قوة والدي .. الروائية ماري بيث كين

                                        

                       ترجمة نواف شاذل طاقة

                         

قبل تخرجي من الكلية سنة 1999، كان ثمة حفل بعد ظهر ذلك اليوم للخريجين وزعت الاقسام المختصة خلاله الجوائز على الخريجين. كان والدي عاملا في انفاق مدينة نيويورك (حفار انفاق )، وكان حينئذ يعمل في جزيرة روزفلت التي تقع على مسافة عشرين دقيقة بالسيارة من مجمع برنارد.

تعود والدي على الاستحمام قبل مغادرته موقع العمل، وكان قد ارتدى في ذلك اليوم ملابس خاكية اللون، بما في ذلك قميص كوي بعناية فائقة مع ربطة عنق، كما ارتدى السترة الجديدة التي كانت والدتي قد جلبتها له في مناسبة عيد ميلاده الخامس والخمسين. لازلت اتذكر ما كان يرتديه والدي لأنها كانت المرة الأولى التي أراه فيها يحمل منديلا، حيث دأب طيلة فترة ذلك الحفل على مسح زاويتي فمه. وبعد ذلك، وفيما كنا نتناقش حول المكان الذي ينبغي تناول العشاء فيه، رأيت خيطا من اللعاب ينهمر أسفل ذقنه؛ قلت له: "يا أبتي" وأشرت له إلى خيط اللعاب. وحينما قام والدي بمسح اللعاب من على ذقنه توقدت في داخلي بعض نيران القلق، لكني لم أعرف سببها تماما، ولم يكن بوسعي أن افسر ذلك القلق على نحو دقيق.
بعد مضي سنة على تلك الحادثة، كان والدي في عمله في مكان يبعد مئات الأقدام عن سطح الأرض عندما زلت قدماه فسقط على نتوء أرضي حاد تمزق على إثره مرفق كتفه ما تطلب إجراء عملية جراحية له. بيدّ أننا شعرنا بالاطمئنان بعد حين لأن الأمر توقف عند ذلك المرفق. كان والدي خلال تلك الحادثة قد أمضى ثلاثين سنة في عمله كحفار في الأنفاق، وكان قد نال نصيبه من الندوب خلال تلك الفترة. واتذكر أن عندما كنت في مدرسة تعلم قواعد اللغة حدث أن وجد والدي نفسه "محشورا"، على حد وصفه، بين ماكنة صب الكونكريت والمنصة التي يتدفق منها الكونكريت نفسه، ما تسبب في نقله إلى المستشفى. وهناك، وبعد معاينة صور الاشعات الطبية والجروح العميقة التي تعرض لها، سأله الطبيب إن كان قد تعرض في الماضي إلى كسر في الظهر. أجاب والدي نافيا تماما أن يكون قد تعرض لمثل ذلك الحادث، بيدّ أن الطبيب أصر على رأيه مشيرا إلى بقعة وسط صورة الاشعة تظهر كسرا ملتئما في إحدى فقرات العمود الفقري. ظلت والدتي تتساءل كلما جرى الحديث عن تلك الحادثة: "كيف يمكن للمرء أن يكسر ظهره دون أن يتذكر ذلك؟"، فيما كان والدي يردد دائما الاجابة ذاتها قائلا بأن ثمة بشرا يسهل عليهم كسر شيء ما دون أن يدركوا ذلك. كنا نحب دائما، والدتي وشقيقاتي وأنا، الاستماع إلى والدي عندما يعلق على ذلك الموضوع بتلك الطريقة التي تبدو غير منطقية تماما.. تخيلوا ذلك!
كانت القوة  البدنية لوالدي بمثابة رأسماله الكبير، وكان يحرص على إمضاء وقته في العمل المنزلي خلال فترات الاجازة من العمل. وكنت غالبا ما اعود إلى البيت خلال عطلة نهاية الاسبوع لاكتشف أن والدي قد صنع طاولة خشبية، أو قطع شجرة ميتة وانتزع جذورها الهائلة من الارض. وفي احدى المرات، حين تطلب نقل البيانو في دارنا إلى مكان آخر، جثم والدي على الأرض رافعا ذلك البيانو القديم على ظهره فيما كانت أمي تصرخ "سوف تقتل نفسك يا ويللي!!" ولكننا، أنا وشقيقاتي، صفقنا ابتهاجا.
كان على والدي، الذي لم يكن قد بلغ من العمر سوى 56 سنة عندما تعرض كتفه لذلك الجرح، ان يتوقف عن العمل، وكان قد توقع أن يتماثل سريعا إلى الشفاء وأن يعود لمواصلة عمله خلال ستينات عمره، شأنه شأن العديد من حفاري الأنفاق. غير أن ثمة أمورا  أساسية لم يكن بوسعه أن يفعلها على الرغم من مرور ثلاثة أشهر على العملية الجراحية. كان يضع أحد ذراعيه داخل كُم سترته فيما ظلت الكُم الأخرى فارغة وهي تتلاطم خلفه. وكان في سعيه لادخال ذراعه الثاني في كُم سترته، يبقى يدور حول نفسه وكأنه قطة تحاول التقاط ذيلها. كما كان في بعض الاحيان بحاجة إلى عون ليطوي ذراعه المتصلبة. وفيما كان والدي يعلل ذلك بقوله "أنه كتفي السيء"، فقد راود الطبيب شكا بأمر آخر.
وفي أواخر سنة 2000، وقبل اعياد الميلاد تماما، قيل لوالدي بأنه يعاني من مرض باركنسون ، وهو مرض يصيب الجهاز العصبي على نحو تدريجي. التقيت بوالدي ووالدتي في المستشفى، ووقفت متكئة بظهري على الحائط فيما كان طبيب الاعصاب يطلب من والدي السير ذهابا وإيابا في ممر قصير، ويطرق على قدمه من الكعب حتى اخمص القدمين، ثم يطلب منه أن يتلمس نهايات أصابعه بأنفه. اعتقدت أن ذلك مجرد مضيعة كبيرة للوقت حتى لاحظت أن والدي يجد صعوبة في فعل ما يطلبه الطبيب. ربت الطبيب على كتفيه بكل لطف- لكن ذلك كان كافيا لاثارة غضبي- ثم راح يراقبه وهو يترنح. وبعد حين، عندما كنا جالسين في مكتبه، قال لنا الطبيب بأنه عرف بأن والدي كان مصابا بمرض باركنسون منذ لحظة رؤيته له في غرفة الانتظار.
أضاف الطبيب أنه "القناع"، موضحاً أنك "لن تجد تعبيرا على وجهه المريض."
قلت: "هل انت متأكد؟ اعتقد أن هذا التصرف طبيعي بالنسبة لوالدي". تجاهل الجميع ما قلته.
قالت والدتي بعد حين، وبينما كنا نمضي في طريقنا إلى السيارة: "أنه من الأفضل كثيرا أن يعرف المرء". وكنا نراقب وجه أبي لمعرفة إن كان يتفق مع ما قالته والدتي. وقمت بتذكيرها بما قاله الطبيب بشأن وجود بحوث جديدة، ووسائل علاج من شأنها وقف تفاقم المرض. وكانت حقيبة والدتي اليدوية ملأى بمثل هذه المنشورات. غامرت والدتي بالقول: "ويللي".. ثم انفجرت باكية. عندها قال والدي: "اعتقد أننا جميعا بحاجة إلى قدح من الشاي".
هيأنا انفسنا لذلك التغيير المفاجئ، لكن حالما بدأ والدي بتناول جرعات الدواء بدت عقارب الساعة وكأنها تعود إلى الوراء. تنفسنا الصعداء، وتعجبنا كثيرا كيف يمكن لبضع حبات من الدواء يوميا أن تحدث مثل هذا الفارق. بدا والدي أكثر شبابا، وتجرأنا على التعلق بأمل أن تكون حالته المرضية ليست شديدة. لكن، ومع مرور السنين، علمنا أنه على الرغم من أن الدواء منحه بعض التحسن، فقد كان المرض قد ظفر به. كان يمضي يوما كاملا على نحو طبيعي، ويمشي لبضعة أميال، أو يقضي بعض الوقت في المرآب، وبعد ذلك، وكما يصف ذلك والدي، يشعر وكأنه "يسقط من حافة جبل". وكان يركز جل تفكيره محاولا معرفة المرحلة التي سيصل فيها الى حافة الجبل كي لا يجد نفسه عالقا بعيدا عن البيت وغير قادر على الحركة.
ثم ظهرت في وقت لاحق التأثيرات الجانبية للأدوية. من جانب آخر، لم يكن والدي بالتأكيد ممن يطيلون في الحديث. بيدّ أن ذلك لا يعني أنه لم يكن متحدثا جيدا؛ لكنه كان بكل بساطة يستخدم الصمت بالقدر ذاته الذي يستخدم فيه الكلمات في حين أن معظم الناس لا يمتلكون ما يكفي من الصبر للاستماع إلى ما يعنيه ذلك الصمت. وهكذا، لم أتفاجأ عندما رافقته إلى زيارة الطبيب لغرض المعاينة الدورية سنة 2008 حيث سأله الطبيب بصورة عرضية عن حالات الهلوسة:
"ألا زلت ترى أولئك الرجال يأتون إلى غرفتك في الليل؟"
"نعم."
"كم عددهم؟"
"ستة.. كالمعتاد دائما."
"أي شيء آخر؟"
"أنهم يرتدون قبعات الآن. ولا يظهرون أمامي إلا مؤخرتهم. اعتقد انهم يلعبون الورق".
"أي شيء آخر؟"
"ما برح ذلك الرجل الآخر يحاول أن يدخل إلى غرفتي من النافذة."
بعد انتهاء الموعد مع الطبيب ومغادرتنا، اجتزنا جسر جورج واشنطن قبل أن يتحدث أي منا عن أي شيء.
ولقد قررت أن أكون أول من يبدأ بالكلام. "إذن، هل تعلم أمي بأنك ترى رجالا يأتون إلى غرفتك في الليل؟"
"نعم، اعتدت على الصراخ بوجههم الأمر الذي كان يوقظها من النوم."
"هل كنت تحلم أثناء حدوث ذلك؟"
"كلا. أكون يقظا. "
"حسنا."
"أعلم بأنهم لم يأتوا لإيذائي."
"حسناً."
"اعلم هذا الآن، ولذلك فأنا لا أصرخ."
غير أنه كان يصرخ. ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2010، وعندما كنت في الشهر السابع من فترة الحمل بطفلي الثاني، انتقلت مع زوجي، مارتي، وابني، للسكن مع والديّ لمدة ستة أسابيع بينما كنا على وشك الحصول على منزل. وفي أول ليلة أمضيناها هناك، استيقظت مع زوجي عند الساعة الثالثة فجرا على صراخ والدي بصوت مرتفع لم اسمع مثله في حياتي. وكان يصرخ قائلا "اسمي ويليام كين!". ثم يقول بصوت مرتفع "أنا من ايرلندا!". وكان يبدو خائفا، وفي موقف دفاعي، وكأنه يريد من المعلومات التي أدلى بها أن يدرأ عنه خطر شخص أو شيء ما توهم بأنه شخص آخر. توجهت إلى غرفة الجلوس حيث يرقد فيها على سرير طبي- وأنا أكاد أن توقع رؤية رجل غريب يوجه المسدس صوب والدي-  وعلى الرغم من أن عينيه كانتا مفتوحتين، لكن يبدو أنه لم يرني. ثم هدأ بعد ذلك، ولكنه ظل أسير جسده حتى الصباح، حيث حلّ موعد تناول جرعته من الأدوية. ولو كان قد شعر بأي حكة في جسده لما تمكن من حك جلده. ولو كان حريق قد شب لما كان بوسعه أن يهرب. وبغض النظر عمن كان أو ما كان يهدده حينئذ فأن ذلك كان شيئا بوسعه أن يراه فقط.
تحدثت بالامر في الصباح التالي إلى والدتي متوقعة بأن يكون ذلك حدثا كبيرا، ولكنها قالت، من وراء طاولة المطبخ، دون حتى أن تلتفت إليّ،  أنها كان من المفترض أن تتحدث لنا عن هذا الأمر.
حاولت والدتي عبر طيلة تلك السنوات أن تتبع جميع الوسائل التي قد تسمح بمساعدته. وكانت قد كرست وقتها، أكثر من أي واحد منّا، للتصدي لهذا المرض، حيث واصلت وبشكل مستمر البحث عن مخرج، وغالبا ما أصيبت بالاحباط عندما وجدت أن الأطباء غير قادرين على تقديم المزيد، وكأن علاج مرض باركنسون سر يعرفه جميع الأطباء لكنهم على درجة من الانانية لا تسمح لهم بأن يكشفوا عنه للمرضى.  وعندما ذكرنّاها بأن والدي كان يتصرف في ضوء ما كان متوقعا، لم تصدق قولنا. واتصلنا أيضا بأحد أطباء الأعصاب المتخصصين بما يعرف بالتحفيز العميق للدماغ، وهو نوع من أنواع العلاج يرفق خلاله بالدماغ جهاز شبيه بجهاز تنظيم دقات القلب، لكننا اكتشفنا بأن والدي لا يصلح لمثل هذه التجربة العلاجية. وكان لوالدي كرسيه الخاص الذي صمم على نحو يمكن بسطه بصورة كاملة وأن يدفعه إلى الأعلى في وضع الوقوف، وكان مزودا بأذرع طويلة قادرة على التقاط الأشياء من الأرض، فضلا عن تزويده بأدوات ذات أربطة مرنة تساعد على ارتداء الجوارب والأحذية.  
وقد تعرض والدي حسب علمي إلى عدد من حالات السقوط على الأرض، وربما تعرض إلى المزيد من مثل تلك الحوادث التي لم أعلم بها. وبسبب عدم قدرته على مد ذارعيه في الوقت المناسب عند السقوط على الأرض، فقد تلقى الجزء الأعلى من جسده، أي وجهه، وطأة صدمة الارتطام بالأرض. من جانب آخر، باتت عملية تناول الطعام بالنسبة له مشكلةً، فيما تجسدت احدى مخاوفي الدائمة في امكانية ان يختنق أثناء تناوله الطعام بسبب تلكؤ عضلات بلعومه. ولكن، فيما كانت صحته البدنية تسوء، فقد بدا أكثر صبرا، وأكثر مسالمة. وغالبا ما استفسر الطبيب إن كان والدي يحاول الخروج من الدار يوميا، وقد فوجئت عندما علمت بأن الكثير من مرضى باركنسون لا يكلفون أنفسهم عناء محاولة الخروج من الدار إطلاقا. وثمة أيام، لم يفعل فيها والدي سوى محاولة الخروج من الدار وإذا ما فشل في ذلك تراه يحاول ثانية، ولا يفقد أعصابه من تكرار هذه المحاولات.
وفي هذا الخريف، قررت والدتي بأن الوقت قد حان لتغيير الحمام الكائن في الطابق السفلي إلى حمام خاص بالمعاقين، يكون فيه كل شيء واسع بما فيه الكفاية لمرور كرسي المقعدين المتحرك ووصوله إلى الدوش ثم الاستدارة. كان مشروعا هائلا، فقد كان على المقاول أن يحوّل أنبوب مياه المجاري، وتساءل والدي لمرات عديدة عن الأسباب التي تدفعنا لبذل كل هذا العناء، لا سميا وأن والدتي كانت متضايقة كثيرا من هذا المشروع، وكانت تنقل النماذج الثقيلة من البلاط، محاولة ً أن تجد حوض الغسيل والمرافق الصحية المناسبة. وقد كنا جميعا في المنزل خلال عيد الشكر عندما وزعت علينا مجموعة من النماذج الكارتونية للاصباغ وقالت أنه على الرغم من تفضيلها للألوان الهادئة، فأن أبي أحب الألوان الترابية وعليه كان علينا أن نختار واحدا من تلك الألوان.  قلت له "أبي.. هل سبق لك أن نطقت طيلة حياتك بعبارة (الألون الترابية)؟" ضحكت شقيقتي غير أن والدتي بدت غاضبة واتهمتنا جميعا باللا أبالية.
غير أن والدي أصر مرة أخرى على أن الحمام الحالي كان مناسبا، فيما القت والدتي بذراعيها وصرخت قائلة بأنه لن يكون بوسع الكرسي المتحرك الدخول إلى الحمام.
تساءل والدي بكل هدوء: "لماذا نتحدث عن الكراسي المتحركة؟ أنا لا استخدم هذا الكرسي".
قالت والدتي: نعم.. أنك لا تستخدم الكرسي المتحرك حتى الآن. ولكن ماذا عن خمس سنوات من الآن؟"
قلت: "بحق يسوع يا أمي.. هل عليك أن تكوني بمنتهى القسوة بشأن هذا الأمر؟"
بعد ذلك، وفيما كنت اجول في نظري بينهما، كان والدي ساكتا، وكانت والدتي غاضبة، أدركت بأن واحدا منهما فقط اعتقد بأنه لم يتبقّ لديه سوى خمس سنوات كي يعيشها.
ثمة أكثر من خمسة ملايين شخص في الولايات المتحدة يعانون من مرض باركنسون. والناس لا يموتون جراء الاصابة بمرض باركنسون لكنهم يموتون مع المرض. يختنقون، أو يتعرضون للسقوط بشكل قاتل، أو يصلون إلى حالة من الضعف والهشاشة مما يعرضهم للاصابة بأمراض أخرى.
وفي الوقت الحاضر، ما برح والدي يحظى بأيام هانئة. وفي صبيحة أحد الأيام حيث كنت في زيارة له مؤخرا، جلس والدي مع والدتي لمراجعة دفع الفواتير واجراء الكشف النهائي للمصروف من حسابهما المصرفي، وهي العملية التي دأبا على إجرائها شهريا منذ زواجهما. ولم تطرأ أية إضافة على حقل المصروفات الذي كان على والدي أن يملأه. كان الجزء الاسفل من القلم الذي استعمله والدي هائلا مما جعله أكثر سمكا لمرات عديدة من القلم الاعتيادي، الأمر الذي ذكرني بأقلام التلوين الأولى التي استخدمها ابني في طفولته. وكانت محاولة والدي التوقيع على الفواتير لنحو ست مرات دون جدوى قد ارهقته. سيبلغ والدي السبعين من عمره الشهر المقبل، وكلي أمل بأن يبلغ الخامسة والسبعين، والثمانين، والخامسة والثمانين من العمر. كما اتمنى أن استيقظ ذات صباح لاسمع بأن العنوان الأول في نشرات الاخبار هو العثور على علاج لمرض باركنسون وهذا "ليس بمستحيل" في رأيي. أما أبي فيقول "لا يوجد أي شيء مستحيل".
وعندما قلت لوالدي في الشتاء بأني أريد أن اكتب مقالة عنه، وعن مرض باركنسون، أطبق ساكتا لوقت طويل وكنت اهيئ نفسي لسماعه وهو يمنعني من الكتابة. قلت له بأنه إن لم يكن راغباً بأن أكتب عن هذا الموضوع فلن اكتب.
لكنه تساءل بعد برهة بصوت تملأه الحيرة "لن تجد الناس ما يستهويها في هذا الموضوع؟"
"ربما."
مرت عجلة كاسحة الثلوج من الشارع. لم يكن بوسع والدي أن يخرج من الدار لحين خلو الأرصفة من الثلوج، ولكنه وقف لبعض الوقت يستنشق الهواء الطلق عند باب المرآب المفتوح كلما شعر بأن صحته تساعد على ذلك. ويبدو أن ذلك قد أعاد الحياة إليه.
قال: "حسنا.. تذكّري أن تقولي بأني كنت أوفر حظا من أغلب الناس".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

421 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع