أين أنت يا “ليز ستراتا”؟!

                                 

                        بثينة خليفة قاسم

في مسرحية يونانية قديمة تسمى “ليز ستراتا” على ما أذكر، والاسم ليس قضيتي هنا، فأنا قصدت المضمون.

المهم أنه في هذه المسرحية سئمت النساء من كثرة انخراط الرجال في الحروب وبعدهم لفترات طويلة وما ينتج عن ذلك من أضرار أسرية معلومة لا تقتصر فقط على الجانب الفسيولوجي. وبالتالي النساء فكرن في حيلة يمكن أن تجبر الرجال على وقف الحرب بعد أن فشلت كل السبل لإيقافها.
 فقررن بزعامة “ليز ستراتا” أن يبدأن إضراباً جنسياً ويحرمن الرجال من ممارسة هذا الفعل، إلا بعد وقف الحرب.
وعندما قالت إحداهن لليز ستراتا إنهم – أي الرجال- يستطيعون أن يجبرونا على هذا الفعل، ردت عليها بأن متعتهم لن تتحقق إلا بالرضا المتبادل، وكانت فكرة ناجحة حقاً مبتكرة لإيقاف الحرب.
ولا يستغرب أحد كوني بدأت ما أكتبه بهذه المقدمة التي تبدو عجيبة ولكن ربما يلتمس لي القارئ ألف عذر عندما يعرف السبب الذي أدى إلى حث ذاكرتي على استدعاء هذه القصة، فالسبب أيضاً يدعو للعجب ويدعو للسخرية، أقصد استمرار الخلاف الفلسطيني – الفلسطيني الذي ربما لا يحل إلا بمحاولة نسائية كتلك المذكورة أعلاه!
هذا الخلاف العويص الذي أدى إلى انشقاق وعداء بين أكبر فصيلين فلسطينيين في تاريخ المقاومة الفلسطينية أمرٌ عجيب ٌحقاً في ظل ما يتعرض له الجميع من خطر الخروج من التاريخ أو الانقراض التام.
 فعلى ماذا نختلف ونحن جميعاً محتلون، ونحن جميعاً معرضون للموت؟!
وليسمح لي القارئ وليسمح لي الإخوة الفلسطينيون على اختلاف مشاربهم كوني قد عبرت عن مشاعري هنا بكلمات ربما تكون مزعجة لبعضهم، ولكن لا يجب أن يغضب مني أحد، لأن هذا الانشقاق والانفلات والارتماء في أحضان الغير ضد الأخ والشقيق هو في حد ذاته أمرٌ يستحق أسوأ الأوصاف!
لقد أصبحنا نختلف لأسباب تافهة تشبه الخلافات التي تحدث بين أنصاف المتعلمين في تفسير القواعد الفقهية، وهو أمرٌ يذكرني أيضاً بمقولة للشيخ الراحل محمد الغزالي عندما قال “إننا نختلف في الوضوء على مسح ربع الرأس أو مسح نصف الرأس في وقت العدو يفكر فيه في قطع الرأس كلها!”.
وزبدة القول الذي أراده الشيخ الجليل عليه رحمة الله هو أنه عندما تكون الأمة كلها أمام خطر كبير يجب أن ينأى أبناؤها بأنفسهم عن الخلافات التافهة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

661 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع