محمد علي الأمام
رد على مقالة الاخ نزار ملاخا.(مايحدث في نينوى اليوم )
لايختلف اثنان من الشرفاء والعقلاء والعراقيين الوطنيين على ان مايجري في العراق وعلى العراقيين من قتل وقصف وتهجير وتدمير هوغير مقبول ابدا ومن غير المعقول ايضا ان نلح ونكثر من ذكر جانب معين ونترك بقية الجوانب وكأن الاحداث في العراق منفصله عن بعضها وكأن ما يصيب جزءا عزيزا علينا هو مالا يصيب الكل بدون استثناء .
بعد احداث الموصل وقيام مايسمى بداعش باعمال غيراخلاقيه مرفوضه شعبيا وشرعيا ومجتمعيا وفي المقابل ماتقوم به الحكومه مشابه ولكن باشكال اخرى مختلفه وكذلك المليشيات الشيعيه والكل يقوم بايذاء العراقيين من مختلف الاوجه منها القتل والاختطاف والقصف والتهجير والسرقه والابتزاز والارهاب بانواعه ولكن لاحظنا قبل مده ان التركيز على تهجير الاخوه المسيحيين غطى على الاحداث الاخرى واخذ مساحه اوسع ومجلا اكثر من غيره من الاحداث المشابهه مقرونا بالمبالغه والتهويل والتخويف وكأن مايجري بالعراق محصور على الاخوه المسيحيين فقط وهنا لابد من قول ,, الكثير ممن كتبوا وتحدثوا عن معاناة المسيحيين وانا منهم لم نتحدث عن كامل الحقيقه العراقيه بل عن جانب صغير واهملنا الجزء الاكبر بدون ان نعطيه حقه بالرغم انه لاينفصل عن الجزء الصغير الاخروهو متزامن بالشكل والاهداف والتوقيت والنتائج ..
كثر الاهتمام في موضوع الاخوه المسيحين وهو ليس بمعزل عن الاخرين فاليوم هناك اكثر من مليون ونصف نازح يشكل الاخوه المسيحيين جزء صغير منهم وما حدث لهم سبق ان حدث لعشيره السعدون وهي من اكبر عشائر الجنوب واليوم يحدث لسنة البصره وسنة بابل وما حصل في التهجير القصري للفلوجه والانبار وسامراء ونينوى وتلعفر وبغداد وهناك اليوم اكثر من اربعة ملايين ونصف مهاجر عدا النازحين وهم يعيشون ظروف صعبه جدا ومنهم المسلمين سنة وشيعه والمسيحيين والشبك والازيديين والتركمان والكورد من بغداد ولكن لم نرى هذه الوقفه والاندفاع من الكتاب لكل هؤلاء العراقيين واقتصرت على الاخوه المسيحيين فقط ؟؟ نحن نرى ان التهجير واحد ان كان للمسلم او المسيحي او حتى اليهودي او اي شخص مهما كان وان الاذى واحد والارهاب واحد ,, اليس كذلك ؟؟ ..
وردت في المقال اشاره الى الوثيقه العمريه وهذا نصه ()والوثيقة الظالمة التي صدرت بحقّهم ولا حتى الوثيقة العُمَرية كانت بمثل هذا الظُّلمِ وهذا العنف.( وهذا وصف يتعارض مع اكثر الكتاب والمؤرخين في العالم الذين وصفوا الوثيقه بانها من اكثر الوثائق والعهود التي تؤمن العداله في ظروف تلك الحقبه التاريخيه وهنا لابد من توضيح للاخوه القراء الذين يجهل البعض ماهية الوثيقه والتي شوهها البعض من الكتاب المسيحيين نكاية بالاسلام وخدمة لاعدائه ولولا حراجة الموقف لوصفت ما كتبته بانه دس وكذب وخداع للقراء ..
العلاقه التاريخيه :
في سنة 15 هجرية - أي بعد وفاة الرسول (عليه الصلاة والسلام) بخمسة أعوام - تمكن المسلمون من فتح كثير من بلاد الشام على إثر معركة اليرموك ، ودانت لهم حمص وقنسرين وقيسارية وغز ة واللاذقية وحلب ، وحيفا ويافا وغيرها . وقد اتجه لفتح بلاد فلسطين قائدان مسلمان هما: عمرو بن العاص ، وأبو عبيدة بن الجراح الذي إليه الفضل في وثيقه العهده العمريه .
وقد تقدم المسلمون بفتح (إيلياء) في فصل الشتاء ، وأقاموا على ذلك أربعة أشهر في قتال وصبر شديدين ، ولما رأى أهل إيلياء أنهم لاطاقة لهم على هذا الحصار ، كما رأوا كذلك صبر المسلمين وجلدهم وأشاروا على (البطريرك) أن يتفاهم معهم ، فأجابهم إلى ذلك ، فعرض عليهم أبو عبيدة بن الجراح إحدى ثلاث: الإسلام أو الجزية أو القتال ، فرضوا بالجزية ، والخضوع للمسلمين ، مشترطين أن يكون الذي يتسلم المدينة المقدسة هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نفسه رضى الله عنه !! .
وقد أرسل أبو عبيدة بن الجراح إلى أمير المؤمنين عمر بما اتفق عليه الطرفان ، فرحب عمر بحقن الدماء ، وسافر إلى بيت المقدس ، واستقبله المسلمون في الجابية وهي قرية من قرى الجولان شمال حوران ، ثم توجَّه إلى بيت المقدس ، فدخلها سنة 15هـ- - 636م، وكان في استقباله "بطريرك المدينة صفرونيوس" وكبار الأساقفة ، وبعد أن تحدثوا في شروط التسليم انتهوا إلى إقرار تلك الوثيقة التي اعتبرت من الآثار الخالدة الدالّة على عظمة تسامح المسلمين في التاريخ ، والتي عرفت باسم العهدة العمرية .
ونظرًا لمكانة هذه الوثيقة في الحضارة الإسلامية ؛ ولأنها دالة أبلغ الدلالة على مدى تسامح الفتوحات الإسلامية والفاتحين المسلمين ، نظرًا لهذين الاعتبارين نورد نصَّها الذي تكاد تجمع عليه المصادر التاريخية
الوثيقة:
"بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عبد الله أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان: أعطاهم أمانـًا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها ؛ أنه لاتسكن كنائسهم و لا تهدم ولاينتقص منها ولا من خيرها ، و لا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم ، ولا يكرهون على دينهم ، ولا يضام أحد منهم ، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود ، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطى أهل المدائن ، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص ، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم ، ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية ، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم (ويخلى بيعهم وصلبهم) ، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم ، حتى يبلغوا مأمنهم ، ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم ، ومن شاء رجع إلى أهله فإنه لايؤخذ منهم شىء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية .
شهد على ذلك: خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، ومعاوية بن أبي سفيان .
وكتب وحضر سنة خمسة عشرة هـ .
وهذه الوثيقة دالة أبلغ الدلالة - كما ذكرنا - على أصالة التسامح الإسلامي من جانب ، ودالة على المكانة التي تتبوأها القدس من جانب آخر ، ولعل التاريخ لايذكر إلى جانب صفحة هذه الوثيقة صفحة أخرى من تسامح الأقوياء المنتصرين مع المحاصرين المستسلمين على النحو الذي ترد عليه بنود هذه الوثيقة .
ولعل أية دراسة نقدية لبنود هذه الوثيقة تكشف عن مدى التسامح الإسلامي الذي لانظير له في تاريخ الحضارات .
ومنذ أبرمت هذه الوثيقة التاريخية الخالدة ، وبيت المقدس تحظى بعناية الحكام المسلمين على نحو قريب من عنايتهم بالمسجد الحرام والمسجد النبي الشريف
وقد توالت عصور التاريخ الإسلامي والمسلمون يعاملون أبناء الأديان الأخرى في القدس ونينوى وغيرها أفضل معاملة عرفت في التاريخ لدرجة أن المؤرخ الإنجليزى الكبير "أرنولد توينبي" اعتبر ظاهرة التسامح الإسلامي ظاهرة فريدة وشاذة في تاريخ الديانات .
وكان أهل الذمة الأصليون يعاملون كأهل البلاد الأصليين دائمـًا لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم في إطار ما نص عليه الإسلام ، وقد نص القرآن على معاملتهم بالحسنى ، ومجادلتهم بالتي هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم ، كما أوصى الرسول بهم خيرًا ، وقد كان الخليفة العباسي هارون الرشيد يعامل الزوار النصارى للقدس المعاملة الإسلامية المعتمدة لأهل الكتاب ، وقد سمح الرشيد للإمبراطو ر "شارلمان" بترميم الكنائس ، وفي سنة 796م أهدى هارون الرشيد "شرلمان" ساعة دقاقة وفيلاً وأقمشة نفيسة ، وتعهد بحماية الحجاج النصارى عند زيارتهم للقدس ، لذلك كان شرلمان يرسل كل سنة وفدًا يحمل هدايا إلى الرشيد .
وقد زار القدس في القرن التاسع عشر "برنار الحكيم" وذكر أن المسلمين والمسيحيين النصارى في القدس على تفاهم ، وأن الأمن مستتب فيها ، وأضاف قائلا : وإذا سافرت من بلد إلى بلد ومات جملي أو حماري ، وتركت أمتعتي مكانها ، وذهبت لاكتراء دابة من البلدة المجاورة سأجد كل شيء على حاله لم تمسه يد .
إن الوثيقة العمرية لم تقم على مجرد أصول إسلامية عامة في العلاقات الدولية ، بل قامت على أصول إسلامية خاصة ومحددة تتصل بالاديان الاخرى ولايجوز وصفها بالظلم ، كما انها ارتكزت على كتاب الله وسنة رسوله وسلوك المسلمين من بعده ، فإن المسلمين منذ أربعة عشر قرنـًا ينظرون إلى الاديان الاخرى وخاصة النصارى، على أنهم اهل البلاد تجب حمايتهم ، وهم يربطون ربطـًا كاملاً وثيقـًا بين المسجد الحرام في مكة والمسجد الأقصى في القدس ، وينظرون إلى القدس نظرة تقترب من نظرتهم إلى مكة,وقصة الخليفه عمر بن الخطاب وامتناعه الصلاه في الكنيسه خوفا لان تكون عاده بعده وتؤخذ كنائس النصارى .
كنت اتمنى لو كانت عراقيتك كما طلبتها ان تتوفر في غيرك وان تأتي على ذكر بقية المهجرين بالرغم من كونك مسيحي ولكنك تطالب المسلمين والكثير منهم تناولوا الموضوع اكثر مما تناوله المسيحين انفسهم ..
وقبل ان اختتم المقال لابد من تذكير ان المشروع الامريكي الصهيوني يريد تغيير خارطة سايكس بيكو التي لم تأخذ بنظر الاعتبار تنوع القوميات والاديان والمذاهب في الدول التي انشأتها الدول المنتصره في الحرب ولابد من تغيير الواقع مع ضرورة ملاحظه تصحيح الخطأ التاريخي اعلاه وهنا على الجميع كل حسب دينه او قوميته او مذهبه البحث الى اين سيكون الاتجاه ...
لايمكن قبول ماتفعله الاطراف المتطرفه المحسوبه على الاسلام والتي تقوم بايذاء المسلمين قبل غيرهم ان تحسب افعالهم على الاسلام وان تنعت افضل وثيقه في العالم تعبر عن العداله التي لم يمنحها المسيحيين الى غيرهم على مدى التاريخ وان توصف بالظلم ؟ ماهكذا تستغل الامور لاظهار ما في دواخلنا .....
محمد علي الامام
608 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع