يوسف علي خان
من الادلة القاطعة التي تتضح فيها وطنية المسؤول عن النظام التعليمي الابتدائي او العالي هي المنهجية التي يتبعها ذلك المسؤول داخل وزارته في اسلوب التعامل مع الطلاب الدارسين في جميع المراحل الدراسية ...
حيث شهد التعليم انهيارا وتخبطا في الوضع العام لهذا الاسلوب المتخلف الذي دأبت على اتباعه الوزارات المسؤولة عن التعليم خلال عقود متعاقبة من الزمن.... والذي ادى الى تكدس الالاف بل الملايين من اصحاب الشهادات العالية العاطلين عن العمل والفائضين عن حاجة بلدانهم لهم في جميع البلدان العربية ... لانحصار تخصصاتهم في العلوم الانسانية او الادبية وقلة شديدة منهم نجدهم متخصصين في العلوم التقنية الفنية الوسطية التي يكون البلد بامس الحاجة لها وتسبب في حدوث فجوة فراغ كبيرة بين ملايين الاميين المتسربين من الدراسة او مما لم تتح لهم فرصة التعلم وبين هذا الكم الهائل من اصحاب الشهادات مما لايجدون فرصة عمل لعدم الاحتياج لهم. وأخيرا زاحموهم اصحاب الشهادات المزورة فزادوا الطين بله... إن كان ذلك في المؤسسات الحكومية او في الشركات او المؤسسات الاهلية لاكتفاءها باعداد قليلة إذ لا يمكنها ان تستوعب كل الراغبين في العمل في الامور التي تحتاجها الاختصاصات الادبية او الانسانية في الادارة والشؤون المكتبية ... والسبب هو سوء التخطيط بما يجب ان يكون عليه التعليم بملىء الفراغ في الساحة الوسطية المتعلقة بالنخبة الفنية التي تمارس العمل الفعلي في المؤسسات الانتاجية كايدي عاملة ماهرة كفوءة التي هي في الحقيقة الركيزة الفعلية لاي مظهر حضاري ترتجيه الامم... ودليل اكيد على مدى تقدم تلك البلدان اقتصاديا وصحيا واجتماعيا وفي غيرها من نواحي الحياة المتنوعة .... فالاسلوب المتبع حاليا والذي هو امتداد لعهود سبقته تسبب في توجه اكثرية الطلاب الى العلوم الانسانية والادبية للتساهل الكبير وافساح المجال لاصحاب الدرجات المنخفضة للدخول فيها....و يكاد ان يكون بشكل مطلق ... بينما نرى شحة الشرائح التي تتوجه الى العلوم التقنية لما تعتبره انتقاصا لكرامتها ومكانتها الاجتماعية للنظرة الدونية لمثل هذه الاعمال... أو لما تفرضه الوزارات التعليمية من شروط تعجيزية ودرجات عالية جدا للقبول في الكليات العلمية التقنية يتعذر على الكثيرين الحصول عليها ...واغفال الوزارات ذات الشأن وعدم الاهتمام بالعلوم الفنية الوسطية والتي يمكن تهياتها منذ المراحل الاولية في الدراسة عن طريق تأسيس المعاهد المختصة التي تمنح شهادات الدبلوم وتخرج ايدي عاملة فنية ماهرة .. فاثر ذلك في تخلف البلاد من الناحية الانتاجية والصناعية التي يتطلبها التطور والتقدم الاقتصادي للحاق بالعالم الغربي المتقدم ... بافتقادنا لهذه الشريحة الوسطية الفنية التي تدير عجلة التطور والعمل الفعلي في المؤسسات الانتاجية ... مما يدعو الى مراجعة شاملة للمناهج التعليمية ومحاولة توجيه الاكثرية الساحقة من الشباب الى تلك المعاهد اللفنية التي يجب ان تنتشر في جميع انحاء البلاد كي تتمكن من امتصاص هذه الشرائح الدارسة منذ المراحل الاولية لدراستهم وتوجيههم بعد تخرجهم من الدراسة الابتدائية او المتوسطة على ابعد حد الى هذه المعاهد الفنية وعدم افساح المجال لهم لاكمال الدراسة الثانوية إلا بالقدر الذي يمكن ان تستوعبه البلاد بما تحتاجه من اختصاصات اخرى وقد لا يزيد ذلك عن نسبة 10% من عدد الدارسين اما بقية الطلاب فيجب توجيههم الى تلك المعاهد الفنية التي بلادنا بامس الحاجة اليهم من اجل احياء الصناعة والاكتفاء الذاتي... والاستغناء عن الاستيرادات الاجنبية لكافة المواد التي يستعملها الناس في الوقت الحاضر ..كما يجب تقليل عدد الذين يقبلون في الدراسات الانسانية بشكل جاد لما يتكدس لدينا الان منهم مما يبحثون عن فرصة عمل فلا يجدوها ... كما يجب عدم منح الموافقات لافتتاح الكليات المفتوحة او الاهلية التي تدرس العلوم الانسانية وتشجيعها على فتح الاختصاصات الفنية التقنية كي تساهم مع المؤسسات الحكومية في حركة النهضة الحقيقية وانعاش التنمية الاقتصادية للبلاد ... وقد ادت هذه الخطط التعليمية المغلوطة الى تسرب الالاف من اصحاب الشهادات العالية في الاختصاصات الانسانية الى خارج بلدانهم لعدم توفر فرص عمل داخلها وعدم تقبلهم العمل في بلدانهم باعمال مهنية حرفية لكونها كما يعتقدون بانها لا تتناسب ودرجاتهم العلمية التي حصلوا عليها في بلدانهم من درجات البكالريوس والماجستير وحتى الدكتوراه بينما يقبلون هم انفسهم العمل في أي مهنة تعرض عليهم خارج بلدانهم لكونهم بعيدين عن مجتمعاتهم التي يخجلون العمل بمثل هذه الاعمال الحرفية امامهم وبين ظهرانيهم ويقبلون العمل كعمال عاديين في المطابخ والمطاعم والحوانيت في البلدان التي هاجروا اليها فيفضلون البطالة في اوطانهم على ممارسة هذه الاعمال التي يعتبرونها لا تليق بما يحملونه من شهادات عالية مما يستدعي المعالجة السريعة الذهنية والاجتماعية وبنفس الوقت معالجة منهجية تتطلب تغيير شامل وعام في اسلوب التعامل مع الطلبة في جميع المراحل الدراسية ..فالبلاد بامس الحاجة الى الشرائح الوسطية الفنية التي يجب العمل على تشجيع التوجه لها بتقديم الحوافز ومعادلة رواتب المتخرجين فيها برواتب اصحاب الشهادات العالية ومنحهم العديد من الامتيازات التي تعمل على قبول الطلاب الدراسة فيها وعلى الاقل خلال عقد من الزمان حتى يتقبل المجتمع مثل هذه الاعمال وينظرون اليها بمنظار مختلف عما ينظرون اليها في الوقت الحاضر من نظرة دونية لا يجب ان تكون ... فهي عماد الحركة النهضوية في اي بلد ...
745 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع