ندما يتبخّر الحب!

                                     

                             زينب حفني

تنشر الصحف السعودية بين حين وآخر أخبارا صادمة عن زوجات سعوديات قمن بقتل أزواجهن أو بتر ذكورتهم عند علمهنَّ بزواج الزوج من أخرى. هذه الطرق الوحشيّة الدمويّة تلجأ إليها النساء اللواتي يؤمنَّ بالقاعدة الشهيرة "لا ليّا ولا لغيري"، لاعتقادهنَّ بأن شريك العمر ضرب بعرض الحائط، سنوات العشرة وأيام الكفاح وذكريات الحب الجميلة، وأنّه ضحّى بكل هذا دون أن يطرف له جفن!

كيف يُمكن أن يتحوّل الحب بين اثنين تشاركا الحياة بحلوها ومرّها إلى هذا الكم من الكره؟ لماذا لم تشفع اللحظات السعيدة التي عاشاها معاً في إطفاء سعير الانتقام ورغبة كل منهما في تسديد ضربة للآخر؟ لماذا المرأة لا تنسَ جرحها بسهولة؟ هل لأنها تشعر بأنها طُعنت في كرامتها؟ وهل المرأة الشرقيّة تختلف عن المرأة الغربيّة في ردود أفعالها، أم أن المرأة هي المرأة في كل زمان ومكان؟

هذه الأسئلة حاصرتني بها مجموعة من الصديقات، ونحن نقرأ خبر صدور كتاب "فاليري تريرفيلر"الصديقة السابقة للرئيس الفرنس (فرانسوا هولاند)، البالغة من العمر 49 عاماً، والتي تعمل صحافيّة بمجلة "باري ماتش". وكانت تريرفيلر قد عاشت بقصر الأليزيه عام ونصف قبل أن تكتشف علاقة هولاند السريّة بالممثلة "جولي غايت" والتي بسببها انتهت علاقتهما معاً!

يظهر بأن الرئيس هولاند ليس له حبيب ولا غالي! فقد ترك صديقته وأم أولاده الأربعة سيجولين رويال الوزيرة الحالية بحكومته والتي أمضى بصحبتها خمسة وعشرون عاماً من أجل عيون تريرفيلر. وها هو يهجر الأخيرة من أجل عيون الممثلة جولي غايت.

هناك نساء يُجدنَّ من أين تؤكل الكتف كما يقولون، ويرددنَّ الصاع صاعين! خاصة إذا ارتبطت إحداهنَّ بشخصيّة سياسيّة لها ثقلها السياسي مثل الرئيس هولاند! وبالفعل تحدّثت "تريرفيلر" في كتابها بالتفصيل عن علاقتها به، فتقول في مقطع منه: "بدأتُ أخسر حياتي، ولا أريد سماع المزيد عن ذلك، ركضتُ نحو الحمام وتناولتُ علبة مليئة بالحبوب المنومة، ولكن سرعان ما سحب هولاند العلبة من يدي". ثم تصف غيرتها من صديقته السابقة "رويال" وكيف أنها لم تكن تحتمل رؤيتهما معاً.

الذي أثار حفيظة الرئيس هولاند وحاول تبرئة نفسه، إتهام "تريرفيلر" له في كتابها بأنه كان يحتقر عائلتها وأنه أعترف لها في لحظة حميميّة باحتقاره للفقراء، وهو الرجل الذي أكّد دوماً بحملته الدعائيّة على انتمائه الاشتراكي، مما يعني تهديداً لمستقبله السياسي خاصة وأنه أضحى الرئيس الأقل شعبيّة بفرنسا.

إذا نظرنا للعلاقات العاطفيّة بعيداً عن مؤسسة الزواج، سنجد بأن الرجل غالياً ما يدير ظهره للمرأة ويمسح ذكرياته معها بجرّة قلم دون رحمة، بعكس المرأة التي لا يّمكن أن تغفر للرجل هجرانه لها إذا أحبّته بصدق، خاصة إذا آثر عليها امرأة أخرى! ولكن طريقة الانتقام عند المرأة الشرقيّة تختلف عن المرأة بالمجتمعات الغربيّة! فالغربيّة تركيبة مجتمعاتها المتحررة فكريّاً، تمنحها الحق في نشر غسيلها في الهواء الطلق دون أن تأبه بما يتردد عنها من أقاويل، بعكس العربيّة التي تحكمها الموروثات الدينيّة والأعراف الاجتماعيّة وتدفعها إلى إخفاء علاقتها بمن تحب، لأنَّ كشفها يعني فضيحة مدويّة لها ولعائلتها الحريصة على نصاعة سيرتها!

ليس هناك قاعدة ثابتة في الحياة لكنني من المؤمنات بأن الحب له عمر افتراضي مثل أعمارنا فهو في بداياته يكون زاهياً مثل أشجار الربيع، ثم يمر عليه الخريف فتذبل أوراقه ويتساقط على الأرض إلى أن تُصبح أغصانه عارية، ثم يبدأ الجفاف وتموت الأشجار على قارعة الطريق، وتنتهي قصة الحب التي كانت ذات يوم تطال رأسها عنان السماء.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

614 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع