ديانا مقلد
«المذيعة الأميركية: هل أنت قلقة على أمنك؟
رزان: لست خائفة على نفسي فالموت بات أمرا عاديا بالنسبة لنا في سوريا إلى حد أننا..
المذيعة الأميركية: رزان؟؟ آلو.. يبدو أننا فقدنا رزان زيتونة»..
وحدث أننا فعلا فقدنا رزان زيتونة بعد زمن قصير من تلك المقابلة الهاتفية مع قناة أميركية والتي استُعيدَ بثُها في فيديو السيرة الذاتية الذي جمعته وعرضته منظمة «أصوات حيوية» الدولية مؤخرا، لدى منحها زيتونة جائزة تقديرية. نعم، فقدنا رزان..
وها هي الأشهر قد مرت على اختفاء الحقوقية السورية الأبرز والأكثر مصداقية ونزاهة في دعم الحرية وفي رصد الانتهاكات التي حصلت في سوريا سواء من قبل النظام أو فصائل المعارضة. وقد عانت رزان مخاطر جمة إلى أن اختطفت نهاية العام الماضي هي والنشطاء سميرة الخليل ووائل حمادة وناظم حمادي. ومنذ الاختفاء المريب لزيتونة ورفاقها في منطقة دوما التي يسيطر عليها جيش الإسلام الذي يقوده زهران علوش تنشط محاولات لعدم إدخال قضية اختفاء الأربعة في الصفحات المنسية. إنها الصفحات التي أحلنا عليها عشرات بل مئات من الذين قتلوا أو فقدوا في سوريا. والنسيان وعلى قدر ما هو مخفف لألم الفقد على قدر ما يصيبنا بالذنب وبالخجل من خفوت الاهتمام والمتابعة وبالتالي الاستسلام لرغبة من غيّب رزان ورفاقها في دفعنا نحو نسيانهم وإهمال قضيتهم والقبول بواقع الحال. هنا ينبغي الاعتراف بأن إبقاء قضية من نوع إخفاء وإقصاء رزان ورفاقها قضية نابضة ليس بالأمر اليسير مع التزخيم الحاصل للمآسي والفظائع ومع نجاح تنظيم «داعش» بالاستحواذ بسطوة الذبح والقتل على كل الاهتمام المحلي والعالمي وبالتالي تناسي ارتكابات النظام السوري التي أفضت إلى نشوء ظواهر مثل «داعش».
لن يبالي النظام السوري باختفاء رزان ورفاقها، بل هو ربما له يد في ذلك، خصوصا مع علامات الاستفهام الكثيرة التي تحيط بعلوش وبمسؤوليته عن اختفاء شخصية تعد فعلا ضمير الثورة السورية وواجهتها النبيلة. وهنا ليس عبثيا الربط بين اختفاء رزان وإضعاف الصوت المدني السوري عبر قتل ناشطين وصحافيين أو خطفهم وسجنهم أو إجبارهم على الهرب من سوريا وبين الصعود الصارخ لقوى متشددة عنيفة مثل «داعش». وهنا، ليس من تأريخ للافتراق الذي حصل بين المتشددين والناشطين المدنيين في الثورة السورية، لكن لحظة اختطاف رزان ورفاقها لحظة فاصلة في الافتراق بين وجه مدني وآخر متشدد باتت له الصدارة. صحيح أن هذا التقسيم يحمل شيئا من التبسيط ولا يشرح بدقة الفروقات بين الوجوه المدنية وتلك الإسلامية للحراك في سوريا، لكن الصمت المريب الذي مارسته القوى الإسلامية حيال مسألة اختطاف أحد الوجوه المشرقة للثورة السورية يخلف ظلالا من الريبة. فرزان اختطفت من دوما المنطقة التي يسيطر عليها زهران علوش وهذا الأخير يطرح نفسه كتشكيل مقاتل معارض يتسلح بناء على ذلك ويمول بناء على ذلك. وعلوش الذي سبق لكتائبه أن هددت رزان لم يشعر أن ما جرى يثير الريبة بدوره فإسكات رزان تقف وراءه جهة متواطئة مع النظام تماما كما جرى عندما سلمت يبرود والقلمون على نحو مريب لقوات النظام..
لا يفيد إنكار أن خطف رزان زيتونة ورفاقها قد أصاب الحراك السوري بمقتل، لكن الركون إلى هذا الإقرار والاستسلام له لن يعود سوى بتكريس الخسارة..
الحرية لرزان وسميرة ووائل وناظم ولكل السجناء والمفقودين في سبيل خلاصهم وخلاصنا..
711 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع