عدنان حسين
الإرهاب لا دين له ولا مذهب.. ما انفك زعماؤنا جميعاً يتشدقون بهذا أمام كاميرات التلفزيون على مدار الساعة، لكنهم على الأرض يجعلون له ديناً ويصنّفونه مذاهب وطوائف، فثمة إرهاب مذموم وآخر مقبول ومشجَّع عليه ومرفوع الى مستوى الجهاد المقدس، بحسب دين الإرهابي ومذهبه. .. إرهابي من مذهبي ومن ميليشاي مجاهد، و"مجاهد" من مذهب غيري وميليشياه إرهابي!
حتى ضحايا الإرهاب صاروا يُخضعونهم لهذا النظام اللعين اللئيم، نظام المحاصصات، ويرتّبونهم منازل ودرجات .. ضحايا درجة أولى وضحايا درجة ثانية، وضحايا لا درجة لهم فلا أحد يواسي عائلاتهم ولو بكلمتين أو ثلاث.
في اجتماعه الاسبوعي الأخير، أول من أمس، اتخذ مجلس الوزراء قراراً بمنح عائلات ضحايا قاعدة سبايكر مبلغ عشرة ملايين دينار (ثمانية آلاف دولار أميركي) عن كل واحد منهم .. ما أبخس ثمن دم الشهيد الذي تتركه الدولة لمصيره يواجه الوحشية الداعشية من دون سلاح،حتى الأبيض منه!
ولكن لماذا ضحايا سبايكر من دون سواهم؟ .. وأولئك الذين سقطوا في سنجار وتلعفر وسهل نينوى وآمرلي والصقلاوية وعشرات المدن والبلدات والقرى، ما وضعهم؟.. هل ستُدرج الحكومة موتهم في باب "القضاء والقدر" أم ستسجلهم منتحرين مثلاً، لتحول دون تمتّع عائلاتهم بـ"امتياز" الثمن البخس لدم الضحايا، عشرة ملايين دينار، الذي غالباً ما يكسب مثله بعض فَسَدة الحكومة والبرلمان والسلطة القضائية في ساعة واحدة فقط؟
النائبة الكردية/ الإيزيدية فيان دخيل رفعت أمس عريضة الى الأمين العام لمجلس الوزراء تطلب فيها شمول الضحايا من الإيزيدية بمنحة العشرة ملايين .. فعلت خيراً بالتأكيد .. لكن، هل يتعيّن على النواب جميعاً، كلّ بحسب قوميته ودينه ومذهبه ومنطقته، أن يرفعوا عرائض تماثل عريضة السيدة دخيل، لكي ينظر مجلس الوزراء بعين العطف والرأفة والرحمة الى عائلات الضحايا الآخرين، ولكي يتصرف مجلس الوزراء بوصفه مجلس حكومة الشعب العراقي المكوّن من قوميات وديانات ومذاهب وطوائف عديدة مختلفة؟
اذا كان المقصود من تمييز عائلات ضحايا سبايكر عن غيرها بالمنحة المالية هو التعجيل بإغلاق هذه القضية تجنباً لمحاسبة المقصّرين والمتواطئين، فان ما يتوجب على مَنْ يفكّر بهذه الطريقة أن يعلم ان ملف سبايكر أكبر من قدرة أحد، مهما كان، على إغلاقه، وكذا الحال بالنسبة لملفات سنجار وسهل نينوى وآمرلي والصقلاوية وغيرها، وسقوط الموصل وتكريت أيضاً.. إذا ما أتيحت للمناورات والمداورات والتوافقات السياسية الفرصة لإهمال هذه الملفات الآن، ففي يوم ما في المستقبل ستُفتح بالتأكيد.. ملفاً ملفاً أو دفعة واحدة... ويومها لن ينفع المقصّرين والمتواطئين مالٌ أو بنون.
649 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع