يوسف علي خان
لم يتنبه العالم البشري الى ما تخطط له الامبريالية والى ما تروم تنفيذه في منطقة الشرق الاوسط فهو ليس التقسيم فقط كما هو شائع بين السواد الاعظم من الناس ... فهي حتى لواستطاعت تنفيذ ذلك فهي تعتقد بأن من سيبقون في داخل تلك الاجزاء الصغيرة سوف يستمرون باثارة الشغب والمشاكل ويسببون القلق ويعيقون ما ترمي اليه من اهداف وما تزمع تحقيقه من مصالح ..
فقد فشلت محاولاتها الاولى التي كلفت بها بعض عملائها من الذين نشرتهم في بعض هذه الدول ونصبت البعض منهم قادة وزعماء على بلدانهم فباشروا بارتكاب المجازر بمختلف الصور وقتلوا وابادوا الملايين فلم
يحققوا ما تصبوا اليه من ابادة تامة كما فعلت مع الهنود الحمر في الامريكتين فقد فتكوا بالالاف في افغانستان غير أن ذلك لم يشكل سوى جزء بسيط من عدد السكان ثم اشعلت الحروب في العراق فابادت الملايين في اتونها ولم يتحرك ضمير العالم لما كان يجري خلالها... فقد كان العالم منشغل في المؤتمرات وتبادل القبل في الزيارات بل فقد بارك العديد منهم ما كان يحدث مع كل من دفن منهم في الحفر التي حشروا فيها جماعات جماعات وهم احياء ووروا التراب وهُجّر الباقون خارج البلاد حيث زاد عددهم عن خمس السكان.. فقد اعتبروه امر عادي لا يثير الاحساس (( إن كان لهم احساس)) ومع ذلك فلم يكن ذلك مبتغاهم فهم يرومون الابادة الشاملة خاصة من الشباب لافراغ البلاد من القوى العاملة كي يجعلوه نموذجا يحتذى به عندما يتحولون الى غيره من البلدان لابادة سكانها كما تصوروا بأنهم قادرون على فعله في العراق ولكن لم يتحقق.. فلم يستطع عميلهم الصادق الصدوق أن ينفذ لهم تلك المأرب... فقد بقي في العراق عدد كبير سبب لهم الارق والازعاج وهو ما لا يتفق وخططهم التي رسموها وخططوا لها ضمن مشروع الشرق اوسط الجديد ((ارض بلا شعب ))..فكان لابد لها ان تفكر باسلوب اخر يحل هذه العقدة ويبيد الشعوب كما فعلت في اليابان فابادت سكان مدينتي
هيروشيما ونكازاكي بقنابلها الذرية البدائية انذاك التي قضت على مدينتين عامرتين بكاملها ولم تبقي انسان على قيد الحياة ..حتى من كان بعيد عنها فقد اصابه الاشعاع ...والان بالطبع ليس بمقدورها أن تفعل ما فعلته انذاك فلم تعد منفردة بهذا السلاح المدمر فكان لابد لها من ايجاد وسيلة مبتكرة اخرى تستطيع بها ابادة الشعوب وبشكل لا يمكن الاعتراض عليها واثارة الزوابع لها فتختار نموذج جديد كي تجعله محط تجربتها الخبيثة كي تطبقها فيما لو نجحت على بقية شعوب المنطقة... فالهدف هو الابادة الجماعية أو على الاقل تقليص عدد السكان الى اقل ما يمكن بحيث لم
يعد بمقدور من يتبقى التصدي لها أو لربيبتها الصهيونية الوليد المدلل لها فبدلا من أن يكون في المحافظة (ص) ثلاثة ملايين يبقى عددهم 100 الف فهو يكفي لادارة شؤون المحافظة ..ولا بأس أن تاتي من بعض الاماكن التي تشكو الازدحام فتوطنهم مع هذه البقية الباقية وتنهي ازمة الكثافة السكانية في ذلك المكان ..فالهدف هو أن تبيد من هم اصحاب الارض مما ينازعوها على الموارد ..فتجعل هذه التجربة نموذجا لما هي عازمة عليه..ولو تمحصنا وشاهدنا العشرات من الافلام التي انتجتها هوليود حول الحروب التي نشبت بين الهنود الحمر مثل (( الاباتشي والتوماهوك )) التي اطلقت
اسم من ابادتهم بنادقها على طائراتها الحديثة واسلحتها المتطورة ولربما تفاخرا مما فعلته من انجازات عظيمة في ابادة الشعوب ولا زالت مستمرة بذلك لاكتشفنا مدى النزعة الاجرامية التي يحملها بعض ابناء البشر على غيرهم من البشر ..كما لو دققنا وتعمقنا اكثر في البحث لوجدنا بأن سبب زوال تلك الاعراق البشرية هو عدم تكافؤ السلاح وسيطرة التخلف والبداوة التي سببت عدم الادراك وانعدام الوعي.. فلا يمكن للسهام أن تواجه البندقية والمدفع كما لا يمكن أن تواجه البداوة والتخلف المدنية والحضارة... فاساليب البداوة متخلفة كطبيعتها فلم يكون الهنود قد
صنعوا غير السهام الضعيفة التأثيرلجهلهم على عكس البنادق والمدافع .. وهو نفس ما يحصل عندنا اليوم وهو سبب فشلنا في مواجهة الاعداء فرغم كل ما نملكه من اموال فقد هدرت ولم نستطيع أن نبني جيش قوي مدجج باسلحة حديثة فتاكة وانما سرقنا الاموال وتركنا الجيش دون سلاح سوى ما استطعنا أن نشتريه من اسلحة بدائية متخلفة بما بقي من نقود فكانت النتيجة الهزائم المنكرة وهذه نتيجة حتمية لما حصل... فلم يفكر الساسة بشراء سلاح حديث متطور كي يحموا انفسهم على الاقل لانهم لم يفكروا بهذا اليوم العصيب اولا واعتمدوا على الاجنبي بانه سيدافع عنهم في الازمات
ثانيا .. لكونهم قصارى عقل والمثل يقول (( ما حك جلدك مثل ظفرك فتولى انت جميع امرك )) ولكنهم تركوا امورهم بيد المتربصين فحل بهم الخراب... ولا زال الخراب الاعظم في الطريق .. فالابادة تجري رويدا رويدا فتقضم البلاد مثل الجرذان وتحصد الارواح من جميع الاطراف... فهي لا تبالي إن قتل زيد أو قتل عمر فالاثنان مزعجان يسببان الارق فهي تريد أن تتخلص من الكل ((فيرتاح البال)) فهي تحارب بمن تريد قتلهم و ليس بيدها بل تحرض بعضهم على بعض فيزول الجميع وهو هدفها الاول والاخير ..ونحن في غفلة من امرنا ولا زلنا نيام .. فلم تعد هي اليوم بحاجة الى تجييش الجيوش كما
فعلت مع الهنود الحمر فقد طورت اللعبة وجعلتها حرب بين الخصوم... وسكان المنطقة لا يدركون ولا يفقهون... وكما قال موشي دايان ---- العرب لا يفهمون – وإن فهموا لا يعملون – وإن عملوا لا يجيدون )) فقد حل الخراب والسياسييون لا زالوا يتناقشون ويتجادلون ويصرحون من خلف الشاشات فهل يمكن أن يحمي زجاج الشاشات شضايا القنابل ..فالابادة قائمة على قدم وساق وفكرة التقسيم للجزء الثالث من العراق اخذة بالترسخ اكثر فاكثر وسوف تصبح عن قريب امر واقع لا محال ..ثم يخرج اميرقرطاجة هارب من الاندلس وهو يبكي ويولول لتقول له امه ((لاتبكي ياولدي على مُلْك لم تعرف كيف
تصنه )) وها نحن اليوم يرى فينا احد السياسيين الاوربين نفس نظرته الى اولائك الامراء الذين تنازعوا على الملك في الاندلس فخرج منها جميعهم مهجرون هاربون الى المغرب في شمال افريقيا عدا من اصابته مقاصل محاكم التفتيش سيئة الصيت ..كما لم يأخذوا العبرة بما فعله العثمانييون عندما ساقوا جميع الرجال من البلاد العربية الى اتون حروبهم ولم يبقى سوى الشيوخ والنساء فابيد جميعهم عن بكرة ابيهم وفتك في من بقي الطاعون ..واليوم تخترع الامبريالية طريقة مبتكرة جديدة فلم تعد بحاجة الى استعمال القنابل الذرية كما فعلت في اليابان بل فهي تفخخ الدور عن طريق
عملائها وتفجرها بمن فيها (( فلا منشاف ولا مندري )) دون ان تثير الزوابع عليها ويرفع بوجهها الفيتو .. فتزيل الشعوب رويدا رويدا ودار دار فهي ليست بعجلة من امرها فلتضع القدر على نار هادئة ...!!!
771 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع