرة الخسوف والكسوف بالاعتماد على حسابات فلكية دقيقة، وقد وجد في مكتبة نينوى انواعا كثيرة من النصوص الفلكية ورصد النجوم والقمر.
ثالثا- اهتم السومريون والبابليون والاشوريون بتدوين قواعد نحوية الى لغاتهم بالاضافة الى قواميس سومرية – اكدية، واشورية اكدية - بابلية اكدية وجدت نسخا منها في المكتبة الملكية.
رابعا- النصوص الدينية:  ضمت المكتبة عددا كبيرا من نصوص دينية  تعزيمية وسحرية  والتي كانت موضع اهتمام الملك اشوربانيبال،و يمكن تصنيفها الى ثلاثة انواع، 1- التعاويذ والسحر، وتضم اصول ممارسة الطقوس والمراسيم الدينية والسحرية لانهما احيانا كانا ممتزجان معا  ومن امثلة هذه التعاويذ السحرية الاشورية، تعويذة مقدمة الى اله النار والتي عرفت باسم (الحارق Maqlu ) حيث يقوم صاحبها بحرق تمثال صغير للتخلص من تاثير السحر او تاثير الرقيات عليه، وكانت مفصلة ويبلغ  عدد رقمها ثمانية. 2- الصلوات والتراتيل والادعية، وقد وجدت في المكتبة مدونة باللغتين السومرية والاكدية، وكانت الصلوات والدعوات تمارس احيانا للتخلص من المرض وكذلك لطرد الارواح الشريرة (الشيطان)، ومن امثلة ذلك، صلاة كان يقوم بها اشوربانيبال موجهة الى الاله (رامان) وهو اله مشترك بين الاراميين الذين كانوا يعيشون في جنوب العراق والاشوريين:
” رامان يا حاكم الارض والسماء، يا من خلق البشر، قل كلمتك ودع الالهة تاخذ مهامها منك، والتمس منك قضيتي. امنحني الحكم المناسب لي، انا اشوربانيبال خادمك، وابن الهي اشور والهتي اشوريتو،اتضرع اليك واكتب اليك ايها الممجد، لان السر الذي تلا خسوف القمر، فيه حقد قوى السماء، والنذر الشريرة في قصري وارضي، ولان الشعوذة الشريرة،...الخ.
خامسا- النصوص التاريخية : اي مايعرف  ب (الليمو)، حيث كانت السنة عند الاشوريين تسمى باسم المدون او الموظف الذي يرعى الاحتفالات الدينية في مدينة آشور. وكان يتناوب عليها كبار موظفي الدولة، وفي مقدمتهم الملك نفسه وخاصة في السنة الاولى من حكمه، مع تدوين الاحداث المهمة. وبالاستعانة بهذا التاريخ امكن تحديد الازمنة الاولى لملوك دولة-مدينة اشور قبل ان تتوسع، وذلك بعد ان تم العثور على رقيم  مقسم الى اعمدة، سطرت فيها اسماء الملوك ولكن في كثير منهم من دون تواريخ حكمهم، وعددهم كان 82 ملكا، حكموا في مدينة اشور وما حولها. بالاضافة الى ذلك وجدت في عواميد القصر مناشير اسطوانية فخارية تسمى الحوليات او حوليات الملوك تتراوح اوجهها المكتوبة بين ستة وتسعة اوجه، وتتضمن اهم اعمال الملوك ونشاطهم العسكري والاجتماعي.
سادسا- الرسائل: كانت الرسائل الملكية واجوبة الملوك والحكام الاشوريين منذ القرن العاشر قد حفظت في مكان خاص في المكتبة يضاف اليها اوامر الملك التي تكون مغلفة وعليها اسم المرسل،وموضوع الرسالة، وكذلك توجيهات الملك الى الحكام والقواد الاشوريين في مختلف انحاء الامبراطورية، وبعضها تتضمن تقارير امنية او استخباراتية.
سابعا- النصوص الارشيفية: وهي وثائق البيع والشراء وكذلك العقود الرسمية والوثائق القانونية .(5)

ويذكر ان اشهر رسم لاشوربانيبال هو ذلك الذي يطارد الاسد برمحه وهو معتلي حصانه. ويوجد في المتحف البريطاني تمثال اخر وهو يرفع باحدى يديه شبلا. وقد قام نحات امريكي يدعى فريد بيرهارد (1932- ...) بعمل تمثال مماثل له ولكن اكبر حجما في عام 1988 ، وقدوضع امام المتحف الاسيوي في مدينة سان فرانسسكو  . ان اسم اشوربانيبال مشهور في العراق حيث يسمي المسيحيون بعض ابنائهم باسمه ويسمون بناتهم باسم امه الارامية ( نقية).


اهم المصادر
(1)Bienkowski, Pioter and Millard,Alan. Dictionary of the Ancient Near East. Penn.2000.p238
(2)    قزانجي،فؤاد يوسف.مكتبة اشوربانيبال: اعظم مكتبة في التاريخ القديم. بغداد:دار الشؤون الثقافية،2003 .
(*) بشان تنظيم المكتبة نقترح الاستعانة بخبرة اساتذة قسم علم المكتبات والمعلومات في جامعة  الموصل، وخاصة الاستاذ الدكتور نزار محمد علي قاسم.
3)Rassam, Hormuzd .Assur and the Land of Nimrud .New York .1897 .P35-38
وهرمزد رسام من عائلة موصلية مثقفة،اصدر كتابا عن حفرياته وتوفي في  بريطانيا عام(1910)
(4)    رو، جورج . العراق القديم . بغداد: دار الشؤون الثقافية،1986. ص475-478
(5 )  (P.14. . 1975.Bushnel, George.Early Libraries in Ancient World
(**)بحسب معلوماتي ان العراق ، كان قد تبرع في حينه من اجل بناء مكتبة الاسكندرية 8 ملايين دولار، وربما اكثرمن هذا المبلغ .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

687 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع