شيعة ضد الشيعة

                                        

                        كاظم فنجان الحمامي
 
من فيكم يصدق أن الجهات المحسوبة على الشيعة، والتي كانت تذرف الدموع منذ بضعة أيام على مآسي الشيعة صارت هي التي تطارد طلبة العلوم الفقهية في الحوزة العلمية ؟، ومن يصدق أن التشكيلات الحكومية النجفية تحولت إلى أداة من أدوات القمع والمطاردة والتحري والتوقيف والتفتيش والتشكيك والتشويش والتشويه ؟.

كانت صدمة كبيرة لنا عندما سمعنا مساء يوم 19/5/2014 ببيان الإدانة الصادر من مكتب المرجعية على خلفية قيام الأجهزة الأمنية بإجراءات تعسفية ومهينة وقاسية ضد عدد من الطلاب الباكستانيين، باعتقالها العشرات منهم بذريعة تطبيق قوانين الإقامة، وأضاف بيان الإدانة: (أن السلطات المعنية مطالبة بوقف هذه الأعمال والتحقيق مع من قاموا بها).
لم نصدق الخبر، وكنا نحسبه من الأخبار الملفقة التي تطلقها الفضائيات المدسوسة من وقت لآخر، لكن المفاجأة كانت أكبر عندما ظهر علينا الشيخ (علي النجفي) نجل المرجع الديني (بشير النجفي) على صفحته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، ليقول لنا: (أن قوات الشرطة وعناصر الاستخبارات داهمت بيوت ومدارس الطلبة واقتادت العشرات منهم إلى مراكز الشرطة، ثم أطلقت سراحهم فيما بعد).
تداعيات عجيبة، وانتهاكات غريبة. لا يصدقها العقل، ولا يقبلها المنطق، ولم يتوقعها أي متتبع لتاريخ المطاردات التعسفية التي شنتها القوى المناوئة للشيعة منذ القرن الهجري الأول، أما وقد وقعت الآن على يد عناصر من الشيعة، في دولة يقودها الشيعة، وفي مدينتهم الفقهية الحصينة، وضد شريحة فقيرة مسحوقة من طلبتهم، فلا نملك إلا أن نقول: عش رجباً ترى عجباً.
كم كان الشاعر (طرفة بن العبد) صادقاً عندما قالت:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
وربما حتى (طرفة) نفسه لا يتوقع مثل هذه المداهمات المفاجأة، بيد أن مصالح القوم، وتوجهاتهم السياسية تتقاطع دائما مع قناعاتهم الفقهية والمذهبية. فما تريده السلطة الدينية قد لا تريده السلطة السياسية، ولا يصب في مصلحتها.
نحن نقف اليوم أمام حالة غريبة أكدت عليها معظم الكيانات السياسية المؤدلجة دينياً، والمشفرة فقهياً، والتي شيدت عروشها في النجف فوق مصائب الشيعة، حينما وقفت موقف المتفرج ولم تعترض على حملات الاعتقال، وكأنها غير معنية بالأمر، لا من بعيد ولا من قريب.
ترى هل ستقف الكيانات الشيعية مكتوفة الأيدي عندما يُستهدف طلاب الحوزة في النجف على يد جهات من خارج النجف، ومن خارج المذهب ؟، وهل سيلوذون بالصمت المطبق عندما يتعرض طلاب الحوزة للتعسف والتنكيل والبهذلة ؟. أم أن المواقف الانتقائية التي تلقى التأييد من الساسة هي وحدها التي ترسم لنا بوصلة الاستنكارات والاحتجاجات والاعتراضات، وهي التي تقود الحشود الجماهيرية متى ما تشاء بأدوات التعاطف الطائفي والولاء الفقهي ؟. وهل تستطيع مفارز أمن الدولة مطاردة الطلبة الإيرانيين، أم أن الطلبة الباكستانيين هم الخاصرة الرخوة في الجسد الشيعي ؟. وهل المقصود من هذه العملية تطبيق إجراءات الإقامة أم توجيه رسالة تحذيرية للمرجعية بعدم التدخل في الشأن السياسي ؟. ثم كيف تلاشت الميول الطائفية، وكيف اختفت القيم الدينية في التصدي لهذه السابقة الخطيرة وشجبها واستنكارها ؟.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

635 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع