رفعت نافع الكناني
عقد من الزمان يكفي لحكومة الشراكة والمحاصصة ، حيث جرب الساسة ومن مختلف الاتجاهات والمسارات والهويات ، اشكال عديدة ومتنوعة لنظريات وخطط وبرامج كانت نتاج افكارهم وعصارة ابداعهم وزبدة عبقريتهم .
هذة الحكومة التي اراد الساسة المحاصصون فيها انصاف شرائح المجتمع العراقي من خلال نظرية الديمقراطية التوافقية التي سوقوها لنا ، انتجت لنا نظاما سياسيا غريبا ومشوها وعقيما . هذا النموذج من النظام لم نجني منه سوى الصفقات الفاسدة في كل القطاعات وخلق طبقة من السياسيين السراق ، والبعض منهم على رأس عصابات ومافيات حولت البلد الى بورصة كبيرة لعمليات بيع الذمم والضمائر والاخلاق . ونتيجة لذلك تحول الوطن من اقصاه الى اقصاه لساحة صراعات واستعراض فريد للقوة والسطوة لمليشيات ومجاميع مسلحة وجيوش من القوى الارهابية المجرمة حولت البلد الى خراب ودمار ودهاليز لافكاروعقائد تروج للفتن والضغائن والاحقاد . ونتيجة ذلك ازدادت الهوة بين طبقات المجتمع مما ادى الى حدوث حالة انقسام مجتمعي لايخدم وحدتة ومستقبل علاقاتة وتاريخة من خلال عمليات القتل والتهجير المتبادلة ، ووو الخخخ .
عقد من الزمان اتسعت الهوة بين العراقيين وبين من انتخبوهم لتحقيق تطلعاتهم بغد افضل ، فكانت النتيجة التمسك بالسلطة وتحقيق المصالح الضيقة وجني المنافع الخاصة غير المشروعة ، وزدادت الخروقات على الحريات العامة والشخصية وتكرست النظرة الدونية للمرأة في المجتمع ، وانكفأت الحياة المدنية المتحضرة واصبح البلد واحة مترفة للدجالين والمشعوذين . تحطمت وخربت جميع قطاعات الاقتصاد الوطني واصبح البلد يعتمد بصورة كلية على انتاج النفط فقط . انتج هذا الواقع جيوش من العاطلين عن العمل بمختلف المستويات ومن كلا الجنسين . واتسعت رقعة الفساد والسرقة ونهبت عقارات الدولة واملاكها بشتى المسوغات والاسباب غير القانونية ، وطغت العلاقات الاجتماعية على اسس طائفية وعشائرية ومناطقية . وازدهرت تجارة الشهادات المزورة وصيغ الامتحانات غير الشرعية وما لحق بقطاع التعليم من كوارث وانتكاسات . واهتزت سمعة القضاء العراقي من خلال التشكيك في استقلاليتة وحياديتة ، واصبحت بعض وسائل الاعلام الناطق الرسمي لتطلعات دول الجوار في التدخل السافر في شؤون البلاد وفي كافة المحاور وبايادي عراقية تسهل ذلك .
كل هذة السلبيات ، نتاج فترة سياسية قلقة تمر بها الشعوب خلال تاريخها السياسي في فترة من الفترات وخاصة اذا تعرض البلد لزلزال سياسي او صدمة تغيير قوية لاسس البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي كما حدث في العراق بعد 2003 . اذن اضيف للعراقي عذابات جديدة ومعاناة ومأسي فاقت في بعض الاحيان ما نالة من الحكم الدكتاتوري المتفرد والمتجبر . وتجرع العراقيون كأس الطائفية والمذهبية والقومية واصبح الكل ينظر للاخر على انه العدو المتربص بة فتعددت جبهات القتال والمنازلة ، وعلى الجانب الاخر نخب وشخصيات وأمراء حرب قادتهم الصدف ليتصدروا المواقع والمناصب ويجنوا الامتيازات والهبات والمنافع متخذين من الدين والمذهب والاثنية غطاء لسرقاتهم وفسادهم وتسلطهم . هذا الوضع الشائك وما يتضمنة من ملفات كثيرة عالقة يتطلب وجود قيادات وشخصيات مشهود لها بحكمة العقل ورجاحة التفكير وعقلانية المواقف لبناء جسور العلاقة والتواصل بعيدا عن التهديد والوعيد والتخوين ، كيف يمكن لنا اختيار هذة النخب والقيادات ... وطريقة فرزها لتصدر الصفوف لبناء غد افضل ؟
الانتخابات ونتائج صناديق الاقتراع بطريقة ديمقراطية ، هي الفيصل في اختيار من ينتخبهم الشعب لتحمل الامانة وتجاوز الصعاب ، ولهم القدرة على تجاوز الخلافات ووضع مسار العملية السياسية في الاتجاة الصحيح ، من خلال مشروع متكامل ينطلق من معالجة السلبيات والازمات بشعور عالي من المسؤولية وتجنيب البلاد المنزلاقات الخطرة بعيدا عن الولاءات الطائفية والقومية . اذن من يقبل التحدي علية ان يتعامل مع المشاكل والمخاطر بطريقة كفوءة وبحس وطني عراقي لتغيير الموازين والمعادلات في ادارة شؤون البلد ورسم ملامح جديدة للمستقبل العراقي . انتخب العراقيون في 30 نيسان مرشحيهم لتولي المسؤولية في مجلس النواب ، وكانت اختياراتهم مبنية على قناعاتهم ووعيهم على ان من انتخبوهم يمثلون النخبة لادارة العملية السياسية للمرحلة القادمة بالرغم من ان هناك عوامل اخرى لعبت دورها في اختيارات الناخب . ظهرت النتائج وتصدرت دولة القانون برئاسة السيد المالكي برصيد 95 مقعد برلماني ، وفي ذلك دلالة على ان البرنامج الانتخابي الذي طرحتة القائمة بتأليف حكومة أغلبية سياسية نال رضا الناخب واعتبرة المخرج الوحيد من هذا المازق الذي يمر بة البلد منذ اكثر من عشر سنوات .
مشروع حكومة الاغلبية السياسية شعار انتخابي ام حقيقة واقعة لمراجعة الاخفاقات والسلبيات والانحرافات ، ام انة عمل توافقي يعيد صياغة وترتيب المواقع من جديد على الساحة السياسية ؟ هذا الشعار ( حكومة الاغلبية السياسية ) استفز اغلب الكتل والكيانات على الساحة العراقية ، وبدا انة مشروع غير قابل للتطبيق على ارض الواقع من خلال حملة التشهير الذي وصلت الى حد مرحلة اعلان الحرب على مشروع دولة القانون وعلى رئيسها السيد نوري المالكي في بادرة تهدد العملية السياسية وتقوض الاسس الصحيحة لبناء عراق ديمقراطي موحد . فالقوى المناهضة لحكومة الاغلبية السياسية استبقت الامور برفع شعار غير دستوري بمنع تولي المالكي لولاية ثالثة ، ضاربة بعرض الحائط نتائج الانتخابات والقفز على خيارات الناخب وما يؤمن بة من مبادئ . هل هذا الرفض منسجم مع مبادئ الديمقراطية ومبادئ التداول السلمي للسلطة ؟ وهل ان هذا الرفض مبنى على اسس قانونية ام على اسس واهواء شخصية ؟ وهل ان هذا الرفض هو بداية لتسويغ الفوضى ومقدمة لاطلاق العنان لعدد من النتائج الخطيرة ؟
اذن الواقع افرز جبهتين ، الاولى تنادي لحكومة اغلبية سياسية والثانية تنادى لحكومة شراكة ومحاصصة طوائف . الوقت كفيل ليرينا من هو الفائز بتشكيل الحكومة ومن هو الشخص الذي ستؤول الية الامور لاختيار فريقة الوزاري للبدء بتنفيذ برنامجة الانتخابي !! وأعادة ترتيب الاوليات وبما ينسجم مع الوضع السياسي الجديد وآفاقة . التوقعات تؤشر الى ان كتلة دولة القانون بقيادة المالكي ومن يناصر برنامجة الانتخابي يمكن لها من اجتياز حاجز النصف زائد واحد وبفارق مريح للفوز بتشكيل وزارتة المفترضة بالنظر لثقلها الانتخابي ووزن المالكي الذي فاق كل التوقعات . وهناك توقعات الى جانب الفريق الآخر في المضي بتنفيذ برنامجة الانتخابي بحكومة الشراكة والمحاصصة ، ولكن هذة التوقعات تشير الى صعوبة السير للنهاية لاختلاف الرؤى والتوجهات للكتل المؤتلفة تحت عباءة هذة الجبهة لان قاسمها المشترك هو منع الولاية الثالثة للمالكي لغرض عدم انجاح برنامجة الانتخابي الذي لو نجح ، تكون تلك القوى والتيارات قد اتجهت صوب المعارضة في البرلمان وهذة المكانة يعتبرونها تقليل من وزنهم وتأثيرهم مستقبلا . ننتظر الايام فهي الكفيلة بحسم التوافقات وترتيب الاولويات بعد ان تختفي كل الخطوط بالوانها واشكالها !!
رفعت نافع الكناني
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
699 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع