محمود الوندي
من الثابت ان وسائل الإعلام المرئية هي من تصيغ قناعات ومفاهيم لدى الاغلبية من المواطنين ، من الوسائل الاعلامية المقروءة والمسموعة.
فالكثير من الشعوب تتجاوب بسرعة ما يملي عليها الإعلام المرئي ، لذلك اصبحت تأثير الحرب إلاعلامية أكثر فعالية في الحملات الاعلامية التي تستخدم في اسقاط وتعرية الخصوم من الحملات العسكرية العديد من في تحقيق أهدافها ، فمجرد أن تعلن قوى معينة عن حربها اللاعلامية مقال جهة ما تحشد قبل كل شيء اعلامها بشكل فعال من خلال توجيه العديد من التهم والوثائق في كسب رأي العام الداخلي والخارجي ، والتركيز في اسقاط الخصم من خلال اظهاره امام العالم ان الخصم تجاوز على مبادئ حقوق الانسان وخرق القانون الدولي. ومع استمراره في هجومه الاعلامي لكسب رأي المنظمات والمعاهد الدولية المتخصصة في مجال المجتمع المدني.
هنا عندما أتحدث عن الأعلام المرئي فإنني أشير إلى ما يقدم من مشاهد درامية تلفزيونية وما يقدمها أفلام سينمائية لغرض تنبيه الاعلام الكوردي لشرح جوهر الجرائم اللاانسانية التي ارتكبت بحق الكورد وعبر عقود القرن الماضي والتي بلغت ذروة في البشاعة في نهاية القرن الماضي . قد تستثير الرأي العام العالمي نحو القضايا التي يتعرض لها شعبنا المظطهد ، وتغيير قناعته وتعاطفه التام مع مظلوميته وتهيئة نفوسهم في نصرة وانصاف الكورد .
سابقا كانت أبواب العالم الخارجي مقفلة بوجه الكورد ودون أي تعاطف إعلامي خارجي في إيصال صوتهم الى الرأي العام العالمي في الوقت الذي تكالب على الشعب الكوردي كل القوى العنصرية المعادية للوجوده وممارسة ابشع اشكال القمع والبطش ضد وجوده القومي من خلال المعاهدات والاجراءات التي أتخذتها الدول التي ساهمن في تقسيم ارضه الأم كوردستان . واحكام الحصارالتام على معاناته والآمه وخنق صوته ، مع وضع شتى العراقيل في سبيل تحرره وتشويه نضاله العادل امام وسائل الاعلام وفي الهيئات الدولية والمنظمات الإنسانية لعدم التعاطف مع قضيته .
عندما استولت قوات البيشمركة الكوردية على مدينة حلبجة في العام 1988 . بدل مقاومة الجيش العراقي لتلك القوات قام بقصف المدينة ، لأرغم المقاتلين الكورد على الانكفاء إلى الجبال المحيطة بها ، ووقوع العديد من الضحايا في صفوف المدنيين العزل من النساء والاطفال . حيث بدأت طائرات العسكرية العراقية بالتحليق في أجواء المنطقة في 16 اذار 1988 ، وألقت مزيجًا من غاز الخردل وغاز الاعصاب وغاز سارين على السكان ، مما أدى في مسح المدينة من الوجود ، واصبحت في ثواني مدينة الأشباح . وما زال عدد من الناجين يعانون من آثار تلك الغازات . لم يلق صدى عالمياُ وتغطية كافية من قبل الصحف العالمية الكبرى ، ولم تحتل هذه الكارثة مكانها في وسائل الاعلام العالمي أنذاك ، لإن وسائل الإعلام وفي مقدمتها شركات التلفزة والصحف كانت في حالة الكساد أمام فداحة مأساة قصف مدينة حلبجة ، وبسبب شراء ذمم الكثيرين من الصحفيين والإعلامين من قبل نظام البعث .
ما أشبه اليوم بالبارحة
مر حوالي ستة وعشرين عاما على قصف مدينة حلبجة وعملية الانفال , لم تجلب الانظار وسائل الاعلام الغربية إليها بصورة جيدة بسبب عدم نقل الحدث من قبل حكومة أقليم والاعلام الكوردي الى الرأي العالم عامة ، والرأي الاوربي والامريكي خاصة ، وعدم تعريف الرأي العام بمعاناة الكورد على ايدي الحكام العراقيين . وعدم استغلال هذه الكارثة واسلوب التعامل معها لكسب عواطفهم للوصول الى هدفهم المشروعة .
ولا تزال حلبجة تحيي الذكرى السنوية لقصف عليها عند النصب المخصص لضحاياه عند طرف المدينة ، وفي المقبرة التي تحمل قبورها اسماء ضحايا لم يتم العثور على جثث بعضهم ولكن بعيدا عن حضور وسائل الاعلام المختلفة لمشاركة لهذه الذكرى السنوية الأليمة لا من الدول الاقليمية ولا من الدول الكبرى ، ولم نشاهد الافلام الروائية لا في صالات السينمائية او شاشات التلفزة ؛ وقد تبدو هذه الاحداث الاجرامية بحق الكورد احداثاً باهتة في وسائل الإعلام الخارجية لقد تبين لم يكن الرأي العام الإعلامي يملك إلا النزر اليسير من المعلومات ، ولم تكلف وزارة ثقافة حكومة اقليم كوردستان نفسها بإخراج افلام سينمائية روائية وعرضها على صالات سينمائية او من خلال الفضائيات على المجتمعات بعدة اللغات لكي يفهم الرأي العالمي عن معاناة الشعب الكوردي . كما عمل اليهود وعرض معاناتهم ايام الحرب العالمية الثانية على يد السلطات الألمانية أثناء هيمنة الحزب النازي بقيادة أدولف هتلر . باستغلال وسائل الاعلام المتنوعة بالصور وعشرات الأفلام التي التقطت لمعسكرات الموت النازية .
الاعلام في عالم عامة ، وفي العالم الغربي خاصة ، أهم من الحقيقة . وقد وعى اليهود جيدا على استغلاله ، فذلك تَجدهم قد شحذوا عقولهم واموالهم حول مظلوميتهم وابادتهم على ايدي النازيين ، حيث نرى سرعة التجاوب الرأي العام وبالاخص الاوربي والامريكي مع ما ينشر او يذاع او يبث التي تصدر من الاعلام الغربي حول معاناة اليهود في الماضي والحاضر .
اتخذ اليهود من قضية الهولوكوست ومن خلال الاعلام معتبرا أن هذه الإبادة النازية بحقهم ، وباتت الهولوكوست الوتر الذي يعزفون عليه وجعلوا منها سبيلا للوصول إلى مبتغاهم . واستطاعوا تحويلها إلى سلاح أيديولوجي التي استغلت لتبرير الدعم الولايات المتحدة واوربا غربية للسياسات الإسرائيلية ، وبالإضافة الى هذه الحملة الاعلامية جنت أموالا خالية من أوربا باسم " ضحايا الهولوكوست المحرومين .
لذا نرى دائما ان وسائل الاعلام العالمية تهتم بأخبار اليهود بشكل واضح ومبالغ احيانا . ونلاحظ ان قيمة الانسان اليهودي غالية في نظر العالم اجمع في حين قيمة الانسان الكوردي ليس بذلك في نظر العالم فما فيها دولهم .
وكان من المنطق والبديهية ان تكون كوردستان قبلة الإعلام العالمي في هذا الظرف وتعرض عليه عّما حصل من الاجرام بحق شعبها وعن تلك المرحلة القاسية التي مرّ بها الشعب الكوردي ، سواءً ما حصل في حلبجة او الأنفال من عمليات الاضطهاد القومي أو التعريب والتهجير أو غير ذلك ، مما أوغل فيه الحكومات السابقة وخصوصاً في ظل الحكم البعثي . لان الكورد بصفة يتمتع بها الآن لم يتمتع سابقاً . وعليه ان يفعل الاشياء الكثيرة عن طريق وسائل الإعلام فـ ( الفضائيات وتقنية التصوير السينمائي ) الى مخاطبة الشعوب لإبقاء ذكرى هذه الفاجعة حية في ذهن الضمير العالمي ، لان الشعوب يشارك في قلب موازين بدفع الحكومات الى إتخاذ موقف وسياسات إزاء قضيتنا المشروعة .
متى تتبلور قضية حلبجة باعلام كوردستان والى متى تظل قضية حرية الشعب الكوردي تشكو الغموض الشديد في ضمير الرأي العام العالمي وتبديد تلك الغيوم عنه . ولماذا لم تستغل هذه الظروف الآنية لإيصال مظلوميته الى العالم الخارجي وتحويل معاناته ومأساته الى سلاح قوي لإستقطاب الشعوب ودعم الحكومات الكبرى لصالح مصلحة الكورد !!!! .
553 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع