خالد القشطيني
لا أدري لماذا ورطت نفسي بالدخول في موضوع الخجل واحمرار الخدود. استنكر بعض الإخوان إشارتي إلى خجلنا أو عدم خجلنا من سوء أفعالنا، ولا سيما حيال كل ما يقوم به «داعش» مما لا يحمر له الخد فقط، بل وما يندى له الجبين أيضا. بيد أن أحد القراء الأفاضل أفاد بأن احمرار الخد غير قاصر على الشعوب البيضاء فقط. واستشهد في معرض قوله بهذين البيتين:
تفاحة جمعت لونين خلتهما
خدي محب ومحبوب قد اعتنقا
تعانقا فريا واش، فراعهما
فاحمر ذا خجلا واصفر ذا فرقا
البينة واضحة، وإني ليحمر خدي خجلا من جهلي بهذين البيتين الظريفين رغم تعلقي بالألوان كرسام ممتهن، بيد أنني قلت سمرة الخد، وهو لون بشرتي، تحول دون ظهور احمرار الخد. وهو ما قاله الدكتور روبرت أدلمان. الحقيقة أن النساء العربيات مثلا يشعرن بالخجل أكثر بكثير من النساء الأوروبيات البيضاوات. ولكن صبغة السمرة تحول دون ظهور احتقان دم الخجل.
عندما نضع أو نرسم خطا أحمر على ورقة بيضاء تجده يظهر أمامنا بشكل واضح وقوي، ولكننا عندما نرسمه على ورقة سوداء أو سمراء غامقة فتصعب علينا مشاهدته، وربما لا نراه كليا دون كثير من التركيز والبحث. ولما كان الاحمرار خجلا يتوقف على تدفق الدم في الوجه فقد أصبح هذا التدفق أكثر وضوحا في البشرة البيضاء.
بيد أن هذا كله مجرد تنظير وتفسير، والقول الصحيح هو ما يثبت بالتجربة. ولهذا كنت قد رحت أجرب ذلك على زملائي من القوميات والجنسيات المختلفة الألوان. يخجلني أو لا يخجلني أن اعترف بأنني رجل بذيء اللسان، فرحت أجرب عليهم شيئا من ذلك. أروي لهم شتى أنواع البذاءات وأحدق نظري على خدودهم؛ هل احمرت أم لا. ولكنها كانت تجربة فاشلة.
فصاحب القول يقول: إن الطيور على أشكالها تقع. يظهر أنني أصاحب أصدقاء بعضهم قليلو الحياء، أو كما نقول في بغداد «حيا سزية» مثلي. فلم يحمر وجه أي منهم خجلا من كلامي! ولكنني لم أنفض يدي ولا لساني من الموضوع، وسأواصل بجلادة في تقزيز نفس كل من يجاذبني أطراف الحديث أو يجرؤ على مجالستي أو التعامل معي.
وإذا اقتضى الأمر فسأضع أمامي جهاز لاب توب لأرى ما إذا كنت أنا أحمر خجلا مما سأهذرف به من فظاعات اللسان وبذاءات الفشار. سأردد ما يقوله البعض بأن ما يفعله «داعش» مثل خطف صبايا العراقيين وبيعهن بـ10 دولارات شيء مقبول وسعر معقول، وكل من يشتريهن ويغتصبهن ابن حلال ويعمل حسب الفقه! وأكثر من ذلك، سألفت النظر لهذه الاعترافات البليغة؛ بوكو حرام تعترف بدولة الإسلام. غراب يقول لغراب: «وجهك أسود يا ما أحلاك!».
أي نعم! سأقول وأنظر في اللاب توب.. هل احمر وجهي خجلا مما أقول أم لا؟
1198 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع