بثينة خليفة قاسم
من حق مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أن يتهكموا على قناة الجزيرة بسبب إغفالها الواضح لأحداث العنف التي شهدتها تركيا قبل أيام، ولجوء الشرطة الأردوغانية لأساليب القمع ضد المتظاهرين الأكراد.
فليس من المنطقي أن تخصص الجزيرة قنوات للبث المباشر مخصصة لدول عربية بعينها تنقل أولا بأول كل عطسة يعطسها المعارضون وتقوم بجلب المحللين السياسيين اللامعين لمعرفة أسباب وأبعاد ومستقبل هذه العطسة، وفي الوقت نفسه تغض الطرف تماما عن التنكيل الذي تمارسه شرطة أردوغان ضد متظاهرين سلميين.
أحد المعلقين تساءل وهو على حق: لماذا لا نجد قناة تسمى الجزيرة أنقرة مباشر تنقل جلد الشرطة التركية للمتظاهرين الأكراد؟
الحقيقة المؤكدة أنه لا يوجد إعلام محايد وأن الحياد في مجال الإعلام أكذوبة روجتها دول الغرب لفترة طويلة من الزمن وتبين عكسها، فالإعلام كان ولا يزال أداة من أدوات السياسة الخارجية والداخلية للدول والذي يصدق أن هناك حيادا كاملا في هذا المجال فهو واهم.
ومن حق قناة الجزيرة وأية قناة أو وسيلة إعلامية أن تتبنى من المواقف ما تشاء وتعبر عن وجهة نظر وسياسة دولة أو دول أو حتى وجهة نظر مؤسسة أو شخص، ولكن من حقنا أيضا أن نقول إن هذه القناة كانت ولا تزال من اهم أدوات هز استقرار الدول العربية، ووصل الأمر بالقائمين عليها إلى تخصيص قناة كاملة تسمى الجزيرة مباشر مصر وهذه شيء لم نعرف له مثيلا في مجال البث التلفزيوني.
كان من الممكن أن تخصص الجزيرة قناة تسمى قطر مباشر، على اعتبار أن قطر الدولة التي توجد هذه القناة على أرضها، أو تخصص قناة تسمى أميركا مباشر أو الأمم المتحدة مباشر، على اعتبار أن أميركا هي أكثر دولة تحرك أحداث العالم، وعلى اعتبار أن الأمم المتحدة هي المكان الذي يشهد التفاوض حول أحداث العالم، ولكن كل هذا لم يحدث، لأن المسألة ليست مسألة أحداث ولكنها مسألة آيديولوجيات وخطط موضوعة مسبقا لتنفيذ سيناريوهات معينة بالمنطقة بمساعدة الجزيرة كقناة لها إمكانيات مادية وبشرية ولها جمهورها،كونها كانت أول قناة فضائية سياسية تخرج عن المألوف في المنطقة.
الجزيرة لا تريد كشف عورات أردوغان لأن أردوغان حاليا هو الراعي الأول لتنظيم الإخوان المسلمين في العالم وهذا يتفق مع النهج الذي تتبعه هي منذ فترة في دعم هذا التنظيم، وبناء عليه فهي لا تتعرض للشؤون التركية إلا بالقدر الخبري البسيط، وعلى اعتبار أن تركيا أيضا لا تقع ضمن الخريطة المراد إشعالها ثم تقسيمها!
هذا هو التفسير لإحجام هذه القناة عن تناول أحداث تركيا بنفس الدرجة وبنفس التضخيم الذي تخصصه لبقية دولة المنطقة!.
710 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع