زينب حفني
الرعب الذي شاع في أرجاء بلداننا العربية من خطر تنظيم «داعش نتيجة ما تقوم به من أعمال وحشيّة، ساهم في انشغال الناس بتفاصيل الضربات الجويّة الأميركيّة على مواقع التنظيم بالعراق وسوريا، إلا أن القمة الأمميّة التي تمَّ عقدها مؤخراً بمقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، لمناقشة المقترحات المقدمة لمواجهة التغيرات المناخيّة، لفتت هي الأخرى أنظار العالم بأسره.
عشية انعقاد المؤتمر، خرج آلاف المتظاهرين من بينهم فنانون مشهورون في شوارع نيويورك احتجاجاً على الأخطار البيئيّة التي باتت تُهدد سلامة الكرة الأرضيّة. الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعلن نجاح القمة ووصفها بالتاريخيّة، حيث انتهت بتعهدات من الدول الغنية ومشاركتها في تأسيس الصندوق الأخضر للمناخ الذي سيُساعد الدول الفقيرة في التغلّب على مشاكل التغيّر المناخي على أرضها.
هناك دراسة أجراها فريق من علماء المناخ الأميركيين وتمَّ الكشف عن نتائجها، تُظهر بأنَّ الأعاصير الاستوائيّة ستصل ذروتها هذا العام، وأن ارتفاع نسبة التلوّث البيئي والاحتباس الحراري واتساع طبقة الأوزون تُشكّل العوامل الرئيسيّة لحدوث ذلك.
دراسة أخرى أجراها علماء وكالة «ناسا» للفضاء حول نسبة ذوبان الجليد بالقطب الجنوبي، أنها زادت 77% منذ عام 1973م، مما يؤكد حسب نظرياتهم أن العالم قادم على كارثة إنسانيّة، وأن ملايين من سكان المناطق الساحلية حول العالم سيضطرون إلى النزوح من المناطق التي يعيشون فيها.
بالسنوات الأخيرة أنتجت هوليوود أفلاما تتحدّث عن نهاية العالم، وأن الحروب الكيميائيّة ستتسبب مستقبلاً في إبادة العالم عن آخره. وكان الفيلم التاريخي (نوح) الذي عُرض هذا العام بدور السينما وأثار جدلاً كبيراً في العالمين العربي والإسلامي، هناك من أيّد عرضه، وهناك من عارض ذلك بشدة، مثل الأزهر الشريف الذي رأى أنه يتعرّض للمحرمات كون الممثل «راسيل كروز» جسّد فيه دور نبينا نوح.
لستُ في صدد التحدّث عن هذا الجانب! ولكنني عندما شاهدتُ الفيلم تولدت لديَّ قناعة بأنني أشاهد فيلم «أكشن» حيث لا تمتُّ أحداثه لقصة نبي الله نوح التي سردها لنا القرآن بآياته الكريمة! لكن الذي أثار إعجابي وحرّك خوفي في نفس الوقت، المشهد الرائع الذي صوّره مخرج الفيلم لحظة قيام الفيضان. غصتُ في مقعدي وأنا أشاهد كيف تمَّ تشكيل الأرض من جديد، وكيف غرق العالم مع كل كائنات الأرض، عدا من كتب له الله النجاة بركوبه سفينة نوح.
نحن ما زلنا نعيش على كوكب الأرض، ولن تكون هناك سفينة نوح جديدة إلى أن تقوم الساعة. وهذا لا يعني أن لا نُبالي بما يحدث للأرض! بل يعني إطلاق صرخة نداء كي نكون ضمن المجتمعات التي تُعلن احتجاجها على التجارب النووية. يعني دعوة بوجوب الحرص عند استخدامنا المنتجات والمستلزمات الصناعيّة التي غدت جزءا مهماً في حياتنا اليوميّة.
لا أعرف لماذا لحد الآن لا يُوجد مقرر دراسي يتحدّث بالتفصيل عن مخاطر التلوث وعن كيفيّة المحافظة على البيئة ضمن المناهج التعليميّة بمدارسنا؟ لماذا نصرُّ على ترك مصائرنا للغرباء وندعهم يُخططون بدلاً عنّا ونُراقب ما يقومون به من بعيد، كأننا نُتابع مسلسلاً تليفزيونيّاً ليس لنا دور ولو هامشي فيه؟ لقد تعلّمتُ أثناء إقامتي بالغرب، كيف يمكنني كفرد المحافظة على البقعة التي أعيش فيها والمبنى الذي أسكن فيه والطريق الذي أسلكه يوميّاً.
الأرض ليست مملوكة لنا نعبث فيها كيفما نشاء! لقد وهبها الله لنا لكي نعيش عليها ونعمّرها، وليس لنقطّع أوصالها دون رحمة، غاضين الطرف عن حديث رسولنا “إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا". ليس بعد ذلك قول!
1173 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع