عدنان حسين
من المُفترض ألاّ يحتاج تشكيل حكومة بغداد الجديدة من الوقت أكثر من أسبوعين، أو ثلاثة بالكثير .. نعم فهي هذه المرة مهمة سهلة، أسهل من مهمة تشكيل أي حكومة منذ 2003 حتى الآن.. يمكنها أن تكون بسهولة شرب الماء، ولا مبالغة في هذا.
هذا الافتراض قائم على واقع ان الداعين الى قيام حكومة شراكة وطنية قوية ستكون لهم غلبة مريحة في البرلمان الجديد (أكثر من 170 مقعداً) تمكّنهم من تشكيل هذه الحكومة في وقت قصير، وهم التحالف الكردستاني وائتلاف المواطن وكتلة الأحرار وائتلاف متحدون وائتلاف الوطنية، بل يمكن أن يتجاوز عدد مقاعدهم المئتين بضم القوائم الصغيرة (العربية، التحالف المدني، وسواهما، اضافة الى ممثلي الاقليات القومية والدينية).. اما الداعون الى حكومة الاغلبية السياسية (دولة القانون) فلا يتمتعون بهذين الامتيازين، أعني امتياز الأغلبية البرلمانية المريحة وامتياز التمثيل الواسع والقاعدة السياسية والاجتماعية العريضة للحكومة، في الآن نفسه.
تشكيل الحكومة الجديدة سيكون صعباً إذا أريد أن يكون بقيادة دولة القانون وبشروطه، وأول هذه الشروط أن يعود رئيس الحكومة المنتهية ولايتها نوري المالكي رئيساً للحكومة الجديدة أيضاً، وهو شرط تبدو الكتل والائتلافات الأخرى غير قابلة به، بحسب ما هو مُعلن من جانبها.
ما يُمكن أن يعرقل أو يؤخر تشكيل الحكومة زمناً طويلاً مملاً من جانب أصحاب الأغلبية هي رغبة بعض أطراف هذه الأغلبية في عدم نبذ دولة القانون واقصائه من الحكومة الجديدة، من منطلق ان حكومة الشراكة الوطنية يتعيّن ألا تستثني أحداً. هذه ليست معضلة في الواقع، فالحل سهل، بسهولة شرب الماء أيضاً .. قوى الأغلبية تتفق على خريطة طريق للحكومة الجديدة، تكون مفصّلة وواضحة ومكتوبة وموقعاً عليها.. وتشتمل الخريطة على برنامج عمل الحكومة ونظامها الداخلي واسلوب ادارتها ومبادئ وأسس التعيين في مناصبها المختلفة، بما فيها منصب الرئيس، فضلاً عن خطوط رئيسة لبرنامج البرلمان الجديد، ومن يقبل بهذه الخريطة يكون ضمن الحكومة التي ستكون أقوى حكومة في عراق ما بعد 2003 لتمتعها بامتيازي الاغلبية السياسية والشراكة الوطنية.. اما الذي لا يقبل بهذا فيأخذ مكانه في مقاعد المعارضة في البرلمان. والمعارضة، كما الموالاة، من لزوم الديمقراطية.
هذا الحل السهل شرطه أن يكون أصحاب الاغلبية المريحة جادين في تحقيق تطلعات ناخبيهم وعموم الشعب العراقي بتشكيل حكومة عمل تعوّضهم عما فاتهم، وهو كثير للغاية في ظل الفشل الذريع المسجل على حكومتين وبرلمانين تولوا السلطة على مدى السنوات الثماني الماضية.
1360 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع