يوسف علي خان
في يوم من الايام كان الشيطان يتجول كعادته كي يبحث عن انسان يوسوس له ويدله على ارض الخراب مثل الغربان... فوجد قمقم في وسط صحراء لافيها انس ولا جان... وسمع من داخله انين ونحيب...
فتقرب منه فسمع صوتا يناديه انقذني ايها الشيطان فلقد سجنني فيه الانسان من سالف الازمان فاخرجني فانت قادر على فعل كل شيء... فقد وهبك الله نعمة الخداع وافساد الضمائر والنفوس... وانا لم اعد احتمل هذا القمقم اللعين... فهو يكتم انفاسي ويضغط على جسدي وانا لا حول لي ولا قوة فانا كائن ضعيف ..فلو اخرجتني سأ كون عبداً من عبيدك وافعل ما تأمرني به كما يفعل تابعيك من الجان..
فسأله الشيطان كيف تمكن الانسان ان يدخلك هذا القمقم الصغير ..فأجابه لقد خدعني ذلك الانسان لكي يثبت بانه اكثر دهاءا من الشيطان فقد استطاع هذا الانسان ان يتغلب على الكثير من الكائنات ويفترسها أو يسخرها لخدمته وقضاء حاجاته خلال عصور ودهور ولن يستطيع عليه سواك فانت الشيطان فقد وهبك الله الحكمة والدهاء ..فإن كان هو قد تمكن من حشري في هذا القمقم فانت اكثر قدرة وقد اغويت الملايين من البشر ودفعتهم الى فعل الحرام... والامر سهل عليك فانت في الخارج حر طليق فارفع السداد من فوهة القمقم وساستطيع الخروج منه فأكون طوع بنانك وما تبتغيه...فاشفق
الشيطان على هذا الكائن الحي وهي اول مرة يحن ويرف قلبه ويلين فرفع الغطاء من فوهة القمقم واذا بدخان يتصاعد الى عنان السماء ويتحول الى مارد جبار... وقف امامه مذهولا الشيطان فقد بدى الى جواره قزم صغير فاطلق هذا المارد قهقهة عالية في الفضاء هزت الاجواء وراح يدك الارض دكا بقدميه الضخمتين ويعيث في كل مكان ويثير الاتربة والكثبان..فطلب منه الشيطان ان يكف عن هذا الهيجان وهذا العبث المدان... فلم يعر له بال... فقال له الشيطان اين هو وعدك الم تقل لي وانت في القمقم بانك ستكون لي عبد مطيع...؟؟؟ فاجابه المارد المتمرد هذا كان زمان... فقد كنت سجين قمقم
صغير وها انا الان حر طليق اتحرك في كل مكان فقد وعدتك عندما كنت كائن صغير سجين محجوز باضيق مكان.... وها انا الان بهذا الحجم الهائل الكبير فكيف اطيعك وانت الى جانبي قزم صغير... فأنا الان سيد هذا المكان ولست انت ايها الشيطان ..فصمت الشيطان وأخذ يحدث نفسه ويقول لقد وقعت في ورطة دهماء وفلت مني زمام الامور وكان خطأ فادح مني أن اخرجته من القمقم حيث كنت انا سيد الموقف فغروري هو الذي جلب لي كل هذا البلاء ... ولكن انا لست شيطانا إذا لم استطع أن اعيدك ايها المتمرد اللعين الى ما كنت عليه حبيس هذا القمقم الصغير أو ارميك بهوة تقع فيها فريسة سهلة
ولقمة سائغة تقضي عليك فقد اردتك معينا لي تخفف عني الجهد فانقلبت علي ّوغدوت تهددني في مهنتي بالسيطرة على الناس والانفراد بما يملكون.... فإن كنت قد استجبت لك شفقة وهي المرة الاولى التي يحن قلبي ويعطف على مستجير وأنا الشيطان الذي اطلق الله يدي في حياة الناس كي اغويهم واجرهم الى الرذائل .. فسوف تكون المرة الاخيرة وسانتقم منك شر انتقام ..فأنت كائن متخلف ظللت طيلة قرون حبيس هذا القمقم الصغير... متحجر العقل جاهل متخلف تعيش في نفس عالمك القديم فأنا قد عاصرت هذا الزمان وعايشت هذا التطور فتغيرت اساليب خداعي وتعلمت الكثير فلا يمكن ان ادعك
تتطاول على ولي نعمتك ومن ارادك أن تكون مجرد تابع فركبك الغرور ... فقد ندمت اشد الندم اني احسنت لمن لا يستحقه ....وهكذا اضحى الموقف بين مارد متخلف وشيطان متنور متعلم متطور ..فقد إبتدأ اول محاولاته للتخلص منه بسؤاله.... كيف استطاع سجانك ان يدخلك هذا القمقم الصغير وانت بهذا الحجم الكبير فهل بامكانك أن تريني كيف فعلت ذلك ؟؟؟؟ فقهقه المارد الجبار واطلق ضحكته العالية واجاب (( المرء لا يلدغ من جحر مرتين فقد فعلها معي ذلك الانسان في سالف الزمان فخدعت فسجنت طيلة تلك السنين ولن اخدع مرة اخرى على يدك ايها الشيطان اللئيم... وهنا كان لا بد من ايجاد
البديل فطالما لا يستطيع ان يعيد المارد الى ما كان فعلى الاقل أن يستغله لقضاء مأربه ويسخره ويستفيد من قوته وهمجيته فيتفق معه كي يدفعه بطمعه الى المغريات باطلاق يده دون حدود للاعتداء على الاخرين ونهب اموالهم وسبي نسائهم فيتوفر لهم ما يبتغون وبالمقابل يسخره الشيطان الى ما يريد وهكذا فقد اتفق الطرفان المارد الجبار والشيطان اللئيم وفي ذهن الشيطان خطته في ايقاع المارد في المهالك عسى أن يتخلص منه ويصلح خطـ ما جنته يداه..فقال للمارد اسمع ايها الكائن العظيم والمارد الجبار ان هذه الصحراء قفراء لا ماء فيها ولا شجر وانا لست بحاجة الى
طعام فانا شيطان مخلوق من النار أما انت فكائن مخلوق من لحم ودم بحاجة الى اكل كثير وماء وفير وانت بهذا الحجم الكبير وهو لا يتوفر إلا في البحار والمحيطات حيث الحيتان والقروش والاسماك بالاطنان... فدعني اخذ ك الى هناك وادلك على المكان فتنعم بما انت بامس الحاجة اليه ونكون أنا وانت احبة وحلفاء فوجد المارد في كلام الشيطان ما لا يضر ولم يدرك بما خبأه له الشيطان فاليذهب معه الى ذاك المكان... فذهب الى شواطي البحار فشاهد بام عينه الحيتان واطنان الاسماك تتحرك مثل القطعان وهو جوعان محروم منذ زمان ..فلم يدرك عمق تلك البحار وغره ضخامة جسده وفاته
لجهله بانها بعمق الجبال واوسع من الارض التي هو عليها اربع مرات فغارت رجليه فيها وغرق حتى مات ... فانطبق عليه المثل القائل (( اللي ما يعرف تدابيره حنطته تاكل شعيره )) والسلام ...!!!
516 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع