نهى الشرنوبي
منطق تقييم الحروب بناء على أعداد الضحايا والخسائر المادية لم يثبت صحته على مر التاريخ ولنا في الحرب العالمية الثانية مثالا ينبض بالحياة على سقوط هذا المنطق المضلل ، إذ قدمت دول الحلفاء حوالي 83% من ضحايا هذه الحرب، فيما خسرت دول المحور حوالي 17% من الضحايا ، ومع ذلك فقد خرجت دول الحلفاء منتصرة لأنها حققت أهدافها السياسية وترجمتها من خلال إجبار ألمانيا على توقيع معاهدة فرساي.
إن إسرائيل لم تستطع تحقيق الأهداف التى أعلنتها على مدى أيام عدوانها على غزة حيث لم تقضي إسرائيل على قوة حماس الصاروخية التى استمرت تقصف العمق الإسرائيلي حتى الساعات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار ، لم تنجح إسرائيل فى نزع سلاح المقاومة ، لم ترفع حماس الراية البيضاء كما أشترط وزير خارجية إسرائيل ليبرمان قائلا إن الحرب لن تنتهي قبل أن ترفع حماس الراية البيضاء ، لم تقضي إسرائيل على الوحدة والمصالحة الفلسطينية التي تم توقيعها قبل فترة وجيزة من عدوانها المتعمد على غزة.
لم تحصر إسرائيل حجم الأنفاق التى استطاعت حماس وحركة الجهاد حفرها ولا تعرف الكم الذى يتبقى منها وإنما كانت تتفاجأ بضرب تل أبيب من خلال هذه الأنفاق بالصوراريخ وبالطائرات بدون طيار مما دفع مئات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين للهروب من مستوطناتهم واللجوء إلى الملاجىء وإغلاق مطار بن جوريون لمدة ثلاثة أيام .
اضطرت إسرائيل أن توافق على فتح معابرها فور وقف إطلاق النار والتى كانت تمثل حصارا اقتصاديا على القطاع كما قامت إسرائيل بتضييق المنطقة الأمنية العازلة داخل حدود القطاع ، فضلاً عن توسيعها لنطاق الصيد البحري قبالة سواحل غزة إلى الضعف مع احتمال توسيعه تدريجيا إذا صمدت الهدنة كما حصلت المقاومة على موافقة مصر على فتح معبر رفح اثناء الهدنة.
أما باقي مطالب المقاومة الفلسطينية والتى تتضمن الإفراج عن أسرى صفقة شاليط وبناء الميناء والمطار فيمكن أن تفاوض المقاومة الفلسطينية إسرائيل بشأنهم بربطهم بقضية الإفراج عن جثتي الجنديين المفقودين في غزة وكذلك بربطهم بالأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة
760 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع