أحمد فخري
حتى امد قريب كانت الغالبية العظمى من الناس لا تتعامل مع البريد الالكتروني او مواقع التواصل الاجتماعية.
فالبريد الالكتروني في يومنا هذا صار يقتحم حياتنا من جميع الابواب بحيث ان اغلبنا صار يتفحص بريده الالكتروني مرة واحدة كل يوم (على اقل تقدير) سواء بالحاسوب او بالهاتف الذكي. هذا البريد سهل علينا الكثير من الامور ووفر لنا ثروة هائلة من المعلومات وطريقة مثلى لتوصيلها بسرعة تفوق الخيال. والكل اجمع اليوم ايضاً على ان الحياة تصبح صعبة جداً بل ومستحيلة بدون البريد الالكتروني.فاليوم صارت ترد الينا مجموعة كبيرة من الرسائل وبانتظام من اشخاص مقربون الينا. يرسلون آخر مستجدات حياتهم ويبعثون معها صور رقمية لافراد عوائلهم وصور قديمة من ارشيف حياتهم صارت ترجعنا بالذاكرة عقود خالية الى الوراء. والبعض يرسل افلام قصيرة حصل عليها هو بنفسه عن طريق بريده الالكتروني فنتمتع بتلك الدقائق التي تنقل لنا بالصوت والصورة شتى انواع الافلام الترفيهية والكوميدية والسياسية والطبية والمأساوية. اما صفحات التواصل الاجتماعية فهي اقوى واشد من البريد الالكتروني في نشر هذه المعلومات لانها لا ترد اليك من شخص معين فحسب بل بامكانها ان ترد من معارفك الذين يعيدون نشرها اليك والى غيرك، وبذلك فانها تتبع ظاهرة الدومنو التي تقوم بنشر تلك المعلومات بصورة اسرع بكثير من البريد الالكتروني.
البعض من هذه المعلومات صحيحة والبعض منها كاذبة.
اليك ايها القاريء بعض من هذه المعلومات الكاذبة.
- ان تناول افخاذ الدجاج المجمدة تكون مسمومة وخطرة على جسم الانسان.
- ان حيوان الكنغر الذي يعيش بقارة استراليا لا يشرب الماء ابداً، واذا شرب الماء فانه يموت فوراً.
- ان تناول البانادول مع المشروب الغازي سفن اب يسبب الموت.
- أن إحدى المدن بالدانمارك وفرت أماكن للقيلولة مخصصة لموظفي الدولة يأخذون فيها غفوة لنصف ساعة.
- ان دواء يدعى امبيكلوكس يسبب مرض الايدز (السيدا)
- تحذير عاجل لكل من يستخدم Hotmail و yahoo الخبر بدون مقدمات لأنه لا يحتمل التأخير إذا وصلتك إضافة من شخص.... الخ فان هذه الرسالة تحتوي على فيروس خطير يقوم باتلاف حاسوبك.
- كاتبة امريكية: تل ابيب بدات حربها الجرثومية في السعودية لابادة المجتمعات العربية.
- عالم أجنة يهودي يعتنق الإسلام ويؤكد: المرأة المسلمة أنظف امرأة.
- تحذير من منظمة الصحة العالمية عن مخاطر استعمال جهاز الهاتف النقال الموبايل الخلوي.
- مقارنة بين العرب واليهود والتي تحتوي على الانجازات العلمية لليهود في العالم مقابل ضعف الانجازات عند الشعب العربي.
- سيتم الانتهاء من عهد مرض السرطان القاتل حيث تمكنت مستشفى فودا لامراض السرطان في الصين من القضاء نهائيا على هذا المرض و استئصاله .
- قائمة طويلة لاسماء تجارية تنتج شامبو الشعر تدعي انها تسبب سرطان الجلد وان بعض الدول قد قامت فعلاً بمنعها ببلادهم.
- اكتشف علماء يابانيون ان 7 حبات من الزيتون وحبة واحدة من التين تطول العمر.
- ان حفظ الغذاء باكياس البلاستيك يسبب السرطان.
ساكتفي بهذا القدر من الخزعبلات التي جمعتها، علماً بان لدي المزيد المزيد على شاكلة هذه القمامة التي بامكاني نشرها بكتاب من 500 صفحة. (بالله عليكم، من اين جائوا بكلمة مسرطنة؟)
اخواني واخواتي الاعزاء. ان البريد الالكتروني وصفحات الفيسبوك اليوم بمتناول الجميع لذلك بامكان اي شخص مهما كانت افكاره ومهما كانت ميوله ان يطلق العنان لمخيلته في جمع معلومات تافهة واكاذيب من النوع الذي سطرتها اعلاه. ونحن وبكل طيب خاطر نصدق تلك الاكاذيب ونقوم باعادة ارسالها ونشرها لاصدقائنا واقاربنا او لاناس لا نعرفهم فتنتشر في الشبكة العنكبوتية كالنار في الهشيم. وانا اسألكم بالله عليكم، ماذا يريد هؤلاء الناس من ارسال تلك الرسائل المظللة؟ وماذا سيجنون من نشر معلومات خاطئة؟ هل هناك مكسب مالي؟ او مكسب معنوي؟
ان الذي يريد ان يعمل مقلباً في صديق او قريب ما، فانه يريد ان يشاهد وجه ضحيته بعد تلقي المقلب كي يستمتع هو بلذة تحول ذلك الشخص من انسان سوي الى انسان اهبل. ولكن هذه الحالة لا تنطبق على مثل هذه الرسائل. فالرسائل والمنشورات تأتي من اشخاص مجهولون وتذهب الى اشخاص مجهولون لذا فان النتيجة المرجوة من تلك المقالب غير متوفرة هنا، فماذا هو تحليلنا لمثل هذه المواد؟
لدي انا تحليل متواضع قد يعجبكم او قد لا يعجبكم. وتحليلي هو كالتالي: من المستفيد من جعل الشخص العربي خائفاً من كل دواء ومن كل منتج يوصف له؟ من المستفيد من جعل الشخص العربي يصدق بان العالم العربي فيه مجموعة اناس تافهين لا ينتجون اي شيء وهمهم الوحيد هو ارضاء شهواتهم وغرائزهم الجنسية؟ من المستفيد من جعل الشخص العربي يصدق ابحاثاً علمية وهمية تعزز ايمانه بالله، هل نحتاج (لاكاذيب) تعزز ايماننا بالله؟ هل سينبعث بنا الامل عندما نعلم بان مرض السرطان قد تم القضاء عليه باكذوبة؟ هل سنتخوف من جميع الاجهزة الحديثة التي تنزل الى الاسواق لانها مسرطنة او تسبب امراض خطيرة وقاتلة؟
دعنا نرى ماذى يقول لنا رب العالمين بكتابه العزيز:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿٥﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ...سورة الحجرات
ولكي نتبين من صحة هذه الاخبار التي تردنا فان الانترنيت نفسه يتيح لنا الفرصة كي نبحث ونتبحر داخله وان نتثبت ونتأكد من المواقع التي تحمل مصداقية علمية عالية تمكننا من وضع الثقة بتلك المعلومات، ثقة لا تقبل الشك ابداً. وعندما نصل الى القناعة التامة مما نستنتجه، فوقتها تصبح عملية نشر تلك المعلومات واعادة ارسالها عملية صائبة تماماً يبارك الله فيها لانك تفيد بها اخوانك واصدقائك وتحتسب لك فيها صدقة جارية.
وقد تتسائل كيف يتم ذلك؟
ان الذي يقوم ببحث علمي فانه يقوم بالتفتيش عن ضالته في الكتب المتوفرة بالمكتبات. وعندما يعثر عليها فانه يكتب المعلومة ويذكر المصدر ويوثقه ببحثه لان عدم ذكر مصدر المعلومات تجعل من تلك المعلومات حروف فارغة ليس لها معنى وان اللجان العلمية التي تقوم بتقييم تلك البحوث ستشطب اي معلومة لا تذكر مصادرها.
وكذلك بالدين فهناك كلمة (اسناد) اي ان اي معلومة دينية او حديث نبوي لا يحمل اسناداً فانه يصنف بانه ضعيف او غير صحيح ويهمل من قبل علماء الدين.
ما دون ذلك فانا اريد ان ازرع الشك بقلوب القراء الكرام بكل ما يردهم من كلام قد يثير اعجابهم او قد يبث الرعب بقلوبهم. ويدفعم الى التأكد من مصداقية تلك الاخبار قبل اعادة نشرها. وكان الله من وراء القصد.
1130 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع